«فضيحة أتلانتيك» تكشف فوضى إدارة ترامب

«فضيحة أتلانتيك» تكشف فوضى إدارة ترامب


ربما من أعظم الدروس لعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو التمييز بين الصدمة والمفاجأة.
وفي هذا السياق، أثار مقال نشره رئيس تحرير مجلة "أتلانتيك"، جيفري غولدبرغ، صدمة كبرى، حيث كشف عن إدراجه عن طريق الخطأ في دردشة جماعية على تطبيق سيغنال، كانت تُستخدم لتنسيق ضربة عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، وتضمنت المناقشات تفاصيل عن التوقيت، الرسائل السياسية، والخطط العملياتية، دون أن يلاحظ أحد أن غولدبرغ كان جزءاً من المجموعة.
وكتبت الصحافية مويرا دونيغان في صحيفة "غارديان" البريطانية، أن ما جرى لم يكن مجرد خطأ، بل تجسيداً لفوضى إدارة ترامب وافتقارها لأدنى درجات الكفاءة والمسؤولية. فأن يُضاف صحافي بارز إلى محادثة تتعلق بعمل عسكري سرّي، يعكس مستوى غير مسبوق من اللامبالاة والاستهتار، فضلاً عن غرابة التخطيط لضربات جوية عبر مجموعة دردشة.  وتضيف الكاتبة: "إننا نعيش في عصر حيث الناس الذين يتمتعون بالسلطة الفائقة، هم الأقل ملاءمة لها".   
في إطار دعم إدارة ترامب للحروب الإسرائيلية في الشرق الأوسط، سعت إلى استهداف الحوثيين، الذين كانوا يشنون هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ووافق ترامب على تنفيذ ضربات جوية أكثر فتكاً وأقل دقة من تلك التي نفذتها إدارة بايدن لاحقاً، بحسب الكاتبة.
وبحسب أحد المشاركين في الدردشة، الذي عرّف عن نفسه بأنه جيه دي فانس، نائب الرئيس، فإن الهدف الرئيسي من الضربة لم يكن استراتيجياً بقدر ما كان "رسالة لإظهار القوة على الساحة العالمية".
عادةً ما يتم التخطيط لمثل هذه العمليات بسرية تامة، بعيداً عن أعين وسائل الإعلام والحكومات الأجنبية، لضمان سلامة العسكريين المشاركين ومنع أي تدخلات، لكن إدارة ترامب لم تلتزم بهذه القواعد، بحسب الكاتبة، إذ كشفت التسريبات أن كبار المسؤولين ناقشوا الضربة عبر تطبيق سيغنال باستخدام هواتفهم الشخصية، لأن الأجهزة الحكومية لا تسمح بتنزيله. وفي الظروف العادية، تُعقد مثل هذه الاجتماعات في غرف آمنة مزودة بتقنيات مضادة للمراقبة، حيث يُمنع إدخال الهواتف منعاً لتسريب المعلومات.
وهذه إجراءات وُضعت لحماية المصالح الأمنية: لمنع أي اختراق من قبل وكالات الاستخبارات الأجنبية أو وسائل الإعلام، ولحماية الأمريكيين، وللامتثال لقوانين حفظ السجلات، والالتزام بهذه الإجراءات يعكس احتراماً للسلطة التنفيذية والقانون. وبحسب الكاتبة لم يكن اختيار "سيغنال" عشوائياً، إذ إن "مشروع 2025"، الذي صاغته مؤسسة هيرتدج فاونديشن كدليل لسياسات ترامب، أوصى باستخدام تطبيقات مشفرة لإدارة شؤون الدولة، بهدف التحايل على قوانين حفظ السجلات الرسمية. ويتميز سيغنال بقدرته على محو الرسائل تلقائياً، وقد قام مستشار الأمن القومي، مايكل والتز، بضبط إعدادات الدردشة بحيث يتم حذفها بعد أسابيع، في خطوة تنتهك القوانين الفيدرالية.
تكشف هذه الحادثة عن جوهر إدارة ترامب الثانية: الفوضى، واللامبالاة، والاستهتار بالأمن القومي، وازدراء القوانين والمؤسسات. فهي إدارة تتصرف كما لو أن العواقب لا تعنيها، حتى لو تعلق الأمر بأسرار الحرب. وما كشفته هذه التسريبات ليس مجرد خطأ غير مقصود، بل انعكاس لطريقة إدارة تفتقر إلى الحد الأدنى من الانضباط والمسؤولية.