إضراب شامل بمدن الضفة الغربية

100 ضحية بين قتيل وجريح في جنين والعملية الإسرائيلية تتواصل

100 ضحية بين قتيل وجريح في جنين والعملية الإسرائيلية تتواصل

دخلت عملية عسكرية إسرائيلية الأوسع منذ نحو 20 عامًا في الضفة الغربية المحتلة يومها الثاني أمس في مدينة جنين ومخيمها حيث سقط عشرة قتلى ومئة جريح على الأقل فيما أجبر الآلاف على الفرار.
استهدف العملية التي بدأت فجر الاثنين طوال ليل الثلاثاء واستخدمت فيها عربات مدرعة وجرافات عسكرية ونفذ خلالها الجيش ضربات بطائرات مسيرة. وتشارك في العملية وحدات النخبة من مختلف قوات الجيش والأمن وحرس الحدود.
 
وقال الجيش إن قواته تعمل على تدمير ممرات تحت الأرض تستخدم لتخزين المتفجرات. وأضاف في بيان أن جنوده عثروا “على غرفتي عمليات تابعة لمنظمات إرهابية في المنطقة وقاموا بتفكيكها».
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان “قواتنا دخلت وكر الإرهاب في جنين... وهي تدمر مراكز القيادة وتصادر كمية كبيرة من الأسلحة».
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن الجيش قتل الإثنين عشرة فلسطينيين في مخيم جنين فيما أصيب نحو مئة فلسطيني، عشرون منهم إصاباتهم خطرة.
 
وبيّنت هويات القتلى العشرة في مخيّم جنين أنّ ثلاثة منهم لا تتعدّى أعمارهم 17 عاماً، والبقية ما بين 18 و23 عاماً، اضافة الى قتيل في مدينة البيرة أصيب خلال تظاهرة تضامناً مع جنين.
وعم الإضراب الشامل الثلاثاء مدن الضفة الغربية وتعطلت الحياة فيها تلبية لدعوة وجهتها حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس احتجاجا على الهجوم الاسرائيلي المتواصل على جنين.
 
نفذت هذه العملية العسكرية بعد أسبوعين من عملية كبيرة أخرى استهدفت مخيم جنين وتخلّلها قصف بالطيران المروحي للمرة الأولى منذ سنوات.
صباح الثلاثاء بدت مدينة جنين خالية ما عدا من دوريات الجيش. وأقفلت المحال التجارية وانتشرت بقايا إطارات مشتعلة في أماكن متفرقة، وحلقت الطائرات المسيرة الاسرائيلية في سمائها، حسب ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس .
 
وبين الحين والآخر، يلقي شبان فلسطينيون الحجارة على الجنود فيما يتصاعد الدخان جراء لانفجارات والمتاريس المحترقة واكفهرت السماء.
وتمركز الجيش على مداخل مخيم جنين الذي لا يخرج منه ولا يدخله أحد، قبل أن تدخله مدرعاته صباح الثلاثاء.
 
وداخل المخيم الذي يعيش فيه نحو 18 ألف شخص، بدت كابلات الكهرباء مقطوعة والشوارع تملأها الحفر جراء عبور الجرافات الإسرائيلية المضادة للقنابل.
وشاهد مراسلو فرانس برس هياكل سيارات مدمرة وسلالم أدراج منازل حجارتها مبعثرة وأرصفة اقتلعت قطع منها. وكانت الاشتباكات أقل حدة صباح الثلاثاء لكن سُمع صوت انفجار هائل لم يعرف إن كان جراء تفجير أم قصف.
قبل هذه العملية، صعدت إسرائيل عمليات المداهمة والتوغل في شمال الضفة الغربية بعد هجمات استهدفت إسرائيليين كما نفذ مستوطنون غارات على عدة بلدات فلسطينية أحرقوا فيها ممتلكات وسيارات ومزروعات.
 
وتفاقم العنف الإسرائيلي الفلسطيني منذ العام الماضي، وتصاعد أكثر في ظل حكومة بنيامين نتانياهو التي تضم حلفاءه من اليمين المتطرف.
قال قاسم بني قادر الممرض في مشرحة المستشفى “هذا التوغل هو الأسوأ الذي نشهده خلال خمس سنوات”، مشيرا إلى إصابة العديد من الجرحى “بطلقات نارية وشظايا قذائف».
وصرح المتحدث باسم الجيش دانيال حجاري أن القوات الإسرائيلية “لم تكن تنوي البقاء في المخيم” لكننا “نستعد للوضع الأكثر خطورة” الذي يمكن أن يستمر مدة طويلة.
 
في الأثناء، صرّح نائب محافظ جنين كمال أبو الرب لوكالة فرانس برس أن “حوالى 3000 شخص غادروا المخيم حتى الآن”، مضيفا أنه يجري اتخاذ الترتيبات لإيوائهم في مدارس وأماكن أخرى في مدينة جنين.
من داخل المخيم، قال بدر الغول لفرانس برس “شاهدتُ جرافات تدخل وتدمر منازل وبداخلها سكانها».
وتقول الأمم المتحدة إن مخيم جنين فيه “أعلى معدلات البطالة والفقر” مقارنة بمخيمات الضفة الغربية الأخرى، وأن العملية العسكرية قطعت إمدادات الماء والكهرباء عن جزء كبير منه.
 
ووصف عضو إقليم حركة فتح في محافظة جنين محمود حواشين الأوضاع في مخيم جنين بأنها “كارثية”. وقال لفرانس برس وهو يتفقد الجرحى في مستشفى ابن سينا الاثنين “هذه معركة غير متكافئة بين قوات عسكرية هائلة وبين شعب أعزل لا يملك سوى إرادته».
وتابع حواشين وهو من مخيم جنين “باغت الجيش سكان جنين بمسيِّراته واستهدف البنية التحتية من ماء وكهرباء وسيارات. معظم الذين استشهدوا مدنيون وليسوا من المقاومة”. وقال “لسنا عشاق دم، نحن عشاق الحرية».
 
وأعلنت السلطة الفلسطينية في بيان عقب اجتماع طارئ ترأسه الرئيس محمود عباس “وقف جميع الاتصالات واللقاءات مع الجانب الإسرائيلي».
وأضاف البيان أنّ مخرجات اجتماعات العقبة وشرم الشيخ “لم يعد لها جدوى ولم تعد قائمة في ظل عدم الالتزام الإسرائيلي” بها.
ارتفعت حصيلة قتلى الهجمات والمواجهات والعمليات العسكرية منذ مطلع كانون الثاني/يناير إلى ما لا يقلّ عن 187 فلسطينياً، و25 إسرائيلياً وأوكرانية وإيطالي.
 
وتشمل هذه الأرقام مقاتلين ومدنيين بينهم قصّر من الجانب الفلسطيني. أما في الجانب الإسرائيلي فغالبية القتلى مدنيون.
يعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية، نحو 2,9 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى نصف مليون يهودي في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.وتحتلّ إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ العام 1967.