إذا غابت المحاسبة والمصالحة..لا سلام دائماً بين أرمينيا وأذربيجان

إذا غابت المحاسبة والمصالحة..لا سلام دائماً بين أرمينيا وأذربيجان


وقع رئيس أذربيجان إلهام علييف، ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، اتفاق سلام تاريخي بوساطة أمريكية في البيت الأبيض، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال إن الدولتين تعهدتا بموجب الاتفاق بالتوقف عن القتال إلى الأبد.
ولكن ستيفان بيتشديمالدغي ،وهو خبير استراتيجي في الاتصالات قال في مقال بمجلة «ناشونال إنتريست» الأمريكية، قبل اجتماع أمس إنه من خلال تدقيق ونظرة ثاقبة، يثبت أي اتفاق أنه عديم الجدوى، وأنه محاولة ضعيفة لتصوير أذربيجان شريكاً موثوقاً.
وحسب الكاتب، لا يمكن أن يكون هناك سلام دائم في جنوب القوقاز دون محاسبة .وأظهرت أذربيجان، وهى دولة يقودها إلهام علييف، رفض احترام حقوق الإنسان، أو التمسك بسيادة القانون، حسب بيتشديمالدغي الأمريكي، من أصل أرمني . 
ويقول بيتشديمالدغي إن علييف استغل بمهارة موارد بلاده الطبيعية وموقعها الجغرافي لتأمين اتفاقيات جيوسياسية لاحصر لها، وتملق زعماء العالم لكسب ودهم، وهو سبب فشل الولايات المتحدة وأوروبا في منع أذربيجان من تجويع الأرمن الذين يعيشون في «أرتساخ» موطن أسلافهم، والمعروفة بناغورنو قره باغ ، خلال حصار للطرق على مدار عشرة أشهر توج بالتطهير العرقي لأكثر من 120 ألف أرمني من المنطقة في سبتمبر -أيلول، ما جعله النزوح الأكبر للأرمن منذ إبادة الأرمن في 1915. وأضاف بيتشديمالدغي، أنه منذ الاستيلاء على الجيب انتهجت أذربيجان سلوكاً يتعارض بشكل صارخ مع الرغبة في السلام ،ما يشير إلى رغبة تفضل المواجهة وحتى العنف. وتواصل أذربيجان احتجاز سجناء سياسيين، وأسرى حرب أرمن في السجون دون إجراءات قانونية. وقوبلت هذه المحاكمات الصورية والإجراءات القانونية الصورية بالانتقاد من جانب منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش.
وعندما تعرض علييف لضغط من جانب أصوات خارجية، أمر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمغادرة أذربيجان، وكانت محاولة مباشرة للحد من الوسيلة الوحيدة التي كانت لدى هؤلاء السجناء السياسيين الأرمن للتواصل مع العالم الخارجي، والإبلاغ عن حالتهم.

سلام غير حقيقي
وبينما كانت أذربيجان تسعى للسلام، أطلقت أيضاً حملة المحو الثقافي للكنائس والأديرة والخاتشكار وهي «صلبان حجرية تذكارية»، والمواقع الدينية، والتاريخية الأخرى الموجودة في المنطقة مند آلاف السنين. وبذريعة «إعادة» الكنائس والمواقع الدينية الأرمنية إلى شكلها «الأصلي»، يحاول علييف محو الثقافة والهوية الأرمنية في المنطقة. وشوهت القوات الأذرية بالفعل ودمرت ما يقدر بـ 400 كنيسة ومواقع دينية أخرى منذ 2020. وتعرف الثقافة الأرمنية بشكل وثيق بعقيدتها المسيحية منذ ظهورها في 301 بعد الميلاد، ما يجعل أرمينيا أقدم دولة مسيحية. ومن خلال تشويه ذلك التاريخ وتدميره، لا تظهر أذربيجان أنها ترغب في سلام حقيقي مع أرمينيا. وحتى بعد ابتلاع «ارتساخ»، يطالب علييف الآن بأجزاء كبيرة من أراضي أرمينيا بوصفها أرضاً إذرية تاريخياً، بينما يطلق على أرمينيا أذربيجان الغربية. ويأتي هذا عقب نمط مقلق من الخطب الأخرى التي تعبر عن حجج مماثلة. ووصل الأمر إلى أن علييف صرح بأن يريفان،عاصمة أرمينيا ،تابعة لأذربيجان. وبينما قد يُرفض هذه النوع من لغة الخطاب بوصفها كلمات طنانة، فإن الكلمات ذات أهمية ولها تداعيات.
وتابع بيتشديمالدغي أنه رغم هذا الدليل الساحق على النوايا الحقيقة لأذربيجان، يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاهل الحقائق على الأرض. وبطرق كثيرة، يتنصل ترامب من وعده خلال حملته الانتخابية بحماية الأرمن المسيحيين من المزيد من الاضطهاد وتحميل أذربيجان المسؤولية عن أفعالها. ويبدو أن ترامب مهتم بالموارد الطبيعية التي تملكها أذربيجان أكثر من الأهتمام بحياة الأرمن أو الاستقرار الإقليمي.
ولذا، يجب أن يتضمن أي اتفاق سلام ذا معنى بين أرمينيا وأذربيجان، الإفراج الفوري عن كل السجناء السياسيين الأرمن، والإفراج غير المشروط عن كل أسرى الحرب الأرمن، وأن يتضمن إنهاء سوء المعاملة الدينية وتدمير الثقافة من أذربيجان للآثار والمواقع المقدسة الأرمنية، ورفض كل أشكال المراجعة التاريخية التي يمكن استخدامها ذريعة لشن هجمات في المستقبل على سيادة أرمينيا.
وهناك حاجة لتنفذ أذربيجان حكم محكمة العدل الدولية الذي أمرها بالسماح بعودة الأرمن إلى ارتساخ «بطريقة آمنة ودون معوقات وسريعة». ويجب أن يكون السلام دائماً هو الهدف النهائي ولكن لا يمكن أن يكون هناك تعايش وتسامح في المنطقة دون المحاسبة.