رئيس الدولة يستعرض مع حاكم الفجيرة وولي عهده الموضوعات التي تهم شؤون الوطن والمواطن
سيتم تتويجه رسميًا الخميس القادم
الرئاسيّة الأمريكية: جو بايدن في نهاية النفق...؟
-- درس من والده في المثابرة تبعه طيلة حياته، وفي أصعب المراحل
-- لا يجب أن ينظر الناخبون إلى ترشيح بايدن على أنه فترة ولاية ثالثة لأوباما
-- ستكون ولايته بمثابة مرحلة انتقالية مـــع جيـــل جديــد أكثـــر يســارية
-- التركيز على العاطفة والمصالحة، في بلد يعاني من انقسام سياسي عميق، أصبح استراتيجية المرشح
-- إذا تم انتخابه، سيصبح بايدن الوسطي، الرئيس الأكثر تقدميّة في تاريخ الولايات المتحدة
-- أعطى تعيين كامالا هاريس حياة جديدة للحملة الافتراضية للمرشح الديمقراطي
طبعته المآسي الشخصية والعديد من الإخفاقات السياسية، يأمل الديموقراطي البالغ من العمر 77 عامًا، في الفوز أخيرًا كما تتوقع استطلاعات الرأي، بإخراج دونالد ترامب من المكتب البيضاوي.
عندما كان صغيراً، كثيراً ما سمع جو بايدن والده، بائع السيارات المستعملة، يذكّره: “يا بني، لا نقيس الرجل بعدد المرات التي سقط فيها، ولكن بمدى سرعة نهوضه”. هذا الدرس في المثابرة تبعه طوال حياته، وفي أصعب المراحل. وقد أثبت ذلك مرة أخرى عام 2020، من خلال أداء واحدة من أروع الريمونتادا في تاريخ الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين، بعد بداية كارثية للحملة. ويأمل المرشح الديمقراطي للبيت الأبيض، 77 عامًا، والذي سيتم تعيينه رسميًا يوم الخميس 20 أغسطس الجاري في مؤتمر افتراضي، أن يترك المحن وراءه وينهي حياته المهنية بفوز ما انفكت استطلاعات الرأي تتوقعه منذ شهور.
معركته الأولى، كانت مع التلعثم والتأتأة، التي تغلب عليها عندما كان طفلاً. وُلد جو بايدن عام 1942 في بلدة عمّاليّة سكرانتون بولاية بنسلفانيا، وكثيرًا ما تعرّض لسخرية رفاقه بسبب صعوبات التعبير التي يعاني منها.
وكان يواجهها بحفظ قصائد طويلة يقرأها بصوت عال أمام المرآة. وحتى اليوم، يمكننا أن نسمعه يتعثر في كلمات معينة، ويشدّ ازر الذين يعانون من نفس مشكلة النطق. وفي الانتخابات الرئاسية، سيعتمد على نائبه، السناتورة كامالا هاريس، الخبيرة في المبارزة اللفظية، لسد ثغراته في هذه المسألة.
عندما كان مراهقًا، انتقلت عائلته إلى مايفيلد، بلدة للطبقة الوسطى في ديلاوير، وهي ولاية صغيرة جدًا على الساحل الشرقي الأمريكي، وبسبب الوباء قام في الأشهر الأخيرة بحملته انطلاقا من منزله. هناك، التحق بالجامعة، حيث درس التاريخ والعلوم السياسية. ترك خطاب تنصيب الرئيس كينيدي عام 1961 انطباعًا وأثرا دائمًا فيه: “ لا تسألوا عما يستطيع بلدكم أن يحققه لكم، ولكن أسألوا انفسكم عما يمكنكم فعله لبلدكم».
وخلال إقامة طلابية في “عطلة الربيع” في جزر البهاما، التقى بالمرأة التي ستصبح زوجته الأولى، نيليا هانتر. تخرّج عام 1965، والتحق بالجامعة نفسها التي التحقت بها، في سيراكيوز، من ولاية نيويورك، لدراسة القانون. ورغم النتائج المحدودة، عاد إلى ديلاوير، في ويلمنجتون، لممارسة بضع سنوات كمحام في بداية حياته المهنية. وبالتوازي، اندمج بسهولة في الحزب الديمقراطي المحلي.
أدى اليمين في غرفة مستشفى
أنجبت نيليا أطفالها الثلاثة في ثلاث سنوات: بو، مواليد 1969، هانتر، ثم نعومي. وقال جو بايدن في ذلك الوقت: “حدث كل شيء بشكل أسرع من المتوقع”. بعد عام، في سن 29، تحول الأب إلى السياسة وأصبح خامس أصغر سيناتور في الولايات المتحدة. لكن في شتاء عام 1972، منعته أول تراجيديا كبيرة في حياته من الاستمتاع بانتصاره. ماتت نيليا، وهي في السيارة لشراء شجرة عيد الميلاد مع الأطفال الثلاثة الصغار، في حادث أدى أيضًا إلى رحيل نعومي الصغيرة وإصابة بو وهنتر بجروح خطيرة.
«بدأت أفهم كيف يمكن لليأس أن يدفع الناس للاستسلام؛ وكيف أن الانتحار لم يكن مجرد خيار وإنما خيارًا عقلانيًا ... كان الأمر كما لو أن الرب قد خذلني، كنت غاضبًا”، روى لاحقًا. انتصرت المرونة والصمود، وأدى اليمين من غرفة أبنائه في المستشفى، وظل يتنقل يوميًا بالقطار بين واشنطن وديلاوير للعودة لرعايتهم. وسيعاد انتخابه خمس مرات، وسيصبح السيناتور الأطول خدمة في ولاية ديلاوير. عام 1977، تزوج من السيدة جيل تريسي جاكوبس، “الدكتورة جيل بايدن”، التي لا تزال بجانبه اليوم. ومن اتحادهما، ولدت أشلي عام 1981.
خصم ثم صديق أوباما
كما شهدت الحياة السياسية لجو بايدن عدة انتكاسات. عام 1988، حاول لأول مرة الترشح للبيت الأبيض، لكنه أنهى حملته بعد فضيحة سرقة أدبية. وبعد عشرين عامًا، حاول مرة أخرى، مستفيدًا من خبرته في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ. الا ان أسنانه تحطمت امام مرشحين أقوى منه: هيلاري كلينتون وباراك أوباما. وانتهى هذا الأخير، الفائز في الانتخابات التمهيدية، باختياره على تذكرته، وأخذه معه إلى البيت الأبيض.
إنها بداية صداقة جميلة بين الرجلين اللذين سيخدمان فترتين جنبًا إلى جنب. كان الرئيس يشرك رجله الثاني في جميع القرارات، وهو الميثاق الذي ينوي جو بايدن إعادة إنتاجه مع كامالا هاريس، التي عينها الثلاثاء الماضي لتكون “نائب الرئيس” في حالة الفوز في 3 نوفمبر.
«ستكونين آخر صوت في الغرفة”، وعدها لتأكيد أهميتها عنده. في غضون ذلك، ستصبح زوجته جيل، استاذة اللغة الإنجليزية في إحدى كليات فيرجينيا، “السيدة الثانية” الأولى التي تشغل وظيفة مدفوعة الأجر.
في نهاية ولايته الثانية، يناير 2017، قدم باراك أوباما إلى جو بايدن “ميدالية الحرية”، وهي واحدة من أعلى درجات التكريم الرئاسي. وكان للحفل طعم خاص لأن هذا الأخير لا يزال حينها يعاني من مأساة جديدة. لقد توفي ابنه بو قبل عام ونصف بسبب سرطان في الدماغ عن عمر يناهز 46 عامًا. “بو كان روحي،”، يتحسّر جو بايدن اليوم. وكما لو أنه ينتقم من القدر، فقد وعد بقوة بـ “التغلب على السرطان” إذا انتخب رئيساً.
وبينما كان الديمقراطيون يبحثون عن خليفة لباراك أوباما، دفعته وفاة نجله إلى التخلي عن طموحاته الرئاسية عام 2016. وانحنى لهيلاري كلينتون. “لو ترشحت، لكنت قد فزت”، ندم لاحقًا. بعد أربع سنوات، لا مجال للتنازل عن فرصته ضد دونالد ترامب. وهو يردد باستمرار “نحن في معركة من أجل روح أمريكا”. ومع ذلك، فقد بدأ السباق بشكل سيء للغاية ...
حملة تبعث من جديد
«العم جو”، له سمعة لمسيّة، لم يعلن بعد رسميًا عن ترشّحه العام الماضي، حتى أبلغت عدة نساء عن إيماءات غير لائقة ضدهن. “لم أصدق أبدًا أنني تصرفت بشكل غير لائق، وإذا اعتُبر أن هذا هو الحال، سأستمع باحترام”، قال مدافعا عن نفسه.
استمرت المشاكل مع اداء كارثي خلال المناظرات الديمقراطية الأولى: تعثّر السبعيني عند بعض الكلمات، واختلطت عليه الامور، وكان يتوقف عن الكلام في منتصف الجملة بمجرد انتهاء الوقت المخصص له. مقابل ذلك، لم يتردد منافسوه -كمالا هاريس الأولى - في مقاطعته. بدا الرجل مرتبكًا وقد تجاوزته الاحداث، وأحيانًا على مشارف الخرف، فاتحا المجال لهجمات ترامب الذي يلقبه بـ “سليبي جو” (جو النائم). أضف إلى ذلك الفضيحة الأوكرانية -التي أكسبت ترامب محاولة عزله -والشكوك حول تضارب مصالح سابق مرتبط بعمل ابنه بو في شركة غاز متورطة في فضيحة فساد في كييف.
أيوا، نيو هامبشاير، نيفادا ... كانت المراحل الأولى من السباق مخيبة للآمال الى درجة أن الكثيرين توقعوا أن المرشح، الذي يفتقر إلى التمويل، سيرمي المنديل. هذا دون احتساب عناد بايدن، الذي راهن بكل شيء على ساوث كارولينا في أوائل مارس، وكان محقا. ان تجربته إلى جانب باراك أوباما، وعلاقته الشخصية مع سكان هذه الولاية التي يحبها -يمتلك منزلاً ثانيًا -منحته مبايعة بفضل أصوات الامريكان السود... وهكذا تم بعث حملته من جديد.
«إنه ببساطة رجل طيب»
الى درجة أن منافسيه، في المعسكر المعتدل، باتوا يتساقطون مثل الذباب. لقد نصحه جيمس كليبيرن، السياسي الأسود (من ساوث كارولينا) الأكثر احترامًا في الكونغرس، والذي أصبح أحد مساعديه المقربين، بإضفاء المزيد من العاطفة على خطاباته “بدلاً من مجرد رفض برنامج”: “لجو بايدن سجل رائع، وقصة رائعة، إنه ببساطة رجل طيب. وكما قلت عندما دعمته: أعرف جو، نحن نعرف جو، لكن الأهم من ذلك أن جو يعرفنا. «
ان زيادة التركيز على العاطفة والمصالحة، في بلد يعاني من انقسامات سياسية عميقة، أصبحت استراتيجية المرشح مشبعة بحنين ما. بيرني ساندرز، منافسه الاشتراكي في الانتخابات التمهيدية، استسلم في الاخير أوائل أبريل. غير ان محنة جديدة كانت في انتظاره وستقلب الحملة بأكملها رأسًا على عقب. لقد اجبر وباء فيروس كورونا المرشحين على إلغاء اجتماعاتهم، وإنشاء وسائل افتراضية جديدة لمخاطبة مؤيديهم ومراجعة برنامجهم السياسي في ضوء أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
واقعة غير مسبوقة لمرشح ديمقراطي: المعتدل جو بايدن، انزلق تدريجياً إلى اليسار في وعوده الانتخابية. ولإرضاء الجناح التقدمي في الحزب، دعا النجمة الشابة المنتخبة، السكندريا أوكاسيو كورتيز، لقيادة فريق العمل المناخي. وانتهى الحنين إلى الماضي، فهو يستخدم الآن تعبيرات مثل “تغيير النظام” أو “تغيير البلد”، التي سمعناها سابقًا في أفواه ساندرز وإليزابيث وارين. وكصدى لمقترحات هذه الأخيرة، دعا إلى إلغاء ما لا يقل عن 10 الاف دولار من ديون الطلاب لكل شخص خلال الأزمة، وزيادة المعاشات التقاعدية بمقدار 200 دولار شهريًا.
الخط السوي كفريق
وكيد ممدودة لساندرز، اقترح أيضًا خفض سن التغطية الصحية العامة لكبار السن إلى 60 عامًا، وجعل الجامعات العمومية مجانية للطبقات المتوسطة. ان الذين درسوا برنامجه حاسمون: إذا تم انتخابه، جو بايدن، رغم حياته السياسية في الوسط، سيصبح الرئيس الأكثر تقدميّة في تاريخ الولايات المتحدة، وستكون ولايته بعد ذلك بمثابة مرحلة انتقالية مع جيل جديد يساريّا أكثر، والذي يمكن أن تجسده كامالا هاريس اعتبارًا من عام 2024.
لقد أعطى تعيين هذه الأخيرة كرفيقة في تذكرة الديمقراطيين، حياة جديدة للحملة الافتراضية –وبعدا فرجويا على الرغم من استطلاعات الرأي الجيدة -للديمقراطي. وخلال يومين من الإعلان عن اختياره، تلقى مبلغًا قياسيًا قدره 48 مليون دولار من المساهمات وهو يدخل الخط السوي من السباق والمعركة على البيت الأبيض. معركة أخيرة يقودها السبعيني، الذي انحنى لكنه حازم، كفريق واحد. بالنسبة لجو بيرلين، وهو رجل اتصال ديمقراطي من بوسطن، تعامل مع مرشح البيت الأبيض، “لا ينبغي أن ينظر الناخبون إلى ترشيح بايدن على أنه فترة ولاية ثالثة لأوباما، الأمر الذي من شأنه أن يمنح ترامب فرصة وضع أخطاء إدارة أوباما مرة أخرى على الطاولة وقدم هذا المانح، الذي لا يشارك بشكل مباشر في الحملة، بعض النصائح في منبر على بوليتيكو: “للفوز، يجب أن يركز على العواقب الصحية والاقتصادية لـ كوفيد-19، والانقلاب الذي حدث في ضمير ووعي بلادنا بسبب مقتل جورج فلويد. هذان هما أكبر إخفاقات ترامب ويجب أن يكونا مركز الاهتمام. يجب عليه، كل يوم، إبراز قدرته الفطرية على إظهار التعاطف والقوة والمعرفة اللازمة للرد على هذه المشاكل تاركا لنائبه وللمستشارين الآخرين التحدث عن كل ما تبقى. «
-- لا يجب أن ينظر الناخبون إلى ترشيح بايدن على أنه فترة ولاية ثالثة لأوباما
-- ستكون ولايته بمثابة مرحلة انتقالية مـــع جيـــل جديــد أكثـــر يســارية
-- التركيز على العاطفة والمصالحة، في بلد يعاني من انقسام سياسي عميق، أصبح استراتيجية المرشح
-- إذا تم انتخابه، سيصبح بايدن الوسطي، الرئيس الأكثر تقدميّة في تاريخ الولايات المتحدة
-- أعطى تعيين كامالا هاريس حياة جديدة للحملة الافتراضية للمرشح الديمقراطي
طبعته المآسي الشخصية والعديد من الإخفاقات السياسية، يأمل الديموقراطي البالغ من العمر 77 عامًا، في الفوز أخيرًا كما تتوقع استطلاعات الرأي، بإخراج دونالد ترامب من المكتب البيضاوي.
عندما كان صغيراً، كثيراً ما سمع جو بايدن والده، بائع السيارات المستعملة، يذكّره: “يا بني، لا نقيس الرجل بعدد المرات التي سقط فيها، ولكن بمدى سرعة نهوضه”. هذا الدرس في المثابرة تبعه طوال حياته، وفي أصعب المراحل. وقد أثبت ذلك مرة أخرى عام 2020، من خلال أداء واحدة من أروع الريمونتادا في تاريخ الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين، بعد بداية كارثية للحملة. ويأمل المرشح الديمقراطي للبيت الأبيض، 77 عامًا، والذي سيتم تعيينه رسميًا يوم الخميس 20 أغسطس الجاري في مؤتمر افتراضي، أن يترك المحن وراءه وينهي حياته المهنية بفوز ما انفكت استطلاعات الرأي تتوقعه منذ شهور.
معركته الأولى، كانت مع التلعثم والتأتأة، التي تغلب عليها عندما كان طفلاً. وُلد جو بايدن عام 1942 في بلدة عمّاليّة سكرانتون بولاية بنسلفانيا، وكثيرًا ما تعرّض لسخرية رفاقه بسبب صعوبات التعبير التي يعاني منها.
وكان يواجهها بحفظ قصائد طويلة يقرأها بصوت عال أمام المرآة. وحتى اليوم، يمكننا أن نسمعه يتعثر في كلمات معينة، ويشدّ ازر الذين يعانون من نفس مشكلة النطق. وفي الانتخابات الرئاسية، سيعتمد على نائبه، السناتورة كامالا هاريس، الخبيرة في المبارزة اللفظية، لسد ثغراته في هذه المسألة.
عندما كان مراهقًا، انتقلت عائلته إلى مايفيلد، بلدة للطبقة الوسطى في ديلاوير، وهي ولاية صغيرة جدًا على الساحل الشرقي الأمريكي، وبسبب الوباء قام في الأشهر الأخيرة بحملته انطلاقا من منزله. هناك، التحق بالجامعة، حيث درس التاريخ والعلوم السياسية. ترك خطاب تنصيب الرئيس كينيدي عام 1961 انطباعًا وأثرا دائمًا فيه: “ لا تسألوا عما يستطيع بلدكم أن يحققه لكم، ولكن أسألوا انفسكم عما يمكنكم فعله لبلدكم».
وخلال إقامة طلابية في “عطلة الربيع” في جزر البهاما، التقى بالمرأة التي ستصبح زوجته الأولى، نيليا هانتر. تخرّج عام 1965، والتحق بالجامعة نفسها التي التحقت بها، في سيراكيوز، من ولاية نيويورك، لدراسة القانون. ورغم النتائج المحدودة، عاد إلى ديلاوير، في ويلمنجتون، لممارسة بضع سنوات كمحام في بداية حياته المهنية. وبالتوازي، اندمج بسهولة في الحزب الديمقراطي المحلي.
أدى اليمين في غرفة مستشفى
أنجبت نيليا أطفالها الثلاثة في ثلاث سنوات: بو، مواليد 1969، هانتر، ثم نعومي. وقال جو بايدن في ذلك الوقت: “حدث كل شيء بشكل أسرع من المتوقع”. بعد عام، في سن 29، تحول الأب إلى السياسة وأصبح خامس أصغر سيناتور في الولايات المتحدة. لكن في شتاء عام 1972، منعته أول تراجيديا كبيرة في حياته من الاستمتاع بانتصاره. ماتت نيليا، وهي في السيارة لشراء شجرة عيد الميلاد مع الأطفال الثلاثة الصغار، في حادث أدى أيضًا إلى رحيل نعومي الصغيرة وإصابة بو وهنتر بجروح خطيرة.
«بدأت أفهم كيف يمكن لليأس أن يدفع الناس للاستسلام؛ وكيف أن الانتحار لم يكن مجرد خيار وإنما خيارًا عقلانيًا ... كان الأمر كما لو أن الرب قد خذلني، كنت غاضبًا”، روى لاحقًا. انتصرت المرونة والصمود، وأدى اليمين من غرفة أبنائه في المستشفى، وظل يتنقل يوميًا بالقطار بين واشنطن وديلاوير للعودة لرعايتهم. وسيعاد انتخابه خمس مرات، وسيصبح السيناتور الأطول خدمة في ولاية ديلاوير. عام 1977، تزوج من السيدة جيل تريسي جاكوبس، “الدكتورة جيل بايدن”، التي لا تزال بجانبه اليوم. ومن اتحادهما، ولدت أشلي عام 1981.
خصم ثم صديق أوباما
كما شهدت الحياة السياسية لجو بايدن عدة انتكاسات. عام 1988، حاول لأول مرة الترشح للبيت الأبيض، لكنه أنهى حملته بعد فضيحة سرقة أدبية. وبعد عشرين عامًا، حاول مرة أخرى، مستفيدًا من خبرته في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ. الا ان أسنانه تحطمت امام مرشحين أقوى منه: هيلاري كلينتون وباراك أوباما. وانتهى هذا الأخير، الفائز في الانتخابات التمهيدية، باختياره على تذكرته، وأخذه معه إلى البيت الأبيض.
إنها بداية صداقة جميلة بين الرجلين اللذين سيخدمان فترتين جنبًا إلى جنب. كان الرئيس يشرك رجله الثاني في جميع القرارات، وهو الميثاق الذي ينوي جو بايدن إعادة إنتاجه مع كامالا هاريس، التي عينها الثلاثاء الماضي لتكون “نائب الرئيس” في حالة الفوز في 3 نوفمبر.
«ستكونين آخر صوت في الغرفة”، وعدها لتأكيد أهميتها عنده. في غضون ذلك، ستصبح زوجته جيل، استاذة اللغة الإنجليزية في إحدى كليات فيرجينيا، “السيدة الثانية” الأولى التي تشغل وظيفة مدفوعة الأجر.
في نهاية ولايته الثانية، يناير 2017، قدم باراك أوباما إلى جو بايدن “ميدالية الحرية”، وهي واحدة من أعلى درجات التكريم الرئاسي. وكان للحفل طعم خاص لأن هذا الأخير لا يزال حينها يعاني من مأساة جديدة. لقد توفي ابنه بو قبل عام ونصف بسبب سرطان في الدماغ عن عمر يناهز 46 عامًا. “بو كان روحي،”، يتحسّر جو بايدن اليوم. وكما لو أنه ينتقم من القدر، فقد وعد بقوة بـ “التغلب على السرطان” إذا انتخب رئيساً.
وبينما كان الديمقراطيون يبحثون عن خليفة لباراك أوباما، دفعته وفاة نجله إلى التخلي عن طموحاته الرئاسية عام 2016. وانحنى لهيلاري كلينتون. “لو ترشحت، لكنت قد فزت”، ندم لاحقًا. بعد أربع سنوات، لا مجال للتنازل عن فرصته ضد دونالد ترامب. وهو يردد باستمرار “نحن في معركة من أجل روح أمريكا”. ومع ذلك، فقد بدأ السباق بشكل سيء للغاية ...
حملة تبعث من جديد
«العم جو”، له سمعة لمسيّة، لم يعلن بعد رسميًا عن ترشّحه العام الماضي، حتى أبلغت عدة نساء عن إيماءات غير لائقة ضدهن. “لم أصدق أبدًا أنني تصرفت بشكل غير لائق، وإذا اعتُبر أن هذا هو الحال، سأستمع باحترام”، قال مدافعا عن نفسه.
استمرت المشاكل مع اداء كارثي خلال المناظرات الديمقراطية الأولى: تعثّر السبعيني عند بعض الكلمات، واختلطت عليه الامور، وكان يتوقف عن الكلام في منتصف الجملة بمجرد انتهاء الوقت المخصص له. مقابل ذلك، لم يتردد منافسوه -كمالا هاريس الأولى - في مقاطعته. بدا الرجل مرتبكًا وقد تجاوزته الاحداث، وأحيانًا على مشارف الخرف، فاتحا المجال لهجمات ترامب الذي يلقبه بـ “سليبي جو” (جو النائم). أضف إلى ذلك الفضيحة الأوكرانية -التي أكسبت ترامب محاولة عزله -والشكوك حول تضارب مصالح سابق مرتبط بعمل ابنه بو في شركة غاز متورطة في فضيحة فساد في كييف.
أيوا، نيو هامبشاير، نيفادا ... كانت المراحل الأولى من السباق مخيبة للآمال الى درجة أن الكثيرين توقعوا أن المرشح، الذي يفتقر إلى التمويل، سيرمي المنديل. هذا دون احتساب عناد بايدن، الذي راهن بكل شيء على ساوث كارولينا في أوائل مارس، وكان محقا. ان تجربته إلى جانب باراك أوباما، وعلاقته الشخصية مع سكان هذه الولاية التي يحبها -يمتلك منزلاً ثانيًا -منحته مبايعة بفضل أصوات الامريكان السود... وهكذا تم بعث حملته من جديد.
«إنه ببساطة رجل طيب»
الى درجة أن منافسيه، في المعسكر المعتدل، باتوا يتساقطون مثل الذباب. لقد نصحه جيمس كليبيرن، السياسي الأسود (من ساوث كارولينا) الأكثر احترامًا في الكونغرس، والذي أصبح أحد مساعديه المقربين، بإضفاء المزيد من العاطفة على خطاباته “بدلاً من مجرد رفض برنامج”: “لجو بايدن سجل رائع، وقصة رائعة، إنه ببساطة رجل طيب. وكما قلت عندما دعمته: أعرف جو، نحن نعرف جو، لكن الأهم من ذلك أن جو يعرفنا. «
ان زيادة التركيز على العاطفة والمصالحة، في بلد يعاني من انقسامات سياسية عميقة، أصبحت استراتيجية المرشح مشبعة بحنين ما. بيرني ساندرز، منافسه الاشتراكي في الانتخابات التمهيدية، استسلم في الاخير أوائل أبريل. غير ان محنة جديدة كانت في انتظاره وستقلب الحملة بأكملها رأسًا على عقب. لقد اجبر وباء فيروس كورونا المرشحين على إلغاء اجتماعاتهم، وإنشاء وسائل افتراضية جديدة لمخاطبة مؤيديهم ومراجعة برنامجهم السياسي في ضوء أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
واقعة غير مسبوقة لمرشح ديمقراطي: المعتدل جو بايدن، انزلق تدريجياً إلى اليسار في وعوده الانتخابية. ولإرضاء الجناح التقدمي في الحزب، دعا النجمة الشابة المنتخبة، السكندريا أوكاسيو كورتيز، لقيادة فريق العمل المناخي. وانتهى الحنين إلى الماضي، فهو يستخدم الآن تعبيرات مثل “تغيير النظام” أو “تغيير البلد”، التي سمعناها سابقًا في أفواه ساندرز وإليزابيث وارين. وكصدى لمقترحات هذه الأخيرة، دعا إلى إلغاء ما لا يقل عن 10 الاف دولار من ديون الطلاب لكل شخص خلال الأزمة، وزيادة المعاشات التقاعدية بمقدار 200 دولار شهريًا.
الخط السوي كفريق
وكيد ممدودة لساندرز، اقترح أيضًا خفض سن التغطية الصحية العامة لكبار السن إلى 60 عامًا، وجعل الجامعات العمومية مجانية للطبقات المتوسطة. ان الذين درسوا برنامجه حاسمون: إذا تم انتخابه، جو بايدن، رغم حياته السياسية في الوسط، سيصبح الرئيس الأكثر تقدميّة في تاريخ الولايات المتحدة، وستكون ولايته بعد ذلك بمثابة مرحلة انتقالية مع جيل جديد يساريّا أكثر، والذي يمكن أن تجسده كامالا هاريس اعتبارًا من عام 2024.
لقد أعطى تعيين هذه الأخيرة كرفيقة في تذكرة الديمقراطيين، حياة جديدة للحملة الافتراضية –وبعدا فرجويا على الرغم من استطلاعات الرأي الجيدة -للديمقراطي. وخلال يومين من الإعلان عن اختياره، تلقى مبلغًا قياسيًا قدره 48 مليون دولار من المساهمات وهو يدخل الخط السوي من السباق والمعركة على البيت الأبيض. معركة أخيرة يقودها السبعيني، الذي انحنى لكنه حازم، كفريق واحد. بالنسبة لجو بيرلين، وهو رجل اتصال ديمقراطي من بوسطن، تعامل مع مرشح البيت الأبيض، “لا ينبغي أن ينظر الناخبون إلى ترشيح بايدن على أنه فترة ولاية ثالثة لأوباما، الأمر الذي من شأنه أن يمنح ترامب فرصة وضع أخطاء إدارة أوباما مرة أخرى على الطاولة وقدم هذا المانح، الذي لا يشارك بشكل مباشر في الحملة، بعض النصائح في منبر على بوليتيكو: “للفوز، يجب أن يركز على العواقب الصحية والاقتصادية لـ كوفيد-19، والانقلاب الذي حدث في ضمير ووعي بلادنا بسبب مقتل جورج فلويد. هذان هما أكبر إخفاقات ترامب ويجب أن يكونا مركز الاهتمام. يجب عليه، كل يوم، إبراز قدرته الفطرية على إظهار التعاطف والقوة والمعرفة اللازمة للرد على هذه المشاكل تاركا لنائبه وللمستشارين الآخرين التحدث عن كل ما تبقى. «
سيرة ذاتية مختزلة
20 نوفمبر 1942: الولادة في سكرانتون (بنسلفانيا).
1965: تخرج في التاريخ والعلوم السياسية من جامعة ديلاوير.
1972: تم انتخابه سيناتورا عن ولاية ديلاوير (حتى 2009).
1987: ترأس اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ. المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة عام 1988... استقال بعد اتهامات بسرقة أدبية.
2007: مرشــح للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لانتخابات 2008 الرئاسية.
2008: اختاره باراك أوباما لمنصب نائب الرئيس.
2012: أعيد انتخابه إلى جانب باراك أوباما.
25 أبريل 2019 : أعلن ترشحه للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة 2020.
8 أبريل 2020: بعد انسحاب بيرني ساندرز، أصبح المرشح الديمقراطي الوحيد الذي يواجه دونالد ترامب في نوفمبر.