سيشغل الاقتصاد المتعثر أذهان صناع القرار الغربيين

أتلانتيك: شهر العسل بين أوكرانيا والغرب سينتهي قريباً

أتلانتيك: شهر العسل بين أوكرانيا والغرب سينتهي قريباً


أشار النائب السابق لمساعد وزير الدفاع في سياسة الشرق الأوسط أندرو إكزوم إلى أن الدعم الغربي لأوكرانيا وصل إلى ذروته. وتوقع في مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية أن تتوتر العلاقات بين القيادة الأوكرانية وداعميها الغربيين بشكل تصاعدي في الأشهر المقبلة بسبب الألم الاقتصادي الذي تفاقمه الحرب.
حين يدرس أبناء وأحفاد الغربيين هذا النزاع مستقبلاً، سوف يتعجبون من السرعة والجرأة اللتين حشدت القوى الغربية بواسطتهما السلاح إلى الشعب الأوكراني في مواجهة الهجوم الروسي. ويبدي الكاتب ذهوله من المساعدة العسكرية. لقد كان من سوء حظه كما كتب أن عمل في المساعدة على فك الاشتباك بين عمليات الحلفاء والروس في سوريا من سنة 2015 حتى 2017. حينها ذهب الأمريكيون إلى أبعد الحدود لتفادي قتل أي روسي، خشية إطلاق حرب عالمية ثالثة.

اليوم، يرسل الغرب إلى الأوكرانيين بعضاً من أكثر أسلحته المضادة للدبابات والطائرات تطوراً بهدف صريح وهو قتل أكبر عدد ممكن من الروس. لم تكن الولايات المتحدة وحدها سريعة في توفير الأسلحة المضادة للدبابات، بل أيضاً المملكة المتحدة وهولندا وحتى السويد التي من المحتمل أن تنضم مع فنلندا إلى الناتو عند أول فرصة ممكنة.

تؤكد الاستجابة الغربية اللافتة مدى سوء التقدير لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكنها أيضاً تناقض بشكل فاقع الطريقة التي تعامل الغرب من خلالها مع الهجمات العسكرية الروسية السابقة في جورجيا سنة 2008 وأوكرانيا سنة 2014. في كل من هذين النزاعين، تباطأت الدول الأوروبية قبل فرض أي أكلاف على روسيا. من شبه المؤكد أن يكون هذا التردد قد دخل في الحسابات الروسية قبل الهجوم الأخير. لقد طالت الحرب على مدى أشهر ولا تظهر أي إشارة إلى أنها ستتوقف قريباً.

تواصل أوكرانيا الضغط على حلفائها الغربيين لنيل المزيد من الدعم. لكن ما تريده الآن هو نوع الدعم الذي لن تحتاج إليه لمقاومة التقدم الروسي وحسب بل أيضاً لاستعادة الأراضي ومبارزة المدفعية الروسية الطويلة المدى. إدارة بايدن أكثر تردداً في توفير هذه المساعدة ومن الصعب رؤية دول أخرى تتقدم على الأمريكيين في هذا المجال.

وفقاً لإكزوم، الأكلاف الاقتصادية للحرب هي سبب كبير لهذا التردد وهي تبدأ بإثارة القلق جدياً لدى الأمريكيين وصناع قرار غربيين آخرين. التضخم في منطقة اليورو ارتفع إلى 8.1% هذه السنة، بينما بلغ التضخم في الولايات المتحدة أعلى رقم له خلال أربعة عقود. يقلق اقتصاديون كبار من حدوث ركود السنة المقبلة بينما يخشى قادة أعمال تحدث إليهم الكاتب من احتمال حدوث ذلك في وقت أبكر.

رأى الكاتب أن حرب بوتين على أوكرانيا لم تتسبب بكل هذا الألم للاقتصاد العالمي لكنها بالتأكيد لا تساعده وقد لعبت دوراً متضخماً في الألم الذي يوشك العالم على الشعور به في الإمداد العالمي للغذاء. كل ذلك الألم يجعل هذا الوقت رديئاً لأي رئيس حالي منتخب ديموقراطياً في أي مكان تقريباً حول العالم كما يجعله وقتاً جيداً جداً ليكون المرء شعبوياً. أظهرت الانتخابات الأخيرة في كولومبيا وفرنسا وأوستراليا وألمانيا الرياح المعاكسة التي تواجه الرؤساء الحاليين والأحزاب السائدة. سيشغل الاقتصاد المتعثر والشعبوية الصاعدة أذهان صناع القرار الغربيين عندما يصارعون حرباً ستستمر في التأثير على الاقتصادات الرائدة في العالم.

لهذا السبب، يتوقع الكاتب أن تصبح المحادثات بين أوكرانيا وداعميها أكثر صعوبة لا سهولة في الأشهر المقبلة. وستواجه أوكرانيا المزيد من الضغط لتقديم تنازلات عن بعض أراضيها والسماح لروسيا بحفاظ ماء وجهها، وليس فقط من هنري كيسنجر. حتى إنهاء سريع للحرب لن يوقف على الأرجح انزلاق العالم نحو ألم اقتصادي أعظم.

بطبيعة الحال، ليس لحرب بوتين علاقة كبيرة بسياسة الصين المتمثلة بعدم التسامح مطلقاً مع انتشار كوفيد-19 أو بفاعلية الموانئ على السواحل الغربية. لكن كجميع الحروب، تأسر الحرب الحالية مخيلة المتفرجين بطريقة يبدو أن عمليات الموانئ تعجز عنها. سيستمر التذمر من العواصم الغربية بشأن مدة هذا الصراع وسينتهي شهر العسل الذي تمتع به قادة أوكرانيا مع الغرب قريباً.

ستلاحظ روسيا ذلك وستكون مسرورة بزيادة الانقسامات بين أوكرانيا وداعميها. لكن بحسب الكاتب، يجب ألا يرتاح بوتين كثيراً لما يراه. فالعقوبات التي تواجهها بلاده لزجة بشكل فريد: من غير المرجح أن تزول سريعاً بصرف النظر عما إذا كانت واشنطن ترسل صواريخ طويلة المدى أو مقذوفات قصيرة المدى إلى أوكرانيا. والخسائر في صفوف الضباط الصغار في روسيا تحكي وحدها قصة جيش يعاني من غياب الفاعلية القتالية. تستطيع روسيا امتصاص ألم هائل على الميدان، لكن بالرغم من مكاسب ميدانية صغيرة، لم يتحسن وضعها الاستراتيجي.

من جهتها، قد تقرر أوكرانيا أنه بالرغم من عدم القبول بهدنة غير سهلة أوائل الخريف كتسوية نهائية فهي ستسمح بتعزيز دفاعاتها في الشرق، حيث يصب الميدان لمصلحة المدفعية الروسية، وتعيد تجهيز وحداتها القتالية المنهكة. ستعطي هدنة كهذه العقوبات الوحشية على روسيا مزيداً من الوقت لترخي بثقلها على عقول القادة الروس. من دون شك، إن أي هدنة، ولو مؤقتة، سترحب بها العواصم الغربية بهدوء.