شيخ الأزهر يشيد بدعم رئيس الدولة لرسالة الأزهر ويثمن جهود الإمارات في تعزيز قيم التسامح
أداء أردوغان في مكافحة كورونا... بين الكوميديا والمأساة
خلال مواجهته جائحة كورونا، وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تخبط كبير رغم تمتع بلاده ببنية تحتية صحية قوية نسبياً.
وعرض ذلك حياة آلاف الأتراك للخطر حسب الصحافي التركي بوراك بكديل في مركز “بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية». منذ الأيام الأولى للجائحة، ذكر الفيروس الأتراك بحجم انقساماتهم لدرجة أنهم عجزوا عن الاتحاد لمواجهة كارثة غير أيديولوجية.
في 30 مارس -آذار 2020، أطلق أردوغان حملة وطنية تحض الأتراك الأثرياء، أفراداً وشركات، على مساعدة الفقراء. وبعبارة أخرى، يتابع بكديل، تجمع الحكومة التركية المال من الشعب لمساعدة الشعب. وكما كان منتظراً، جمعت الحملة مبلغاً محرجاً، 245 مليون دولار فقط، في دولة تعداد سكانها 82 مليوناً. وأتت غالبية الأموال من شركات تسيطر عليها الحكومة. في موازاة ذلك، أطلق رئيسا بلديتي اسطنبول وأنقرة أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش، حملتين محليتين لمساعدة فقراء المدينتين. لكن إمام أوغلو ويافاش، العمدتان المعارضان الذين أنهيا سيطرة الإسلامويين على مدينتيهما بعد 25 عاماً. وغضبت الحكومة فرفضت السماح للبلديتين بإطلاق مبادرات لجمع التبرعات. وفي 31 مارس (أذار)، جمد وقف بنك التركي الرسمي حساب بلدية اسطنبول حيث وصلت التبرعات إلى 130 مليون دولار. وأطلقت وزارة الداخلية تحقيقاً جنائياً ضد إمام أوغلو ويافاش بعد تهم بجمع غير شرعي، للتبرعات. وحظرت الحكومة حملات البلديتين لتوزيع الخبز مجاناً، وأغلقت مستشفى ميدانياً ومطابخ لتحضير الحساء وحفلاً موسيقياً لجمع التبرعات. شبه بكديل، حملة حكومة أردوغان لمكافحة الجائحة بجهود ظهرت في أفلام “الكوميديا الإيطالية” التي في ستينات القرن الماضي.
أطلقت الحكومة حملة “ابقوا في المنزل” وأبقت أماكن العمل مفتوحة. ومنعت الذين تجاوزوا 65 عاماً، من السفر، إلا من الطيران. ولم تسمح لهم بالذهاب إلى متاجر البقالة لكن يمكنهم الذهاب إلى المساجد. في يوم واحد، في 9 يوليو (تموز) 2020، خلال إعادة افتتاح مسجد آيا صوفيا في اسطنبول، صلى 400 ألف شخص معاً.
سُمح لمتاجر التسوق باستقبال الزبائن، حيث تجمع ملايين المتبضعين داخلها، بينما تعرض رياضيو الجري للغرامة. نقلت الحافلات والقطارات ملايين المسافرين، يومياً، لكن قُيد عمل سيارات الأجرة وأزيلت المقاعد من المتنزهات لمنع الجلوس عليها، ومنع للشباب دون العشرين عاماً من الخروج، بينما تقاطر 5 ملايين شاب تركي إلى مركز جامعي لإجراء الامتحانات. وبقيت المطاعم مفتوحة، لكن لم يسمح لها بتشغيل الموسيقى. وأغلقت الحكومة المطاعم في شهر رمضان فقط، الأمر الذي أثار أسئلة عن هذه الخطوة وهل كان هدفها إجبار المسلمين العلمانيين على الصيام.
وكتب ساخرون على مواقع التواصل الاجتماعي: “يا له من فيروس! يهاجم رواد المطاعم في رمضان لا قبله ولا بعده». وعلى امتداد أشهر، رفضت وزارة الصحة الإفصاح عن عدد الإصابات بفيروس كورونا، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى الإضرار أكثر بالقطاع السياحي، وتسريع التباطؤ الاقتصادي. وعوض ذلك، كانت الوزارة تصدر تقارير عن عدد “الحالات الحرجة في المستشفيات”. أضاف بكديل أن وزير الصحة فخر الدين خوجة برر الأمر بـ “حماية مصالحنا القومية». وتعهد خوجة بحصول معظم الأتراك في ديسمبر (كانون الأول) 2020 على أقصى تقدير، على اللقاحات. لكن في أبريل (نيسان) 2021، لم يحصل سوى 7 ملايين من أصل 82 مليون تركياً على الجرعتين. حين كانت البلاد تحت الإغلاق وحظر التجول، تباهى أردوغان بأن مؤتمرات حزبه العدالة والتنمية، ملأت الملاعب بالمؤيدين له.
وفي حين اقتصرت جنازات الأتراك العاديين على حضور 30 معزياً، حضر الآلاف جنازات رجال الدين البارزين، وأقارب الشخصيات الحكومية المهمة.
ترسم الأرقام الرسمية صورة قاتمة. أبلغت تركيا عن 78829 إصابة بفيروس كورونا بين 1 و 7 مارس (آذار) الماضي. وبحلول الأسبوع من 12 إلى 18 أبريل (نيسان)، تضاعف الرقم خمس مرات إلى 419436 إصابة.
وفي الفترة نفسها، تضاعفت الوفيات بـ 4.3 مرات من 461 إلى 1987. وحسب الأرقام الرسمية، كانت هناك 544931 إصابة في تركيا بحلول 18 أبريل (نيسان). ولكن البروفسور في جامعة حجة تبة الطبية محمد جيهان يتوقع ألا يقل الرقم عن 5 ملايين. ويجعل هذا الرقم تركيا ثاني أسوأ دولة في مواجهة الفيروس بـ 710 إصابات بين كل مليون، بعد الأوروغواي بـ 826 إصابة بين كل مليون ساكن، في حين يبلغ عدد الإصابات في الولايات المتحدة 204 بين كل مليون، وفي الاتحاد الأوروبي 306. يشرح بكديل أن عوامل مثل الاستقطاب الحزبي، والسياسات المتحزبة، والممارسات الإسلاموية غير العلمية، وسوء الأداء الحكومي العام أدت إلى تهديد حياة عشرات الآلاف من الأتراك خلال الأزمة، فالأولوية عند أردوغان هي عكس التباطؤ الاقتصادي، وهي مهمة قريبة من المستحيل، قبل أن يتغير مسار التصويت في الانتخابات الرئاسية في 2023