ورطة قضائية جديدة لأردوغان مع واشنطن؟

ورطة قضائية جديدة لأردوغان مع واشنطن؟


يبدو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على موعد مرة أخرى مع مشكلة قضائية جديدة تضيف المزيد من نقاط التوتر إلى علاقة بلاده مع الولايات المتحدة. فقد أشار المدير البارز لبرنامج تركيا في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” أيكان إردمير إلى إعلان وزارة العدل الأمريكية يوم الاثنين الماضي سعيها إلى طلب تسلمها رجل الأعمال التركي سيزجين باران كركماز.
وكانت السلطات النمسوية قد اعتقلت كركماز في 19 يونيو الحالي، لاتهامه بمخططات لغسل الأموال هدفت إلى الاحتيال على وزارة الخزانة الأمريكية بما يزيد عن مليار دولار. قد تؤدي الصلات الوثيقة للمشتبه به بكبار المسؤولين الأتراك إلى زيادة التوتر في العلاقات الأمريكية-التركية إذا تحول إلى شاهدِ دولة في محكمة أمريكية وفضح الدور الذي لعبته أنقرة في تسهيل وإخفاء مخططات مالية غير مشروعة.

تشابك
يوضح إردمير أن كركماز وشركته الاستثمارية أس بي كاي القابضة يرتبطان بجايكوب وأشعيا كينغستون اللذين اعترفا في يوليو (تموز) 2019 بالاحتيال على الولايات المتحدة بـ 512 مليون دولار من الضرائب على ائتمانات الوقود المتجدد من خلال شركتهما واشايكي للطاقة المتجددة ومقرها ولاية يوتا. وكجزء من جهود وزارة العدل لاسترداد أصول الأخوين كينغستون، قدم المدعون العامون الأمريكيون إلى محكمة يوتا الفيديرالية لائحة بالممتلكات التركية التي يملكها الأخوان كينغستون والتي يديرها كركماز وشركة أس بي كاي القابضة. وفي مارس (آذار) 2020، أدانت هيئة محلفين فيديرالية في سولت لايك سيتي رجل الأعمال ليف أصلان ديرمان، وهو متواطئ مع الأخوين كينغستون وشريك أعمال لكركماز، بالاحتيال وغسيل الأموال.

محاولات أردوغان
إن ارتباطات كركماز بأردوغان وبحلقته الضيقة تجعل من تسليمه المحتمل إلى الولايات المتحدة ومن شهادته المتعلقة بتبييض الأموال والاحتيال الإلكتروني مسألة حساسة بالنسبة إلى أنقرة. في سبتمبر (أيلول) 2017، التقى أردوغان بكركماز وجايكوب كينغستون لمناقشة استثماراتهما في تركيا. أضاف إردمير أنه منذ ذلك الحين، دأب أردوغان على محاولة إزالة صورة من الاجتماع عن وسائل الإعلام بأوامر قضائية. وتورط كركماز أيضاً بجهود أردوغان المبكرة للتواصل مع إدارة ترامب من خلال مجموعات ضغط غير مسجلة.

ما علاقة روبرت مولر؟
إن الدور الذي لعبه كركماز في جهود التواصل جذب انتباه الصحافيين الاستقصائيين والسلطات الأمريكية، بمن فيها المحقق الخاص روبرت مولر. في سبتمبر 2017، تلقى كركماز مذكرة استدعاء من مولر للإدلاء بشهادة أمام هيئة محلفين كبرى في واشنطن بشأن “انتهاكات محتملة للقوانين الجنائية الفيديرالية المتعلقة بقانون تسجيل الوكلاء الأجانب”. علاوة على ذلك، كشف مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد في مارس (آذار) الماضي أن كركماز أدى دوراً مركزياً في ديبلوماسية أردوغان السرية في سبتمبر 2018 مع إدارة ترامب، من أجل الإفراج عن القس الأمريكي أندرو جونسون من أحد السجون التركية.

لا شكر لأنقرة
ربما قامت الحكومة التركية بحماية كركماز وشركائه من الإجراءات الأمريكية والتركية حتى وقت قريب، بحسب اعترافات مسجلة عبر الفيديو بدأ رجل العصابات التركي سيدات بيكير بنشرها على موقع يوتيوب في الثاني من مايو (أيار) بخصوص الأعمال غير الشرعية التي تورط الحلقة المقربة من أردوغان. على الرغم من أن حكم إدانة ديرمان واعتراف الأخوين كينغستون يشيران إلى الدور الذي لعبه أفراد وكيانات في مخططهم للاحتيال الضريبي، شكر المدعون العامون الأمريكيون شركاء إنفاذ القانون في لوكسمبورغ ومالطا فقط “لمساعدتهم في القضية” مما أثار شكوكاً بشأن عدم تعاون أنقرة في العملية.

عرقلة تحت ستار التعاون
في لائحة اتهام جديدة تقدم بها مدعون عامون أمريكيون في 28 أبريل (نيسان) وتم رفع السرية عنها في 21 يونيو، يشير المدعون إلى أن كركماز قدم للأخوين كينغستون “حماية من تحقيق هيئة المحلفين الفيديرالية الكبرى، وكذلك من دعاوى مدنية” ضد شركتهما، “من خلال مسؤولين حكوميين غير مسمين تم إطلاق عليهما رمزي الجد وجدي. ومع تزايد المشاكل القانونية لكركماز، تبنت الحكومة التركية استراتيجية عرقلة تحت ستار التعاون. ففي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أصدر المدعون العامون في اسطنبول مذكرة توقيف بحق كركماز وحاولت أنقرة الطلب من النمسا تسليمه إليها مباشرة بعد توقيفه في 19 يونيو لمنع تسليمه إلى الولايات المتحدة.

لماذا على واشنطن التحرك سريعاً؟
أضاف إردمير أن الحكومة التركية قادرة بسهولة على التلاعب بالإجراءات القضائية من أجل منع كشف فضائح محرجة. بالنظر إلى أن شهادة كركماز يمكن أن تسلط الضوء على نطاق واسع من النشاطات المالية غير المشروعة في تركيا تورط لائحة كبيرة من الكيانات والأفراد الأتراك ومن ضمنهم كبار المسؤولين، ينبغي على السلطات الأمريكية التحرك سريعاً لمنع محاولة تستر أخرى من قبل حكومة أردوغان.