«ترامب يدرس قصف فنزويلا».. هل تشعل المخدرات مواجهة عسكرية «دموية»؟

«ترامب يدرس قصف فنزويلا».. هل تشعل المخدرات مواجهة عسكرية «دموية»؟


استبعد مختصون في الشؤون الدولية، اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وفنزويلا، وشن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضربات عسكرية داخل الدولة اللاتينية لاستهداف عصابات المخدرات فيها.
وأوضحوا في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن ما يجري من تصعيد بين البلدين لا يعدو كونه لعبة «شد أعصاب» وضغط على الأطراف، ورسالة تهديد واضحة من واشنطن إلى مجموعة «بريكس» بأن أمريكا الجنوبية ستظل الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، وأن أي هيمنة غير أمريكية على هذه المنطقة محظورة تماما.
وأشاروا إلى أن ظاهر الأزمة، حرب على  المخدرات والجريمة المنظمة من جانب واشنطن، أما الباطن والجوهر، فيكمن في استراتيجية ترامب في استعادة الهيمنة الأمريكية بعد التهديد الذي باتت تشكله منظمة «بريكس» وتمدد النفوذ الصيني والروسي في العالم، وبالأخص في أمريكا اللاتينية التي تعد مجالاً حيوياً للولايات المتحدة، في وقت ترى فيه الأخيرة أنه لا يحق لأي قوة أخرى الاقتراب منها.
وبينوا أن واشنطن من خلال شن ضربات تستهدف عصابات داخل فنزويلا، تفتح سيناريو معقداً يجمع بين اعتبارات الأمن والجيوسياسة الإقليمية وحسابات القوة لدى واشنطن ويعزز صورة الحزم الأمريكي في سياق التوترات العالمية مع بكين وموسكو.
وكانت شبكة «سي إن إن» نقلت عن مصادر متعددة بأن «ترامب» يدرس خيارات متنوعة لشن ضربات عسكرية ضد عصابات المخدرات الناشطة في فنزويلا، بما في ذلك إمكانية ضرب أهداف داخل البلاد، وأوضحت المصادر المطلعة على خطط الإدارة أن ترامب يدرس مهاجمة الأراضي الفنزويلية كجزء من استراتيجية أوسع لإضعاف الزعيم نيكولاس مادورو.
وقال أستاذ التواصل السياسي في جامعة كادس إشبيلية الإسبانية والخبير في الشؤون الدولية، الدكتور محمد المودن، إن الضربات التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ضد العصابات الإجرامية في فنزويلا تفتح سيناريو معقدا يجمع بين اعتبارات الأمن والجيوسياسة الإقليمية وحسابات القوة لدى واشنطن. ويرى المودن في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن الولايات المتحدة تسعى بطبيعة الحال، إلى إظهار قوتها في مواجهة الشبكات الإجرامية العابرة للحدود، مقدمة إياها كتهديد قاري يعادل في خطورته الإرهاب، وهو خطاب يوسع الهامش القانوني والسياسي للتحركات العسكرية المحدودة، ويعزز صورة الحزم الأمريكي في سياق التوترات العالمية مع الصين وروسيا .
وبين المودن أن كراكاس ترى في هذه التحركات تهديدا مباشرا للسيادة الوطنية، وأن القيادة الفنزويلية توظفها كأداة لتوحيد الجبهة الداخلية في مواجهة «عدو خارجي»، خاصة في ظل التحديات الداخلية التي تواجهها البلاد. لكنه لفت إلى أن فنزويلا تدرك أن مواجهة عسكرية تقليدية مع الولايات المتحدة غير قابلة للاستمرار، ما قد يدفعها إلى البحث عن خيارات غير متماثلة، من بينها التركيز على الضغوط الدبلوماسية، والاقتراب أكثر من حلفاء مثل روسيا وإيران، وربما اتخاذ إجراءات غير مباشرة ضد المصالح الأمريكية في المنطقة.
وأوضح المودن أن مفتاح الأزمة يكمن في إدارة الخط الفاصل بين العمليات المحدودة والمواجهة المفتوحة، حيث يظل خطر التصعيد قابلا للاحتواء طالما بقيت الضربات خارج الأراضي الفنزويلية، أما أي هجوم مباشر في الداخل ، قد يشعل سلسلة من الأفعال وردود الأفعال، سواء في الجو أو البحر، يصعب التحكم في آلياتها.
وختم قائلا: «إن احتمال اندلاع حرب شاملة يبقى ضعيفا في نهاية المطاف، غير أن هامش الخطأ في الحسابات السياسية والعسكرية قد يتسع، في ظل التوازن الدقيق بين الردع القسري من جهة، والمصالح الداخلية للبلدين والضغوط الإقليمية من جهة أخرى، لتفادي تحول منطقة الكاريبي إلى بؤرة جديدة لعدم الاستقرار».
فيما يؤكد المختص في شؤون دول أمريكا اللاتينية، بلال رامز بكري، أن التصعيد العسكري والسياسي والدبلوماسي بين الولايات المتحدة الأمريكية وفنزويلا، هو في ظاهره المعلن حرب على المافيات وعصابات المخدرات التي تزعم الولايات المتحدة أنها تسعى لمكافحتها واستئصالها من فنزويلا، متهمة الرئيس نيكولاس مادورو بحسب زعمها ، أنه أكبر زعيم لتجارة المخدرات والممنوعات في العالم، وترصد مكافأة مالية كبيرة تقدر بـ50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه. وأضاف بكري في تصريحات لـ»إرم نيوز»، أن ظاهر الموضوع هو حرب على المخدرات والجريمة المنظمة، أما باطنه فهو استراتيجية دونالد ترامب في استعادة الهيمنة الأمريكية على العالم بعد التهديد الذي باتت تشكله منظمة «بريكس» وتمدد النفوذ الصيني والروسي في العالم، وبالأخص في أمريكا اللاتينية موضحا أن ترامب يريد أن يوجه رسالة للعالم مفادها أن أمريكا اللاتينية والقارة الأمريكية كلها تعد مجالا حيويا للولايات المتحدة ولا يحق لأي قوة أخرى الاقتراب منه. وأوضح بكري أن هذا التصعيد العسكري والحشود البحرية والجوية الأمريكية على مقربة من فنزويلا يعد تهديدا ووعيدا لحلف «بريكس» ومن يقف خلفه أو ينحاز إليه. أما بشأن اندلاع حرب شاملة بين فنزويلا والولايات المتحدة، فقد استبعد بكري ذلك كليا؛ لأنها ستكون كارثة كبرى على فنزويلا، نظرا لعدم تكافؤ القوى، إذ إن الولايات المتحدة قادرة على سحقها تماما.
وأشار إلى أن الرئيس مادورو يدعو إلى الحوار ويستنجد بالأمم المتحدة ممثلة في أمينها العام، ولذلك فإن المرجح ألا تتعدى الأمور المناوشات والضربات المحدودة هنا وهناك، إلى جانب التهويلات الإعلامية والحرب الدعائية والدبلوماسية، أما الحرب الشاملة فهي مستبعدة تماما، إذ لا مصلحة لأي طرف فيها.
وخلص «بكري» حديثه أن ما يجري لا يعدو كونه لعبة شد أعصاب وضغوط على الأطراف، ورسالة تهديد واضحة إلى «بريكس» بأن أمريكا الجنوبية ستظل الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، وأن أي هيمنة غير أمريكية في هذه المنطقة محظورة تماما.