تحت رعاية رئيس الدولة.. خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل تخريج جامعة خليفة لعام 2025
الدفاع والاستقلالية الاستراتيجية:
أهملتها أمريكا، على أوروبا أن تتعلم القتال بمفردها...!
-- بايدن يواصل السياسة الخارجية لأسلافه، ولم يعد الغرب مركز العالم
-- تحت حماية الشقيق الأمريكي طيلة سبعين عامًا،يدفع الأوروبيون اليوم ثمن عدم الاستثمار في الدفاع
-- حتى في الخطابات، تظل الطموحات بعيدة جدًا عن دفاع مشترك حقيقي في القارة العجوز
-- يشكل الناتو دفاعًا بتكلفة أقل للأوروبيين لأن الولايات المتحدة تستوعب 80 بالمائة من نفقات المنظمة
-- في خطاب حالة الاتحاد، لم تذكر فون دير لاين اسم بايدن، مفضلّة التأكيد على ضرورة تطوير جيش أوروبي
يُظهر الانسحاب من أفغانستان وقضية الغواصة الأسترالية عدم اهتمام واشنطن المتزايد بالحليف العسكري الأوروبي. وبسبب هذا الإذلال، لاتزال بروكسل تفكر في استقلاليتها الاستراتيجية.
في يونيو، انتظر حرس الشرف جو بايدن في أول زيارة رسمية له إلى أوروبا. وأعلن الرئيس الأمريكي الجديد أن “أمريكا عادت”، وتم التهليل والتصفيق له لمجرد انه ليس دونالد ترامب. “لم تتم استعادة الثقة تمامًا، لكن الأوروبيين أرادوا تصديقه، أرادوا إغلاق قوس ترامب، يرى نيكول جنسوتو، نائب رئيس معهد جاك ديلور، لكن الرغبة في العودة إلى الأيام الخوالي أمر وهمي: بايدن يواصل السياسة الخارجية لأسلافه، ولم يعد الغرب مركز العالم “. وبعد ثلاثة أشهر تقريبا، انتهى شهر العسل، وحلقت الكلمات الجارحة فوق المحيط الأطلسي.
شأنا فرنسيا، إذلال أوروبي
«طعنة في الظهر”، مناورة “على طريقة ترامب”، موقف “لا يُحتمل” ... في 16 سبتمبر، كان على القادة الفرنسيين أن يستمدوا من الأعماق مفرداتهم الدبلوماسية لتوصيف تصرف واشنطن، المتهمة بسرقة “عقد القرن” من باريس.
لقد قررت أستراليا قطع اتفاقها مع فرنسا بشأن 12 غواصة تقليدية بقيمة 56 مليار يورو، مفضلة إبرام صفقة جديدة مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. “المفاوضات استمرت لأشهر، وتم إجراؤها من وراء ظهر الحليف الفرنسي، يؤكد إيلي بيرو، المتخصص في قضايا الدفاع الأوروبي في جامعة فريجي بروكسل، ويترجم غضب القادة الفرنسيين هذه المفاجأة، وهذا الشعور بالغدر والخيانة».
ولئن كانت قضية الغواصات فرنسية، فإن الإذلال أوروبي أيضًا.
لقد ارتعبت بروكسل مثل باريس بسبب إلغاء هذا العقد حيث كان الاتحاد الأوروبي يستعد للكشف عن خارطة الطريق الاستراتيجية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وبعد تجاهلها، تجد الدبلوماسية الأوروبية نفسها مرة أخرى امام الأمر الواقع بسبب قرارات واشنطن. في أفغانستان، قرر الرئيس الأمريكي سحب قواته دون أن يطلب رأي الحلفاء رغم وجود عدة آلاف من جنودهم هناك.
تركت كارثة كابول هؤلاء الأوروبيين تحت رحمة طالبان، وقد “أعرب الحلفاء عن غضبهم من الولايات المتحدة، لكن إحباطهم ينبع خصوصا من عجزهم على التأثير على القرارات الأمريكية، وعدم قدرتهم على تولي زمام الأمور على الأرض”، تقول راشيل إليهوس، الباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في واشنطن.
تحت حماية الشقيق الأمريكي الأكبر طيلة سبعين عامًا، يدفع الأوروبيون اليوم ثمن عدم الاستثمار في الدفاع. “يشكل الناتو دفاعًا بتكلفة أقل للأوروبيين لأن الولايات المتحدة تستوعب 80 بالمائة من نفقات المنظمة، يشير نيكول جنسوتو، وهذا فعّال، طالما أن أمريكا لا تجنّ أو ترميك...”. وفي السنوات الأخيرة، بدا أن أوروبا تمر بكلا السيناريوهين في نفس الوقت.
عام 2011، أطلق باراك أوباما “الانعطاف الآسيوي”، الذي حوّل الأولويات الأمريكية نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ. والانسحاب من أفغانستان وقضية الغواصة الأسترالية يتبعان هذا المنطق. فقد “أوضح بايدن، أن كل اهتمامه سينصبّ على الصين، وأنه يرى كل شيء من هذه الزاوية، يشير جيمس جولدجير، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية في واشنطن، حتى العلاقة مع روسيا يجب أن تستقر، بهدف واحد هو القدرة على التعامل بهدوء مع الصين.
ومن أجل تأمين أمنها، بات يتحتّم على أوروبا تطوير قدراتها الدفاعية الخاصة بشكل أكبر».
وحدها فرنسا تدفع
باتجاه دفاع أوروبي مشترك
هوس إيمانويل ماكرون منذ وصوله إلى قصر الإليزيه، تتقدم فكرة الدفاع الأوروبي في بروكسل بعد تخلّي الحليف الأمريكي عن الاوروبيين في عدة مناسبات. وفي الأروقة، ترددت شائعات بأن أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية، كانت تعتزم التشديد مطولاً على الصداقة عبر الأطلسي في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقته في 15 سبتمبر، في الأخير، وكعلامة على تغيير الحالة الذهنية، لم تذكر الألمانية اسم جو بايدن مرة واحدة، مفضلّة التأكيد على ضرورة تطوير جيش أوروبي.
ولكن حتى في الخطابات، تظل الطموحات بعيدة جدًا عن دفاع مشترك حقيقي في القارة العجوز. تتصور أورسولا فون دير لاين فقط، تبادل المعلومات الاستخبارية بين الدول الأعضاء وإنشاء كتائب للتدخل السريع. “معظم الدول الأوروبية ليس لديها الإرادة للاستثمار في الدفاع الأوروبي، انه هاجس فرنسي على وجه الخصوص، يعتبر إيلي بيرو، ان حماية الناتو تناسبهم جيدًا، ولا يشعرون أنهم يواجهون تهديدات مباشرة».
وفي غياب إرادة السبعة والعشرين، سيأتي الحل من الجيوش الوطنية.
لكن فرنسا وبولندا فقط تزيدان ميزانياتهما العسكرية ولديهما موارد كبيرة. ان “أعين الجميع تتجه نحو الجيش الألماني، الذي لديه أكبر إمكانات التحسّن”، يشير أنتوني كينج، أستاذ دراسات الحرب في جامعة وارويك بالمملكة المتحدة، الموضوع في أذهان الجميع، لكن لا أحد يجرؤ على تناوله»...
وبينما هي بصدد مناقشة قدراتها العسكرية، يتحتّم على أوروبا مراقبة حدودها الشرقية عن كثب. فمن 10 إلى 16 سبتمبر، قام أكثر من 200 ألف جندي روسي مع القوات البيلاروسية بمناورات واسعة النطاق. “هذه التدريبات العسكرية يجب أن تجعلنا جميعًا متوترين، يحذر أنتوني كينج، فمنذ نهاية الحرب الباردة، لا تضمر النوايا الروسية خيرا للغرب”. ما هو السيناريو الذي اعتمد خلال هذه المناورات الكبرى؟
الرد على هجوم من الناتو، ثم “تدمير كل آثار العدو”... هذه المرة، باتت أوروبا على بيّنة وعلم.
-- تحت حماية الشقيق الأمريكي طيلة سبعين عامًا،يدفع الأوروبيون اليوم ثمن عدم الاستثمار في الدفاع
-- حتى في الخطابات، تظل الطموحات بعيدة جدًا عن دفاع مشترك حقيقي في القارة العجوز
-- يشكل الناتو دفاعًا بتكلفة أقل للأوروبيين لأن الولايات المتحدة تستوعب 80 بالمائة من نفقات المنظمة
-- في خطاب حالة الاتحاد، لم تذكر فون دير لاين اسم بايدن، مفضلّة التأكيد على ضرورة تطوير جيش أوروبي
يُظهر الانسحاب من أفغانستان وقضية الغواصة الأسترالية عدم اهتمام واشنطن المتزايد بالحليف العسكري الأوروبي. وبسبب هذا الإذلال، لاتزال بروكسل تفكر في استقلاليتها الاستراتيجية.
في يونيو، انتظر حرس الشرف جو بايدن في أول زيارة رسمية له إلى أوروبا. وأعلن الرئيس الأمريكي الجديد أن “أمريكا عادت”، وتم التهليل والتصفيق له لمجرد انه ليس دونالد ترامب. “لم تتم استعادة الثقة تمامًا، لكن الأوروبيين أرادوا تصديقه، أرادوا إغلاق قوس ترامب، يرى نيكول جنسوتو، نائب رئيس معهد جاك ديلور، لكن الرغبة في العودة إلى الأيام الخوالي أمر وهمي: بايدن يواصل السياسة الخارجية لأسلافه، ولم يعد الغرب مركز العالم “. وبعد ثلاثة أشهر تقريبا، انتهى شهر العسل، وحلقت الكلمات الجارحة فوق المحيط الأطلسي.
شأنا فرنسيا، إذلال أوروبي
«طعنة في الظهر”، مناورة “على طريقة ترامب”، موقف “لا يُحتمل” ... في 16 سبتمبر، كان على القادة الفرنسيين أن يستمدوا من الأعماق مفرداتهم الدبلوماسية لتوصيف تصرف واشنطن، المتهمة بسرقة “عقد القرن” من باريس.
لقد قررت أستراليا قطع اتفاقها مع فرنسا بشأن 12 غواصة تقليدية بقيمة 56 مليار يورو، مفضلة إبرام صفقة جديدة مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. “المفاوضات استمرت لأشهر، وتم إجراؤها من وراء ظهر الحليف الفرنسي، يؤكد إيلي بيرو، المتخصص في قضايا الدفاع الأوروبي في جامعة فريجي بروكسل، ويترجم غضب القادة الفرنسيين هذه المفاجأة، وهذا الشعور بالغدر والخيانة».
ولئن كانت قضية الغواصات فرنسية، فإن الإذلال أوروبي أيضًا.
لقد ارتعبت بروكسل مثل باريس بسبب إلغاء هذا العقد حيث كان الاتحاد الأوروبي يستعد للكشف عن خارطة الطريق الاستراتيجية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وبعد تجاهلها، تجد الدبلوماسية الأوروبية نفسها مرة أخرى امام الأمر الواقع بسبب قرارات واشنطن. في أفغانستان، قرر الرئيس الأمريكي سحب قواته دون أن يطلب رأي الحلفاء رغم وجود عدة آلاف من جنودهم هناك.
تركت كارثة كابول هؤلاء الأوروبيين تحت رحمة طالبان، وقد “أعرب الحلفاء عن غضبهم من الولايات المتحدة، لكن إحباطهم ينبع خصوصا من عجزهم على التأثير على القرارات الأمريكية، وعدم قدرتهم على تولي زمام الأمور على الأرض”، تقول راشيل إليهوس، الباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في واشنطن.
تحت حماية الشقيق الأمريكي الأكبر طيلة سبعين عامًا، يدفع الأوروبيون اليوم ثمن عدم الاستثمار في الدفاع. “يشكل الناتو دفاعًا بتكلفة أقل للأوروبيين لأن الولايات المتحدة تستوعب 80 بالمائة من نفقات المنظمة، يشير نيكول جنسوتو، وهذا فعّال، طالما أن أمريكا لا تجنّ أو ترميك...”. وفي السنوات الأخيرة، بدا أن أوروبا تمر بكلا السيناريوهين في نفس الوقت.
عام 2011، أطلق باراك أوباما “الانعطاف الآسيوي”، الذي حوّل الأولويات الأمريكية نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ. والانسحاب من أفغانستان وقضية الغواصة الأسترالية يتبعان هذا المنطق. فقد “أوضح بايدن، أن كل اهتمامه سينصبّ على الصين، وأنه يرى كل شيء من هذه الزاوية، يشير جيمس جولدجير، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية في واشنطن، حتى العلاقة مع روسيا يجب أن تستقر، بهدف واحد هو القدرة على التعامل بهدوء مع الصين.
ومن أجل تأمين أمنها، بات يتحتّم على أوروبا تطوير قدراتها الدفاعية الخاصة بشكل أكبر».
وحدها فرنسا تدفع
باتجاه دفاع أوروبي مشترك
هوس إيمانويل ماكرون منذ وصوله إلى قصر الإليزيه، تتقدم فكرة الدفاع الأوروبي في بروكسل بعد تخلّي الحليف الأمريكي عن الاوروبيين في عدة مناسبات. وفي الأروقة، ترددت شائعات بأن أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية، كانت تعتزم التشديد مطولاً على الصداقة عبر الأطلسي في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقته في 15 سبتمبر، في الأخير، وكعلامة على تغيير الحالة الذهنية، لم تذكر الألمانية اسم جو بايدن مرة واحدة، مفضلّة التأكيد على ضرورة تطوير جيش أوروبي.
ولكن حتى في الخطابات، تظل الطموحات بعيدة جدًا عن دفاع مشترك حقيقي في القارة العجوز. تتصور أورسولا فون دير لاين فقط، تبادل المعلومات الاستخبارية بين الدول الأعضاء وإنشاء كتائب للتدخل السريع. “معظم الدول الأوروبية ليس لديها الإرادة للاستثمار في الدفاع الأوروبي، انه هاجس فرنسي على وجه الخصوص، يعتبر إيلي بيرو، ان حماية الناتو تناسبهم جيدًا، ولا يشعرون أنهم يواجهون تهديدات مباشرة».
وفي غياب إرادة السبعة والعشرين، سيأتي الحل من الجيوش الوطنية.
لكن فرنسا وبولندا فقط تزيدان ميزانياتهما العسكرية ولديهما موارد كبيرة. ان “أعين الجميع تتجه نحو الجيش الألماني، الذي لديه أكبر إمكانات التحسّن”، يشير أنتوني كينج، أستاذ دراسات الحرب في جامعة وارويك بالمملكة المتحدة، الموضوع في أذهان الجميع، لكن لا أحد يجرؤ على تناوله»...
وبينما هي بصدد مناقشة قدراتها العسكرية، يتحتّم على أوروبا مراقبة حدودها الشرقية عن كثب. فمن 10 إلى 16 سبتمبر، قام أكثر من 200 ألف جندي روسي مع القوات البيلاروسية بمناورات واسعة النطاق. “هذه التدريبات العسكرية يجب أن تجعلنا جميعًا متوترين، يحذر أنتوني كينج، فمنذ نهاية الحرب الباردة، لا تضمر النوايا الروسية خيرا للغرب”. ما هو السيناريو الذي اعتمد خلال هذه المناورات الكبرى؟
الرد على هجوم من الناتو، ثم “تدمير كل آثار العدو”... هذه المرة، باتت أوروبا على بيّنة وعلم.