يلمع نجم أبطال جوجيتسو الإمارات في جميع المحافل الرياضية، ويحصدون الميداليات الملونة مساهمين بذلك في ترسيخ مكانة دولة الإمارات على خارطة الجوجيتسو العالمية. وفيما يحمل الأبطال ميدالياتهم على منصات التتويج وتعلو صيحات الجمهور المشجع للاعبيه، ترتسم ابتسامة رضى على وجه المدرب الذي قد يكون خلف الكواليس في تلك اللحظات، يفخر بإنجاز لاعبيه، إذ يجد في نجاحهم نجاحه الشخصي. وفيما تتصف علاقة الأب بابنه بالاهتمام والرعاية، ويرتبط الأصدقاء ببعضهم بعلاقاتٍ مبنية على الثقة، تمزج علاقة المدرب بلاعبيه الكثير من الأبعاد في شخص رجلٍ واحد، فالمدرب هو الأب الراعي والأخ الداعم والصديق الموثوق للاعبيه، الذي يجدون فيه القوة والعزيمة والخبرة التي يحتاجونها عند دخولهم بساط المنافسة.

وبالطبع فإن هذه العلاقة الفريدة ليست أمراً عابراً، بل هي ثمرة الجهود الحثيثة التي يبذلها المدرب لكسب ثقة لاعبيه، ومنحهم بالتالي الثقة بنفسهم وبقدرتهم على تحقيق الفوز والارتقاء لمستوى الأبطال المتمرسين. ويؤكد إبراهيم الحوسني، مدرب المنتخب الوطني لفئة اللناشئين أن الخطوة الأولى التي يتوجب على أي مدرب تحقيقها هي بناء علاقةٍ قوية مع اللاعب وتعزيز ثقة اللاعب بحرص المدرب على مصلحته والارتقاء به لبطلٍ عالمي. إلا أن التوصل لهذه القناعة يستوجب على المدرب أن يبرهن حرصه على جميع اللاعبين على حدٍ سواء، وأنه لا يفرق بين لاعبٍ وآخر.

وإذ كانت الثقة علاقة تبادلية، ولا تبنى من طرفٍ واحد، يقول الحوسني: “فيما نسعى كمدربين لكسب ثقة وصداقة اللاعبين، يتوجب على اللاعبين أن يثبتوا أنهم أهل لثقتنا، وأول المؤشرات الإيجابية بالنسبة لنا هي التزام اللاعب بالتدريب واهتمامه بتطوير ذاته، فاللاعب الذي يكرس وقته وجهده وتركيزه للتدريب سيتمكن من توظيف الخبرات والتوجيهات التي نقدمها له بشكلٍ أفضل عن اللاعب الذي يتهاون في حضور الحصص التدريبية والالتزام بالتوجيهات التي يقدمها المدرب».

وحول الاستراتيجية التي ينتهجها المدرب لتطوير جميع اللاعبين والوصول بهم إلى مستوى أداء متميز، يوضح الحوسني أن المدرب يبدأ غالباً بتنظيم جلسات تدريب عامة لجميع اللاعبين لمراقبة أداء كل لاعب، وبعد رصد نقاط قوة وضعف كل لاعب، يبني المدرب برامج مخصصة لكل لاعب بشكلٍ يضمن تحويله إلى بطلٍ في المستقبل. ويقول الحوسني: “هذه العملية قد تستغرق سنوات، خاصةً وأنها عملية ديناميكية، فبعد إخضاع جميع اللاعبين لجلسات تدريبية من مستوىً معيّن، يمكننا معرفة أيٍ من اللاعبين يحتاج لتطوير بنيته العضلية أو تحسين آلية تنفسه أو رفع قدرته على التحمّل، إلى جانب تحديد اللاعبين الذين يبدون تحملاً عالياً في تنفيذ هذه التدريبات، ما يشير لامتلاكهم إمكانياتٍ أعلى. وبعد هذه المرحلة، نبدأ العمل على معالجة نقاط الضعف في الفئة الأولى من اللاعبين، وصقل مهارات الفئة الثانية. وعند هذه المرحلة نعود مرةً أخرى للتدريبات العامة لرصد مدى تطور اللاعبين وجاهزيتهم للانتقال للمستوى التالي. وتسهم جملة الممارسات هذه بتعزيز إيمان اللاعبين بحرص المدرب على تطويرهم وتحسين مهاراتهم بشكلٍ متساوٍ».

من جانبه، يقول سالم مبارك سالم مبارك زايد الظاهري لاعب المنتخب الوطني للجوجيتسو بفئة الكبار بوزن 77 كيلوجراماً: “نحن محظوظون في دولة الإمارات بوجود مدربين خبراء سوءاً على مستوى الأندية أو المنتخب، إذ لا ننظر إليهم باعتبارهم مدربينا فحسب، بل هم أخوتنا وأصدقاؤنا الموثوقون. وفي حين تحكم قيم الاحترام والالتزام علاقتنا بالمدرب على بساط المنافسة، تمكّن مدربونا من التحوّل لأصدقائنا خارج البساط، وهذه العلاقة هي نتيجة طبيعية لما يبديه مدربونا من جهودٍ للوصول بنا إلى كامل طاقتنا وتطويرنا على المستوى البدني والنفسي. وبالطبع فإن تحقيق هذا النوع من العلاقة لا يمكن أن يتم دون وجود الثقة المتبادلة بين اللاعب ومدربه”. ويؤكد نجم نادي الوحدة أن مهارة المدرب تكمن في قدرته على فهم طبع كل لاعب، والتعامل معه على هذا الأساس، الأمر الذي يمنح اللاعبين راحةً أكبر في التعامل مع المدرب، كونه يفهم شخصيتهم ويدعمهم في جميع تفاصيل حياتهم داخل البساط وخارجه.

ويختتم الحوسني حديثه عن علاقته بلاعبيه بالتأكيد على أن الاحترام المتبادل هو حجر الأساس في هذه العلاقة، فالمدرب الذي يحترم شخصية لاعبيه يستحق احترامهم والتزامهم بالإرشادات التدريبية، ليحصلوا بذلك على ثقة مدربهم ودعمه المطلق. ويلخص الحوسني الخصال التي يجب أن يتحلى بها المدرب لاكتساب صداقة وثقة لاعبيه بالصبر والتفهم والاحترام والمساواة بين الجميع وتقديم القدوة الحسنة داخل البساط وخارجه.