الوجه الآخر للمعركة ضد كوفيد-19

الدول الفقيرة، الخاسر الأكبر في الحصول على اللقاح

الدول الفقيرة، الخاسر الأكبر في الحصول على اللقاح

-- بينما يتطلب تلقيح 70 بالمائة من سكان العالم جرعتين، يبدو أن جهود كوفاكس غير كافية إلى حد كبير
-- توجيه فائض اللقاحات المطلوبة إلى الدول الفقيرة، سيناريو لن يحدث قبل الصيف
-- رغم انتشار اللقاحات، لن يتم تطعيم خُمس سكان العالم حتى عام 2022
-- تريد شركتان بيع لقاحها «بسعر التكلفة»، وطوّرت لقاحًا بجرعة واحدة، على عكس الآخرين


   في أوائل فبراير، تم تجاوز علامة 100 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد في جميع أنحاء العالم، وفقًا لـ “عالمنا في البيانات”، وهو منشور على الإنترنت يسرد في الوقت الفعلي البيانات المتاحة عن اللقاحات. حملات التطعيم على قدم وساق في أوروبا والولايات المتحدة وروسيا والصين، ولكن سيتعين على الدول الفقيرة الأولى الانتظار حتى نهاية فبراير لرؤية هذا الكنز الثمين يصل.
   غاضبًا من التفاوت في الحصول على اللقاح بين البلدان الفقيرة والغنية، قام تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بضرب الطاولة في 18 يناير، قائلاً إن “العالم على وشك فشل أخلاقي كارثي «.

  كيف وصلنا إلى هنا؟ خلال الأشهر الأولى للوباء، كان هناك وعي جماعي بالحاجة إلى لقاح متاح للجميع. في مايو 2020، وافقت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية البالغ عددها 194 دولة على قرار ينص على أن الوصول إلى اللقاح يجب أن يكون “سريعًا ومنصفًا وعالي الجودة وآمنًا وبأسعار معقولة”. وأشار القادة الأوروبيون بوضوح إلى مصطلح “منفعة عامة عالمية واحدة للقرن الحادي والعشرين».

ومع ذلك، خلف الكواليس، هناك سيناريو آخر يحدث. منذ بداية الوباء، أبرمت الدول الغربية اتفاقيات ثنائية مع شركات التكنولوجيا الحيوية و”بيج فارما” الذين كانوا يطورون لقاحات مرشحة، وشرائها دون أن يكون لديها أي ضمان للفعالية. سرعان ما أدى هذا إلى تجاوز الطاقة الإنتاجية في العالم، كما توضح إلس توريلي، المديرة السابقة لحملة الوصول إلى الأدوية في منظمة أطباء بلا حدود.
  إن الولايات المتحدة هي التي أطلقت سباق اللقاحات، من خلال استثمار 10 مليارات دولار في عملية “وارب سبيد”، لتخزين اللقاحات الواعدة. واعتمدت الدول الأوروبية نفس المسار بسرعة.

كوفاكس، آلية
تضامن لقاح مشوهة
   ومع ذلك أنشأت منظمة الصحة العالمية في أبريل آلية تضامن عالمية من أجل التوزيع العادل للقاحات في العالم: صندوق كوفاكس التضامني، الذي يهدف إلى تلقيح 20 بالمائة من جميع دول العالم تقريبًا في عام 2021.
   يقود كوفاكس التحالف العالمي للقاحات جافي، وهي منظمة بين القطاعين العام والخاص تأسست عام 2000، مسؤولة عن التفاوض بشأن شراء وتوزيع اللقاحات في البلدان الفقيرة، ومنظمة الصحة العالمية، التي توفر الخبرة الفنية لإدارة اللوجستيات ودعم حملات التطعيم الوطنية. الشريك الثالث هو، التحالف من اجل ابتكارات التأهب للأوبئة، مسؤول عن مشاريع البحث والتطوير المتعلقة بمحفظة لقاحات كوفاكس.

  «كانت الفكرة الأصلية أن تشتري كوفاكس اللقاحات بكميات كبيرة للتفاوض على أسعار أفضل مع شركات الأدوية، والتي يتم توزيعها بعد ذلك على الجميع، بدلاً من شراء كل بلد على حدة”، يقول كين شادلين، أستاذ الدراسات في التنمية بكلية لندن للاقتصاد.

   غير ان الدول المتقدمة لا تريد أن تقتصر على تطعيم 20 بالمائة من سكانها، وبينما تشتري بكميات كبيرة من شركات الأدوية، فإنها تتخلى عن كوفاكس، التي جمعت 2.4 مليار دولار فقط نهاية عام 2020. وحتى الآن، تدعي الآلية أنها تمكنت من تأمين 1.3 مليار جرعة، التي سيتم إرسالها كأولوية إلى 92 دولة ضعيفة ومتوسطة الدخل. وما يقرب من 90 بالمائة من 337 مليون جرعة وزعتها كوفاكس في النصف الأول من عام 2021 ستذهب إلى هذه البلدان. ولكن بينما يتطلب تلقيح 70 بالمائة من 7.8 مليار شخص على هذا الكوكب جرعتين، يبدو الجهد غير كافٍ إلى حد كبير.

   ومع ذلك، تم تصور سيناريو من قبل بعض الدول الغربية مثل السويد: فائض اللقاحات المطلوبة يمكن أن يغذي الدول الفقيرة الأعضاء في كوفاكس، لكن في أفضل السيناريوهات، لن يحدث هذا قبل الصيف.
   وفي مواجهة أوجه القصور في كوفاكس، بدأ المزيد من البلدان الضعيفة والمتوسطة الدخل في الدخول في اتفاقيات ثنائية مع مجموعات صيدلانية كبيرة، حتى بالنسبة لكميات صغيرة من اللقاحات. وبذلك أبرم الاتحاد الأفريقي اتفاقات في منتصف يناير مع مجموعات أسترا-زينيكا وبفايزر وجونسون آند جونسون لتلقي 670 مليون جرعة. المفاوضات شاقة، خاصة أن الشفافية في شروط العقود أبعد ما تكون عن التحقق.

لقاحات جديدة أكثر
ملاءمة للدول النامية
   من بين اللقاحات الخمسة التي أكملت تجارب المرحلة 3 وتمت الموافقة عليها أو هي في طور الموافقة عليها من قبل منظمة الصحة العالمية، فإن لقاح أكسفورد -أسترا-زينيكا هو الأرخص على الورق. وزعمت مجموعة أسترا-زينيكا أنها تنتج “بسعر التكلفة” للبلدان الضعيفة والمتوسطة الدخل، أي حوالي 3 دولارات للجرعة، لكن لا شيء مؤكد.

  «لا نعرف تكاليف الإنتاج الحقيقية. ويستخدم اللقاح تقنية تقليدية إلى حد ما، ويبلغ متوسط تكلفة إنتاج اللقاحات التقليدية أقل من دولار واحد. لقد دفعت دول مثل جنوب إفريقيا والبرازيل أكثر من 5 دولارات للجرعة، أو حتى 7 دولارات لأنغولا، أي بما يتجاوز السعر الذي أعلنته مجموعة الأدوية في البداية، تعرب عن أسفها إلس توريلي.

  للقاح الذي طورته جامعة أكسفورد ميزة أخرى للبلدان النامية: يمكن تخزينه في درجة حرارة بين 2 و8 درجات مئوية. وليس هذا هو الحال بالنسبة للقاحين اللذين طورتهما شركتا بفايزر ومودرنا، اللذان يعتمدان على تقنية مسنجر ار ان ايه المبتكرة، ويتطلبان تخزينًا طويل الأجل عند درجة حرارة منخفضة جدًا (-70 درجة مئوية للأول و-20 للثاني).    كما تم طلب لقاحين جديدين من قبل بعض البلدان الضعيفة والمتوسطة الدخل: نوفافاكس وجونسون آند جونسون. وقد دخلا متأخرين للسباق، وأعلنا عن نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في نهاية شهر يناير، بنسبة 89 بالمائة للأول و66 بالمائة للثاني. وأعلنت شركة جونسون آند جونسون، مثل أسترا-زينيكا، أنها تريد بيع لقاحها “بسعر التكلفة”، وقد طورت لقاحًا أحادي الجرعة، على عكس جميع اللقاحات الأخرى، بسعر 8.50 دولار للجرعة. سعر لقاح نوفافاكس أعلى، 16 دولارًا للجرعة.

  ويعد هذان اللقاحان، اللذان قد يحظيان بموافقة السلطات الصحية في الأسابيع المقبلة، خبرًا جيدا للدول النامية، حيث سيتم إنتاجهما بكميات كبيرة، مثل أكسفورد أسترا زينيكا.
  أخيرًا، تم توزيع اللقاحات الروسية والصينية في عدد من البلدان. بالإضافة إلى روسيا، تم طلب لقاح سبوتنيك V من قبل سبعة عشر دولة، منها بعض الدول ذات الدخل الضعيف والمتوسط ، مثل مصر والهند وفيتنام والدول الحليفة مثل فنزويلا أو إيران. سعره حوالي 7.5 دولار للجرعة الواحدة، ويمكن تخزينه في الثلاجة عند 2-8 درجة مئوية، ووفقًا للنتائج المنشورة في المجلة الطبية ذي لانسيت، فهو فعال بنسبة 91 فاصل 6 بالمائة.

   على الجانب الصيني، تم توزيع لقاحين في البلدان الفقيرة، ولكن بكميات أقل بكثير: لقاح مختبر سينوفاك، وهي شركة خاصة في بكين تمتلك كورونا فاك، وسينوفارم، الذراع الصيدلانية للدولة الصينية. ونجدهما في عدد قليل من البلدان مثل الفلبين وأوكرانيا ومصر وباكستان.   وتقول كلية بلومبرج للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز، إنه رغم انتشار اللقاحات، لن يتم تطعيم خُمس سكان العالم حتى عام 2022.