ضربت أوكرانيا مجمعاً عسكرياً روسياً في شبه جزيرة القرم بصواريخ أمريكية طويلة المدى، في أحدث الضربات لعرقلة روسيا من التوغل في الأراضي الأوكرانية.
وحسب «وول ستريت جورنال» أصابت الضربة الصاروخية مركز اتصالات للدفاع الجوي الروسية في مدينة ألوشتا، وتحدثت قنوات التواصل الاجتماعي في شبه جزيرة القرم عن انفجارات في المدينة الساحلية، وأظهر مقطع فيديو متداول على المنصات الاجتماعية انفجاراً كبيراً فيها. 
وأوضح التقرير أنه بينما تكافح أوكرانيا لصد القوات الروسية على طول الجبهتين الشمالية والشرقية، سمح نظام الصواريخ الأمريكي التكتيكي «أتاكمز» للجيش الأوكراني بتهديد سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم، مع التركيز إلى حد كبير على أهداف عالية القيمة مثل أنظمة الدفاع الجوي، والمقاتلات النفاثة والسفن الحربية.
وتشكل الهجمات بعيدة المدى جزءً أساسياً من استراتيجية أوكرانيا هذا العام لكسب الوقت لإعادة بناء جيشها بعد أكثر من عامين من الحرب الطاحنة، وإضعاف قدرة روسيا على شن المزيد من الهجمات. وتتزامن هذه الضربات مع  تعرض الخطوط الأمامية في شمال وشرق البلاد للهجمات الروسية المتزايدة بعد الاستيلاء على عدد من القرى والجزء الشمالي من مدينة فوفشانسك، بعد إرسال قوات عبر الحدود إلى منطقة خاركيف في وقت سابق من هذا الشهر.
وذكرت الصحيفة أن نظام «أتاكمز» الصاروخي بعيد المدى، الذي قدمته واشنطن لأوكرانيا، يعزز قدرة أوكرانيا على ضرف أهداف في عمق روسيا، بالإضافة إلى صواريخ كروز بعيدة المدى التي قدمتها بريطانيا وباريس والتي يمكن إطلاقها من الطائرات الحربية، رغم محدودية هذه الإمدادات. 
وبينت الصحيفة أن النظام الصاروخي «أتاكمز» يتحرك أسرع من الصواريخ البريطانية والفرنسية، ما يجعل من الصعب على الدفاعات الصاروخية الروسية إسقاطه، كما أنه قادر على ضرب أهداف على بعد أكثر من 180 ميلاً. وأشارت الصحيفة، إلى أن إدارة بايدن منعت كييف من استخدام الأسلحة التي زودتها بها بما فيها «أتاكمز» لضرب الأراضي الروسية، وأثبت الاستخدام الأول للنسخة الأطول مدى من النظام في أبريل(نيسان) مطاراً في شبه جزيرة القرم، ما أدى إلى تدمير العديد من قاذفات الصواريخ، والرادارات الروسية المتقدمة للدفاع الجوي، كما أسقط ذات النظام عدداً من الطائرات في مطار آخر في شبه جزيرة القرم الأسبوع الماضي، وفق  صور بالأقمار الصناعية. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، إن الأسلحة الأمريكية تُستخدم لضرب «مجموعة واسعة من الأهداف خارج منطقة الصراع»، رغم أنه لم يذكر على وجه التحديد شبه جزيرة القرم، أو أي مواقع أخرى. وقال ضابط المدفعية السابق في مشاة البحرية الأمريكية الذي يعمل الآن في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية مارك كانسيان، إن أوكرانيا ستركز على الأرجح على الضربات البعيدة، بينما تحاول إعادة بناء القوة البشرية على أمل شن هجوم مضاد أكثر قوة في العام المقبل. وبيّن أن شبه جزيرة القرم، هدف جذاب لأنها تضم المنشآت العسكرية الروسية الثابتة مثل المطارات، والموانئ التي لا يمكن تمويهها أو تغيير مكانها بسهولة.
وتشير الصحيفة، إلى أن أوكرانيا كانت تأمل أن تساعد صواريخ «أتاكمز» في تعطيل الروس وإضعاف قدرات الحفاظ على دفاعاتهم في الخطوط الأمامية، ما يمكنها من تحقيق اختراق في هجوم مضاد لتوجيه «ضربة حاسمة» لموسكو لكن روسيا صدت الهجمات الأوكرانية التي تكبدت خسائر فادحة في القوات والمعدات، وتركها في موقف أكثر خطورة مما كانت عليه قبل عام واحد.و  كان قرار الولايات المتحدة بإرسال صواريخ «أتاكمز» محور نقاش مكثف أكثر من عام وضغط المشرعون الأمريكيون مراراً وتكراراً على البيت الأبيض لتوفيرها، بينما طالبت بها أوكرانيا وقدمت ضمانات بأنها لن تستخدمها لاستهداف الأراضي الروسية، وكانت إدارة بايدن حذرة للغاية لتوفير النظام الصاروخي لدرجة أنها عدلت قاذفات صواريخ هيمارس التي زودتها بها أوكرانيا حتى لا تتمكن من استخدامها لإطلاق الصواريخ إذا حصلت عليها كييف من مصادر أخرى.
ومع استمرار الصراع، بدأت مخاوف الإدارة من احتمال تصاعد الصراع في أوكرانيا إلى صراع مباشر بين الولايات المتحدة وروسيا تتلاشى، في يضغط بعض أعضاء الكونغرس على إدارة بايدن لمنح أوكرانيا خيار استخدام صواريخ أتاكمز وغيرها من الأسلحة الأمريكية الصنع  ضد الأراضي الروسية.
وحسب خبراء عسكريين أعاق هذا الحظر جهود أوكرانيا لوقف غزو موسكو الأخير لمنطقة خاركيف، وقال المحلل في معهد دراسة الحرب جورج باروس: «الولايات المتحدة يمكن أن تغير على الفور ساحة المعركة في خاركيف إذا رفعت هذا الحظر، الذي يسمح لموسكو بنقل القوات والأسلحة إلى الجبهة بشكل أكثر كفاءة، مما تستطيع في مناطق أخرى».