بعد القانون الجديد عن «العملاء الأجانب» في جورجيا
الحرب في أوكرانيا تهزّ استقرار دول حليفة لروسيا
خرج جورجيون الأسبوع الماضي في تظاهرات إلى البرلمان احتجاجاً على قانون جديد عن “العملاء الأجانب”، وحملوا لافتات كتبوا عليها “لا للقانون الروسي”، بينما نددت لافتات أخرى بروح الاستبداد والامبريالية المتناغمة مع النفوذ الروسي في المنطقة.
وكتب مراسل صحيفة “غارديان” البريطانية في موسكو أندرو روث أن القانون الذي يعارضه المحتجون يتيح لحزب الحلم الجورجي الحاكم، قمع المجتمع المدني والفوز في الانتخابات المقبلة. لكن تقارب الحزب من موسكو وأوجه الشبه مع قانون روسي سيئ السمعة عن “العملاء الأجانب”، كان محل تنديد من الجورجيين الذين انضموا إلى الاحتجاجات.ويقول البروفسور في جامعة تبليسي ومدير المعهد الجورجي للسياسات كورنلي كاكتشيا إن “الجميع يعرف أن روسيا لا تتمتع بشعبية هنا... والمحتجون أرادوا أن يظهروا أيضاً للجورجيين ماذا ستكون نتيجة هذا القانون. فقط انظروا إلى ما حدث في روسيا”.ومن يريفان إلى كيشيناو وتبليسي وأستانا، عمل غزو أوكرانيا على مضاعفة الخوف من العدوان الروسي في بعض الدول، ودفع البعض الآخر، الذي يعتبر نفسه حليفاً، إلى إعادة تقييم دور موسكو كشريك مستقر. كما عجل بنمو تيار في أوساط الشباب على الأقل ممن ولدوا بعد الحقبة السوفياتية، كي يتخذوا موقفاً أقوى ضد النفوذ الروسي في المنطقة.وقال كاكتشيا: “لقد فقدت روسيا قوتها الناعمة ... ولا يعرفون كيف من الممكن أن يستخدموها حيال جيرانهم. إنهم يستخدمون فقط القوة المتوحشة».
ردود عكسية
تسببت تحركات روسيا بردود عكسية من نواحٍ عدة. فهذه أوكرانيا تتلقى مساعدة عسكرية غير مسبوقة من ائتلاف تقوده الولايات المتحدة، وتقدمت فنلندا والسويد بطلب لعضوية حلف الناتو، وأظهر الغرب ثباتاً على صعيد فرض العقوبات على موسكو ورفضاً لإستخدام الطاقة الروسية.
وتطلب سنوات العمل على زرع نخب سياسية، وتطوير الاعتماد على الضمانات الأمنية الروسية وغرس الحنين المحلي إلى الاتحاد السوفياتي، لكن كل ذلك اهتز مع المغامرة الروسية في أوكرانيا.
وقالت مديرة برنامج آسيا الوسطى في مركز ديفيس للدراسات الروسية والأوراسية في جامعة هارفرد نرجس كازانوفا عند الحديث عن كازاخستان: “كيف يمكنك أن تعيش إلى جوار دولة كهذه...إنه لأمر صعب لأن نقاط الضعف كبيرة ومنتشرة في كل المجالات. لا يمكننا أن ننتقل من المنطقة، ويتعين علينا العيش إلى جانب روسيا إلى الأبد. لذلك نحن بحاجة إلى إيجاد تسوية مؤقتة. لن يكون الأمر سهلاً، لكن ربما شكل ذلك فرصة لبناء نوع من السيادة والإنفصال جزئياً عن روسيا».
قره باغ
وفي عام 2020، فاوض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل التوصل إلى وقف للنار بين أرمينيا وأذربيجان في الحرب على ناغورني قره باغ. ووفرت التسوية لموسكو نشر 2000 جندي لحفظ السلام وأبرزت دور بوتين كمفاوض ماهر.
أما اليوم، فإن موسكو منشغلة أوكرانيا، ، وبدت أذربيجان أكثر تجرؤاً بسبب عدم قدرة روسيا على التحرك. ومنذ ديسمبر (كانون الأول)، يغلق وكلاء أذربيجان الممر الوحيد إلى قره باغ، مما أدى إلى نقص في الغذاء والكهرباء هناك. وتم تهميش قوة حفظ السلام الروسية ويبدو أنها لا تتلقى مؤناً كافية، مما أعاقها عن القيام بمهامها.
ويقول رئيس المركز الإقليمي للدراسات في يريفان ريتشارد غيراغوسيان: “لم تنشغل روسيا فقط، وإنما أثقل عليها الغزو الفاشل لأوكرانيا...لقد فقدت روسيا مبادرتها الديبلوماسية في ما يتعلق بأرمينيا وأذربيجان، وكذلك بالنسبة إلى قره باغ”. لكن روسيا تبقى معتمدة إلى حد كبير على روسيا في مجالات الأمن والطاقة والتجارة، والتي تضاعفت العام الماضي. واعتبر غيراغوسيان أن تحدي النفوذ الروسي سيكون بمثابة إنتحار.
وفي مولدوفا، حذرت الرئيسة مايا ساندو من أن روسيا تخطط لإنقلاب. وقالت في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي إن “الخطة تشمل أعمال تخريب وتدريب أشخاص عسكرياً تحت قناع مدنيين من أجل القيام بأعمال عنف، ومهاجمة المباني الحكومية وإحتجاز رهائن».
في المقابل، زادت روسيا من جهودها الديبلوماسية ومد اليد لمنطقة آسيا الوسطى. وزار بوتين كل جمهوريات أسيا الوسطى الخمس وعقد أكثر من 50 اجتماعاً (افتراضياً وشخصياً) مع قادة هذه الجمهوريات في 2022.
وقالت كازانوفا إنه “بسبب إغلاق الاتجاه أمام روسيا نحو الغرب، فإنها تظهر اهتماماً زائداً بآسيا الوسطى».