«السلاح الانتحاري» الروسي يغيّر مسار الحرب الأوكرانية

«السلاح الانتحاري» الروسي يغيّر مسار الحرب الأوكرانية


تواصل روسيا إظهار ديناميتها العسكرية في الحرب المستمرة مع أوكرانيا. وباستخدامهم أنظمة وتكتيكات مبتكرة لإلحاق الهزيمة بالأوكرانيين، لجأ الروس إلى الاعتماد على أنظمة من صنع شركائهم، على غرار مسيّرة شاهد-238، التي تعمل بالطاقة النفاثة.  
وكتب براندون ج. ويتشرت في مجلة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية، أنه في الأصل، شكلت المسيّرة الانتحارية شاهد-136 العاملة بالمراوح وذات الكلفة الزهيدة، حجر الزاوية في الضربات ضد البنى التحتية الأوكرانية منذ ظهورها للمرة الأولى على مسرح الحرب في سبتمبر(أيلول) 2022. ومع ذلك، أظهر هذا النوع من المسيّرات نقاط ضعف في مواجهة الدفاعات الجوية الأوكرانية مثل النيران الأرضية. وكخطوة متقدمة كشفت إيران عن مسيّرة تعمل بالطاقة النفاثة في أواخر 2023 هي شاهد-238، التي تبنتها روسيا بنسختها الخاصة ضمن نموذج جيران-3.    تشكل شاهد-238 فارقاً كبيراً عن مثيلتها ذات المراوح. وتعمل  شاهد-136 الأصلية بمحرك ذي مكبس من طراز مادو إم. دي 550 قوته 50 حصاناً، ونتيجة لذلك، فهي تحلق ببطء أكبر، ولها مدى تشغيلي أقصر، وأكثر عرضة للدفاعات الجوية من خليفتها شاهد-238 ذات المحركات النفاثة. ولأن  مسيّرة شاهد-238 تعمل بمحركات نفاثة، فإن سرعتها أعلى بكثير، مما يُصعّب على الأوكرانيين اعتراضها.

الكشف البصري
وتحتفظ شاهد-238 بالشكل نفسه لجناح الدلتا مثل سابقتها، ولكنها تتميز بقسم خلفي معدل مع مدخل هواء لمحرك نفاث بطلاء أسود، ربما لإضعاف الكشف البصري خلال العمليات الليلية. تتوفر مسيّرة شاهد-238/جيران-3 بثلاثة أنواع فرعية مع أنظمة توجيه مميزة. يستخدم أحدها نظام الملاحة آي. إن. إس. مع نظامي تحديد المواقع العالمي جي. بي. إس. وغلوناس للأهداف المبرمجة مسبقاً، بينما يتضمن الآخر باحثاً كهروضوئياً/أشعة تحت الحمراء لاستهداف الأجسام «الحساسة» مثل المركبات، ويستخدم الثالث باحثاً موجهاً بالرادار لمهاجمة أنظمة الدفاع الجوي. وتعزز هذه التحسينات الدقة والتنوع، مما يسمح للمسيّرة بالتعامل مع الأهداف الثابتة والمتحركة. وقد عززت روسيا شاهد-238 النفاثة بدمج مكونات صينية الصنع فيها، مثل هوائي ملاحة عبر الأقمار الاصطناعية سي. آر. بي. ثماني القنوات وشريحة صغيرة من شركة بكين للإلكترونيات الدقيقة، لتحل محل الأجزاء الغربية مثل شريحة إكس. آي. أل. إن. إكس كينتكس، تجنباً للعقوبات.

أضرار جسيمة
بدّل إدخال شاهد-238-جيران-3 مسار حرب أوكرانيا جذرياً لمصلحة روسيا. وأطلقت روسيا 15011 مسيّرة من فئة شاهد على أوكرانيا العام الماضي. وليس من المؤكد عدد المسيّرات التي أصابت أهدافها، وإن كانت تسببت بأضرار جسيمة.
يعكس إنتاج روسيا لمسيّرات جيران-3، في منطقة ألابوغا الاقتصادية الخاصة، تحولاً استراتيجياً نحو الاعتماد على الذات. وبمساعدة إيرانية، رفعت روسيا إنتاجها إلى 440 مسيّرة شهرياً بحلول عام 2024، مع خطط لإنتاج 6000 مسيّرة من شاهد-136/جيران-3 بحلول نهاية عام 2025.
وعلى رغم أن النسخة النفاثة أغلى بكثير من النسخة المروحية - حيث تُقدر قيمتها بنحو 150 ألف دولار للمسيّرة الواحدة، مقارنة بنحو 50 ألف دولار لمسيّرة شاهد-136، إلا أنها تبقى أرخص من صواريخ الكروز، مما يمكّن روسيا من شن هجمات مكثفة. علاوة على ذلك، فإن استخدام مسيّرات وهمية من نوع جيربيرا، التي تُنتج بمعدل 50 مسيّرة يومياً، يعقّد الدفاعات الأوكرانية بشكل كبير، بسبب إرهاقها لمخزونات الرادارات والصواريخ.
يعكس تطوير إيران لمسيّرة شاهد-238 النفاثة اتجاهاً أوسع في حرب المسيّرات، بحيث تجتمع الأنظمة منخفضة التكلفة والقابلة للاستبدال مع القدرات المتقدمة. ويشير اعتماد روسيا  لمسيّرة شاهد-238، إلى تحول نحو ذخائر أسرع وأكثر فتكاً، مما يتحدى نماذج الدفاع الجوي التقليدية.
وبالنسبة لحلف الناتو وحلفائه، تمثل مسيّرات شاهد-238 تطوراً مهماً في مجال الذخائر، إذ تجمع بين السرعة والحمولات المحسّنة وأنظمة التوجيه متعددة الاستخدامات لتحدي الدفاعات الأوكرانية. في حين أن تكلفتها المرتفعة وبصمة حرارتها تمثلان نقاط ضعف، إلا أن تكلفتها المعقولة مقارنة بتكلفة صواريخ كروز، وتعاملها مع مسيّرات وهمية، تعززان تأثيرها الاستراتيجي.
وهذا التأثير كبير. ويشكل هذا النظام الإيراني-الروسي-الصيني تهديداً حقيقياً لحلف الناتو، ومؤشراً على مدى خطورة التحالف الإيراني-الروسي-الصيني على الغرب.