رئيس الدولة وولي عهد السعودية يؤكدان على تعزيز العمل الخليجي والعربي المشترك
الحرب على أبواب حلب.. تصاعد المواجهات العسكرية وعودة الإرهاب
تشهد سوريا تطورات عسكرية خطيرة أعادت للأذهان مشاهد الحرب التي ظن السوريون أنها باتت جزءاً من الماضي.
فصائل مسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام، شنت هجوماً واسعاً في ريفي حلب وإدلب، ما أدى إلى سيطرتها على عشرات القرى واقترابها من مدينة حلب.
هذه التحركات دفعت الجيش السوري إلى استدعاء تعزيزات عسكرية وسط اتهامات متبادلة وتوتر بين الأطراف الإقليمية والدولية. «التاسعة»، ناقش مع الكاتب والباحث السياسي محمود الأفندي، أسباب التصعيد، دور الفاعلين الدوليين، وتداعيات الأحداث على مسار الحل السياسي في سوريا.
التصعيد العسكري..
أبعاد وأهداف
استهل محمود الأفندي حديثه بالتأكيد على أن الهجوم الذي قادته هيئة تحرير الشام كان مخططاً له منذ أشهر، لكنه تأجل بفعل ضغوط تركية.
وأضاف: «من الواضح أن تركيا أعطت الضوء الأخضر لبدء العمليات بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، ما يثير التساؤلات حول توقيت الهجوم وأهدافه. هيئة تحرير الشام ليست مجرد فصيل معارض؛ بل تحظى بدعم تركي مباشر وتستخدم الآن مسيّرات وأسلحة متطورة، بعضها قد يكون من مصادر أوكرانية».
وأكد الأفندي أن روسيا تعي خطورة الموقف، لكنها تتريث في التدخل المباشر، مشيراً إلى أن «القصف الروسي على مواقع المعارضة في ريف حلب كان محدوداً مقارنة بما شهدناه في الأعوام الماضية».
التوازنات الإقليمية..
بين أنقرة ودمشق
وعن دور تركيا في التصعيد الأخير، شدد الأفندي على أن «أنقرة تحاول استخدام الورقة العسكرية للضغط على دمشق في إطار مفاوضات التطبيع التي ترعاها روسيا».
وأوضح الأفندي: «تركيا تريد ضمان مصالحها في شمال سوريا، لكنها تصطدم برفض سوري قاطع للجلوس إلى طاولة المفاوضات دون تقديم ضمانات بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية».
ورداً على سؤال حول موقف روسيا، أشار الأفندي إلى أن «موسكو تدرك أن تركيا تلعب لعبة خطيرة قد تؤدي إلى انهيار كامل لاتفاقيات التهدئة السابقة، خاصة اتفاق سوتشي 2019 الذي نص على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب».
إيران وحزب الله في دائرة الاستهداف
في سياق متصل، ناقشت الحلقة التقارير التي تشير إلى وجود مساعٍ دولية لتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا ومنع وصول السلاح إلى حزب الله، وهنا قال الأفندي: «روسيا تجد نفسها بين مطرقة الضغوط الدولية وسندان التزاماتها تجاه حلفائها في دمشق وطهران. ومع عودة الإرهاب إلى الواجهة، يمكن للرئيس بشار الأسد أن يبرر بقاء القوات الإيرانية وحزب الله في سوريا كضرورة لمواجهة التهديدات الأمنية».
الدور الأميركي
وعن الدور الأميركي، تطرق النقاش إلى السياسة المتوقعة مع اقتراب انتقال السلطة إلى إدارة ترامب، حيث عبر الأفندي قائلا: «ترامب معروف برغبته في تقليص الدور الأميركي في سوريا، لكنه قد يستخدم الملف كورقة ضغط في المفاوضات مع روسيا».
وأكد أن «روسيا لن تقبل بأي اتفاق يمس السيادة السورية، لكنها قد تبدي مرونة في قضايا محدودة مثل مراقبة المعابر لمنع تدفق الأسلحة إلى حزب الله».
السيناريوهات المستقبلية
وبخصوص السيناريوهات المحتملة، يرى الأفندي أن «الأمور تتجه نحو مزيد من التعقيد، خاصة مع استخدام هيئة تحرير الشام لأسلحة حديثة وتحركاتها قرب المناطق الحساسة مثل مدينة حلب».
وأضاف: «روسيا قد تلجأ إلى تصعيد عسكري واسع النطاق إذا استمرت هيئة تحرير الشام في تهديدها للأمن السوري والإقليمي، خاصة مع التقارير التي تفيد بتورط أطراف غربية في دعم هذه الفصائل».
الحل السياسي يبقى الحل الأوحد
المشهد في سوريا يتأرجح بين التصعيد الميداني والمفاوضات السياسية، فيما تظل الأطراف الإقليمية والدولية لاعباً رئيسياً في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، وقال محمود الأفندي: «على الجميع أن يدرك أن الحل السياسي هو الخيار الوحيد لإنهاء هذه الأزمة، لكن ذلك لن يتحقق دون توافق إقليمي ودولي حقيقي».