رئيس الدولة ونائباه يهنئون أمير قطر بذكرى اليوم الوطني لبلاده
الحديث عن التفاوض بينما يفوز الطرف الآخر عسكرياً هو أمر عبثي
أتلانتيك كاونسيل: لا تخسروا أفغانستان.. على بايدن تصحيح المسار
طالب ستة سفراء وديبلوماسيين خدموا في أفغانستان إدارة بايدن بتصحيح مسارها بعدما انسحبت من تلك البلاد بدون أي ضمانات وخلفت وراءها فوضى متنامية. فحركة طالبان تشن هجوماً عسكرياً وتتجاهل دعوات التفاوض بشأن السلام كما تهدد النساء وتعدم السجناء والمدنيين. لهذا السبب، يبقى قرار بايدن بسحب قواته سريعاً من أفغانستان خاضعاً للتساؤلات والشكوك بشكل متزايد.
وكتب الديبلوماسيون في مركز “المجلس الأطلسي” أن سقوط المقاومة الأفغانية ليس مؤكداً لكن النتيجة الكارثية لا تزال محتملة. إن التخلي عن شعب شجاع وهو يحاول القتال قد يترك ملايين الأفغان معرضين لقمع طالبان. إن الانخراط المحدود في أفغانستان الشبيه بما تعتمده واشنطن في العراق حالياً ليس متأخراً جداً لتفادي الانهيار الكامل للدولة وانتشار المزيد من الفوضى في الإقليم. لكن على الإدارة التحرك بسرعة وحزم في أفغانستان مع حشد الدعم الدولي.
لا تقبل طالبان بأقل من استسلام كامل للحكومة الأفغانية في المفاوضات. هي تريد السيطرة على الشرطة والجيش والاستخبارات والتمتع بالقدرة على تعيين رئيس الدولة ومسؤولين بارزين آخرين. ونكثت طالبان وعدها بإبعاد السجناء عن ميادين القتال واحتفظت بعلاقاتها مع القاعدة إلى جانب مواصلتها إساءة معاملة النساء والفتيات وفرض انتقام وحشي ضد أعدائها المفترضين. يعني كل ذلك أن طالبان تنوي إطاحة الحكومة الحالية وإعادة تأسيس ما يشبه الإمارة الإسلامية في أفغانستان.
ما هو وضع المقاومة؟
يضيف الديبلوماسيون أن استطلاعات رأي ثابتة النتائج على مدى سنوات تشير إلى أن الكثير من الأفغان لا يريدون العيش تحت حكم طالبان. تنعكس هذه الأرقام في ميادين القتال حيث ينضم المدنيون بصورة متزايدة إلى المقاومة. في مدينة هيرات، قاد أمير الحرب السابق اسماعيل خان تمرداً ضد طالبان بمساعدة القوات الأمنية الأفغانية في الأيام الأخيرة مما أدى إلى دحر طالبان. غصت الشوارع بالرقص والأغاني وقد وصل صداها إلى كابول. لكن في وقت تبدو إرادة التسلح لدى الأفغان آخذة بالنمو، تبقى تلك الإرادة غير منتشرة. المقاومة بارزة في بعض الولايات مثل تاخار وبغلان في الشمال وننغرهار في الشرق، لكنها ضعيفة في أماكن أخرى.
ويصف الديبلوماسيون المقاومة الأفغانية الحالية بأنها غير منظمة. فيوم الجمعة على سبيل المثال، سقطت عاصمة ولاية نمروز بيد طالبان على الرغم من المقاومة المحلية. لكن إذا تم قيادة هذه المقاومة ودعمها بشكل مناسب فقد تصبح قوة مقتدرة. من جهتها، تحاول طالبان مواجهة المقاومة عبر استخدام مزيج من التحركات العسكرية والعروض المقدمة إلى أصحاب السلطة المحلية بالحصول على امتيازات في ظل حكمها المفترض.
ما هي منافع الدعم الجوي؟
يرى الديبلوماسيون أن الدعم الجوي أساسي للاحتفاظ بهيرات وتفادي خسارة مدن أخرى. فهو لا يعزز معنويات القوات والمسؤولين الأفغان وحسب بل يدعم أيضاً العمليات اللوجستية والاستخبارية. بالنسبة إلى الدولة الأفغانية، هو يمكّنها من شراء الوقت لاستعادة توازنها. بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، هو يؤمن المساحة لدراسة ما يمكن إنقاذه. لهذا السبب، على بايدن إعادة دراسة قراره بإنهاء الدعم الجوي للحكومة الأفغانية بحلول آخر يوم من الشهر الحالي. كذلك، على الولايات المتحدة العمل مع الأفغان لتأسيس قوة جوية بالحجم والهيكلية اللذين يحتاجون إليهما.
تتحمل واشنطن جزئياً التطور البطيء للقوات الجوية الأفغانية. صحيح أن الجانب الأفغاني ابتلي بالفساد وسوء الإدارة لكن الولايات المتحدة أهدرت 549 مليون دولار على طائرات شحن رديئة الجودة وبددت وقتاً ثميناً عبر الانتقال من إعادة بناء المروحيات الروسية إلى مروحيات بلاك هوكس الأمريكية الأكثر تعقيداً. وابتكرت واشنطن نظاماً يعتمد بشدة على دعم المتعاقدين الأجانب ثم قررت سحبهم معها.
ويجب أن يشمل العمل الطارئ تأمين التدريب والصيانة المناسبين لإبقاء القوات الجوية الأفغانية قادرة على التحليق. ويجدر بالخطط والجداول الزمنية أن تكون واقعية ومطورة بمساعدة حلف شمال الأطلسي (ناتو) وحلفاء آخرين. وعلى الناتو إعادة تجديد التزامه بتأمين دعمه الجوي الخاص حتى يتم بناء القوات الجوية الأفغانية. وهذا بدوره سيقلل من الأعباء والمخاطر. كما يجب على الولايات المتحدة تعيين مسؤول كبير في وزارة الدفاع للإشراف على جهود الدعم.
لسياسة متكاملة أشد وضوحاً
تابع الديبلوماسيون الستة مقالهم كاتبين أن الدعم الجوي المتواصل هو تكتيك قصير المدى لتفادي الهزيمة لكنه ليس سياسة. ودعمُ المفاوضات هو موضوع مساعد، لكن الحديث عن التفاوض بينما يفوز الطرف الآخر عسكرياً ويدفع باتجاه الاستسلام هو أمر عبثي. يجدر بالنهج الأمريكي أن يهدف إلى تفادي الهزيمة وانهيار الدولة الأفغانية حتى يفرض الجمود مفاوضات جدية وتسوية مستدامة. إن اتفاقاً يحمي المصالح الإثنية والقبلية ويتضمن حماية المكاسب التي حصلت عليها الأفغانيات بعد معارك مكلفة سيكون ممكناً فقط عبر هذا النوع من المحادثات. لهذا السبب، يجب أن تكون المفاوضات مدعومة بالتحرك العسكري بشرط ألا تعرقله، كما كان يحدث خلال العام الماضي حين بدت واشنطن غالباً في حال دفاعية.
إن تأمين المساعدة الإنسانية جوهري أيضاً بعدما أدى هجوم طالبان إلى نزوح عشرات الآلاف من الأفغان. على الولايات المتحدة التي تتحمل الآن مسؤولية أكبر حيال من تخلت عنهم وسط انسحابها، أن تقود جهداً دولياً وتحشد دعماً إنسانياً طارئاً لضحايا العنف. يمكن أن يساعد ذلك في تجنب حركة لجوء هائلة في المنطقة وأبعد. لا يوجد سبب للأمريكيين كي يديروا ظهرهم للأفغان وخصوصاً أولئك الذين يقاتلون طالبان. لقد تبنى العديد منهم قيم الحرية وحقوق الإنسان والليبيرالية السياسية التي بشرت بها واشنطن لعشرين عاماً. ويسعى هؤلاء الآن إلى الهرب من الموت والاضطهاد. يريد معظمهم البقاء ومساعدة أفغانستان. على الإدارة الأمريكية أن تقويهم.
حشد الدعم الدولي
يرى الديبلوماسيون الستة أن السلام يحتاج إلى الدعم الديبلوماسي مهما بدا بعيداً. على بايدن تعيين موفد أمريكي جديد إلى أفغانستان والمنطقة لتنشيط الديبلوماسية. ويجب أن يكمّل جهدَ الموفد الأمريكي نظير أممي له من أجل العمل مع الحكومة الأفغانية وطالبان واللاعبين الإقليميين ذوي المصلحة القوية في استقرار أفغانستان. وعلى الولايات المتحدة لعب دور داعم لهذه المبادرة عوضاً عن الانخراط في مبادرات مستقلة. كما عليها الحصول على اتفاق جماعي من أصحاب المصلحة الدوليين والإقليميين بأنهم لن يعترفوا بحكومة طالبانية أو يؤمنوا لها مساعدة مالية.
لعب مجلس الأمن الأسبوع الماضي دوراً مساعداً عبر إدانة قوية للعنف المتزايد وانتهاكات حقوق الإنسان. لكن يجب ألا يتم رفع العقوبات الأممية عن طالبان حتى تتخذ الحركة خطوات ملموسة لتقليص العنف والاشتراك في مفاوضات مع كابول بحسن نية. كذلك، ينبغي على مجلس الأمن دراسة فرض قيود جديدة على طالبان بسرعة، من بينها حظر السفر.
يحذر الديبلوماسيون الستة بايدن من أن إطاحة حكومة كابول ستزعزع استقرار جنوب آسيا، وهي منطقة تسيطر عليها الهند وباكستان وهما قوتان متعاديتان ومسلحتان نووياً. لكن الأهم هو أن انسحاباً أمريكياً شائناً من أفغانستان سيدفع دولاً أخرى إلى عقد اتفاقات أمنية مع الصين طالما أن الضمانات الأمريكية هي بلا صدقية. لقد تأخر الوقت، لكن يمكن ويجب على الولايات المتحدة أن تتحرك بحزم في أفغانستان، مع دعم جوي ودفاعي وديبلوماسية صلبة. “إن مستقبل البلاد – كما صدقية واشنطن العالمية – هما على المحك».