غارديان: انتهت المسرحية الهزلية
التصعيد في أوكرانيا.. إخفاق دبلوماسي لترامب
بعد أسبوع من المحادثات المباشرة الأولى التي عقدت بين روسيا وأكرانيا منذ مارس -آذار 2022، والتي انتهت من دون أي إشارة إلى الاتفاق على وقف للنار، بدا أن تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب، قد أخفق. وكتب مراسل صحيفة «غارديان» البريطانية في كييف بيتر بيمونت، إن ترامب، الذي تفاخر قبل تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة بأنه قادر على إنهاء الحرب في غضون 24 ساعة، شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلال رفضه ممارسة الضغوط من أجل وقف فوري للنار، بدعم من أوروبا ــ أو فرض عقوبات ذات معنى.
ومنذ المحادثة الهاتفية، التي أجراها ترامب مع بوتين والتي استمرت ساعتين الاثنين الماضي، تمسك الزعيم الروسي برفض وقف فوري للنار، بينما كانت وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، تتوقع استمرار موسكو في القتال خلال هذا العام.
وعقب المحادثة، أمر بوتين بإنشاء «منطقة أمنية عازلة» على طول الحدود الشرقية لأوكرانيا. ويبدو أن الهجمات تتسارع، حيث بلغت ذروتها في يومين متتاليين من الغارات الجوية، بما في ذلك غارة ليلة السبت - وهي أعنف قصف جوي في الحرب حتى الآن، بمشاركة نحو 300 مسيّرة ونحو 70 صاروخاً.
ويتوقع المسؤولون الأوكرانيون والغربيون، أن تحاول روسيا مرة أخرى تنفيذ هجوم واسع النطاق خلال الصيف، حتى وإن كانوا متشككين جداً في فعاليته، نظراً للخسائر الفادحة التي تكبدتها موسكو. واقع الأمر، هو أنه في ظل الجمود على الأرض، فإن تصعيد حرب المسيّرات طويلة المدى على الجانبين، صار أكثر أهمية من أي وقت مضى، حتى لو انعدمت امكانية غزو بري.
وتتزايد أعداد المسيّرات على نحو مطرد، مع إنتاج المصانع الروسية والأوكرانية للآلاف منها، وهي غدت أكثر تطوراً، مع استخدام موسكو لأعداد كبيرة من الأنظمة المصممة لخداع أنظمة الدفاع الجوي.
وفي وقت استهدفت أوكرانيا قواعد ومصانع، يبدو أن هدف الجانب الروسي يقتصر على تقويض الروح المعنوية على الصعيد الداخلي.
والأحد، ندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بغضب شديد بـ»صمت أمريكا... الذي يشجيع بوتين». وأثارت كلماته سؤالاً أكثر أهمية: هل ترامب، كما هدد منذ فترة طويلة، قد تراجع فعلاً عن جهوده لإنهاء الحرب؟
وافترض أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة سانت أندروز فيليبس أوبراين، في نشرته الإخبارية عن الحرب، أن المحادثات الأخيرة، بصرف النظر عن أي آمال في تحقيق اختراق، قد أزالت في الواقع أي ادعاء بأن المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة، تمضي إلى الأمام. وكتب أوبراين في نهاية الأسبوع: «الاثنين (الماضي)، انتهت المسرحية الهزلية التي شهدناها لأشهر. كان الظاهر منها، أن ترامب يحاول التفاوض على اتفاق بين أوكرانيا وروسيا يصب في مصلحة الدولتين. لكن الحقيقة كانت دائماً أن ترامب كان يحاول إجبار أوكرانيا على تقديم تنازلات كبيرة لروسيا ومساعدة بوتين على تحقيق العديد من أهدافه الاستراتيجية».
وإذا كان ترامب قد انسحب فعلاً، فإن ذلك يطرح عدداً من الأسئلة الصعبة على كييف: هل ستواصل الولايات المتحدة تقديم المساعدات العسكرية بكميات كافية؟ والأهم من ذلك، هل تستطيع أوروبا ملء الفراغ الديبلوماسي والعسكري الناتج عن هذا الانسحاب؟
ما بات جلياً بالنسبة للأوكرانيين، أنه على رغم الأسابيع الكثيرة التي غطتها عناوين الصحف حول إمكان تحقيق تقدم في محادثات السلام، هو أنه من دون ضغوط من واشنطن، أو مساعدات أوروبية سريعة جداً، ستستمر الحرب، وستكون هناك ليالٍ أخرى مثل ليالي السبت في مستقبلهم.