رئيس الدولة ورئيس الوزراء البريطاني يبحثان هاتفياً التطورات الإقليمية
إيكونوميست: الحرس الثوري منشغل بأفلام الجاسوسية والموساد يفتك بمنشآته النووية
قالت مجلة “إيكونوميست” البريطانية إنه لم يتضح بعد إذا كان الهجوم على منشأة نطنز النووية في إيران ناجم عن عمل سيبراني على شاكلة فيروس ستاكسنت الأمريكي الإسرائيلي الذي اخترق أجهزة الطرد المركزي ذاتها قبل عقد من الزمن، أو أنه عمل تخريبي مادي شمل زرع متفجرات من عملاء على الأرض. وبما أن الاعتقاد السائد هو أن المنشأة معزولة عن الإنترنت الخارجي، فإن الهجوم السيبراني سيحتاج إلى عملاء للوصول إلى الموقع. وزعمت وزارة الإستخبارات الإيرانية أنها تعرفت على هوية شخص متورط في الحادث دون أن تعتقله بعد، على ما أفاد الصحافي والمحلل الإيراني عباس أصلاني.
ولفتت المجلة إلى أن عملاء الموساد أظهروا حرية مدهشة في المناورة على الأراضي الإيرانية، وفي 2018 سرقوا بجرأة من مستودع في طهران آلاف الوثائق، نصف طن، عن البرنامج النووي الإيراني. وفي العام الماضي، نُسبت إلى إسرائيل سلسلة عمليات وانفجارات في مصانع للصواريخ أو مواقع نووية، بما فيها نطنز، وعمليتا اغتيال أساسيتان داخل طهران أو حولها، إحداهما للمسؤول في تنظيم القاعدة أبو محمد المصري في أغسطس (آب)، والثانية لمحسن فخري زاده العالم النووي الإيراني الأبرز في نوفمبر (تشرين الثاني).
وخارج إيران، شنت إسرائيل سلسلة غارات جوية على قوات إيرانية وفصائل موالية لها في سوريا، وفي العراق. وتهاجم القوات الإسرائيلية السفن الإيرانية لعرقلة صادرات طهران من النفط ومن شحنات الأسلحة. وتخطو إسرائيل على نحوٍ متزايد نحو ما تطلق عليه اسم “المعركة بين الحروب”. وبعد الهجوم على سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر في 6 أبريل (نيسان) الجاري، دُعي مراسلون لتصوير تدريبات في قاعدة لعناصر من الكوماندوس البحري، يعتقد أنهم وراء العملية.
أجهزة أسرع بخمسين مرة
ولإسرائيل دوافع كثيرة لضرب نطنز مجدداً. ففي 10 أبريل (نيسان) دشنت إيران أجهزة طرد مركزي من طراز “أي آر-9” وهي أسرع بخمسين مرة من أجهزة الطرد القديمة “أي آر-1” التي تشكل القدرة الرئيسية في نطنز. ومنذ يناير (كانون الثاني) بات بحوزة إيران 55 كيلوغراماً من الأورانيوم بدرجة نقاء 20% ما يشكل تسعة أعشار الطريق نحو السلاح النووي. ومع دمج المزيد من أجهزة الطرد الأسرع، ومخزون أكبر من الأورانيوم، بعضه بدرجة نقاء 20% فإن إيران تقلص تدريجياً المسافة التي تلزمها لإنتاج الأورانيوم الضروري لصنع القنبلة النووية، إذا أرادت ذلك. ويأمل النظام الإيراني أن يستخدم هذا التطور مثل رافعة لإجبار الولايات المتحدة على العودة إلى الاتفاق النووي، ورفع العقوبات التي سببت التضخم الكبير في البلاد. وأبدى الرئيس الأمريكي جو بايدن رغبته في العودة إلى الإتفاق النووي، لكن في الأشهر الأخيرة، تبادلت ايران والولايات المتحدة المطالبات باتخاذ الخطوة الأولى. وأوحت المحادثات في فيينا بكسر هذا المأزق. ولم يتضح إذا كان هدف إسرائيل هو دفع إيران نحو مزيد النشاط النووي لتدفع ببايدن إلى الخروج من المفاوضات، أو أنها تريد العكس، أي إبطاء عملية التخصيب الإيرانية، بحيث تخفف الضغط عن بايدن للعودة إلى الاتفاق. ومن الملاحظ، أن الهجوم على نطنز تزامن مع زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن لإسرائيل، في زيارة هي الأولى لمسؤول على هذا المستوى منذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض في 20 يناير(كانون الثاني) الماضي.
مأزق نتانياهو
والمشهد الذي قد ينطوي على مفارقة أكبر، هو أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مدفوعاً بعوامل سياسية أكثر مما تمليه الضرورة الإستراتيجية. إذ أنه بعد ثلاثة أسابيع من رابع انتخابات في عامين، فإن هذا الرجل الذي يحاكم بتهم الرشى والفساد، لا يملك الغالبية حتى الآن لتأليف حكومة. ومع تعثر المحادثات لتشكيل إئتلاف وحرص المعارضة على إزاحته، فإنه يمد اليد إلى حلفاء محتملين.
ويقول أميرام ليفين النائب السابق لرئيس الموساد والذي كان قبل 53 عاماً الضابط المسؤول عن الوحدة العسكرية التي خدم فيها نتانياهو، إن رئيس الوزراء “الواقع تحت الضغط”، يجر إسرائيل إلى “نشاط مفرط ضد إيران».
ويترأس الموساد الآن يوسي بيلين الموالي لنتانياهو، وصاحب الطموحات السياسية، الذي لا يمكنه الإدلاء بتعليقات حول عمليات الجهاز على خلاف المسؤولين السابقين.
نزاعات داخلية
وفي الوقت نفسه، تنخرط المؤسسة الإيرانية في نزاعات داخلية. وفي 21 مارس (آذار)، بدأ التلفزيون الإيراني الرسمي بث الجزء الثاني من مسلسل “غاندو” عن التجسس الذي يُعتقد أنه أنتج بمساعدة الحرس الثوري. ويضم العرض ديبلوماسيين خياليين يحملون شبهاً كبيراً لوزير الخارجية محمد جواد ظريف وفريقه، يتهمون بالخيانة.
ويقول الخبير في شؤون إيران ومدير موقع “أمواج. ميديا” الذي يراقب الشرق الأوسط محمد علي شاباني: “من المحتمل أن الكثير من الإيرانيين يتساءلون عما تقصده أجهزة الأمن في البلاد.وبينما تنفذ إسرائيل التفجيرات، فإن الحرس الثوري ينشغل بأفلام إثارة خيالية عن الجاسوسية ضد الحكومة الإيرانية في ظل العقوبات والوباء المميت».