أين تكمن أهمية معركة خيرسون؟
فوجئت روسيا في سبتمبر -أيلول عندما شنت أوكرانيا هجوماً مضاداً في خاركيف بالمنطقة الشمالية الشرقية بدلاً من منطقة خيرسون في الجنوب. وتشير الدلائل بعد شهرين إلى أن الهجوم على خيرسون بات جاهزًا للانطلاق. وأمرت السلطات الروسية بإجلاء عشرات آلاف المدنيين أواخر الشهر الماضي، وأعلنت الأحكام العرفية، واتهمت كييف بالتخطيط لعملية على نطاق واسع على المنطقة قريباً.
وفي الوقت نفسه، حققت كييف تقدماً في الأسابيع الأخيرة في الضفة الغربية لنهر دنيبر، واستعادت عشرات القرى والبلدات، وضربت مستودعات الذخيرة والجسور، بينما هاجمت روسيا البنية التحتية للطاقة وفرضت الأحكام العرفية في المناطق الشرقية، بما في ذلك خيرسون. وعلى الرغم من أن توقيت الضربة ما زال غير واضح، يبدو أن كلا الجانبين يجري تحضيراته للقاء لا مفر منه.
وفي هذا الإطار، تناول المحلل ريدفان باري يوركوستا، الخبير المختص بالشؤون الروسية-الأوكرانية ومنطقة البحر الأسود، في تحليل بموقع “جيوبولتيكال فيوتشرز”، أسباب أهمية خيرسون قائلاً: تقع خيرسون على البحر الأسود ونهر دنيبر ذي الأهمية الاستراتيجية، وهي من أوائل المدن الرئيسية التي احتلها الروس بعدما غزت موسكو أوكرانيا. وهذه المنطقة بحجم بلجيكا تقريباً، وكانت بمنزلة البوابة الرئيسية لشبه جزيرة القرم وتستضيف أكبر ميناء تمكنت روسيا من السيطرة عليه في جنوب أوكرانيا. وكانت خيرسون قبل الحرب محوراً اقتصادياً إقليمياً وموطناً لصناعة بناء السفن الرئيسية. وتمتد عبر خيرسون قناة شمال القرم، التي تُعد نظام توصيل المياه الرئيسي لشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا.
ونشرت روسيا الآلاف من قواتها في خيرسون منذ فبراير -شباط كجزء من خطة موسكو للتقدم إلى ميكولايف وأوديسا والاستيلاء على جنوب أوكرانيا. وكانت نقطة محورية لكييف لأشهر، وهذا هو السبب في أن الكرملين فوجئ بهجوم أوكرانيا المضاد في سبتمبر -أيلول الذي استهدف بدلاً من ذلك المناطق التي تسيطر عليها روسيا في الشمال الشرقي. وخسرت موسكو بالفعل خاركيف - ونتيجة لذلك أُجبرت على استبدال قائد جيشها المسؤول عن الحرب. فهي لا تستطيع تحمل خسارة خيرسون أيضاً، بحسب التحليل.
لكن روسيا تواجه مشاكل لوجستية وشخصية، يقول الكاتب، فالمجندون الجدد، المنضمون من خلال “التعبئة الجزئية”، سيحتاجون إلى تدريب سريع لدعم القوات المنتشرة بالفعل في المنطقة. ومع ذلك، يقاتل الجيش الروسي مرة أخرى بالقرب من كوبيانسك وليمان، لبناء خطوط دفاعية عن جانبي نهر سيرسكي دونتس، واستمرار العمليات الهجومية في باهاموت وسوليدار وأوجليدار. ويأمل أن تعمل هذه الاستراتيجية على زعزعة المواقع الأوكرانية وتجنب كثافة القوات الأوكرانية وتمركزها بالقرب من منطقة خيرسون.
وبالنسبة لأوكرانيا، تتمثل إحدى مزايا استعادة خيرسون في أنها ستدفع القوات الروسية بعيداً عن مواقع رئيسية أخرى في جنوب البلاد، مثل ميكولايف وأوديسا، وكذلك وسط أوكرانيا. ويمكن أن تسيطر كييف أيضاً على قناة شمال القرم. ودون السيطرة على منطقة خيرسون، لا تستطيع روسيا ضمان إمدادات المياه لشبه الجزيرة التي ضمتها. وتدرك كييف أن انتزاع خيرسون من الكرملين يمكن أن يثير أزمة سياسية في موسكو، والتي يمكن أن تضعف عزم روسيا وموقفها التفاوضي في المحادثات المستقبلية.