في قبضة ميلوني -سالفيني –برلسكوني:

إيطاليا: في مواجهة الثلاثي اليميني، معارضة مشتتة...!

إيطاليا: في مواجهة الثلاثي اليميني، معارضة مشتتة...!

-- لم يستقر النظام السياسي الإيطالي بعد، وستظل مجموعة من العوامل تحكم على الحكومات بالضعف وعدم الاستقرار
-- في البرلمان الجديد، يخاطر القطب الوسطي، على الأقل في البداية، بأن يصبح هامشيًا
-- داخل المعارضة، ربما تكون حركة 5 نجوم هي أفضل اللاعبين
-- سيكون على المعارضة بناء بديل موثوق به للأغلبية الحكومية الحالية
-- الفاعلون السياسيون الرئيسيون الذين سيعارضون حكومة ميلوني المستقبلية هم ثلاثة من حيث العدد


  الفاعلون السياسيون الرئيسيون الذين سيعارضون حكومة ميلوني المستقبلية هم ثلاثة من حيث العدد: الحزب الديمقراطي، وحركة 5 نجوم، والتحالف الوسطي والليبرالي “أزيون».
   إن انتصار الائتلاف اليميني يزداد مرارة لدى الإيطاليين اليساريين لأنه إذا أقامت هذه الأحزاب الثلاثة تحالفًا قبل الانتخابات، لكانت على الأرجح قد فازت بالانتخابات، بما ان مجموع الأصوات التي حصلت عليها يفوق التي حصل عليها الائتلاف الفائز “48 بالمائة مقابل 43 بالمائة”.

لكن هذا لم يكن ممكنا بسبب الانقسامات والأخطاء في استراتيجيات قيادة الأحزاب الثلاثة، التي تجد نفسها الآن في المعارضة، ولكن في مواقع مختلفة جدا.

الحزب الديمقراطي
   حصد الحزب الديمقراطي نسبة 19 بالمائة من الأصوات، مما يدل على عدم قدرته على جذب الناخبين خارج منطقته التاريخية، سواء الإقليمية “الوسط الشمالي” أو الاجتماعية والديموغرافية “الطلاب والطبقة الوسطى العليا والخريجين وسكان المناطق الحضرية».
   في الأشهر المقبلة، سيتعين على الحزب الديمقراطي انتخاب سكرتير الحزب الجديد الذي سيحل محل إنريكو ليتا، عند مغادرته.
وسيتعين عليه بعد ذلك إعادة تحديد هويته واتخاذ قرار بشأن التحالفات المحتملة. ويواجه الحزب خطرًا مباشرًا: إذا لم ينتعش بقيادة جديدة وعرض سياسي جديد، فإنه يخاطر بإفساح المجال لحركة 5 نجوم بصفتها زعيمة المعارضة الرئيسية.   راهنا، تشير المؤشرات الأولى إلى أن الحزب سيأخذ مسارًا مختلفًا عن ذلك الذي اختاره أمناءه الثلاثة “مشروع الوسط الجديد مع ماتيو رينزي، والتحول الديمقراطي الاجتماعي مع نيكولا زينغاريتي، والرؤية التكنوقراطية بدعم ماريو دراجي مع إنريكو ليتا».
   فإما ان يكون هناك تحول باتجاه اليسار البيئي مع إيلي شلاين، نائب رئيس منطقة إميليا رومانيا؛ أو تحول جديد نحو الوسط مع الحاكم الحالي لإميليا رومانيا ستيفانو بوناتشيني، على رأس ائتلاف من رؤساء البلديات والرؤساء الإقليميين للحزب الديمقراطي. وفي الحالتين، سيكون التحالف المتجدد مع حركة 5 نجوم مطروحًا على الطاولة في الأشهر المقبلة.

حركة 5 نجوم
   داخل المعارضة، ربما تكون حركة 5 نجوم “15 فاصل 5 بالمائة في انتخابات 25 سبتمبر التشريعية” هي أفضل اللاعبين.
 بعد فترة طويلة من أزمة هوية وإجماع وتراجع، مكنتها الحملة الانتخابية من استكمال انتقالها من حزب شعبوي مناهض للنظام إلى ما يمكن تعريفه بـ “رابطة الجنوب».
   في الواقع، اليوم، يوجد ناخبو حركة 5 نجوم بشكل حصري تقريبًا في جنوب إيطاليا، حيث احتلوا الصدارة، مع برنامج واضح على اليسار اغوى إلى حد كبير الطبقات العاملة والفقيرة في الجنوب: تركزت حملتها الانتخابية على دخل المواطنة، وهو موضوع تنقسم إيطاليا بشأنه حول الشرخ بين الشمال والجنوب.
   غير ان هذا التحول إلى حزب يمثل قبل كل شيء جنوب البلاد، يتطلب منه أن يقيم في المستقبل تحالفات انتخابية حتى يتمكن من الأمل في الفوز بانتخابات وطنية..

 كما فعل في الانتخابات التشريعية لعام 2018، في فترة كانت صورته، صورة حزب جديد جذريًا يتوجه لجميع المواطنين.
   إن نسبة 15 بالمائة التي فازت بهــــــــا الحركـــــــة مؤخــــــرا ومكانتها كحزب متصدر في الجنوب، تجعلهـــا مكملـــــة لناخبي الحزب الديمقراطي “المتمركز وسط وشـــــــمال البـــلاد..
 وخاصة في المدن الكبرى والمتوسطة الحجم في البــــــلاد” وتجبرها على التفكير مع هذا الاخير في تحالف ســـــــياسي يجسد، في الوضع الراهن، البديل الوحيد الممكن لحكومة يمينيـــة في البـــــلاد.

أحزاب الوسط
   أخيرًا، تحالف “أزيون -ايطاليا فيفا” الوسطي، المكون من حزب “أزيون” بزعامة كارلو كاليندا، وحزب “ايطاليا فيفا” بزعامة ماتيو رينزي، على الرغم من أنه تمكن من الحصول على نتيجة مشرفة لتشكيل سياسي جديد “7بالمائة”، لم يتمكن من التأثير بشكل كبير على نتائج الانتخابات..
 مما يثبت أنه غير جذاب بما يكفي للناخبين المعتدلين من يمين الوسط، الذين يميلون أكثر نحو فورزا إيطاليا والرابطة.
   في البرلمان الجديد، يخاطر القطب الوسطي “21 مقعدًا من أصل 400 في المجلس، و9 من 200 في مجلس الشيوخ”، على الأقل في البداية، بأن يصبح هامشيًا.

   ومع ذلك، على المدى المتوسط ، يمكن أن تزداد جاذبيته السياسية، خاصة إذا اعاد الحزب الديمقراطي تموضعه إلى اليسار أكثر، مما يترك مساحة لتشكيلات الوسط. وفي هذه الحالة، يمكن أن تتسع مساحة هذا المعسكر الليبرالي.

هل ستبقى المعارضة في المعارضة لفترة طويلة؟
   لم يستقر النظام السياسي الإيطالي بعد: تقلب الناخبين، وضعف الأحزاب، وإضفاء الطابع الشخصي عليها، والقيود الدستورية، والمشاكل الهيكلية الاجتماعية والاقتصادية، ستظل تحكم على الحكومات بالضعف وعدم الاستقرار.
   سيكون على المعارضة، في السنوات القادمة، بناء بديل موثوق به للأغلبية الحكومية الحالية، والتي سيتعين عليها قيادة البلاد في لحظة حرجة للغاية، بين أزمة الطاقة والتضخم والحرب في أوكرانيا، وضرورة تكريس خطة الانتعاش الأوروبية. وفي هذا السياق، من الواضح أن التمركز في المعارضة يمثل ميزة استراتيجية بالنسبة للحزب الديمقراطي وحركة 5 نجوم وأزيون.

   ومع ذلك، لا ننسى أنه لا يوجد ضمان على مدة الحكومة التي يتم تشكيلها. منذ عام 1994، عرفت إيطاليا 16 حكومة، بمتوسط مدة تقل عن عامين. وتوجد توترات بين الأحزاب الثلاثة في الائتلاف الحكومي، حتى لو كانت مخفية أثناء الحملة الانتخابية.
 في حالــــــة حــــــدوث أزمـــــة، يمكن أن تعود “الائتلافات الكبرى” التي تشمل أحزاب اليمين واليسار، أو الحكومات التكنوقراطية، مما قد يزعج بناء بديل انتخابي لليمين الحاكم حاليًا ...

*باحث مؤهل في صندوق البحث العلمي، أستاذ العلوم السياسية، جامعة بروكسل الحرة