رئيس الدولة ونائباه يهنئون الرئيس الأمريكي بذكرى استقلال بلاده
تتوقع تعمُّق الخصومة بين القوى الكبرى
«تريندز» يكشف في دراسة حديثة أن «الحرب الأوكرانية ... ضربة جديدة للنظام الدولي الليبرالي»
أكدت دراسة حديثة، أصدرها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، بعنوان: "الحرب الأوكرانية ... ضربة جديدة للنظام الدولي الليبرالي"، أن الحرب الأوكرانية ستترك آثاراً عميقة على النظام الدولي، لأن الأحداث بهذا الحجم وفي هذه الجغرافيا لابد أن يكون لها أثر تحويلي على علاقات القوى الكبرى، التي تمثل المحدد الأهم لطبيعة النظام الدولي، كاشفة عن أن هذه الحرب وجّهت ضربة جديدة للنظام الدولي الليبرالي.
وذكرت الدراسة، التي أعدها الدكتور جمال عبدالجواد المتخصص في العلوم السياسية، أن التغير الأهم الذي حدث في النظام الدولي هو تغير طبيعة العمليات والتفاعلات الجارية فيه، فبدلاً من التركيز على النمو الاقتصادي أصبح التركيز على الأمن والتسلح، وبدلاً من التبادل التجاري وحركة الأموال العابرة للتكتلات السياسية، أصبح هناك جدار عازل يزداد ارتفاعه بسرعة بين روسيا والغرب.
خلافات دولية
وأشارت إلى أن جائحة "كوفيد-19" قدمت فرصة مصغرة لتفهم أثر الأزمات على النظام الدولي، فبدلاً من تكاتف دول العالم وتعاونها لمواجهة كورونا، تحول الوباء إلى محفز لتعميق الخلافات الدولية، ولتسريع عملية الخروج من النظام الدولي الليبرالي المحكوم بقواعد، إلى نظام دولي تحكمه الخصومات الاستراتيجية، وبما يؤكد أن الخصومة الاستراتيجية بين القوى الكبرى هي تطورات أصيلة وبعيدة المدى. وتوقعت الدراسة أن الأزمة الأوكرانية الراهنة ستمارس أثرها في اتجاه تأثير أزمة "كوفيد-19" نفسه، وأن الخصومة الاستراتيجية بين القوى الكبرى ستتعمق، وتصبح أكثر حدة، بحيث يصبح اللجوء لاستخدام القوة في العلاقات الدولية أكثر شيوعاً، فيما سيتراجع الاعتماد الاقتصادي المتبادل والانتقال غير المقيَّد للتكنولوجيا بين الدول والتكتلات الدولية، في عالم تتزايد فيه درجة الاستقطاب.
وبينت أن الولايات المتحدة الأمريكية أسهمت في إضعاف النظام الدولي الليبرالي عندما تحدت قواعد عمله، وذهبت لاحتلال العراق دون تفويض من الأمم المتحدة، مذكرة العالم بأن القانون الدولي ليس للتطبيق على الكبار، أما الصين وروسيا فيغيران النظام الدولي، وكلٌّ على طريقته، ففي حين تبني الصين قوة اقتصادية وعسكرية كبرى بشكل تدريجي لكنه سريع، تغير روسيا النظام الدولي بالصدمات وباستخدام القوة المسلحة.
تعاون استراتيجي
وأوضحت الدراسة أن الولايات المتحدة تعمل على إطالة لحظة انفرادها بصدارة النظام الدولي الأحادي القطب، بينما تسعى الصين وروسيا إلى إقامة نظام دولي يقوم على تعدد الأقطاب، حيث تعززت العلاقات بين روسيا والصين، وعبرت القمة الروسية الصينية التي انعقدت قبل أسابيع قليلة من بدء الحرب في أوكرانيا عن التقارب المتزايد بين القطبين، وعن تعاون استراتيجي واسع النطاق وبعيد المدى بينهما.
وأكدت الدراسة أن الصراع الروسي الأوكراني ولَّد عدداً من الاتجاهات المهمة، والتي يرجح لها أن تمثل أجزاء من الواقع السياسي والأمني الدولي في المرحلة المقبلة، ومنها: صدمة الثقافة الأمنية الأوروبية، وتغيير عميق في السياسة الخارجية والدفاعية الألمانية، واستنفار وتعزيز تماسك التحالف الغربي، وتراجع الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين روسيا والغرب، والبُعد الصيني حيث تشترك روسيا والصين في اعتبار الولايات المتحدة التهديد الأول لهما، ولكن السيناريو الأسوأ في الأزمة الأوكرانية هو دخول الصين على خط الأزمة.
تعزيز التضامن الغربي
وترى الدراسة أن الحرب الأوكرانية منحت للغرب الفرصة لبث الحيوية والتماسك في مؤسساته العسكرية والاقتصادية (حلف الناتو والاتحاد الأوروبي)، فبعد سنوات من التعثر وتراجع الفاعلية، وجدت الدول الغربية في المؤسستين إطاراً مناسباً لتنظيم وتنسيق رد الفعل الغربي المشترك ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، من خلال تعزيز التضامن الغربي، ودعم المؤسسات التي تجسد هذا التضامن وتعضيد قدرة الدول الغربية على التنسيق بينها.
وخلصت دراسة "تريندز" إلى أن جملة التطورات المتسارعة أسهت في تعزيز قوة الكتلة الغربية التي تقودها الولايات المتحدة في مواجهة القطبين الدوليين البازغين (الصين وروسيا)، ولكن التحدي الأهم الذي يواجه الغرب في هذا المجال هو إذا ما كانت دول التحالف الغربي تستطيع الحفاظ على هذا القدر من الوحدة لفترة طويلة، وأن الاختلافات الموضوعية بين السياسات المختلفة التي تتبعها الدول الأوروبية لتوفير احتياجاتها من الطاقة لن تؤدي إلى ظهور انقسامات سريعة في التحالف الغربي.