جدل التجلي والتخفي
اعترافات ميغان وهاري تهز الملكية البريطانية...!
-- تخل هذه التصريحات بالتوازن الحذر بين الشفافية والسرية الذي تعتمد عليه المؤسسة
-- خبير دستوري: يجب ألا نعرّض السحر إلى ضوء النهار
-- يُنظر إلى تصريحات ميغان وهاري على أنها هجمات غير أخلاقية على الملكة وعائلتها
-- لعل أكثر الاعترافات الملكية شهرةً هو مقابلة الأميرة ديانا عام 1995
كانت المقابلة التي أجراها دوق ودوقة ساسكس مع أوبرا وينفري بمثابة انفجار للملكية البريطانية، مقابلة لم تنته من إسالة الحبر. كشفت ميغان، على وجه الخصوص، المشاعر الانتحارية التي سكنتها عندما كانت حاملاً ..
وتقول إن شخصًا ينتمي إلى العائلة المالكة كان قلقًا من كيف سيكون لون بشرة آرتشي، الابن الذي أنجبته مع الأمير هاري.
في العديد من التعليقات، تم تقديم المقابلة على أنها هجوم على العائلة المالكة. ويطالب الملكيون، ميغان وهاري “بالابتعاد عن الأضواء”. ويحيل هذا المطلب إلى التاريخ الطويل للاعترافات الملكية: ساسكس ليسا أول من عانى من التخويف بشتى انواعه باسم حماية المؤسسة الملكية.
ولعل أكثر الاعترافات الملكية شهرةً هو مقابلة الأميرة ديانا مع برنامج “بانوراما” بي بي سي وان عام 1995. تحدثت ديانا إلى المحاور مارتن بشير عن الخيانة الزوجية، ومخططات القصر ضدها، وتدهور صحتها العقلية والبدنية. ولا تزال مقولتها الشهيرة والمؤلمة: “كنا ثلاثة في هذا الزواج، لذا كان مزدحمًا بعض الشيء”، في إشارة إلى علاقة الأمير تشارلز بكاميلا باركر بولز، لا تزال تُذكر بعد ما يقرب من ستة وعشرين عامًا... وادعى السير ريتشارد آير، المدير السابق للمسرح القومي، أن الملكة وصفت قرار ديانا بالتصريح بكل تلك الاعترافات بـ “المروع».
اعترافات غير مرحب بها
القاسم المشترك بين هذين المثالين، هو أنّ نساء لجأن إلى ممارسة الاعتراف الملكي للكشف عن تجاربهن.
الاعتراف هو وسيلة غالبًا ما يستخدمها المشاهير لتأسيس شكل من أشكال العلاقة الحميمة مع الجمهور. فبالكشف عن شيء ذاتي عميق، يكشف المشاهير عن “أصالتهم”. ومع ذلك، كما يشير الباحثون هيلين وود، وبيفرلي سكيجز، ونانسي ثومين، فإن اعترافات المشاهير من الذكور البيض، والمنتمين للنخبة، هي التي يتم التعامل معها بجاذبية خاصة. من ناحية أخرى، تعتبر اعترافات النساء -خاصة النساء ذوات البشرة الملونة أو المرتبطات بـ “مهن ذات ثقافة متدنية” (كما هو الحال مع جزء كبير من مشاهير اليوم) -في كثير من الأحيان، غير مناسبة ومبالغة ونرجسية.
تم نشر اعترافات ميغان ماركل، مثل اعتراف ديانا قبلها، على نطاق واسع، في وسائل الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، باعتباره هجومًا على العائلة المالكة يفضح بشكل خاطئ وغير أخلاقي الكواليس الداخلية للملكية. ووجد المعلقون مثل بيرس مورغان، مقابلة ساسكس مخزية، متسائلين كيف يمكن أن يعاملوا الملكة والأمير فيليب ككاذبين بينما فيليب موجود حاليًا في المستشفى.
حماية الأقوياء
تهدف ردود الفعل على “لا أخلاقية” الاعترافات الملكية إلى حماية الملكية ورفض الاعتراف بأهمية محاسبة مؤسسة قوية. في كتابي القادم، أزعم أن الملكية البريطانية تعتمد على توازن دقيق بين التجلي والتخفي لإعادة إنتاج قوتها. إنها مؤسسة قديمة تعمل في قلب نظام يفترض أنه ديمقراطي، لذلك، فإن عدم لفت الانتباه إلى تناقضاتها أمر ضروري لبقائها. يمكن أن تكون العائلة المالكة مرئية في أشكال مذهلة (احتفالات الدولة، على سبيل المثال) أو الأسرة (حفلات الزفاف الملكية، والأطفال الملكيين)، لكن يجب أن تظل الأعمال الداخلية للمؤسسة سرية.
وعلى غرار ميغان، أستخدم عبارة “الشركة”، لكنني أستخدمها لوصف الملكية بأنها شركة تستثمر في إعادة إنتاج ثروتها وقوتها، ويجب أن تظل عملياتها سرية للغاية. أيّ كشف لما يجري وراء الكواليس -مثل الكشف الأخير في صحيفة الغارديان حول إساءة استخدام ما يسمى بإجراء “موافقة الملكة” للتأثير على القوانين التي تمسّ من مصالحها الشخصية -يهدد بزعزعة استقرار النظام الملكي.
كانت الملكية في غاية التجلي بقبول تصوير الفيلم الوثائقي الحميم لعام 1969 بعنوان العائلة المالكة: تمت حينها متابعة أفراد العائلة المالكة طيلة عام. كان هذا الفيلم الوثائقي ثقيلا على قصر باكنغهام، وعلى الأرجح لأنه احتوى على الكثير من خفايا كواليس الملكية، وهدد بإخلال التوازن الثمين بين التجلي والتخفي. كما كتب الباحث الدستوري والتر باجهوت في القرن التاسع عشر: “يجب ألا نعرّض السحر إلى ضوء النهار». ومثل الكثير من الاعترافات السابقة المماثلة، لا يزال يُنظر إلى تصريحات ميغان وهاري بشأن حياتهما مع “الشركة” على أنها هجمات غير محترمة وتجديفية وغير أخلاقية على الملكة وعائلتها. لكن ربما ينبغي أن نسأل أنفسنا هذا السؤال البسيط بدلاً من ذلك: لماذا يبدو أن الكثير من الناس، بما في ذلك معظم وسائل الإعلام في المملكة المتحدة، يجدون صعوبة في محاسبة إحدى أقوى مؤسساتنا؟
أستاذة محاضرة
في جامعة لانكستر
-- خبير دستوري: يجب ألا نعرّض السحر إلى ضوء النهار
-- يُنظر إلى تصريحات ميغان وهاري على أنها هجمات غير أخلاقية على الملكة وعائلتها
-- لعل أكثر الاعترافات الملكية شهرةً هو مقابلة الأميرة ديانا عام 1995
كانت المقابلة التي أجراها دوق ودوقة ساسكس مع أوبرا وينفري بمثابة انفجار للملكية البريطانية، مقابلة لم تنته من إسالة الحبر. كشفت ميغان، على وجه الخصوص، المشاعر الانتحارية التي سكنتها عندما كانت حاملاً ..
وتقول إن شخصًا ينتمي إلى العائلة المالكة كان قلقًا من كيف سيكون لون بشرة آرتشي، الابن الذي أنجبته مع الأمير هاري.
في العديد من التعليقات، تم تقديم المقابلة على أنها هجوم على العائلة المالكة. ويطالب الملكيون، ميغان وهاري “بالابتعاد عن الأضواء”. ويحيل هذا المطلب إلى التاريخ الطويل للاعترافات الملكية: ساسكس ليسا أول من عانى من التخويف بشتى انواعه باسم حماية المؤسسة الملكية.
ولعل أكثر الاعترافات الملكية شهرةً هو مقابلة الأميرة ديانا مع برنامج “بانوراما” بي بي سي وان عام 1995. تحدثت ديانا إلى المحاور مارتن بشير عن الخيانة الزوجية، ومخططات القصر ضدها، وتدهور صحتها العقلية والبدنية. ولا تزال مقولتها الشهيرة والمؤلمة: “كنا ثلاثة في هذا الزواج، لذا كان مزدحمًا بعض الشيء”، في إشارة إلى علاقة الأمير تشارلز بكاميلا باركر بولز، لا تزال تُذكر بعد ما يقرب من ستة وعشرين عامًا... وادعى السير ريتشارد آير، المدير السابق للمسرح القومي، أن الملكة وصفت قرار ديانا بالتصريح بكل تلك الاعترافات بـ “المروع».
اعترافات غير مرحب بها
القاسم المشترك بين هذين المثالين، هو أنّ نساء لجأن إلى ممارسة الاعتراف الملكي للكشف عن تجاربهن.
الاعتراف هو وسيلة غالبًا ما يستخدمها المشاهير لتأسيس شكل من أشكال العلاقة الحميمة مع الجمهور. فبالكشف عن شيء ذاتي عميق، يكشف المشاهير عن “أصالتهم”. ومع ذلك، كما يشير الباحثون هيلين وود، وبيفرلي سكيجز، ونانسي ثومين، فإن اعترافات المشاهير من الذكور البيض، والمنتمين للنخبة، هي التي يتم التعامل معها بجاذبية خاصة. من ناحية أخرى، تعتبر اعترافات النساء -خاصة النساء ذوات البشرة الملونة أو المرتبطات بـ “مهن ذات ثقافة متدنية” (كما هو الحال مع جزء كبير من مشاهير اليوم) -في كثير من الأحيان، غير مناسبة ومبالغة ونرجسية.
تم نشر اعترافات ميغان ماركل، مثل اعتراف ديانا قبلها، على نطاق واسع، في وسائل الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، باعتباره هجومًا على العائلة المالكة يفضح بشكل خاطئ وغير أخلاقي الكواليس الداخلية للملكية. ووجد المعلقون مثل بيرس مورغان، مقابلة ساسكس مخزية، متسائلين كيف يمكن أن يعاملوا الملكة والأمير فيليب ككاذبين بينما فيليب موجود حاليًا في المستشفى.
حماية الأقوياء
تهدف ردود الفعل على “لا أخلاقية” الاعترافات الملكية إلى حماية الملكية ورفض الاعتراف بأهمية محاسبة مؤسسة قوية. في كتابي القادم، أزعم أن الملكية البريطانية تعتمد على توازن دقيق بين التجلي والتخفي لإعادة إنتاج قوتها. إنها مؤسسة قديمة تعمل في قلب نظام يفترض أنه ديمقراطي، لذلك، فإن عدم لفت الانتباه إلى تناقضاتها أمر ضروري لبقائها. يمكن أن تكون العائلة المالكة مرئية في أشكال مذهلة (احتفالات الدولة، على سبيل المثال) أو الأسرة (حفلات الزفاف الملكية، والأطفال الملكيين)، لكن يجب أن تظل الأعمال الداخلية للمؤسسة سرية.
وعلى غرار ميغان، أستخدم عبارة “الشركة”، لكنني أستخدمها لوصف الملكية بأنها شركة تستثمر في إعادة إنتاج ثروتها وقوتها، ويجب أن تظل عملياتها سرية للغاية. أيّ كشف لما يجري وراء الكواليس -مثل الكشف الأخير في صحيفة الغارديان حول إساءة استخدام ما يسمى بإجراء “موافقة الملكة” للتأثير على القوانين التي تمسّ من مصالحها الشخصية -يهدد بزعزعة استقرار النظام الملكي.
كانت الملكية في غاية التجلي بقبول تصوير الفيلم الوثائقي الحميم لعام 1969 بعنوان العائلة المالكة: تمت حينها متابعة أفراد العائلة المالكة طيلة عام. كان هذا الفيلم الوثائقي ثقيلا على قصر باكنغهام، وعلى الأرجح لأنه احتوى على الكثير من خفايا كواليس الملكية، وهدد بإخلال التوازن الثمين بين التجلي والتخفي. كما كتب الباحث الدستوري والتر باجهوت في القرن التاسع عشر: “يجب ألا نعرّض السحر إلى ضوء النهار». ومثل الكثير من الاعترافات السابقة المماثلة، لا يزال يُنظر إلى تصريحات ميغان وهاري بشأن حياتهما مع “الشركة” على أنها هجمات غير محترمة وتجديفية وغير أخلاقية على الملكة وعائلتها. لكن ربما ينبغي أن نسأل أنفسنا هذا السؤال البسيط بدلاً من ذلك: لماذا يبدو أن الكثير من الناس، بما في ذلك معظم وسائل الإعلام في المملكة المتحدة، يجدون صعوبة في محاسبة إحدى أقوى مؤسساتنا؟
أستاذة محاضرة
في جامعة لانكستر