حمدان بن محمد يلتقي أكثر من 100 من منتسبي الخدمة الوطنية والاحتياطية المتميزين في برنامج النخبة
طموحات وهروب وخيانات:
الإعصار السياسي الذي يهز إسبانيا...!
-- حوَّلت نجمة اليمين الجديدة ونجم اليسار الراديكالي في إسبانيا مدريد إلى ساحة معركة
-- اعتبر الحزب الشعبي، أن لائحة اللوم في الجنوب خيانة، وعكس الهجوم في مدريد
-- انشقاقات بالجملة، هل هي بداية النهاية لحزب الوسط سيودادانوس؟
-- من شخصية سياسية درجة ثانية، أصبحت إيزابيل دياز أيوسو اليوم، رمز الحزب الشعبي وملهمته
-- مشروع إغليسياس: توحيد يسار الحزب الاشتراكي في مدريد واستخدام ثقله السياسي لتعبئة الناخبين
منذ أسبوعين، يبدو أن التاريخ السياسي الإسباني قد خرج من خيال كاتب سيناريو مجنون. فعلى ايقاع مكائد أباطرته، تعيش البلاد سلسلة من الاضطرابات التي يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة.
زلزال مدريد يوم الاثنين 15 مارس: “لقد أعلنت لبيدرو سانشيز قراري بترك منصبي في الحكومة”، قال بابلو إغليسياس، الذي يبدو جادًا، جالسًا في غرفة ذات ديكور منزوع، خلف مكتب لا يوجد عليه ولو قلم رصاص، مثيرا دهشة الجميع.
حتى بيدرو سانشيز، الرئيس الاشتراكي للحكومة الإسبانية، تلقى مكالمة هاتفية، وهو في قلب لقاء مع إيمانويل ماكرون، في مونتوبان، يعلمه فيها نائبه الثاني، وهو عنصر اساسي في السلطة التنفيذية، أنه سيغادر السفينة. يطرد بابلو إغليسياس، زعيم حزب بوديموس اليساري الراديكالي، نفسه من حكومة ائتلافية غير مستقرة اصلا، حيث تصارع البلاد الوباء وتعرضت منذ أيام الى إعصار سياسي أعاد خلط الأوراق في إسبانيا.
“سأخوض الانتخابات يوم 4 مايو في منطقة مدريد. على المناضل أن يكون في المكان الذي يفيد فيه. تواجه مدريد حاليًا خطرًا كبيرًا، بالنسبة للمنطقة، ولكن أيضًا لكل إسبانيا: أن تتشكل حكومة يمينية متطرفة بزعامة إيزابيل دياز أيوسو مع فوكس”، أكد في الفيديو الذي نشره على الشبكات الاجتماعية.
«عملية البارون الأسود”، يسخر، على تويتر، الصحفي الوحيد الذي نشر الخبر قبل أن يصبح رسميًا. ولشرح هذه الحركة، علينا العودة الى الوراء خمسة أيام.
دوي أولى الصواعق في الجنوب
الأربعاء، تدفئ الشمس جنوب شبه الجزيرة بلطف صباح شهر مارس الجميل هذا في منطقة مورسيا، عندما سمع دويّ صاعقة في محطات الإذاعة والتلفزيون في جميع أنحاء البلاد. حزب سيودادانوس، يمين الوسط، يقوم بـ “انقلاب” مؤسسي ضد الحليف اليميني الذي يحكم معه المنطقة، الحزب الشعبي. فبتواطؤ مع الاشتراكيين، خصمهم السياسي، قاما معًا بتسجيل لائحة لوم ضد الحكومة المحلية، برئاسة فرناندو لوبيز ميراس، بارون الحزب الشعبي.
في جميع أنحاء البلاد، يقاتل اليمين ويمين الوسط في نفس المعسكر، ويديران معًا عددًا من البلديات والمناطق، وغالبًا بدعم من حزب فوكس اليميني المتطرف كما في مورسيا. لكن الوسطيين لا يملكون الرئاسة في أي مكان.
«لم يعد بإمكاننا أن نكون متواطئين في هذه الانزلاقات في التطعيم، والفضائح اليومية التي تعكس صورة مروعة لمنطقتنا على المستوى الوطني”، تؤكد آنا مارتينيز فيدال، المتحدثة باسم الإدارة الإقليمية ومنسقة سيودادانوس في المنطقة. راج ان كبار المسؤولين في وزارة الصحة الإقليمية، تم تطعيمهم قبل دورهم... ذريعة مثالية لشن الهجوم.
تم حبك الخطة بتكتم شديد، خطة بسيطة وبدون أية عوائق. المطلوب أن يتحد نواب الوسط الستة مع الاشتراكيين السبعة عشر لتشكيل أغلبية جديدة وإسقاط الرجل القوي في الجمعية الإقليمية. وفي مقابل هذه القطيعة، تتسلم آنا مارتينيز فيدال رئاسة الحكومة المستقبلية. وقد أعطت القيادات الوطنية في سيودادانوس وحزب العمال الاشتراكي الإسباني الضوء الأخضر، وبيدرو سانشيز أيضًا، لكن لا شيء سار كما خُطّط له ...
صدى الصاعقة
في مدريد، كل شيء كان هادئًا ذاك الصباح. لا شيء استثنائي على جدول أعمال البرلمان الإقليمي. أربعاء مثل أي يوم أربعاء للنواب المحليين في ماس مدريد (المزيد من مدريد)، حزب بقيادة انيجو إريجون، الرجل الثاني سابقًا في بوديموس. ترك إريجون تشكيلة اليسار الراديكالي قبل ثلاث سنوات لينضم إلى “المزيد من مدريد”، ويعدّ اليوم رئيسًا صوريًا له.
لم تكن الساعة العاشرة صباحًا بعد، عندما بدأت حلقة تلغرام التي يشاركها أعضاء الحزب في بث الإشعارات بالعشرات. “هل رأيتم ما حدث في مورسيا؟” في القاعة المشتركة للحزب، بمقر الجمعية البرلمانية بالعاصمة، يردد جهازا تلفزيون صدى الصاعقة التي ضربت الجنوب. نواب مدريد يعلقون، يناقشون، فكما هو الحال في مورسيا، يحكم الحزب الشعبي منطقة مدريد بالتحالف مع سيودادانوس وبفضل دعم حزب اليمين المتطرف فوكس، الذي بدونه لا يصلون إلى الأغلبية.
الإثارة تتصاعد، نبض تلغرام يخفق بشدة. وكتب أحد أعضاء حلقة نقاش المجموعة: “ربما حان الوقت الآن لتقديم اقتراح بحجب الثقة”... وقدم الحزب الاشتراكي أيضًا لائحته.
«الاشتراكية أو الحرية»
الثانية والربع بعد الظهر، بويرتا ديل سول، قلب العاصمة النابض. خلف كمامتها البيضاء المزدانة بعلم إسباني صغير، تبدو إيزابيل دياز أيوسو متوترة، فقد دعت رئيسة الاقليم الى مؤتمر صحفي بمقر الحكومة المحلية... تزيل قطعة القماش التي تغطي فمها.
«لقد قررت حل الجمعية في مدريد والدعوة إلى انتخابات مبكرة. ... إذا ما اتخذت هذا القرار، لكان سيودادانوس والحزب الاشتراكي قد قدما لائحة لوم وسحب ثقة، لا أستطيع أن أقبل رفع الضرائب، وأدلجة مدارسنا، وإغلاق المحلات التجارية، وتدمير النسيج الصناعي، لا يمكنني السماح لهم بان يملوا علينا كيف نفكر أو نعيش. ... أريد أن يتمكن شعب مدريد من الاختيار بين الاشتراكية والحرية”. تجمع أوراقها من على المكتب، وتغادر المبنى. لقد سحبت البساط من تحت اقدام اليسار، وحطمت تحالفاته.
«إنها تكذب!” احتج إجناسيو أغوادو، المتحدث باسم سيودادانوس في جمعية مدريد، ونائب رئيس الحكومة المحلية حتى ذلك الحين، على تويتر. “إيزابيل دياز أيوسو ... تفسخ اتفاقية الحكومة الموقعة بين حزب الشعب وسيودادانوس من جانب واحد. الوضع ليس له علاقة هنا بالوضع في مورسيا”، كان قد أوضح قبل ذلك بقليل، وهو يغادر مجلس الحكم المحلي مصدوما. وفي جميع وسائل الإعلام، نفى سيودادانوس مرارًا أي نية له للمشاركة في لائحة لوم في مدريد.
لكن هل هذا يغير شيئًا ما؟ سبق ان اضطر الحزب الشعبي إلى كبح جماح رئيسته، التي لا تروّض، عدة مرات في مدريد، حتى لا تتخطى الحد... هذه المرة، الامر مختلف.
كانت العملية منسقة منذ الساعة الأولى. الخطة التي وضعها الاشتراكيون والوسطيون في مورسيا تسربت عشية اعلانها، واعلم رئيس الحزب الشعبي في إسبانيا، بابلو كاسادو، على عجل، وفي الساعة الأخيرة من يوم الثلاثاء، إيزابيل دياز أيوسو، وقال لها من حيث الجوهر: “إذا تجرأ سيودادانوس في مورسيا، فإننا نضغط على الزر النووي».
عملية البارون الأسود
بالنسبة للحزب الشعبي، فإن لائحة اللوم في الجنوب هي خيانة. كان الحزب اليميني التقليدي الكبير خيّرًا مع حزب الوسط الشاب، الذي يأمل في بدء استيلاء ودي عليه.
لأكثر من عام، انحرف الحزب الشعبي إلى اليمين، تحت قيادة زعيمه الجديد، بابلو كاسادو، لملاحقة الناخبين الذين فروا إلى أقصى اليمين منذ صعود فوكس الصاروخي في أواخر عام 2018. ويسعى كاسادو الآن إلى إعادة التموقع في الوسط، ويريد استيعاب سيودادانوس ليسيطر على يمين واسع، ولكنه معتدل وبعيدًا عن فوكس.
الوسطيون في حالة بؤس. بلغ سيودادانوس أوجه في أبريل 2019: سبعة وخمسون مقعدًا في البرلمان الوطني.
ثم اعتقد زعيمه السابق، ألبرت ريفيرا، أن بإمكانه التفوق يمينا على الحزب الشعبي الذي أضعفه وصول فوكس، فصعّد من مواقفه كثير جدا. والنتيجة: عشرة نواب في الانتخابات الثانية لعام 2019، واستقالة ريفيرا. وترغب الزعيمة الجديدة إينيس أريماداس في إعادة الحزب إلى الوسط.
في 14 فبراير، انتقل سيودادانوس من ستة وثلاثين مقعدًا إلى ستة مقاعد في انتخابات برلمان كاتالونيا. إينيس أريماداس في حاجة ماسة إلى انتصار، والحزب الاشتراكي يترصد ناصبا كمينا. الأمين العام لرئاسة الحكومة، الاشتراكي فيليكس بولانيوس، يجس النبض منذ شهور مع الرجل الثالث في التشكيل الوسطي، كارلوس كوادرادو. ناقشا الأغلبية البديلة التي يمكن أن تسمح لحزب إينيس أريماداس من تجسيد عودته للوسط.
علاقات سيئة مع الحزب الشعبي، الكثير من التنازلات لليمين المتطرف، فضيحة فساد ... مورسيا تفي بهذه المعايير.
من الصعب، بالنسبة للقيادة الوطنية لحزب العمال الاشتراكي، إقناع السبعة عشر اشتراكيًا محليًا منتخبًا بترك الرئاسة لمجموعة من ستة برلمانيين.
“لكننا جعلناهم يرون أنها قنبلة عنقودية، وأنه سيكون لها عواقب على كل اليمين، في البلاد”، يقول أحد المفاوضين في صحيفة الباييس الإسبانية اليومية.
الفكرة، هي إبقاء اليمين منقسمًا، ومنع إعادة التموقع في الوسط التي يقوم بها كاسادو بإجباره على الاقتراب من فوكس.
صباح الأربعاء، في مؤتمر نواب الأمة، كانت الأحزاب على قدم وساق عند سقوط الخبر. لائحة لوم في منطقة مورسيا... القى بيدرو سانشيز، الرئيس الاشتراكي للحكومة، نظرة متعالية على بابلو كاسادو.
الحزب الشعبي
يعكس الهجوم
صباح الجمعة... لوركا، مورسيا. يبتهج الاشتراكيون والوسطيون بأول عمل رسمي مشترك لتقديم حكومتهما الجديدة. آنا مارتينيز فيدال، التي ستتولى الرئاسة، ونائبها الاشتراكي المستقبلي، يقومان بتوضيب تواطؤهما الجديد ويكشفان عن برنامجهما. “ليس هناك ثانية نضيعها في مسائل لا تتعلق باحتواء الوباء”، اعتبر الشخص الذي سيتولى منصب نائب الرئيس... لكن شائعة جديدة هزّت ذاك الصباح ...
الساعة الثانية بعد الظهر، في مورسيا، عاصمة المنطقة التي تحمل الاسم نفسه. يبتهج الرئيس الشعبي فرناندو لوبيز ميراس. ظهر أمام الصحافة محاطا بثلاثة نواب محليين من سيودادانوس، من بينهم إيزابيل فرانكو، نائبة رئيس الحكومة الإقليمية.
عندما تولت إينيس أريماداس منصب رئيسة سيودادانوس، لم يكن لدى إيزابيل فرانكو أي منصب في الإدارة الإقليمية الجديدة، على عكس آنا مارتينيز فيدال، التي أصبحت الرقم 1 المحلي في الحزب. وإذا نجح اقتراح سحب الثقة، فستفقد إيزابيل فرانكو منصب نائب الرئيس، بينما تصبح فيدال رئيسة للسلطة التنفيذية المحلية.
وإذا صوتت ضدها، في المقابل، وعدها حزب الشعب بأنها ستحتفظ بمنصبها. اما بالنسبة للفارين الآخرين، وعدهم اليمين أيضًا بحقائب مريحة.
«بالنسبة للبعض، للكرامة ثمن: 76 ألف يورو سنويًا وسائق أمام عتبة الباب”، تتهكم آنا مارتينيز فيدال. صفعة أخرى لـ سيودادانوس... بداية النهاية، يتوقع البعض.
«نفتح أبواب الحزب الشعبي أمام جميع النشطاء والمتعاطفين والقادة الذين يشعرون بالخيانة”، قال تيودور غارسيا إيجيا، ليختم يوم الأربعاء المجنون. منذئذ، يجلب كل يوم يمر نصيبه من الانشقاقات.
فران هرفاس، الرجل الثاني السابق في سيودادانوس، هو أول وزن ثقيل في القائمة يتعدى الخط، وهو يتمتع بشبكة قوية بين الوسطيين. وبحسب العديد من وسائل الإعلام، فإنه ينظم الآن عمليات الفرار “مقابل وظائف ورواتب” نيابة عن الحزب الشعبي. ووفق سيودادانوس، يحرص الحزب الشعبي على الإعلان يوميا عن المغادرين واحدًا تلو الآخر، لتعزيز الشعور بأن سيودادانوس ينزف. لم يتبق سوى تسعة من الوسطيين في مجلس النواب، وفقدوا كتلتهم في مجلس الشيوخ.
معركة مدريد
الابتسامة الكبيرة تكشف عن أسنان بيضاء خلف شفاهها المتمكيجة. مع عبوس صغير محرج أمام الجمهور، الذي وقف يصفق. “شكرا شكرا... شكراً جزيلاً لكم جميعاً ...”، كررتها لتنهي التصفيق وتبدأ العمل. إيزابيل دياز أيوسو، هي دون منازع نجمة مجلس الإدارة الإقليمي للحزب الشعبي في مدريد يوم الاثنين 15 مارس، حيث أعلن بابلو إغليسياس خروجه من الحكومة في نفس الصباح.
«إسبانيا مدينة لي بواحدة، قالت صباحا، لقد استبعدنا بابلو إغليسياس من لا مونكلوا المقر الرسمي لرئيس الحكومة. شخص تربطه صلات بالانفصاليين ومع حاشية إيتا جماعة إرهابية انفصالية سابقة في الباسك. يروج للمصادرة والاحتلال غير القانوني للمساكن ولتدخل الدولة في المؤسسات، وللمقاطعة. إنه أول من شجع على حرق شوارع مدريد خلال المظاهرات ضد حبس مغني الراب بابلو هاسل ، سأغير شعار حملتي... سيكون: “شيوعية أو حرية».
كاريكاتورية وعدوانية، مرشوشة بأنصاف حقائق، ان لم تكن أكاذيب... تلك هي السمة المميزة لأسلوب دياز أيوسو. عندما تولت رئاسة المنطقة في أغسطس 2019، كانت شخصية سياسية من الدرجة الثانية، غير معروفة للجمهور، واليوم، أصبحت رمز الحزب الشعبي وملهمته في إسبانيا.
وصفتها؟ استخدام منصة الحكومة المحلية لمخاطبة البلد. مضاعفة الصدام مع السلطة التنفيذية المركزية، وتغذية وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية بجدل فيروسي مع خطاب يميني متشدد. “إذا وصفوك بالفاشي، فذلك لأنك تعمل بشكل جيد (...) لأنك على الجانب الصحيح من التاريخ”، تجرأت على قول ذلك مجددا، في البرنامج التلفزيوني “كارتون»!
إغليسياس، معجب
بـ «لعبة العروش»
لذلك ينزل بابلو إغليسياس إلى الساحة لمواجهة الشيطان، وإنقاذ مدريد من “حكومة أيوسو اليمينية المتطرفة مع فوكس”... الخطر حقيقي. وتشير استطلاعات الرأي المنشورة منذ بداية المسلسل بشكل شبه دائم، إلى أن الحزب الشعبي يمكن أن يشكل أغلبية مع فوكس، الأولى في البلاد، وأول تحالف رسمي بين اليمين الشعبي واليمين المتطرف، وأول دخول للحكومة من جانب فوكس ومن الباب الكبير.
نعم، لكن ... إنها أيضًا (وخاصة) مناورة تكتيكية. من محبي سلسلة لعبة العروش، إغليسياس هو سيد في هذا المجال. منذ بلوغه القمة عام 2016، استمر بوديموس في الانقسام وفقدان ناخبين. ومنذ عام، الحزب هو الشريك الأقلي في الحكومة الائتلافية التي تقود إسبانيا، إلى جانب حزب العمال الاشتراكي. ويجد أعضاؤه صعوبة من أجل فرض خطهم ويخشون أن يبتلعهم الاشتراكيون. كل من يعرف الشخصية، يدرك أيضًا أن بابلو إغليسياس جندي، وهو أكثر راحة في القتال منه في الحكومة، إنه يبرع في دور قاتل، “النظام”، “النخبة”، “اليمين المتطرف”، “الفاشية».
مشروعه: توحيد يسار الحزب الاشتراكي في مدريد، واستخدام ثقله السياسي وقوة جذبه الإعلامية لتعبئة الناخبين، وتحويل الحملة إلى معركة الخير ضد الشر، من خلال إعادة تنشيط الخيال المؤلم لنضال المدافعين عن الديمقراطية ضد الديكتاتورية في إسبانيا.
وهذا يعني أن ماس مدريد، الحزب بقيادة انيجو إريجون، سينضم الى قضيته، الا ان الجراح عميقة بين الزعيمين. كم هي بعيدة تلك الأيام التي كانا لا ينفصلان فيها، والزمن الذي جمعتهما فيه عطلات نهاية الأسبوع والتزلج، أو إعادة تشكيل العالم في نزل العم بيبي، مع مجموعة من الأصدقاء من كلية العلوم السياسية الذين حلموا بتغيير النظام. معا أسسا بوديموس، وعندما صعد إلى القمة، قطع رأسهم واحدًا تلو الآخر، لضمان حكمه بلا منافس... وكان إريجون آخر من سقط.
كم هو بعيد أيضًا، زمن سهر الصديقان في الحانة المحلية مع إيزابيل دياز أيوسو. عام 2012، كانوا يتحدثون عن السياسة ويتبادلون الرسائل على تويتر عند مغادرة البرنامج الحواري الذي كان إيغليسياس يقدمه. اليوم، حوَّلت نجمة اليمين الجديدة ونجم اليسار الراديكالي في إسبانيا، مدريد إلى ساحة معركة، حيث يعبّر كل منهما عن رؤية مانوية لصراع الخير ضد الشر... “الشيوعية أم الحرية”... “الفاشية أم الحرية».
-- اعتبر الحزب الشعبي، أن لائحة اللوم في الجنوب خيانة، وعكس الهجوم في مدريد
-- انشقاقات بالجملة، هل هي بداية النهاية لحزب الوسط سيودادانوس؟
-- من شخصية سياسية درجة ثانية، أصبحت إيزابيل دياز أيوسو اليوم، رمز الحزب الشعبي وملهمته
-- مشروع إغليسياس: توحيد يسار الحزب الاشتراكي في مدريد واستخدام ثقله السياسي لتعبئة الناخبين
منذ أسبوعين، يبدو أن التاريخ السياسي الإسباني قد خرج من خيال كاتب سيناريو مجنون. فعلى ايقاع مكائد أباطرته، تعيش البلاد سلسلة من الاضطرابات التي يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة.
زلزال مدريد يوم الاثنين 15 مارس: “لقد أعلنت لبيدرو سانشيز قراري بترك منصبي في الحكومة”، قال بابلو إغليسياس، الذي يبدو جادًا، جالسًا في غرفة ذات ديكور منزوع، خلف مكتب لا يوجد عليه ولو قلم رصاص، مثيرا دهشة الجميع.
حتى بيدرو سانشيز، الرئيس الاشتراكي للحكومة الإسبانية، تلقى مكالمة هاتفية، وهو في قلب لقاء مع إيمانويل ماكرون، في مونتوبان، يعلمه فيها نائبه الثاني، وهو عنصر اساسي في السلطة التنفيذية، أنه سيغادر السفينة. يطرد بابلو إغليسياس، زعيم حزب بوديموس اليساري الراديكالي، نفسه من حكومة ائتلافية غير مستقرة اصلا، حيث تصارع البلاد الوباء وتعرضت منذ أيام الى إعصار سياسي أعاد خلط الأوراق في إسبانيا.
“سأخوض الانتخابات يوم 4 مايو في منطقة مدريد. على المناضل أن يكون في المكان الذي يفيد فيه. تواجه مدريد حاليًا خطرًا كبيرًا، بالنسبة للمنطقة، ولكن أيضًا لكل إسبانيا: أن تتشكل حكومة يمينية متطرفة بزعامة إيزابيل دياز أيوسو مع فوكس”، أكد في الفيديو الذي نشره على الشبكات الاجتماعية.
«عملية البارون الأسود”، يسخر، على تويتر، الصحفي الوحيد الذي نشر الخبر قبل أن يصبح رسميًا. ولشرح هذه الحركة، علينا العودة الى الوراء خمسة أيام.
دوي أولى الصواعق في الجنوب
الأربعاء، تدفئ الشمس جنوب شبه الجزيرة بلطف صباح شهر مارس الجميل هذا في منطقة مورسيا، عندما سمع دويّ صاعقة في محطات الإذاعة والتلفزيون في جميع أنحاء البلاد. حزب سيودادانوس، يمين الوسط، يقوم بـ “انقلاب” مؤسسي ضد الحليف اليميني الذي يحكم معه المنطقة، الحزب الشعبي. فبتواطؤ مع الاشتراكيين، خصمهم السياسي، قاما معًا بتسجيل لائحة لوم ضد الحكومة المحلية، برئاسة فرناندو لوبيز ميراس، بارون الحزب الشعبي.
في جميع أنحاء البلاد، يقاتل اليمين ويمين الوسط في نفس المعسكر، ويديران معًا عددًا من البلديات والمناطق، وغالبًا بدعم من حزب فوكس اليميني المتطرف كما في مورسيا. لكن الوسطيين لا يملكون الرئاسة في أي مكان.
«لم يعد بإمكاننا أن نكون متواطئين في هذه الانزلاقات في التطعيم، والفضائح اليومية التي تعكس صورة مروعة لمنطقتنا على المستوى الوطني”، تؤكد آنا مارتينيز فيدال، المتحدثة باسم الإدارة الإقليمية ومنسقة سيودادانوس في المنطقة. راج ان كبار المسؤولين في وزارة الصحة الإقليمية، تم تطعيمهم قبل دورهم... ذريعة مثالية لشن الهجوم.
تم حبك الخطة بتكتم شديد، خطة بسيطة وبدون أية عوائق. المطلوب أن يتحد نواب الوسط الستة مع الاشتراكيين السبعة عشر لتشكيل أغلبية جديدة وإسقاط الرجل القوي في الجمعية الإقليمية. وفي مقابل هذه القطيعة، تتسلم آنا مارتينيز فيدال رئاسة الحكومة المستقبلية. وقد أعطت القيادات الوطنية في سيودادانوس وحزب العمال الاشتراكي الإسباني الضوء الأخضر، وبيدرو سانشيز أيضًا، لكن لا شيء سار كما خُطّط له ...
صدى الصاعقة
في مدريد، كل شيء كان هادئًا ذاك الصباح. لا شيء استثنائي على جدول أعمال البرلمان الإقليمي. أربعاء مثل أي يوم أربعاء للنواب المحليين في ماس مدريد (المزيد من مدريد)، حزب بقيادة انيجو إريجون، الرجل الثاني سابقًا في بوديموس. ترك إريجون تشكيلة اليسار الراديكالي قبل ثلاث سنوات لينضم إلى “المزيد من مدريد”، ويعدّ اليوم رئيسًا صوريًا له.
لم تكن الساعة العاشرة صباحًا بعد، عندما بدأت حلقة تلغرام التي يشاركها أعضاء الحزب في بث الإشعارات بالعشرات. “هل رأيتم ما حدث في مورسيا؟” في القاعة المشتركة للحزب، بمقر الجمعية البرلمانية بالعاصمة، يردد جهازا تلفزيون صدى الصاعقة التي ضربت الجنوب. نواب مدريد يعلقون، يناقشون، فكما هو الحال في مورسيا، يحكم الحزب الشعبي منطقة مدريد بالتحالف مع سيودادانوس وبفضل دعم حزب اليمين المتطرف فوكس، الذي بدونه لا يصلون إلى الأغلبية.
الإثارة تتصاعد، نبض تلغرام يخفق بشدة. وكتب أحد أعضاء حلقة نقاش المجموعة: “ربما حان الوقت الآن لتقديم اقتراح بحجب الثقة”... وقدم الحزب الاشتراكي أيضًا لائحته.
«الاشتراكية أو الحرية»
الثانية والربع بعد الظهر، بويرتا ديل سول، قلب العاصمة النابض. خلف كمامتها البيضاء المزدانة بعلم إسباني صغير، تبدو إيزابيل دياز أيوسو متوترة، فقد دعت رئيسة الاقليم الى مؤتمر صحفي بمقر الحكومة المحلية... تزيل قطعة القماش التي تغطي فمها.
«لقد قررت حل الجمعية في مدريد والدعوة إلى انتخابات مبكرة. ... إذا ما اتخذت هذا القرار، لكان سيودادانوس والحزب الاشتراكي قد قدما لائحة لوم وسحب ثقة، لا أستطيع أن أقبل رفع الضرائب، وأدلجة مدارسنا، وإغلاق المحلات التجارية، وتدمير النسيج الصناعي، لا يمكنني السماح لهم بان يملوا علينا كيف نفكر أو نعيش. ... أريد أن يتمكن شعب مدريد من الاختيار بين الاشتراكية والحرية”. تجمع أوراقها من على المكتب، وتغادر المبنى. لقد سحبت البساط من تحت اقدام اليسار، وحطمت تحالفاته.
«إنها تكذب!” احتج إجناسيو أغوادو، المتحدث باسم سيودادانوس في جمعية مدريد، ونائب رئيس الحكومة المحلية حتى ذلك الحين، على تويتر. “إيزابيل دياز أيوسو ... تفسخ اتفاقية الحكومة الموقعة بين حزب الشعب وسيودادانوس من جانب واحد. الوضع ليس له علاقة هنا بالوضع في مورسيا”، كان قد أوضح قبل ذلك بقليل، وهو يغادر مجلس الحكم المحلي مصدوما. وفي جميع وسائل الإعلام، نفى سيودادانوس مرارًا أي نية له للمشاركة في لائحة لوم في مدريد.
لكن هل هذا يغير شيئًا ما؟ سبق ان اضطر الحزب الشعبي إلى كبح جماح رئيسته، التي لا تروّض، عدة مرات في مدريد، حتى لا تتخطى الحد... هذه المرة، الامر مختلف.
كانت العملية منسقة منذ الساعة الأولى. الخطة التي وضعها الاشتراكيون والوسطيون في مورسيا تسربت عشية اعلانها، واعلم رئيس الحزب الشعبي في إسبانيا، بابلو كاسادو، على عجل، وفي الساعة الأخيرة من يوم الثلاثاء، إيزابيل دياز أيوسو، وقال لها من حيث الجوهر: “إذا تجرأ سيودادانوس في مورسيا، فإننا نضغط على الزر النووي».
عملية البارون الأسود
بالنسبة للحزب الشعبي، فإن لائحة اللوم في الجنوب هي خيانة. كان الحزب اليميني التقليدي الكبير خيّرًا مع حزب الوسط الشاب، الذي يأمل في بدء استيلاء ودي عليه.
لأكثر من عام، انحرف الحزب الشعبي إلى اليمين، تحت قيادة زعيمه الجديد، بابلو كاسادو، لملاحقة الناخبين الذين فروا إلى أقصى اليمين منذ صعود فوكس الصاروخي في أواخر عام 2018. ويسعى كاسادو الآن إلى إعادة التموقع في الوسط، ويريد استيعاب سيودادانوس ليسيطر على يمين واسع، ولكنه معتدل وبعيدًا عن فوكس.
الوسطيون في حالة بؤس. بلغ سيودادانوس أوجه في أبريل 2019: سبعة وخمسون مقعدًا في البرلمان الوطني.
ثم اعتقد زعيمه السابق، ألبرت ريفيرا، أن بإمكانه التفوق يمينا على الحزب الشعبي الذي أضعفه وصول فوكس، فصعّد من مواقفه كثير جدا. والنتيجة: عشرة نواب في الانتخابات الثانية لعام 2019، واستقالة ريفيرا. وترغب الزعيمة الجديدة إينيس أريماداس في إعادة الحزب إلى الوسط.
في 14 فبراير، انتقل سيودادانوس من ستة وثلاثين مقعدًا إلى ستة مقاعد في انتخابات برلمان كاتالونيا. إينيس أريماداس في حاجة ماسة إلى انتصار، والحزب الاشتراكي يترصد ناصبا كمينا. الأمين العام لرئاسة الحكومة، الاشتراكي فيليكس بولانيوس، يجس النبض منذ شهور مع الرجل الثالث في التشكيل الوسطي، كارلوس كوادرادو. ناقشا الأغلبية البديلة التي يمكن أن تسمح لحزب إينيس أريماداس من تجسيد عودته للوسط.
علاقات سيئة مع الحزب الشعبي، الكثير من التنازلات لليمين المتطرف، فضيحة فساد ... مورسيا تفي بهذه المعايير.
من الصعب، بالنسبة للقيادة الوطنية لحزب العمال الاشتراكي، إقناع السبعة عشر اشتراكيًا محليًا منتخبًا بترك الرئاسة لمجموعة من ستة برلمانيين.
“لكننا جعلناهم يرون أنها قنبلة عنقودية، وأنه سيكون لها عواقب على كل اليمين، في البلاد”، يقول أحد المفاوضين في صحيفة الباييس الإسبانية اليومية.
الفكرة، هي إبقاء اليمين منقسمًا، ومنع إعادة التموقع في الوسط التي يقوم بها كاسادو بإجباره على الاقتراب من فوكس.
صباح الأربعاء، في مؤتمر نواب الأمة، كانت الأحزاب على قدم وساق عند سقوط الخبر. لائحة لوم في منطقة مورسيا... القى بيدرو سانشيز، الرئيس الاشتراكي للحكومة، نظرة متعالية على بابلو كاسادو.
الحزب الشعبي
يعكس الهجوم
صباح الجمعة... لوركا، مورسيا. يبتهج الاشتراكيون والوسطيون بأول عمل رسمي مشترك لتقديم حكومتهما الجديدة. آنا مارتينيز فيدال، التي ستتولى الرئاسة، ونائبها الاشتراكي المستقبلي، يقومان بتوضيب تواطؤهما الجديد ويكشفان عن برنامجهما. “ليس هناك ثانية نضيعها في مسائل لا تتعلق باحتواء الوباء”، اعتبر الشخص الذي سيتولى منصب نائب الرئيس... لكن شائعة جديدة هزّت ذاك الصباح ...
الساعة الثانية بعد الظهر، في مورسيا، عاصمة المنطقة التي تحمل الاسم نفسه. يبتهج الرئيس الشعبي فرناندو لوبيز ميراس. ظهر أمام الصحافة محاطا بثلاثة نواب محليين من سيودادانوس، من بينهم إيزابيل فرانكو، نائبة رئيس الحكومة الإقليمية.
عندما تولت إينيس أريماداس منصب رئيسة سيودادانوس، لم يكن لدى إيزابيل فرانكو أي منصب في الإدارة الإقليمية الجديدة، على عكس آنا مارتينيز فيدال، التي أصبحت الرقم 1 المحلي في الحزب. وإذا نجح اقتراح سحب الثقة، فستفقد إيزابيل فرانكو منصب نائب الرئيس، بينما تصبح فيدال رئيسة للسلطة التنفيذية المحلية.
وإذا صوتت ضدها، في المقابل، وعدها حزب الشعب بأنها ستحتفظ بمنصبها. اما بالنسبة للفارين الآخرين، وعدهم اليمين أيضًا بحقائب مريحة.
«بالنسبة للبعض، للكرامة ثمن: 76 ألف يورو سنويًا وسائق أمام عتبة الباب”، تتهكم آنا مارتينيز فيدال. صفعة أخرى لـ سيودادانوس... بداية النهاية، يتوقع البعض.
«نفتح أبواب الحزب الشعبي أمام جميع النشطاء والمتعاطفين والقادة الذين يشعرون بالخيانة”، قال تيودور غارسيا إيجيا، ليختم يوم الأربعاء المجنون. منذئذ، يجلب كل يوم يمر نصيبه من الانشقاقات.
فران هرفاس، الرجل الثاني السابق في سيودادانوس، هو أول وزن ثقيل في القائمة يتعدى الخط، وهو يتمتع بشبكة قوية بين الوسطيين. وبحسب العديد من وسائل الإعلام، فإنه ينظم الآن عمليات الفرار “مقابل وظائف ورواتب” نيابة عن الحزب الشعبي. ووفق سيودادانوس، يحرص الحزب الشعبي على الإعلان يوميا عن المغادرين واحدًا تلو الآخر، لتعزيز الشعور بأن سيودادانوس ينزف. لم يتبق سوى تسعة من الوسطيين في مجلس النواب، وفقدوا كتلتهم في مجلس الشيوخ.
معركة مدريد
الابتسامة الكبيرة تكشف عن أسنان بيضاء خلف شفاهها المتمكيجة. مع عبوس صغير محرج أمام الجمهور، الذي وقف يصفق. “شكرا شكرا... شكراً جزيلاً لكم جميعاً ...”، كررتها لتنهي التصفيق وتبدأ العمل. إيزابيل دياز أيوسو، هي دون منازع نجمة مجلس الإدارة الإقليمي للحزب الشعبي في مدريد يوم الاثنين 15 مارس، حيث أعلن بابلو إغليسياس خروجه من الحكومة في نفس الصباح.
«إسبانيا مدينة لي بواحدة، قالت صباحا، لقد استبعدنا بابلو إغليسياس من لا مونكلوا المقر الرسمي لرئيس الحكومة. شخص تربطه صلات بالانفصاليين ومع حاشية إيتا جماعة إرهابية انفصالية سابقة في الباسك. يروج للمصادرة والاحتلال غير القانوني للمساكن ولتدخل الدولة في المؤسسات، وللمقاطعة. إنه أول من شجع على حرق شوارع مدريد خلال المظاهرات ضد حبس مغني الراب بابلو هاسل ، سأغير شعار حملتي... سيكون: “شيوعية أو حرية».
كاريكاتورية وعدوانية، مرشوشة بأنصاف حقائق، ان لم تكن أكاذيب... تلك هي السمة المميزة لأسلوب دياز أيوسو. عندما تولت رئاسة المنطقة في أغسطس 2019، كانت شخصية سياسية من الدرجة الثانية، غير معروفة للجمهور، واليوم، أصبحت رمز الحزب الشعبي وملهمته في إسبانيا.
وصفتها؟ استخدام منصة الحكومة المحلية لمخاطبة البلد. مضاعفة الصدام مع السلطة التنفيذية المركزية، وتغذية وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية بجدل فيروسي مع خطاب يميني متشدد. “إذا وصفوك بالفاشي، فذلك لأنك تعمل بشكل جيد (...) لأنك على الجانب الصحيح من التاريخ”، تجرأت على قول ذلك مجددا، في البرنامج التلفزيوني “كارتون»!
إغليسياس، معجب
بـ «لعبة العروش»
لذلك ينزل بابلو إغليسياس إلى الساحة لمواجهة الشيطان، وإنقاذ مدريد من “حكومة أيوسو اليمينية المتطرفة مع فوكس”... الخطر حقيقي. وتشير استطلاعات الرأي المنشورة منذ بداية المسلسل بشكل شبه دائم، إلى أن الحزب الشعبي يمكن أن يشكل أغلبية مع فوكس، الأولى في البلاد، وأول تحالف رسمي بين اليمين الشعبي واليمين المتطرف، وأول دخول للحكومة من جانب فوكس ومن الباب الكبير.
نعم، لكن ... إنها أيضًا (وخاصة) مناورة تكتيكية. من محبي سلسلة لعبة العروش، إغليسياس هو سيد في هذا المجال. منذ بلوغه القمة عام 2016، استمر بوديموس في الانقسام وفقدان ناخبين. ومنذ عام، الحزب هو الشريك الأقلي في الحكومة الائتلافية التي تقود إسبانيا، إلى جانب حزب العمال الاشتراكي. ويجد أعضاؤه صعوبة من أجل فرض خطهم ويخشون أن يبتلعهم الاشتراكيون. كل من يعرف الشخصية، يدرك أيضًا أن بابلو إغليسياس جندي، وهو أكثر راحة في القتال منه في الحكومة، إنه يبرع في دور قاتل، “النظام”، “النخبة”، “اليمين المتطرف”، “الفاشية».
مشروعه: توحيد يسار الحزب الاشتراكي في مدريد، واستخدام ثقله السياسي وقوة جذبه الإعلامية لتعبئة الناخبين، وتحويل الحملة إلى معركة الخير ضد الشر، من خلال إعادة تنشيط الخيال المؤلم لنضال المدافعين عن الديمقراطية ضد الديكتاتورية في إسبانيا.
وهذا يعني أن ماس مدريد، الحزب بقيادة انيجو إريجون، سينضم الى قضيته، الا ان الجراح عميقة بين الزعيمين. كم هي بعيدة تلك الأيام التي كانا لا ينفصلان فيها، والزمن الذي جمعتهما فيه عطلات نهاية الأسبوع والتزلج، أو إعادة تشكيل العالم في نزل العم بيبي، مع مجموعة من الأصدقاء من كلية العلوم السياسية الذين حلموا بتغيير النظام. معا أسسا بوديموس، وعندما صعد إلى القمة، قطع رأسهم واحدًا تلو الآخر، لضمان حكمه بلا منافس... وكان إريجون آخر من سقط.
كم هو بعيد أيضًا، زمن سهر الصديقان في الحانة المحلية مع إيزابيل دياز أيوسو. عام 2012، كانوا يتحدثون عن السياسة ويتبادلون الرسائل على تويتر عند مغادرة البرنامج الحواري الذي كان إيغليسياس يقدمه. اليوم، حوَّلت نجمة اليمين الجديدة ونجم اليسار الراديكالي في إسبانيا، مدريد إلى ساحة معركة، حيث يعبّر كل منهما عن رؤية مانوية لصراع الخير ضد الشر... “الشيوعية أم الحرية”... “الفاشية أم الحرية».