لدي فوبيا من الأماكن المرتفعة، ومن الحشرات

أحمد السقا: لم أكن أتخيل أنني سوف أصبح ممثلا

أحمد السقا: لم أكن أتخيل  أنني سوف أصبح ممثلا

هو نجم استثنائي في كل شيء..ليس لكونه فقط ممثلاً موهوباً في عالم السينما والدراما أولاستمراريته في تخطي حدود صناعة الأكشن وسقف إيرادات شباك التذاكر..ولكنه بالفعل"أيقونة" لجمهوره الذي يتابعه طوال الوقت بحالة من الانبهار والإعجاب..وكذلك لزملائه في صناعة السينما، انه النجم أحمد السقا.. عن الكثيرمن أسرارمشواره الناجح كان معه هذا الحوار:

• من المُلهم أن نبدأ الحكاية من البداية..كيف كانت نشأة أحمد السقا ؟
- تربيت في بيت من الطبقة المتوسطة، والدي رحمه الله كان مديرا لمسرح العرائس، وبعدها أصبح رئيس هيئة المسرح، ثم رئيس المركز القومي للمسرح، وعمل كثيرا بوزارة الثقافة ويحسب له أن فترته كانت الفترة التي شهدت ازدهار مسرح الدولة والتي كان يجني فيها إيراد أكبرمن إيراد المسرح الخاص، وكان من أبرز العروض التي قدمها لمسرح الدولة "ليلة الدخلة" و"أهلا يا بكوات" و"البهلوان" وروايات كثيرة جدا لأكبر النجوم..ووالدتي كانت تعمل كمسئولة قسم الصرف في بنك طلعت حرب، ولكنها كانت ربة منزل في نفس الوقت، حيث قررت التقاعد عن العمل حينما كبرت أنا وشقيقتي لتعطينا المزيد من الاهتمام، فنحن تربينا تربية تستطيع أن تقول عليها إنها تربية "ميري"حيث إن محيط عائلتي وأزواج خالاتي كلهم كانوا مساعدين وزراء بوزارة الداخلية وضباطاً، وكان هناك جانب فني أيضا في عائلتي .. فجدي هو عبده السروجي المطرب الذي غنى "غريب الدار" و"على بلد المحبوب"..وقد عشت فترة كان بها اهتمام بالصالونات الثقافية ، ورأيت في صالون والدي كل الناس من ممثلين ونجوم وكل أصناف البشر، فمنهم من كان يأتي للعب الموسيقى أوإلقاء الشعرأوحتى الاستمتاع بهذه الحالة الفنية الثقافية، فرأيت في بيتنا سيد مكاوي وإبراهيم رجب وعزت العلايلي وعادل إمام..ووالدي بشكل عام كان دائما ما يقول لي نصف المعلومة ويتركني لأبحث على النصف الآخر، عمره ما أعطاني المعلومة الكاملة سهلة وكان يفعل ذلك حتى وفاته، فمثلا كان دائما يقول لي: "يابني خلي الناس تمد إيدها تطولك" فلم أكن استوعب معنى هذه الجملة في وقتها، حتى يوم وفاته نده لي وسألني "ليه بيسموك نجم" فقلت له الأسباب، فقال لي"إن كل الكلام ده فاني.. خلي الناس تمد إيدها تطولك".

• وكيف كانت مرحلة دراستك الأكاديمية؟
- التحقت بمعهد الفنون المسرحية ودرست التمثيل والإخراج، وكنت طالبا متفوقا، حيث إنني تخرجت وكان ترتيبي هو الأول على دفعتي بتقدير امتياز، وكنت حريصا على فكرة التفوق داخل المعهد لأنني حينما دخلته كان والدي رئيس هيئة المسرح، وكان هناك الكثيرمن الأقاويل حول فكرة الوساطة وأنه تم قبولي لوساطة والدي، فأردت أن أثبت العكس فخلال وقت الدراسة كنت أمارس لعبة كرة القدم بشكل احترافي، حيث تزامن دخولي المعهد مع لعبي في نادي الصيد، وقبلها كنت لاعبا في نادي الزمالك..وبسبب أنني كنت راغبا في التفوق لم أستطع الانتظام في لعب كرة القدم، والموضوع أتى بالتدريج، ففي البداية ذهبت للعب في ناد درجة ثانية، وفي هذا الوقت اعتزل جمال عبد الحميد فلم يعد هناك مهاجم في الزمالك، فذهبوا لوالدي وقالوا له أنهم سوف يأخذوني الزمالك وسوف يدخلونني جامعة مفتوحة لكي ألعب في الدرجة الأولى، وكان والدي يستهوي الفكرة لكونه زملكاويا، فقال لي هذا الكلام يوم جمعة وقررنا تأجيل القرار لما بعد مباراتي مع المنتخب التي كانت يوم الاثنين الذي تلاه، وخلال تلك المباراة كنت منفردا مع حارس المرمى الذي دخل بالـ "ستارز" في عضلة ساقي، فتح لي العضلة ومن وقتها اعتزلت لعب كرة القدم بشكل احترافي.

• وأين التمثيل من كل هذا؟
- كل هذا ولم يكن التمثيل أمام الكاميرا في حساباتي، فأنا كنت أحب التمثيل وأحب الفكرة ولكني لم أكن أتخيل أنني سوف أصبح ممثلا، حيث كانت أحلامي دائما في مناطق أخرى، فكنت أتمنى أن أكون ضابط شرطة، ثم تمنيت احتراف كرة القدم، ولكن بعدما دخلت المعهد وجدت أن لدي 23 مادة منهم 13 مادة عملي و10 مواد نظرية.. فكان اليوم الدراسي يبدأ في السابعة صباحا وينتهي في الثامنة مساء

• كيف كانت شلة المعهد؟
- شلة المعهد كانت مصيبة سوداء.. فأنا ومجدي كامل كنا "بوصات" الدفعة، وكانت دفعتنا أحمد حلمي ورامز جلال ومحمد سعد ومحمد الوكيل، ولحق بنا بعدها بسنة أو سنتين أحمد رزق ومحمود عبد المغني.. والحقيقة أغلب الحكايات صعب أن تروي، مثلا، أنا ومجدي كامل عشنا لفترة طويلة سويا في غرفة في منيل الروضة، ورغم الظروف الصعبة كنا نتصرف، فوالد مجدي رحمه الله كان لديه سوبر ماركت كبير، ونحن كانت لدينا نسخة من المفتاح قمنا بعملها، وأول ما كنا بنجوع، ننزل نفتح السوبرماركت ونعيش حياتنا ، وأنا ورامز جلال نفس السن باليوم إلاأن والده ووالدته كانا يخافان عليه جدا، لدرجة أنه كان يأتي المعهد بالسندوتشات، وكانت والدته تكلمني علشان خايفة عليه يروح المعهد بمفرده.. فكنت يوميا أمرعليه لأخذه من بيته في المهندسين ونروح على المعهد .

• وكيف تسلسلت معك الأحداث بعد انتهاء الدراسة؟
- بعد انتهاء الدراسة انتدبت لوزارة الثقافة، ولكني لم أحب العمل الحكومي فاستقلت وعين مكاني مجدي كامل الذي كان الثاني على الدفعة، ولكن صلتي لم تنقطع بوزارة الثقافة، حيث إنه بعد وفاة والدي انتدبوني في مسرح العرائس كنوع من الاستمرارية والتقديرلاسم السقا، وطلبت أن يكون هناك قاعة تحمل اسمه لأن هذا الرجل هومن بنى مسرح العرائس في عهد جمال عبد الناصر، وذهب به إلى باكستان وأمريكا وتونس والأردن والسودان، وكان يذهب إلى رومانيا والمجرودول أوروبا الشرقية، وكان يجلب متخصصين من هناك لعمل ورش في مصرلعمل جيل من ممثلي العرائس، فلم تحدث استجابة، فأخذت إجازة بدون مرتب وكنت مواظباً على دفع تأميناتي، حتى جاءت حكومة الإخوان، ووقتها كانت هناك اعتراضات كبيرة في الوسط الفني والثقافي على سياسة الوزارة، وكانت هناك وقفات ومظاهرات أمام مبنى الوزارة شاركت بها.. واستقلت، وحتى الأمس كان الدكتور أشرف زكي يطلب مني الرجوع لمسرح العرائس ولكني أرى أنه يكفي كل هذه السنوات.

• هل هوى التمثيل أتى إليك من خلال المسرح؟
- بالتأكيد، المسرح بشكل عام هو سبب دخولي مجال التمثيل، فلقد قدمت في المسرح الخاص قدمت ٤ روايات، منهم رواية لم أكملها وهي "فيما يبدو سرقوا عبدو" و"ألابندا" و"عفروتو" وكده أوكيه"، وفي المسرح العام الذي كانت منه البداية قدمت مسرحية "إلحق خد لك قالب" و"غلط في غلط" و"النهاردة آخر جنان"..وكنت في مسرحية "خد لك قالب" أظهر على المسرح من خلال مشهد مدته 3 دقائق فقط، وهو وقت لا يذكر من مدة المسرحية، وكنت حزينا أن والدي لا يتوسط لي ولكني اليوم أدعي له أنه لم يفعل ذلك، وفي يوم من أيام عرض هذه المسرحية حضرالأستاذ أسامة أنورعكاشة والفنانة حنان شوقي العرض، وكان الأستاذ أسامة لديه نوتة بني مكتوب عليها 1992 وكتب اسمي فيها وعنوان بيتي بعد العرض..وأرسلوا لي على البيت موعد كاستينج، وكان يومها ماتش الأهلي والزمالك فذهبت لمشاهدة الماتش، وبعد الماتش كنت أبحث عن مواصلات علشان أروح فلم أجد، وهذا هو السبب الوحيد الذي جعلني أتذكر الموعد وقررت الذهاب للمكتب، وهناك عملت " كاستينج "وأخذوا بياناتي كاملة، بعدها بـ 20 يوماً اتصلوا بي وأعطوني سكريبت الدوروطلبوا أن أحضربعد أسبوعين لعمل أول بروفة، وقتها ما فهمته أنني أذهب حافظ الدور كله خلال الـ 30 حلقة، ففعلت ذلك، ولكنني حينما ذهبت اكتشفت أننا سوف نقرأ البروفات من الورق فسمعت لهم الدور كاملا.. ومن هنا قبلوني ثم بدأت تتوالى الأدوار..  

• أنت أحد النجوم القلائل المميزين بالظهور كضيف شرف في أعمال مختلفة مثل الاختيار وغيره، هل تفعل ذلك من باب المجاملة أم المساندة؟
- أنا لا أتردد أبدا في أن أساند أحد من زملائي بالظهور كضيف شرف، لأن في العالم كله ظهور ضيوف الشرف في الأفلام شئ له قيمة كبيرة وهو تكريم وتشريف، وأعتبر أن من أحلى المشاهد التي قدمتها كضيف شرف كان الذي قدمته في مسلسل "الاختيار" وكنت قبلها بيومين كنت قد أجريت جراحة وكان لدي 18 غرزة في بطني، ولكن ذهبت لتصوير الدور ومعي طبيبان .

• بالمناسبة .. لماذا يصر أحمد السقا حتى الآن على تقديم مشاهد الأكشن بنفسه؟
- بالنسبة للأكشن فأنا لا أقوم به بفتحة صدر، فهناك تقنيات معينة للسلامة لتنفيذ مشاهد الأكشن أصبحت حريصاً على تنفيذها بحذافيرها، وسافرت إلى كيب تاون للحصول على دورة تدريبية متخصصة في هذه الصناعة..فالعربية التي تنقلب لها زاوية معينة ورامب معين ووزن معين وتسيرعلى سرعة محددة وبها قدرمحدد من البنزين لكي تنزل في المكان المدروس والمطلوب تماما، فالمشهد لا يصنع بشكل عشوائي أو بأدنى نسبة مخاطرة، وبالمناسبة .. أنا في الحقيقة لدي فوبيا من الأماكن المرتفعة، وفوبيا من الحشرات، فأنا سكنت لمدة أربع سنوات في ميدان لبنان في الدورالتاسع لم أدخل البلكونة خلال تلك السنوات ولو لمرة واحدة ولاأعرف شكلها من الداخل.. وكل هذا الخوف يختفي في مشهد مثل الذي تعلقت فيه في برج هروب اضطراري، فأمام الكاميرا يحدث لي تحول لا أعرف من أين يأتي..فأنا مثلا لا أشعربشكل الشخصية التي أقدمها خلال البروفات، ولا أعرف من أين سوف ألعبها إلا بعدما أرتدي ملابس الشخصية والإكسسوارات الخاصة بها وأقف في الديكور أمام الممثلين، وبعد أول مشهد يتم تصويره أطلب من المخرج أن يعيد تصوير المشهد مرة أخرة، وقتها فقط أمسك بالشخصية وأعرف كيف المنطقة التي سوف ألعبها منها طوال العمل.

• هل يمكن لممثل بنجوميتك أن يصرف على أفلامه؟
- بالتأكيد، فأنا حينما يأتي المنتج ليتفق معي على الفيلم ونتفق على 10 قروش فعندما يأتي ليعطيهم لي قبل التصوير فأنا آخذ منه 6  فقط وأقول له خلي الأربعة معاك لحد ما نخلص.. فحينما يأتي ليقول لي عن مشاهد بعينها أنها ستكون عالية التكلفة وصعب تنفيذها فأقول له أني لدي 4 قروش معك أصرف منهم.. فأنا بصحى الصبح أغنى واحد في مصر.. بحط رأسي على المخدة أفقر واحد في مصر.. ومبدأي في الحياة أنني لا يهمني أن أترك لأبنائي المال ولكني أريد أن أترك لهم اسماً محترماً .. وهذا ما فعله معي والدي.. فهو لم يترك لي مالا ولكن ترك لي أسمه.

• هل صحيح أنك تحتفظ بملابس الشخصيات التي تقوم بها؟
- هذا صحيح، فأنا أعتبر هذه الملابس أغلى مني لأنها رحلة عمري التي أؤرخ لنفسي ولأعمالي من خلالها، ولدي غرفة في بيتي عبارة عن مخزن لكل ملابس الشخصيات التي قدمتها سواء في الأفلام أو المسلسلات بكل اكسسوارتها، حتى الخاتم والساعة بتوع منصور الحفني محتفظ بهما وأتذكر أننا حينما قرر صناع الجزيرة عمل الجزء الثاني فكانت  هناك مشكلة بسبب ملابس واكسسوارات الشخصية  فذهبت للأستاذ شريف عرفة بملابس واكسسوارت الشخصية فكانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لهم..ومحتفظ بملابس تيمور وشفيقة الخاصة بمشهد الانفجار الذي حدث لحظة فك أسر الرهائن، فلو رأيت هذه الملابس سوف تجد أماكن احتراق النيران بها، فأنا كنت أضع يدي خلف رأسي كنت أجد جلد رأسي عالقا في كف يدي بعد هذا المشهد..وحينما أردت رسم شخصية أدهم في "هروب أضطراري" وهو شخص محب لقيادة الدراجات النارية، فطلبت له الجاكيت المميزالذي ظهرت به خلال أحداث الفيلم وعلى البوستر الرسمي من بيروت، وكان جاكيت سعره بالمصري حوالي 150 ألف جنيه من ماركة شهيرة وهي "فيليب بلين" ولا يوجد منه سوى قطعة واحدة فقط.

• لقد عاصرت أجيالاً من كبار صناع السينما والدراما، ماذا تعلمت منهم ؟
- أنا تربيت في كنف جيل من الأساتذة الكبار وعلى رأسهم الدكتور يحيى الفخراني، والذي تعلمت منه القدرة على الاستيعاب والتعلم والوقوف على الكاميرا وحب المهنة التي أعمل بها، وتعلمت من نور الشريف كيفية اختيارالمواضيع وأن تكون قائد لنفسك، وأحمد زكي كان أستاذا بالنسبة لي في كيف أن تكون سهل ممتنع، وكان أحمد زكي رحمه الله بمثابة شقيق والدي الصغير، وكان متواجد طوال الوقت في بيتنا، وأتذكر أن أيام فيلم البرئ أني زعلت أبويا وأمي، وكان زكي يسكن بجوارنا في المهندسين، فنزلت من بيتنا وذهبت لأحمد زكي ولكن كان والدي قد كلمه وقال له إنه غضبان مني، فمسكني أحمد زكي واداني علقة بالحزام علشان زعلت أبويا وأمي.

• ما هي هواياتك بخلاف الخيل؟
- من هواياتي الرماية وتحديدا ضرب النار، ولدي سبعة قطع مرخصة من السلاح، ولكني بدأت التوقف عن اقتناء الأسلحة لصعوبة التخزين، لأن مع الوقت يتحول الأمر من قطعة من الحديد تحرسك إلى قطعة من الحديد أنت من تقوم بحراستها.. وبخلاف كل هذا أنا محب لكتابة الشعر العامي ولدي كتابات أنشرها من خلال الفيس بوك، ومؤخرا كتبت أغنية قدمها محمد نور في ألبومه الأخير وهي تحمل أسم الألبوم وهو "مالك يا ترى" وهي الأغنية التي كنت كتبتها من فترة ولكني أعدت كتابتها قبل أن يسجلها نور بصوته..

• نحن في انتظار عرض فيلم "العنكبوت" ما الذي تستطيع أن تقوله عنه خلال الفترة الحالية؟
-" العنكبوت "هو فيلم تجاري بحت الغرض منه المتعة من خلال الحدوتة ، فأنا قعدت سنة أتفرج أشوف الناس سقفها إيه في الأكشن، فإن شاء الله حينما يشاهدون العنكبوت سوف يرون سقفاً مختلفاً تماماً.