سر التصميم التركي على احتلال محافظة إدلب

أحلام «العثمانية الجديدة» تقوّض هيبة تركيا

أحلام «العثمانية الجديدة» تقوّض هيبة تركيا


قتل جنود أتراك في 28 فبراير( شباط)، في قصف سوري( برضا روسي) لمحافظة إدلب التي يسيطر عليها  متطرفون، يحظى بعضهم بدعم الجيش التركي.
وسرعان ما تحولت تلك المنطقة إلى ساحة معارك بين الجيشين السوري والتركي، وظن كثيرون أن تلك المواجهة ستضع حداً لانتشار الجيش التركي في إدلب، فضلاً عن مناطق أخرى كمدينة عفرين وما حولها. ورغم ذلك، استطاعت تركيا، مدعومة باتفاق موسكو، في 5 مارس( آذار)، الحفاظ على وجودها في إدلب.
وقد تحقق ذلك الوجود بكلفة كبيرة، وفق رأي سيمال أوزكاهارامان، كاتب لدى صحيفة “جيروزاليم بوست”، حائز على شهادة دكتوراه في علم السياسة المائية من جامعة إكستر البريطانية.
وحسب الكاتب، انطوت تلك الكلفة على إذلال تعرض له الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع وزرائه عندما جعله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينتظر خارج قاعة الاجتماعات قبل لقائه، فضلاً عن التزام تركيا بتأمين حراسة الطريق السريع M4 إلى جانب القوات الروسية، و استمرار الالتزام بضمان الأمن في إدلب وتعريض جنود أتراك للخطر في سبيل تحقيق ذلك الهدف.

خلفية تاريخية
وفي هذا السياق، يطرح الكاتب أسئلة حول ما الذي يشكل أهمية لتركيا في إدلب ليدفعها للتدخل هناك مهما تكن المخاطر التي تنطوي عليه. ولماذا تتدخل تركيا في إدلب في المقام الأول؟.
ولفهم ما يجري هناك، يرى كاتب المقال إننا بحاجة للتدقيق قي الخلفية التاريخية لتصميم تركيا على الانخراط في الحرب الأهلية السورية.
كانت تركيا، قبل الانتفاضات العربية في عام 2011، في طريقها لإنهاء خصومتها السياسية القديمة مع دول مجاورة، كسوريا، وعازمة على “تصفير” المشاكل في علاقاتها. ولكن، عندما غرقت سوريا في حرب أهلية، وبدأت مجموعات جهادية في تحويل البلاد إلى فوضى، والأهم منه، عندما بدأ الأكراد في شمال سوريا تأسيس حكمهم الذاتي، تخلت تركيا عن سياسة “تصفير المشاكل”، وبدأت تدخلها في سوريا تحت ذريعة محاربة الإرهاب. وتحت غطاء وحدة التراب السوري، لم تقف تركيا إلى جانب النظام السوري، بل مع متمردين سوريين بخلفية إرهابية.

ضوء أخضر
وبالتالي، بعدما أعطيت الضوء الأخضر من الولايات المتحدة وروسيا، استولت تركيا على مدينة جرابلس في سوريا، تبعها احتلال عفرين، وهاجمت مؤخراً بعض أجزاء من المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في شمال سوريا.
كذلك، تمكنت تركيا من إقناع روسيا ببناء 12 نقطة مراقبة أو قواعد عسكرية صغيرة في إدلب كجزء من صفقة لضمان أمن المنطقة من تنظيمات إرهابية. ولكن، عندما اقتنعت روسيا بأن تركيا لم تقم بواجبها في حماية المنطقة من مجموعات  متطرفة، بعضهم حلفاء لتركيا، منحت هذه المرة الضوء الأخضر إلى الجيش السوري ما صدم تركيا عندما قتل 34 من جنودها، وهو شيء لم تختبره منذ الحرب العالمية الأولى.
ولكن رغم خطورة الوضع، أعلنت تركيا ما يسمى “عملية درع الربيع” عازمة لا على البقاء في المنطقة وحسب، بل على إبعاد الجيش السوري عن إدلب.

عاملان مترابطان
ويرى الكاتب أن عاملين مترابطين يوضحان التصميم التركي على مهاجمة واحتلال محافظة إدلب.
أولاً، عندما تأسست الجمهورية التركية المعاصرة عام 1923 عشية انهيار الإمبراطورية العثمانية، ميزت الدولة والنخب البيروقراطية ما بين تركيا والدول الإسلامية في الشرق الأوسط، وقضت على النخبة الاجتماعية- الدينية، وغيرت النص المكتوب من الأحرف العربية إلى الأبجدية الرومانية، وحظرت الزي التقليدي الشرقي. وعوض ذلك، أدخلت النخبة الجديدة في الدولة التركية إصلاحات غربية في الحكومة والمجتمع.
ولكن وفقاً للكاتب، لم يتقبل تلك الحالة الراهنة معظم المحافظين ذوي الخلفية السنية، كالرئيس أردوغان. وعندما وصل حزبه، العدالة والتنمية، إلى السلطة في عام 2002 تحت قيادته، كانت نيته تأسيس “عثمانية جديدة” عبر إعادة إرساء قيم تقليدية، وتعزيز العلاقات مع دول شرق أوسطية، وبدء مشروع” تصفير المشاكل».
وتبعاً له، عندما انتفضت تنظيمات جهادية سنية، في عام 2011 ضد النظام السوري، وغرقت البلاد في حرب أهلية، لقي معظم الإرهابيين دعم الحكومة التركية، التي تشجعت مدفوعة بفكرة أنه يمكن تأسيس “العثمانية الجديدة” عند انهيار النظام في دمشق.
ولكن، عندما هزم الأكراد في شمال سوريا تنظيمات إرهابية مثل داعش، واستعادت الحكومة السورية بدعم روسي مناطق من مجموعات إرهابية، باستثناء إدلب، حيث تركز الحكومة التركية جهودها، أصبح الوضع على الأرض في إدلب يعني أنه لم يعد أمام حكومة أردوغان خيار سوى الانسحاب من إدلب، وبالتالي خيانة إخوانها المتطرفين.

تدمير الهيبة التركية
ويرى الكاتب أن فشل أردوغان وحكومته في تحقيق هدفهم بشأن “العثمانية الجديدة”، وعجزهم عن حماية إخوانهم المتطرفين يقوّض أيضاً هيبة تركيا. وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت الحكومة التركية تتدخل في إدلب.
إلى ذلك، يعود السبب الأهم لرغبة تركيا في البقاء في إدلب ومناطق أخرى في سوريا لما يسمى “الفوبيا الكردية”. ولا يمكن لتركيا أن تتحمل السماح للأكراد بتقرير مصيرهم، أو حتى تمتعهم بأبسط حقوق الإنسان سواء داخل البلاد أو ما وراء حدودها. ولهذا السبب، هاجمت تركيا واجتاحت مناطق كردية في سوريا كلما سنحت لها الفرصة.

    
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot