رئيس الدولة والرئيس الأميركي يبحثان العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والتطورات الإقليمية
إحياء الاتفاق النووي صعب... لكن المتشددين يريدونه
رغم إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن نيته العودة إلى الاتفاق النووي، يبقى تحقيق هذا الهدف صعباً، وفقاً لتقرير الكاتب السياسي في موقع “آسيا تايمز” قورش ضيبارى. فالإدارة الأمريكية وطهران تنتظران أن يكون الطرف الآخر هو البادئ بالعودة إلى الامتثال لموجبات الاتفاق.
ووصل غياب الثقة إلى مستويات مرتفعة بين إيران والولايات المتحدة كما أن الاستفزازات والاتهامات المتبادلة تجعل الإقدام على الخطوة الأولى مكلفاً على كلا الطرفين. وتسعى إيران إلى التعويض عن الأضرار التي لحقت بها بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي. بينما تريد الولايات المتحدة ومجموعة الدول الثلاث الأوروبية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) توسيع بنود الاتفاق لتشمل سلوك طهران الإقليمي وإشراك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في المحادثات المقبلة.
في الوقت نفسه، يتقلص الوقت المتاح أمام الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أصبح بطة عرجاء قبل أقل من خمسة أشهر على مغادرة منصبه، من أجل إكمال تفاهم جديد مع إدارة بايدن. يخضع روحاني لضغط مجلس الشورى الذي يسيطر عليه المحافظون ولضغط الحرس الثوري. ولا يرغب هذان الطرفان بجولة حديثة من المفاوضات مع واشنطن، على الأقل ليس علناً.
من جهة أخرى، لا يتمتع روحاني بدعم حليف إصلاحي شعبي في الانتخابات المقبلة. ويعتقد عدد من الخبراء أن فشل روحاني في إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات سيمهد الطريق أمام وصول سياسي متشدد إلى الرئاسة، وعلى الأرجح من صفوف الحرس الثوري.
في حديث إلى الموقع نفسه، يقول الخبير في الأمن الدولي والأستاذ المساعد في جامعة لودز البولندية روبرت تشولدا إن فترة ستة أشهر قصيرة جداً وستكون صعبة على كلا الطرفين حين يتعلق الأمر بخلاصات ملزمة قبل مغادرة روحاني الرئاسة. وأضاف أن إدارة بايدن ستحتاج إلى إلغاء بعض العقوبات المفروضة على إيران، الأمر الذي يستغرق وقتاً بحسب رأيه، مرجحاً أيضاً أن يقوم المحافظون بعرقلة المسار.
علاوة على ذلك، سيحتاج بايدن إلى جمع توافق الحزبين في الكونغرس لإعادة إحياء الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات التي فرضها ترامب. ثمة عقوبات أمريكية مفروضة منذ 2018 لا تتعلق بالاتفاق النووي بل تقع ضمن إطار قانون كاتسا بناء على دور إيران في رعاية الإرهاب.
يشكك أستاذ دراسات الشرق الأدنى ومدير مركز إيران ودراسات الخليج في جامعة برينستون بهروز غاماري-تبريزي في إمكانية رفع العقوبات بسرعة، إن لم يكن بإمكانية رفعها على الإطلاق. ويقول لـ”آسيا تايمز” إنه لا يعتقد بوجود وقت كافٍ كي يبني بايدن توافقاً أمريكياً لرفع العقوبات في المدى القصير. وأضاف: “يرى الجانب الإيراني أن رفع العقوبات هو مقدمة لإعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة. إذا لم يحصل ذلك، وهو ما أعتقد أنه لن يحصل، فعندها سينهي روحاني رئاسته من دون إعادة تأسيس الاتفاق النووي».
في الوقت نفسه، يرى رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد السويدي للشؤون الدولية الدكتور روزبه بارسي أن الرئيس الإيراني المقبل قد يسعى إلى التقرب من الإدارة الأمريكية وإطلاق ترتيب تصالحي حتى يتمكن من ضخ الحياة في الاقتصاد ومن ادعاء الفضل في حل واحد من أكثر التحديات الإيرانية رسوخاً في الأزمنة الحديثة. وتوافقه في ذلك السياسية الفنلندية والزميلة المتميزة المشاركة في معهد ستوكهولم لأبحاث السلام تارجا كرونبرغ التي كانت عضواً في البرلمان الأوروبي.
وتقول للموقع نفسه: “إن أي رئيس منتخب سيشعر بالحاجة للتحدث إلى بايدن من أجل العمل على حل كي تعاود الولايات المتحدة الدخول إلى الاتفاق”. وتعتقد أيضاً أن الوقت المتبقي لروحاني في الرئاسة ليس كافياً للتوصل إلى ترتيب مع الإدارة الأمريكية. وتلفت النظر إلى أن “الأشهر المتبقية ليست كافية للتفاوض بشكل شامل وللتوافق على عودة كاملة إلى الاتفاق النووي ولا لحل بعض النقاط الإضافية الحرجة مثل الصواريخ والتصرفات الإيرانية. لكن إعلان نوايا ووضع جدول زمني وتحقيق بداية إيجابية يمكن أن تعطي أملاً بإنقاذ إيران خصوصاً إذا تمت الموافقة على تخفيف العقوبات بشكل ملموس خلال المراحل الأولى».
إيران مشيطَنة
إن أربعة عقود من الأعمال العدوانية التي كادت تجر الدولتين إلى شفير الحرب ستصعب تخفيف التوترات والمظالم المتبادلة. في هذا السياق، يرى المحاضر في قسم التاريخ التابع لمعهد التكنولوجيا في ماساشوستس بويا أليامغام أن “إيران مشيطنة بشكل لا يصدق في الولايات المتحدة. أنظر إلى بيان السيناتورة سوزان كولينز التي ظنت في البداية أن الإيرانيين هم من نسقوا الهجوم على الكابيتول. إنها مَثل أساسي حول كيفية جعل العديد من الأمريكيين نظرتهم العالمية المناهضة لإيران سياسة داخلية».
وأضاف أنه سيكون على بايدن توسيع جهوده السياسية لإعادة إحياء الاتفاق النووي. وسينبغي عليه حتى بذل جهد أكبر إذا فاز رئيس إيراني متشدد بالرئاسة. مع ذلك، يعتقد أليامغام أن بإمكان الطرفين النجاح إذا تمتعا بالإرادة، مع أن عامل الوقت أساسي.
لاعقلانية مدمرة ذاتياً
يشير أستاذ التاريخ في جامعة ميشيغان خوان كول إلى أن إيران تبدو مترددة في صد بايدن بما أنه ينوي اعتماد الديبلوماسية معها. وقال إنه على الرغم من تصريحاتهم الغاضبة، “لست واثقاً من أن المتشددين الذين سيأتون على الأرجح إلى السلطة في يونيو (حزيران) سيرغبون بالمخاطرة في العودة إلى العقوبات الشديدة وإلقاء الشكوك على آفاق مليارات الدولارات من الاستثمار الأوروبي”. وتابع: “يمكن إيران أن تجلب أخيراً (شركة) شل لتطوير صناعة الغاز لديها، ويمكن أن تعود إلى بيع 2.5 مليون برميل نفط يومياً بمجرد عودة الاقتصاد الدولي إلى العمل. قد تعيد (شركة) رينو إطلاق مصنع سياراتها مجدداً”. ووصف أي سلوك يعرقل ترحيباً بعودة إيران إلى الاقتصاد الدولي “لاعقلانية مدمرة ذاتياً».