غارديان: ربما تكون الكوميديا السوداء هي كل ما تبقى للأوروبيين

أوروبا تشعر بإحباط حيال احتمال انسحاب ترامب من ملف أوكرانيا

أوروبا تشعر بإحباط حيال احتمال انسحاب ترامب من ملف أوكرانيا


يقول بعض الديبلوماسيين الأمريكيين إن المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب إلى أوكرانيا الجنرال كيث كيلوغ، يحب أن ينقل أحياناً عن الرئيس قوله إنه سيحل الأزمة الأوكرانية في غضون 24 ساعة، دون أن يحدد مطلقاً أي 24 ساعة. وكتب باتريك وينتور في صحيفة «غارديان» البريطانية من تالين عاصمة أستونيا، أنه ربما تكون الكوميديا السوداء هي كل ما تبقى للأوروبيين كي يستوعبوا ليس فقط رفض ترامب فرض «العقوبات الساحقة» الموعودة، بسبب رفض روسيا لوقف النار لمدة 30 يوماً، ولكن أيضاً لاستيعاب الإشارات المتزايدة عن أن الإدارة ستغسل يديها من أوكرانيا، وتركز عوض ذلك على صياغة شراكة اقتصادية جديدة مع روسيا. وتردد أن مزاج القادة الأوروبيين، الذين استمعوا إلى وصف ترامب لمكالمته الهاتفية، التي استمرت ساعتين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الاثنين - وهي مكالمة لم تُفضِ إلى اتفاق لوقف النار - تراوح بين اليأس والذهول. وتتباين الروايات حول ما إذا كان ترامب قد أبلغ القادة الأوروبيين، أن بوتين لا يريد السلام، أو أنه ببساطة يعتقد أنه منتصر. وفي كلتا الحالتين، لم نشهد أية عقوبات. وعلى رغم ذلك، وقبل 24 ساعة فقط، كان الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، شريك ترامب في رياضة الغولف، قد تحدث بتفاؤل عن فقدان ترامب صبره إزاء مراوغة بوتين، وعن احتمال أن يبدأ مجلس الشيوخ الأمريكي هذا الأسبوع عملية فرض عقوبات وضعها حليف الرئيس المقرب ليندسي غراهام، لمعاقبة الدول التي تشتري النفط الروسي. ويبدو أن الساعات السبع التي قضاها ستاب في مارس (آذار) مع فريق ترامب للغولف وهو يهنئه على فوزه في البطولة، لم تؤت ثمارها. وتوجه ترامب باللوم إلى ما وصفه بالغرور الكبير، وقال إن شروط الاتفاق لا يمكن أن يتفق عليها إلا الأطراف المتحاربة، «لأنهم يعرفون تفاصيل المفاوضات التي لا يعلم بها أحد». وأضاف أنه لا يزال يعتقد أن «أمراً ما قد يحدث، وإذا لم يحدث، فسأتنحى جانباً ببساطة، وسيضطرون إلى المضي إلى الأمام». وأكد: «مرة أخرى، كانت هذه مسألة أوروبية، وكان ينبغي أن تبقى كذلك». وسبق لنائب الرئيس الأمريكي جيه. دي. فانس أن قال ببساطة: «هذه ليست حربنا».  لكن كيلوغ تحدث قبل أيام، عن خطة سلام أمريكية مؤلفة من 20 نقطة تبدأ بوقف النار، الأمر الذي يتناقض تماماً مع زعم ترامب بأن الأطراف المتحاربين فقط، هم وحدهم من يمكن أن يكون لهم وجهة نظر في ما يتعلق بمستقبل أوكرانيا.    ويثير هذا المشهد ما يعرف الآن بالكأس المقدسة للديبلوماسية الحديثة الا وهي: كيفية التأثير على تفكير الرئيس الأمريكي على النحو الأفضل، سواء أكان الأمر يتعلق بأوكرانيا، أو غزة، أو إيران، أو الصين.

الصبر مع ترامب
وحض ديبلوماسي أمريكي سابق مُطّلع على محادثات أوكرانيا الأوروبيين على التحلي بالصبر مع ترامب. وقال: «لديه حدس داخلي أن ترامب في حالة أوكرانيا محكوم بالتكتيكات، التي يحتاجها للتوصل إلى وقف النار».
وأضاف: «إنه (ترامب) مُدرك تماماً لهذا الأمر، وليس ساذجاً. يعلم أن السبب الوحيد لعدم وقف النار هو رغبة بوتين في شن حرب. لذا، فهو يعلم أن هدفه هو جرّ بوتين تكتيكياً. وهو يُلوّح بالمكافآت - مجموعة الثماني، وصفقات الموارد، ورفع العقوبات، ولقاءات القمة.. بوتين لا يريد فعل هذا. ليست لديه أي مصلحة في وقف النار. لديه مصلحة في طمس الهوية الوطنية الأوكرانية والسيطرة عليها. إنه يمارس هذا عمداً. إنه يمارس ألاعيب. يغير مسار الأمور يومياً تقريباً، ويحاول إقناع الجميع باتباعه.. ترامب يختلق له الأعذار باستمرار، ولكن أملاً في جره إلى موقفه».   
لذا، يقول الكاتب إن على أعضاء مجلس الشيوخ الـ80 الذين يؤيدون مشروع قانون غراهام بفرض رسوم جمركية على الدول التي تشتري النفط الروسي، انتظار الضوء الأخضر من ترامب. وبالطبع، قد لا يأتي هذا الضوء أبداً. وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: «إذا بدأتم بالتهديد بفرض عقوبات، فسيتوقف الروس عن التفاوض».   
وفضلاً عن ذلك، تُركّز الروايات الروسية على المكالمة التي استمرت ساعتين بين بوتين وترامب، فتبرز طابعها الشخصي الدافئ، وإشادة ترامب بالتضحيات الروسية في الحرب العالمية الثانية. في المقابل، عرض بوتين صياغة مذكرة حول اتفاق سلام محتمل. لم يُتفق على أي مواعيد نهائية.
وقالت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس، إنها مرت بخمس مراحل من الحزن على العلاقات عبر الأطلسي ووصلت إلى التسليم بالأمر الواقع، ولكن حتى مع ذلك لا يمكنها إخفاء الخسارة. وأضافت: «مسألة الثقة أشبه بمزهرية. إذا كسرتها، يمكنك إعادة لصقها، لكنها ليست المزهرية ذاتها».