الجوع ينهش الإثيوبيين الهاربين إلى السودان

الجوع ينهش الإثيوبيين الهاربين إلى السودان


تملك الجوع الطفل الإثيوبي تيديست جيزريل البالغ عشرة أعوام الذي فر مع آلاف من مواطنيه مشيا على مدى يومين إلى السودان، هربًا من القتال العنيف الذي يشهده أقليم تيغراي.
وقد قطع جيزريل حافي القدمين مسافة 30 كيلومتراً تحت أشعة الشمس الحارقة، وانفصل عن أسرته مع سيطرة الخوف والفوضى في إقليم تيغراي الإثيوبي.
ومع قطع الاتصالات في منطقة تيغراي في شمال إثيوبيا وتدفق اللاجئين عبر الحدود النائية، إلى السودان المجاور، قدم اللاجئون المرعوبون والمنهكون روايات هي الأولى لشهود عيان عن القتال المتواصل في منطقتهم منذ أسبوع.

وتقول أسمرة تيفساي وهي أم تبلغ من العمر 31 عاما “حصل قصف مدفعي ووقعت غارات جوية ثم رأينا الجنود يقتربون وهربت مع طفليّ وأمي وأبي».
وتبدو علامات الصدمة على الكثير من اللاجئين جراء القصف الكثيف الذين يتهمون الجيش الاثيوبي بشنّه.
وقالت روني جيزرجيل، وهي مهندسة تبلغ من العمر 25 عاماً “رأيت نساء يلدن على الطريق، لكنهن واصلن السير خشية أن يقتلهن الجنود الإثيوبيون».
ولم يجد جابيرا سولاسي، طالب الرياضيات البالغ 22 عامًا، غير بئر مياه يلجأ إليها اتقاء من القصف العنيف.

ويقول سولاسي “اختبأت في بئر أثناء القصف ثم هربت خلال فترة هدوء».ويضيف مُحبطا “الآن أنا في السودان وأظن أن الحرب ستستمر.. لست متأكدًا من أنني سأتمكن من العودة إلى الجامعة».
يقترب جيزريل الذي ارتدى قميصا برتقاليا وسروالا رماديا من الجنود السودانيين وعاملين في مجال المساعدة الإنسانية ويمدّ يده يتوسل الحصول على بعض الطعام.

وليس جيزريل الوحيد الذي يستجدي فتات الخبز. فثمة المئات من الأطفال في الشوارع، بعضهم مع ذويهم والبعض الآخر انفصل عنهم وسط حالة الذعر وهم يتقدمون في قافلة طويلة تضم آلافا من الإثيوبيين الآخرين المتجهين إلى السودان.
قال السر خالد الرئيس الإقليمي لمفوضية اللاجئين السودانية، إن ما لا يقل عن 21 ألف إثيوبي عبروا إلى شرق السودان طلباً للمساعدة حتى مساء الجمعة.
وأوضح لوكالة فرانس برس “إنهم يواصلون القدوم”، مشيرا إلى أن الكثيرين وصلوا من بلدة حُميرة الإثيوبية التي شهدت بعض أعنف المعارك.

وأفاد صحافيون جالوا في المنطقة الحدودية بين اثيوبيا والسودان، أن معظم المساعدات المقدمة للإثيوبيين اللاجئين تأتي من أبناء القرى السودانيين فيما لا تقدم الدولة أو الجمعيات الخيرية الكثير.
ويقول الطالب تيسفاي سالومون البالغ 23 عامًا “شلم أشرب سوى الماء أثناء المشي لمدة يومين، ولم يكن هناك أي شيء آكله». ويضيف “ما أن عبرنا الحدود، نقلنا بعض السودانيين في سيارة إلى هذه القرية وأعطانا السكان المحليون الطعام، لكن الكمية قليلة لدرجة أننا نحتفظ بها للأطفال».
ويحاول أهل هذه القرى الحدودية في السودان تقديم ما يسعهم من مساعدة للإثيوبيين، إلا أنهم يخشون أن يؤدي وصول الآلاف منهم إلى استنفاد مواردهم المحدودة أصلا.

ويقول المزارع السوداني جمال آدم “بدلا من البقاء في المخيمات، استقر الكثيرون (من الإثيوبيين) في حقولنا».ويضيف لوكالة فرانس برس “لقد قطعوا أشجارنا لحماية أنفسهم من أشعة الشمس ، بينما ينام آخرون تحت النجوم في حقولنا. وقد حان موسم حصاد الذرة، وقد أخسر كل شيء».
في المقابل، يؤكد الإثيوبيون أن الخيار الوحيد المتاح أمامهم كان اللجوء إلى السودان.وتقول جيزرجيل “إنها حرب ضد شعب تيغراي، إنها ليست حربا سياسية.. إنها حرب لابادتنا».