رئيس الدولة يقدم واجب العزاء في وفاة علي مصبح الشامسي في العين
هل يتساهل بايدن مع أردوغان في قضية فساد «بنك خلق»؟
اعتبر الكاتب التركي تركمان تيرزي أن الوقت حان لتسوية الحسابات الأمريكية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفي مقدمها قضية “بنك خلق” الذي تُديره الدولة التركية في نيويورك، والمتورط في انتهاك العقوبات الأمريكية على إيران. وكتب تيرزي، في موقغ “بوليتركو”، أن العلاقة الوثيقة بين أردوغان والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أدت إلى تدخّل سياسي وامتيازات شخصية في محاولة لإخفاء قضية غسيل أموال تورّط فيها “بنك خلق” التركي، مُعتبراً أن السؤال الجدي المطروح الآن هو “كيف سيتجنّب أردوغان كشف هذه الفضيحة في ظلّ إدارة بايدن، حيث يبدو أن حكومة الولايات المتحدة المنتخبة حديثاً مُصمّمة بشكل خاص على تعزيز الديموقراطية ودعم حكم القانون، وهذا يعني حكومة لا يُمكن أن تتسامح مع الفساد». ومن المُرجّح أن تبرز قضية فساد “بنك خلق”، وصفقة صواريخ S-400 الروسية، والقضية الكردية في تركيا والعراق وسوريا، وتسليم رجل الدين التركي فتح الله غولن، كأجندات للسياسة الخارجية بين البلدين.
وتشير التقارير الإعلامية إلى أن جهود اللوبي رفيعة المستوى لحكومة أردوغان لم تعطِ الأولوية لتسليم غولن، بل كانت تهدف إلى إقناع إدارة ترامب بحل قضية “بنك خلق”. وأثيرت قضية الفساد هذه لأول مرة في تركيا، عندما بدأ ضباط الشرطة الأتراك تحقيقاً ضمن الدائرة المقربة من أردوغان لتورّطهم في الفساد والرشى والتلاعب بالعطاءات في ديسمبر (كانون الأول) 2013. وكان الرئيس التنفيذي للبنك سليمان أصلان ورجل الأعمال الإيراني التركي رضا ضراب من بين المعتقلين لتورّطهم في غسيل الأموال وتصدير الذهب بشكل غير قانوني مع إيران. وقضى ضرّاب 70 يوماً فقط خلف القضبان قبل إطلاق سراحه من قبل المحاكم التركية.
وندد أردوغان بالتحقيق، ووصفه بأنه هجوم ذو دوافع سياسية، وألقى باللوم على حركة غولن. ومن خلال استخدام سلطته السياسية، أُجبر المدعون العامّون الأتراك على إسقاط التهم، وفي النهاية، تمّ عزل جميع المشاركين في التحقيق بمن فيهم مدعون عامون وقضاة وشرطة من مناصبهم.
ومنذ قدّم مكتب المدعي العام الأمريكي في المنطقة الجنوبية لنيويورك لائحة اتهام جنائية ضد ضراب واثنين آخرين في مارس (آذار) 2016 بتهمة التآمر للتهرب من العقوبات الأمريكية على إيران، فاقمت قضية “بنك خلق” التوترات في العلاقات بين واشنطن وأنقرة. ومن المثير للدهشة أن ضراب فرّ إلى الولايات المتحدة مع عائلته واعتُقل عند وصوله إلى مطار ميامي الوطني من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي في مارس (آذار) 2016.
وأصبح ضراب شاهداً رئيسياً لأنه أقرّ بالذنب ووافق على التعاون مع وزارة العدل الأمريكية. وأدلى بشهادته أمام محكمة ادعى فيها أن الرئيس التركي متورط شخصياً في الفضيحة حيث شجّع “بنك خلق” على مساعدة إيران في التهرب من العقوبات الأمريكية. وبعد ذلك، أثار أردوغان مخاوف تتعلّق بالقضية مُباشرة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتفاقمت مخاوف أردوغان بشأن القضية حيث ظهر اسم زوجته في لائحة الاتهام التي قدّمها المدعي العام للمنطقة الجنوبية في نيويورك. وكشف محامي ضراب، أنه منذ عام 2013 تبرّع ضراب بـ 4.65 مليون دولار لمنظمة «Togem-Der» التركية غير الربحية التي أسّستها السيدة الأولى التركية أمينة أردوغان.
وكلّف ترامب المدعي العام ويليام بار بالمساعدة في محاولات وقف أي إجراءات إنفاذ أخرى ضد البنك وشركائه. وانتقد وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، الذي أقالته إدارة ترامب لاحقاً، تورّط ترامب وتدخّله في القضية. كما وصف مستشار الأمن القومي السابق لترامب جون بولتون، مساعدة ترامب لأردوغان بأنها “إعاقة للعدالة”.
وذكر بولتون، في كتابه الذي صدر مؤخراً بعنوان “الغرفة التي حدث فيها: مذكرات البيت الأبيض”، أن مصالح ترامب الشخصية أو المالية في تركيا أثّرت على موقفه مع أردوغان، إذ يمتلك الرئيس الأمريكي برج ترامب في اسطنبول. كما دفعت الحكومة التركية مبالغ ضخمة لمستشار ترامب السابق للأمن القومي، الجنرال المتقاعد مايكل فلين، لخطف غولن. وتمّ اتهام فلين، في النهاية، بأنه عميل أجنبي لحكومة تركيا في الأسبوع الأول من مارس (آذار) 2017. وأكد ترامب لأردوغان، مراراً وتكراراً، أن القضية ستُغلق لكنه لم ينجح في التأثير على نظام العدالة في الولايات المتحدة.
موقف أكثر حزماً
وأدى شراء تركيا لأنظمة الدفاع الصاروخي الروسية الصنع S-400 في عام 2019، إلى اضطراب العلاقات بين أنقرة وواشنطن. على الرغم من أن ترامب قاوم ضغوطاً من الكونغرس لفرض عقوبات على تركيا لأن أنقرة انتهكت قانون العقوبات الأمريكي، يبدو أن إدارة بايدن تتخذ موقفاً أكثر حزماً ضد أنقرة. وأعرب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين عن خيبة أمله من تركيا قائلاً إن “الفكرة القائلة إن شريكاً استراتيجياً لنا سيكون في الواقع منسجماً مع أحد أكبر منافسينا الإستراتيجيين في روسيا، غير مقبولة».
كما يُشكّل مُنسّق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الإدارة الأمريكية بريت مكغورك مصدر قلق إضاقي بالنسبة لتركيا وهو الذي ساعد الأكراد في سوريا ضد “داعش».
وختم تيرزي قائلاً: يبدو أن بايدن لن يتساهل مع أردوغان كما فعل ترامب، ولكنه سيسمح بدلاً من ذلك للقضاء الأمريكي بالتحقيق في دور بنك خلق في انتهاك العقوبات الأمريكية على إيران في القضية المُقرّر استئنافها في الأول من مارس (آذار) المقبل”، مُضيفاً: “قد تؤدي العقوبات المحتملة إلى تحديات اقتصادية كبيرة لتركيا، ويبقى أن نرى ما يعنيه فوز بايدن لأردوغان وتركيا».