«ناشيونال إنترست»: السلام لا يمكن تحقيقه من خلال التنازلات

5 دروس للغرب في مواجهة التحديات العالمية

5 دروس للغرب في مواجهة التحديات العالمية


تناول فيكتور لياخ، الرئيس التنفيذي لمؤسسة شرق أوروبا، الدروس المحورية المستفادة من أوائل عشرينيات القرن الحادي والعشرين.
ومع اقترابنا من منتصف هذا العقد، سلط الكاتب الضوء في مقاله بموقع مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية، على 5 أفكار رئيسية يجب على صناع القرار الانتباه إليها للتنقل في مشهد عالمي سريع التطور.
وقال لياخ إن هذه الدروس، التي تتجذر في السياق التاريخي والتحديات الحالية، تعمل كإطار لمعالجة تعقيدات عالم مترابط.
1. أهمية القيم
أكد لياخ على الطبيعة غير القابلة للتفاوض للقيم الأساسية. وقارن بين هذه القيم واتفاقية ميونيخ لعام 1938، حيث فشلت التنازلات المقدمة للمعتدين في تأمين السلام وشجعت بدلاً من ذلك على المزيد من الأعمال العدائية. وعلى نحو مماثل، شجعت ردود الغرب المترددة روسيا في جورجيا (2008)، وشبه جزيرة القرم، وشرق أوكرانيا (2014) وكذلك على متابعة غزو كامل النطاق لأوكرانيا في عام 2022.
وقال لياخ إن التنازل عن المبادئ والالتزامات يؤدي إلى دمار أعظم بكثير مما قد يمنعه التدخل الاستباقي الحاسم. فالتمسك بالقيم الأساسية لا يشكل ضرورة أخلاقية فحسب، بل ضرورة عملية لردع العدوان في المستقبل. 
2. الإيمان المضلل بالترابط الاقتصادي
استندت الدبلوماسية الغربية لعقود من الزمان إلى الاعتقاد بأن الترابط الاقتصادي من شأنه أن يردع الصراعات.
ويفترض مبدأ «التغيير من خلال التجارة» أن المصالح الاقتصادية المتبادلة ستفوق الطموحات الإمبريالية.
ومع ذلك، فإن غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022 حطم هذا الافتراض، وكشف أن الأنظمة تعطي الأولوية للسلطة على التجارة. ورسم لياخ أوجه تشابه مع تفاؤل ما قبل الحرب العالمية الأولى بشأن المصلحة الذاتية الاقتصادية، والتي فشلت على نحو مماثل في منع الصراع.
وموَّل اعتماد أوروبا على الهيدروكربونات الروسية بشكل غير مباشر الجيش الروسي، مما أدى إلى تأخير العمل الحاسم.
وبحلول عام 2024، أعلن الاتحاد الأوروبي أخيراً استقلاله عن الغاز الروسي، مما يمثل خطوة مؤلمة ولكنها ضرورية نحو المرونة وأمن الطاقة.
3. عودة الاستبداد
سلط لياخ الضوء على الصعود العالمي المثير للقلق للاستبداد. وفقاً لمؤشر الديمقراطية لعام 2023، فإن 8% فقط من سكان العالم يقيمون في «ديمقراطيات كاملة»، بينما يعيش ما يقرب من 40% في ظل أنظمة استبدادية.
ويستغل الاستبداديون فترات التوقف الجيوسياسي لإعادة تجميع صفوفهم وتوسيع نفوذهم، وغالباً ما يكون ذلك دون رادع من جانب الدول الديمقراطية التي تعطي الأولوية للسلام على المواجهة.
4. الحاجة الملحة للدفاع عن الديمقراطية
رأى الكاتب أن الديمقراطية تواجه تحديات غير مسبوقة، حتى في معاقلها التقليدية.
وتتضح هشاشة الأنظمة الديمقراطية من خلال صعود الحركات اليمينية المتطرفة، كما حدث في انتخابات ألمانيا وفرنسا عام 2024.
وأدى التقدم التكنولوجي، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى تفاقم هذه الثغرات من خلال تمكين حملات التضليل المتطورة.
وأشار لياخ إلى تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الرومانية عام 2024 كمثال صارخ على نطاق وتعقيد هذه الجهود. وحذر من أنه في غياب هجوم مضاد منسق، قد تعكس ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين ثلاثينيات القرن العشرين؛ وهو العقد الذي تميز بانهيار ديمقراطي واسع النطاق. 
5. الدور الرئيس للمجتمع المدني
وعزا الكاتب قدرة أوكرانيا على الصمود خلال حربها الجارية إلى مجتمعها المدني القوي. فقد عززت المنظمات الشعبية، التي تدعمها مؤسسات مثل مؤسسة شرق أوروبا، التماسك الوطني والمقاومة.
وفي عام 2024، كانت حملات القمع العنيفة ضد الاحتجاجات في جورجيا بمثابة صدى للأنماط التي شوهدت في أوكرانيا قبل عقد من الزمان، مما يؤكد على الأهمية العالمية للمجتمع المدني النابض بالحياة.
ومع ذلك، فإن هذا الدرس لا يقتصر على الديمقراطيات الناشئة. فالديمقراطيات الراسخة تواجه أيضا تهديدات من الحركات اليمينية المتطرفة الشعبوية. وفي عصر تهيمن عليه الدعاية، تعمل المجتمعات المدنية المتمكنة كضمانات حاسمة ضد التراجع الديمقراطي، وتعزيز المساءلة والمرونة.
وخلص فيكتور لياخ إلى أن عام 2025 يمثل منعطفاً حاسماً للغرب وأوروبا. تؤكد دروس التاريخ أن السلام لا يمكن تحقيقه من خلال التنازلات، بل يجب تأمينه من خلال العمل الحاسم والالتزام الثابت بالمبادئ الديمقراطية. وفي عالم اليوم المترابط، لا توجد دولة معزولة؛ فالفشل الواحد يهدد بزعزعة استقرار البنية العالمية بأكملها. ورغم أن هذه الأفكار الخمس ليست شاملة، فإنها تقدم إطاراً شاملاً لصناع القرار للتعامل مع التحديات التي تواجههم.