التقسيم والسيطرة.. إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي تصدم أوروبا

التقسيم والسيطرة.. إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي تصدم أوروبا


في خطوة وصفتها مجلة «وار أون ذا روكس» الأمريكية بـ»الصدمة للنظام»، أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إستراتيجيتها للأمن القومي الجديدة، وهي وثيقة من 33 صفحة أثارت عاصفة من الجدل بسبب نبرتها العدائية غير المسبوقة تجاه أوروبا.
وتحذّر الوثيقة من أن القارة الأوروبية تواجه «محوًا حضاريًا»، وأنها «ستصبح غير قابلة للتعرف في غضون 20 عامًا أو أقل إذا استمرت الاتجاهات الحالية» ، وفقًا لإذاعة «فرانس إنفو». كما تتهم الوثيقة الاتحاد الأوروبي بـ»الرقابة على حرية التعبير» و»قمع المعارضة السياسية»، في إشارة إلى جهود بعض الدول لاحتواء صعود اليمين المتطرف.
صحيفة «لابريس» الكندية ذكرت أن الوثيقة تشير إلى أن «أعضاء الناتو قد يصبحون في غالبيتهم من غير الأوروبيين في غضون بضعة عقود على الأكثر»، متسائلة: «هل سينظرون إلى مكانتهم في العالم، أو تحالفهم مع الولايات المتحدة، بنفس الطريقة التي نظر بها الموقعون الأوائل على ميثاق المنظمة؟».  

تقسيم أوروبا والسيطرة عليها
ناتالي توتشي، مديرة معهد الشؤون الدولية الإيطالي، كتبت في «فورين بوليسي» أن إدارة ترامب لديها «رؤية واضحة ومتسقة لأوروبا: رؤية تعطي الأولوية للعلاقات الأمريكية الروسية وتسعى لتقسيم القارة والسيطرة عليها، مع قيام القوى اليمينية المتطرفة القومية الأوروبية بمعظم العمل القذر» وفق تعبيرها. من جهته، وصف مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS) الإستراتيجية بأنها «صدمة مؤلمة وحقيقية لأوروبا»، مؤكدًا أن «الوثيقة ازدرائية بشكل صارخ تجاه أوروبا، ولا يوجد فيها ما يمنح الراحة للحلفاء الأوروبيين».
أما مجلس العلاقات الخارجية (CFR) فقد حذّر من أن الإستراتيجية تتهم أوروبا بالرقابة وقمع المعارضة السياسية، وتنتقد الاتحاد الأوروبي بعبارات عدائية، زاعمة أنه قوض «الحرية السياسية» و»السيادة».
«فرانس إنفو» وصفت الوثيقة بأنها «صفعة إضافية للحلفاء التقليديين للولايات المتحدة»، مشيرة إلى أنها «تردد صدى خطاب نائب الرئيس جي دي فانس في مؤتمر ميونيخ في فبراير الماضي، الذي وصفه عدة مسؤولين أوروبيين بـ»تدخل من واشنطن».
أما وكالة «تاس» الروسية فأكدت أن الإستراتيجية تعتبر «رفض النظر إلى الناتو كتحالف دائم التوسع» من أولوياتها، وأن «واشنطن تصف استعادة الاستقرار الإستراتيجي في العلاقات مع موسكو كأولوية للسياسة الخارجية الأوروبية».
وتحدد الوثيقة بوضوح أن «المصلحة الأساسية للولايات المتحدة هي التفاوض على وقف سريع لإطلاق النار في أوكرانيا لتحقيــــــق اســتقرار اقتصادات الدول الأوروبية، ومنع التصعيد أو التمدد غير المقصود للصراع، واستعادة الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا»، بحسب «برافدا» الناطقة بالفرنسية.

تقسيم أم تعزيز؟
صحيفة «لابريس» لفتت إلى أن الوثيقة تدعو إلى «استعادة السيادة الأمريكية» في أمريكا اللاتينية، وتعلن عن «إعادة تموضع» للوجود العسكري الأمريكي في العالم، «للاستجابة للتهديدات العاجلة على قارتنا»، موصية بـ»الابتعاد عن المسارح التي انخفضت أهميتها النسبية للأمن القومي الأمريكي». 
توري تاوسيغ من مؤسسة «المجلس الأطلسي»، حذرت من أن الإستراتيجية تسعى إلى تمكين الأحزاب القومية والشعبوية التي ستكون «الأكثر احتمالًا لخفض ميزانيات الدفاع والتقليل من التهديدات التقليدية».