هامش مناورة ماريو دراغي ضيّق:
إيطاليا: حكومة التوازن بين السياسيين والخبراء...!
-- هل يستطيع ماريو دراغي، البقاء في منصبه وهو على كرسي يعرف الجميع إنه هزّاز؟
-- شهدت هذه الحكومة العودة الكبيرة للرابطة بثلاثة وزراء، لكن اثنين دون حقيبــــــة
-- تمكنت هذه الحكومة أيضًا من أن تعكس التوازن السياسي الجديد لأغلبية دراغي
-- سياسيا، حافظت الحكومة على الاستمرارية بالإبقاء على شخصيات وازنة في حقائب وزارية رئيسية
خلال الموجة الأولى من الوباء، عانت إيطاليا من مجزرة مروعة. إنها تحصي الآن ما يفوق 91 ألف حالة وفاة بسبب فيروس كورونا. ويشهد اقتصادها، وهو ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، أسوأ أزمة له منذ الحرب العالمية الثانية بانخفاض بنسبة 8 فاصل 9 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، وخسائر فادحة في الوظائف.
كما دمرت المغامرة الشعوبية لحركة 5 نجوم، ورابطة ماتيو سالفيني، فضاء سياسيًا محطمًا أصلا. وفي مثل هذا الوضع الصحي والسياسي والاقتصادي الحرج، يمثل ظهور حكومة ماريو دراغي فرصة تاريخية. خلافًا لعادات الديمقراطية البرلمانية الإيطالية في السنوات الأخيرة، لم يكن تشكيل فريق ماريو دراغي الحكومي موضوعًا لأي مفاوضات مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان. فهو الذي اختار، مع رئيس الجمهورية سيرجيو ماتاريلا، الوزراء، “الأشخاص المناسبين في المكان المناسب”، متّبعا في هذا الصدد المادة 92 من الدستور الإيطالي حرفياً. وافقت جميع التشكيلات تقريبًا،
من اليسار الراديكالي إلى الرابطة اليمينية المتطرفة، على دعم حكومة وحدة وطنية بينما لا تزال إيطاليا غارقة في أزمة صحية واقتصادية، ويجب الإسراع في تحديد استراتيجية لاستخدام 209 مليار يورو كجزء من خطة التعافي الأوروبية.
«حكومة الوحدة الوطنية” هذه، المؤلفة من 23 وزيراً، هي حكومة سياسية أكثر بكثير مما كان متوقعاً. بـ 16 وزيرا سياسيا وثمانية “وزراء فنيين”. لكن ماريو دراغي أبقى على جميع الوزارات الرئيسية مرتبطة به مباشرة من أجل إدارة العلاقات مع أوروبا، وخاصة الموضوعات التي تقع في قلب خطة التعافي الأوروبية، التي عهد بها إلى “خبراء” رفيعي المستوى.
ومن بين هؤلاء وزير الاقتصاد دانييلي فرانكو، وهو المدير العام الحالي لبنك إيطاليا، من كبار الخبراء في الإنفاق العام؛ ووزير الانتقال البيئي الجديد، روبرتو سينجولاني، عالم فيزياء شغل خطة المدير العلمي للمعهد الإيطالي للتكنولوجيا في جنوة، ومنذ سبتمبر 2019، مدير الابتكار في ليوناردو؛ ووزير الابتكار الرقمي، فيتوريو كولاو، الرئيس المدير العام السابق لشركة فودافون؛ ووزير البنى التحتية إنريكو جيوفانيني المتخصص في نماذج التنمية المستدامة. وبالمثل، للعدالة، مارتا قرطابية، الرئيسة السابقة للمجلس الدستوري، والتي ستكون مسؤولة عن تهدئة عدالة مسيّسة للغاية، وتنفيذ إصلاح العدالة المدنية. وفي مجال التعليم، باتريزيو بيانكي، الخبير الاقتصادي الذي كان مسؤولاً عن إعادة فتح المدارس في سبتمبر الماضي.
شخصيات ذات ثقل
في الجانب السياسي، حافظت هذه الحكومة على استمرارية معينة مع الحكومة السابقة، من خلال الاحتفاظ بشخصيات لها ثقل في الحقائب الوزارية الرئيسية: مثل لويجي دي مايو (خمس نجوم) في الشؤون الخارجية، ولورنزو جويريني (الحزب الديمقراطي) في الدفاع، وداريو فرانششيني (الحزب الديمقراطي) للثقافة، وإيلينا بونيتي (إيطاليا فيفا) للمساواة والأسرة، وفيديريكو دي إنكا للعلاقات مع البرلمان، وخصوصا روبرتو سبيرانزا (حرية ومساواة) للصحة، الذي تمكن من إدارة الوباء طيلة عام. وكلّف ستيفانو باتوانيلي (5 نجوم) الذي كان في وزارة التنمية الاقتصادية مسؤولاً عن الزراعة. وفي حصة الخبراء، تم الإبقاء على لوسيانا لامورجيس التي تمكنت من تهدئة الأمور بشأن قضية الهجرة، في وزارة الداخلية.
كما تمكنت هذه الحكومة أيضًا من ان تعكس التوازن السياسي الجديد لأغلبية دراغي، حتى لو ورث ممثلوها معظم الوزارات الأقل وزنا: أربعة وزراء من حركة 5 نجوم، وثلاثة من الحزب الديمقراطي (منهم أندريا أورلاندو في وزارة العمل)، ثلاثة من الرابطة، وثلاثة من فورزا إيطاليا، منهم ريناتو برونيتا الذي سيكون مسؤولاً عن إصلاح الإدارة العامة، وكذلك مارا كارافانا المسؤولة عن الجنوب والأقاليم، حرية ومساواة، وواحدة من إيطاليا فيفا. يبقى دمج الوسطيين في + أوروبا وأكسيون، اللذين سيتحصلان بلا شك على كتابة دولة في الأيام المقبلة.
أخيرًا، شهدت هذه الحكومة العودة الكبيرة للرابطة بثلاثة وزراء، لكن اثنين من دون حقيبة: إريكا ستيفاني للمعاقين، وماسيمو جارافاليا في السياحة. العضو المنتخب الوحيد في الرابطة الذي ورث وزارة مهمة، وزارة التنمية الاقتصادية، هو الرجل الثاني في الرابطة، جيانكارلو جيورجيتي المؤثر للغاية، والذي أقام علاقة ثقة مع ماريو دراغي.
وحدها حركة ما بعد الفاشية فراتلي دي إيطاليا (17 بالمائة في استطلاعات الرأي)، التي دعت إلى انتخابات مبكرة بعد انهيار حكومة جوزيبي كونتي، رفضت المشاركة في حكومة دراغي.
هامش ضيق
أدى رئيس الوزراء الجديد اليمين الدستورية السبت، قبل أن يمثل أمام مجلس الشيوخ الأربعاء، ثم أمام مجلس النواب الخميس، للتصويت على الثقة التي ستمنح حكومته الشرعية النهائية.
ويعتقد المراقبون أن مهمة ماريو دراغي لن تكون سهلة، علما أن وصوله إلى السلطة حظي بموافقة 85 بالمائة من الإيطاليين. لكن، هل يمكن للرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، 73 عامًا، الملقب بـ “سوبر ماريو”، أن يأمل في السيطرة على هذه المجموعة المتباينة للغاية، وأن يستمر في هذا المنصب الذي بدا منذ عدة سنوات مثل كرسي هزّاز؟
يرى ملاحظون، أن “ ماريو دراغي يتمتّع بقوة لفرض برنامجه. ان استطلاعات الرأي لصالحه، وسمفونية تنويه واشادة حيّت توليه منصبه، خاصة في أوروبا، حيث يجسد العودة الكبرى لإيطاليا إلى المسرح الأوروبي. لكن هامش مناورته ضيق. فإذا كان ممثلو الأحزاب المختلفة ينحنون أمام العاصفة اليوم، فإنهم سيمارسون الضغط على وزرائهم بمرور الأشهر للحصول على نتائج في الفترة التي تسبق الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها عام 2023 «.
سيكشف خليفة جوزيبي كونتي، الذي ينوي أن يظل سيدًا في بيته، عن خارطة طريقه الأسبوع المقبل. ومن بين أولوياته حملة التطعيم وخطة الإنعاش الإيطالية البالغة 209 مليار يورو، والتي من المقرر تقديمها إلى المفوضية الأوروبية بحلول نهاية أبريل... موضوعان حولهما توافق قبل أن تبدأ المعركة الحقيقية.
-- شهدت هذه الحكومة العودة الكبيرة للرابطة بثلاثة وزراء، لكن اثنين دون حقيبــــــة
-- تمكنت هذه الحكومة أيضًا من أن تعكس التوازن السياسي الجديد لأغلبية دراغي
-- سياسيا، حافظت الحكومة على الاستمرارية بالإبقاء على شخصيات وازنة في حقائب وزارية رئيسية
خلال الموجة الأولى من الوباء، عانت إيطاليا من مجزرة مروعة. إنها تحصي الآن ما يفوق 91 ألف حالة وفاة بسبب فيروس كورونا. ويشهد اقتصادها، وهو ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، أسوأ أزمة له منذ الحرب العالمية الثانية بانخفاض بنسبة 8 فاصل 9 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، وخسائر فادحة في الوظائف.
كما دمرت المغامرة الشعوبية لحركة 5 نجوم، ورابطة ماتيو سالفيني، فضاء سياسيًا محطمًا أصلا. وفي مثل هذا الوضع الصحي والسياسي والاقتصادي الحرج، يمثل ظهور حكومة ماريو دراغي فرصة تاريخية. خلافًا لعادات الديمقراطية البرلمانية الإيطالية في السنوات الأخيرة، لم يكن تشكيل فريق ماريو دراغي الحكومي موضوعًا لأي مفاوضات مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان. فهو الذي اختار، مع رئيس الجمهورية سيرجيو ماتاريلا، الوزراء، “الأشخاص المناسبين في المكان المناسب”، متّبعا في هذا الصدد المادة 92 من الدستور الإيطالي حرفياً. وافقت جميع التشكيلات تقريبًا،
من اليسار الراديكالي إلى الرابطة اليمينية المتطرفة، على دعم حكومة وحدة وطنية بينما لا تزال إيطاليا غارقة في أزمة صحية واقتصادية، ويجب الإسراع في تحديد استراتيجية لاستخدام 209 مليار يورو كجزء من خطة التعافي الأوروبية.
«حكومة الوحدة الوطنية” هذه، المؤلفة من 23 وزيراً، هي حكومة سياسية أكثر بكثير مما كان متوقعاً. بـ 16 وزيرا سياسيا وثمانية “وزراء فنيين”. لكن ماريو دراغي أبقى على جميع الوزارات الرئيسية مرتبطة به مباشرة من أجل إدارة العلاقات مع أوروبا، وخاصة الموضوعات التي تقع في قلب خطة التعافي الأوروبية، التي عهد بها إلى “خبراء” رفيعي المستوى.
ومن بين هؤلاء وزير الاقتصاد دانييلي فرانكو، وهو المدير العام الحالي لبنك إيطاليا، من كبار الخبراء في الإنفاق العام؛ ووزير الانتقال البيئي الجديد، روبرتو سينجولاني، عالم فيزياء شغل خطة المدير العلمي للمعهد الإيطالي للتكنولوجيا في جنوة، ومنذ سبتمبر 2019، مدير الابتكار في ليوناردو؛ ووزير الابتكار الرقمي، فيتوريو كولاو، الرئيس المدير العام السابق لشركة فودافون؛ ووزير البنى التحتية إنريكو جيوفانيني المتخصص في نماذج التنمية المستدامة. وبالمثل، للعدالة، مارتا قرطابية، الرئيسة السابقة للمجلس الدستوري، والتي ستكون مسؤولة عن تهدئة عدالة مسيّسة للغاية، وتنفيذ إصلاح العدالة المدنية. وفي مجال التعليم، باتريزيو بيانكي، الخبير الاقتصادي الذي كان مسؤولاً عن إعادة فتح المدارس في سبتمبر الماضي.
شخصيات ذات ثقل
في الجانب السياسي، حافظت هذه الحكومة على استمرارية معينة مع الحكومة السابقة، من خلال الاحتفاظ بشخصيات لها ثقل في الحقائب الوزارية الرئيسية: مثل لويجي دي مايو (خمس نجوم) في الشؤون الخارجية، ولورنزو جويريني (الحزب الديمقراطي) في الدفاع، وداريو فرانششيني (الحزب الديمقراطي) للثقافة، وإيلينا بونيتي (إيطاليا فيفا) للمساواة والأسرة، وفيديريكو دي إنكا للعلاقات مع البرلمان، وخصوصا روبرتو سبيرانزا (حرية ومساواة) للصحة، الذي تمكن من إدارة الوباء طيلة عام. وكلّف ستيفانو باتوانيلي (5 نجوم) الذي كان في وزارة التنمية الاقتصادية مسؤولاً عن الزراعة. وفي حصة الخبراء، تم الإبقاء على لوسيانا لامورجيس التي تمكنت من تهدئة الأمور بشأن قضية الهجرة، في وزارة الداخلية.
كما تمكنت هذه الحكومة أيضًا من ان تعكس التوازن السياسي الجديد لأغلبية دراغي، حتى لو ورث ممثلوها معظم الوزارات الأقل وزنا: أربعة وزراء من حركة 5 نجوم، وثلاثة من الحزب الديمقراطي (منهم أندريا أورلاندو في وزارة العمل)، ثلاثة من الرابطة، وثلاثة من فورزا إيطاليا، منهم ريناتو برونيتا الذي سيكون مسؤولاً عن إصلاح الإدارة العامة، وكذلك مارا كارافانا المسؤولة عن الجنوب والأقاليم، حرية ومساواة، وواحدة من إيطاليا فيفا. يبقى دمج الوسطيين في + أوروبا وأكسيون، اللذين سيتحصلان بلا شك على كتابة دولة في الأيام المقبلة.
أخيرًا، شهدت هذه الحكومة العودة الكبيرة للرابطة بثلاثة وزراء، لكن اثنين من دون حقيبة: إريكا ستيفاني للمعاقين، وماسيمو جارافاليا في السياحة. العضو المنتخب الوحيد في الرابطة الذي ورث وزارة مهمة، وزارة التنمية الاقتصادية، هو الرجل الثاني في الرابطة، جيانكارلو جيورجيتي المؤثر للغاية، والذي أقام علاقة ثقة مع ماريو دراغي.
وحدها حركة ما بعد الفاشية فراتلي دي إيطاليا (17 بالمائة في استطلاعات الرأي)، التي دعت إلى انتخابات مبكرة بعد انهيار حكومة جوزيبي كونتي، رفضت المشاركة في حكومة دراغي.
هامش ضيق
أدى رئيس الوزراء الجديد اليمين الدستورية السبت، قبل أن يمثل أمام مجلس الشيوخ الأربعاء، ثم أمام مجلس النواب الخميس، للتصويت على الثقة التي ستمنح حكومته الشرعية النهائية.
ويعتقد المراقبون أن مهمة ماريو دراغي لن تكون سهلة، علما أن وصوله إلى السلطة حظي بموافقة 85 بالمائة من الإيطاليين. لكن، هل يمكن للرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، 73 عامًا، الملقب بـ “سوبر ماريو”، أن يأمل في السيطرة على هذه المجموعة المتباينة للغاية، وأن يستمر في هذا المنصب الذي بدا منذ عدة سنوات مثل كرسي هزّاز؟
يرى ملاحظون، أن “ ماريو دراغي يتمتّع بقوة لفرض برنامجه. ان استطلاعات الرأي لصالحه، وسمفونية تنويه واشادة حيّت توليه منصبه، خاصة في أوروبا، حيث يجسد العودة الكبرى لإيطاليا إلى المسرح الأوروبي. لكن هامش مناورته ضيق. فإذا كان ممثلو الأحزاب المختلفة ينحنون أمام العاصفة اليوم، فإنهم سيمارسون الضغط على وزرائهم بمرور الأشهر للحصول على نتائج في الفترة التي تسبق الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها عام 2023 «.
سيكشف خليفة جوزيبي كونتي، الذي ينوي أن يظل سيدًا في بيته، عن خارطة طريقه الأسبوع المقبل. ومن بين أولوياته حملة التطعيم وخطة الإنعاش الإيطالية البالغة 209 مليار يورو، والتي من المقرر تقديمها إلى المفوضية الأوروبية بحلول نهاية أبريل... موضوعان حولهما توافق قبل أن تبدأ المعركة الحقيقية.