رئيس الدولة يبحث مع وزير الدفاع السعودي علاقات التعاون وتطورات الأوضاع في المنطقة
اغتيال لقمان.. رصاصة جديدة في جسد لبنان
أثارت حادثة اغتيال الناشط اللبناني المعارض لميليشيا حزب الله لقمان سليم، بعد إطلاق النار عليه وهو داخل سيارته في منطقة يسيطر عليها حزب الله بشكل كامل، اهتماماً واسعاً في الصحافة العربية، بسبب جملة من المؤشرات والرسائل التي أرسلتها هذه الحادثة الخطيرة.
ووفق صحف عربية فإن الحادثة تحمل بصمات واضحة حول تورط ميليشيا حزب الله في الوقوف وراءها، كون وقوع العملية جاء في منطقة خاضعة تماماً لسيطرة الميليشيا اللبنانية، إضافة لأن الحزب هو المستفيد الأكبر من إزاحة خصم سياسي كان يتمتع بصوت عالٍ في انتقاداته وبشبكة علاقات واسعة مع أطراف عربية وأوروبية، كما أشارت إلى الخطر المستمر الذي أصبحت تمثله ميليشيا الحزب على مستقبل لبنان وواقع الدولة اللبنانية.
اغتيال للخط المعارض
ورأى الصحافي محمد غندور في صحيفة “اندبندنت عربية” أن الرصاصات التي اخترقت جسد الباحث والمفكر اللبناني، أبعد من قتل الروح، وهي اغتيال فكري ومعنوي للخط المعارض في الطائفة الشيعية في لبنان.
وقال “عمل لقمان على أرشفة الماضي والحرب الأهلية اللبنانية لفهم ما حصل فعلاً في بلد مزّقته الطائفية والعنصرية والوجود الأجنبي، وحاول من خلال كتاباته وأبحاثه التعريف بثقافة السلام والسلم الأهلي عبر المشاريع التي أطلقها كمركز أمم للأبحاث والتوثيق، وجمعية هيّا بنا».
وأضاف أن ما حصل اليوم قد يتكرّر في القريب العاجل، حيث يبدو أن ثمة منهجاً واضحاً لتكميم أفواه المعارضين جنوب لبنان، المنطقة التي تشكل الخزان الجماهيري الأكبر للثنائي الشيعي.
وأشار إلى أن ميليشيا حزب الله تتحكم بالنّفَس الذي يدخل منطقة الحادث، ويسيطر على تلالها وحدودها، ووجود القوى الأمنية هناك مجرد مشهد مسرحي لإتمام فكرة “سيطرة الدولة على كل لبنان». واستذكر ما نشرته صحيفة فرنسية حول تعرض لقمان سليم لقصف إعلامي كبير من الأذرع الإعلامية لميليشيا حزب الله، والترويج لأنه أحد المستفيدين من تعاون مع السفارة الأمريكية في لبنان.
عملية موقّعة والفاعل واضح
بدوره يرى تقرير لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية أنّ عملية اغتيال سليم “موقّعة” وأن الفاعل واضح وضوح الشمس، معتبراً أنّ هذا النوع من الاغتيالات ينذر بمرحلة جديدة تجعل المنفّذ غير قلق من تداعيات جريمته، لذلك التحدّي الأهم يكمن في كيفية تعامل السلطة اللبنانية مع هذا الحادث، للمحافظة على ما تبقى ولو بالحد الأدنى من مفهوم الدولة.
وأشار التقرير إلى أن طريقة تعاطي الأجهزة الأمنية والقضاء إمّا تعطي رسالة تدفع المسؤول عن الاغتيال إلى التفكير مرتين قبل تنفيذ اغتيال جديد، وإما تشجّعه على المزيد من الاغتيالات. وتابع التقرير أنّ “اغتيال سليم هو رسالة تخويف للناشطين بالدم في بلد ترك فيه الناس لمصيرهم، فباتت آراؤهم تواجه بالبندقيّة، آملاً ألا يكون المجتمع الدولي شاهد زور في هذا الاغتيال».
تحقيق دولي
وقال الكاتب خيرالله خيرالله في مقالة بصحيفة “الرأي”، “جاء اغتيال الناشط السياسي لقمان سليم المعارض الشيعي الشرس لحزب الله، في الرابع من فبراير (شباط) الجاري، أي في ذكرى مرور ستة اشهر على تفجير المرفأ، ليؤكّد الفراغ اللبناني على مستوى السلطة السياسية وجود مرجعية أخرى للبنان خارج مفهوم الدولة ومؤسساتها».
وأضاف “مرت ستة أشهر، على تفجير المرفأ من دون ان تكون هناك إشارة ولو بسيطة تصدر عن الأجهزة الرسمية تشرح للبنانيين ما الذي حصل في ذلك اليوم المشؤوم”، لافتاً إلى أن “الإنجاز القوي” للرئيس ميشال عون هو منع تحقيق دولي في الكارثة الضخمة. وشدد على أن ثمّة حاجة الى تحقيق دولي في كل ما يحصل في لبنان، من تفجير المرفأ إلى اغتيال لقمان سليم، حيث كشف “العهد القويّ” إلى أيّ حد هو عاجز. وأضاف “يختزل تفجير مرفأ بيروت، وصولاً إلى اغتيال سليم، المأساة اللبنانية بكلّ أبعادها، ومطلوب قبول اللبنانيين بالأمر الواقع المتمثّل في أن لا وجود لمن يريد تحمّل مسؤولياته في السلطة». وتابع “يعبّر تفجير مرفأ بيروت وإسكات أي شيعي يخرج عن ثقافة القطيع عن رغبة واضحة بالانتهاء من لبنان على يد مجموعة لا تؤمن بالبلد.
رسالة لبايدن
ونقلت صحيفة “العرب” عن مصادر سياسية في بيروت قولها إن اغتيال الناشط السياسي الشيعي لقمان سليم أثناء وجوده جنوب لبنان، في منطقة تقع تحت النفوذ المباشر لحزب الله، يستهدف ترهيب اللبنانيين، خصوصاً الشيعة منهم، وتوجيه رسالة إيرانية إلى الإدارة الأمريكية الجديدة.
وأشارت المصادر السياسية اللبنانية إلى أن حزب الله كان يستطيع اغتيال الناشط السياسي ساعة يشاء نظراً إلى أنّه مقيم في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية، لكنّ الحزب اختار مباشرةَ الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن نشاطها كي يوجه رسالته القائلة إنّه يسيطر كليّا على لبنان وعلى الطائفة الشيعية من جهة وأنّه لن يسمح بأي صوت مختلف من داخل الطائفة من جهة أخرى. وأوضحت المصادر ذاتها أن أكثر ما كان يزعج حزب الله وإيران العلاقات التي أقامها لقمان سليم مع مسؤولين في الإدارة الأمريكية ومع مسؤولين أوروبيين بما يشير إلى أن شيعة لبنان ليسوا كلّهم تحت جناحي الحزب.
وبحسب الصحيفة، فقد كان لافتاً إسراع ابن حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله إلى تبني عملية الاغتيال، إذ نشر تغريدة جاء فيها “خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب. بلا أسف”، وما لبث جواد حسن نصرالله أن حذف التغريدة بعدما اعتبرها كثيرون بمثابة توقيع لحزب الله على الجريمة.