هل أمريكا أفضل بلا أفغانستان؟

الاستخبارات الأمريكية: خطؤنا الأساسي كان الافتقار إلى الالتزام

الاستخبارات الأمريكية: خطؤنا الأساسي كان الافتقار إلى الالتزام


في ذكرى عام على الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، يراجع خبراء ومحللون قرار الرئيس جو بايدن إنهاء “أطول الحروب” الأمريكية مع بعض الاستدراك المتأخر.
ويوافق أستاذ شؤون الأمن القومي في الكلية الحربية البحرية بالولايات المتحدة جيمس كوك في مقال بمجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي تقويمه بأن عقدين من الزمن في أفغانستان انتهيا إلى “فشل استراتيجي”، ويرى أيضاً أن بايدن اتخذ القرار المناسب بوضع حد للعمليات العسكرية الأمريكية في ولايته، وعدم إحالته على خلفه.

وقال مدير وكالة الإستخبارات الأمريكية السابق ديفيد بيترايوس إن “خطأنا الأساسي (في أفغانستان)، كان الافتقار إلى الإلتزام. وفي الجوهر، لم نتبنَ مطلقاً مقاربة كافية وثابتة وشاملة بين إدارة وإدارة، أو حتى ضمن الإدارة الواحدة”. ولسوء الحظ، فإن الافتقار إلى هذا الالتزام ولد أيضاً تفكيراً قصير النظر وإحباطاً اختزله أحد الضباط الأمريكيين بالقول :”هذه لم تكن حرباً لمدة عشرين سنة. إنها حرب لمدة سنة خضناها عشرين مرة».

مثل هذه الاتهامات تساعد على تفسير لماذا تتعرض إدارة بايدن دورياً لانتقادات على أساس أنها ليست شريكاً أمنياً موثوقاً يفتقر إلى الإرادة السياسية والصبر الاستراتيجي للوفاء بالتزاماتها الأمنية. والأسوأ من ذلك، ان بعض الحلفاء في الناتو أعربوا عن قلقهم حيال وحدة الحلف وفاعليته للمستقبل.

 وعلى سبيل المثال، أبدى الأمين العام السابق للحلف جورج روبرتسون قلقه حيال قرار لبايدن بالإنسحاب، معتبراً أنه يضعف الناتو على أساس أنه تم التخلي عن مبدأ “الواحد للكل، والكل للواحد”. ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية افتتاحية بعنوان “كيف هدم بايدن الناتو” تضمنت شكاوى من قادة أوروبيين ينددون بغياب المشاورات وبالضرر الذي تسبب به الانسحاب الاحادي.

وفي الوقت الذي لا يمكننا التقليل من التأثير الاستراتيجي لهذه الانتقادات الصادرة عن الشركاء والخصوم على حد سواء، فإن إدارة بايدن تستحق الثناء لأنها توازن على نحوٍ مناسب الجهود الأمريكية المستمرة في أفغانستان في مواجهة تحديات أمنية أخرى تؤثر على المصالح القومية للولايات المتحدة. وتتضمن هذه التحديات الاستراتيجية مع دول أخرى، التهديدات السيبرانية والوباء العالمي الذي أثر بشكل كبير على سلاسل الإمداد والنشاطات الاقتصادية.

اليوم، لم تعد وزارة الدفاع الأمريكية مطالبة بإلتزام على صعيد وجود قوات عسكرية أو استخباراتية كبيرة في أفغانستان، مما أدى إلى مرونة استراتيجية للتركيز على أولويات حددتها استراتيجية الدفاع القومي لعام 2022، خصوصاً التحدي المزدوج لروسيا في أوروبا وللصين في منطقة المحيطين الهادئ والهندي. وتصف الوثيقة روسيا بأنها “تهديد كبير” بينما تمثل الصين “المنافس الاستراتيجي والتحدي المتصاعد بالنسبة إلى وزارة الدفاع الأمريكية”. وعلاوة على ذلك، فإن نزاعاً يندلع في أي من المنطقتين قد يتوسع بسرعة ليشكل تهديداً للاستقرار العالمي، وأن يؤثر مباشرة على المصالح القومية للولايات المتحدة والنظام الدولي الليبرالي.

ويتساءل المرء هل كانت الولايات المتحدة قادرة على نشر قوات ومعدات في أوروبا رداً على هجوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا، لو كانت القوات الأمريكية لا تزال “عالقة” في أفغانستان. واتخذت الصين من زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان، ذريعة كي تصعد التوتر في المنطقة. وأجرت مناورات عسكرية غير مسبوقة في عرض للقوة. وفي المقابل تعهد وكيل وزارة الدفاع الأمريكية كولن كاهل أن البحرية الأمريكية ستضمن حرية الملاحة في مضائق تايوان. ونظراً إلى التوترات الأخيرة يمكن الاستنتاج بأن التصعيد سيتواصل خصوصاً مع سعي الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى ولاية ثالثة على رأس الدولة والحزب في الخريف المقبل.