-- افتكت كورتيز الأضواء من كيم كارداشيان أو ليل ناس إكس أو ليلي روز ديب أو جينيفر لوبيز
-- عبارة «افرضوا الضرائب على الأغنياء» على فستانها، تـذكيـر لأثريـــاء ميت غــالا بســحب دفتــر شــيكاتهم
-- باستجابة بايدن لجناحه اليساري، لم تعد الليبرالية وتراكم الثروة تحمل رائحة القداسة في البيت الأبيض

   عاد مهرجان متحف المتروبوليتان للفنون، الذي يجمع نجومًا عالميين والبرجوازية العليا الأمريكية كل عام منذ عام 1948، هذا الأسبوع بعد عامين ونصف من الغياب بسبب الأزمة الصحية. ولئن جرت العادة أن يتم تنظيمه في أول يوم اثنين من شهر مايو، فان قداس الأزياء عُقد في 13 سبتمبر.
   في إصدار عام 2021، دعت آنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة فوغ، أبرز الشخصيات للوقوف والاستعراض أمام عدسة المصورين. لكن رغم وجود كيم كارداشيان أو ليل ناس إكس أو ليلي روز ديب أو جينيفر لوبيز، فإن ألكساندريا أوكاسيو كورتيز النائب الديمقراطية عن ولاية نيويورك هي التي لفتت الأنظار.
    مرتدية فستانًا أبيض ملتصقا بالجسم حيث كُتب باللون الأحمر وبالبنط العريض، “افرضوا الضرائب على الأغنياء”، أثارت الشابة المنتخبة ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحافة.

  صفق البعض وانتقدها آخرون، الا ان السكندريا أوكاسيو كورتيز، حققت ضربة قوية من خلال نجاحها في حجب جميع نجوم السهرة. قبل أيام قليلة من التصويت الحاسم على بنية تحتية ضخمة، وخطة مناخية واجتماعية تقدر بنحو 4 تريليونات دولار يمكن أن يعتمد تمويلها جزئيًا على إصلاح ضريبي كبير، كان هذا الإخراج مدروسًا بعناية.

ازدراء حرّاس النظام
   عادة ما تكون التغطية الإعلامية لـ “ميت غالا” مجرد سلسلة من المقالات التي لا تنتهي حيث تتعلق التحليلات الوحيدة بلون فستان هذه الممثلة، أو قصة الشعر الجديدة لأحدث مغنية عصرية، رغم وجود الكثير مما يمكن قوله حول هذا النوع من الأحداث التي تجمع زبدة عليّة القوم المحافظين، وفي بعض الأحيان، النفاق.
   في حالة استنفار قوية حول مواضيع مناهضة العنصرية، والدفاع عن الأقليات الجنسية، أو العيش معًا، الأثرياء الذين ساروا على السجاد الاحمر في الجادة الخامسة في نيويورك يوم الاثنين، هم بشكل عام أكثر هدوءًا عندما يتعلق الأمر بمناقشة توزيع الثروة، والتفاوت الاقتصادي ومراجعة بعض الامتيازات.
 هذا المجتمع الصغير الذي كان مدللاً من قبل الاستبلشمنت الديمقراطي، لم يعد يتمتع بكل تعاطف اليسار الأمريكي.
   لقد تغيّر ميزان القوى السياسي داخل الديمقراطيين عام 2016 مع هزيمة هيلاري كلينتون أمام دونالد ترامب والتأثير المتزايد لبيرني ساندرز. وساعد وصول مسؤولين منتخبين شباب أكثر راديكالية إلى الكونجرس عام 2018، ودعم غالبية الأمريكيين للأفكار التقدمية حول الصحة أو الاقتصاد أو البيئة، على إبعاد الحزب عن الوسط.
ومع اهتمام جو بايدن بمطالب جناحه اليساري، لم تعد الليبرالية وتراكم الثروة اللامحدودة، تحملان رائحة القداسة في البيت الأبيض، ولا داخل الأغلبية في الكونجرس.
   ومن خلال ظهورها باعتزاز بفستان أبيض مزيّن بعبارة “افرضوا الضرائب على الأغنياء”، جاءت السكندريا أوكاسيو كورتيز لتذكّر بلطف كل هؤلاء الأشخاص الجميلين بأنهم مطالبون بدفع ما عليهم.

مساهمة الأثرياء
في إعادة إعمار أمريكا
    يتوافق موعد “ميت غالا” مع استئناف عمل الكونغرس -بعد عطلة الصيف -حيث يتم حاليًا التفاوض على أكثر من 4000 مليار في الإنفاق والاستثمارات. هذه الخطة العملاقة، التي يجب التصويت عليها في أكتوبر، هي من وعود حملة جو بايدن الذي يريد إعادة أمريكا إلى المسار الصحيح بعد أزمة صحية واقتصادية كشفت للعالم بأسره هشاشة القوة العالمية الأولى.
    وبعد تمرير خطة لتحفيز الاقتصاد ودعمه بقيمة 1.9 تريليون دولار في مارس 2021، يريد الرئيس الديمقراطي أن يرفّع النسق من خلال إطلاق أعمال كبرى على البنية التحتية الأمريكية المتداعية، وتنفيذ إصلاحات اجتماعية وبيئية مهمة.
   ويعتمد تمويل هذا المشروع إلى حد كبير على إصلاح ضريبي يهدف إلى زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات. واستفادت السكندريا أوكاسيو كورتيز، التي تدعم هذه الحزمة بحماس، من العديد من الكاميرات الموجهة إلى” ميت غالا” لتوظفها، بطريقة ملتوية، للترويج للمشروع.
   وليس من قبيل الصدفة أن تكون عضو الكونغرس قد اختارت تاريخ 13 سبتمبر لهذه الخرجة الرائعة.
في اليوم التالي، تم الإعلان عن تفاصيل هذا الإصلاح الذي يطرحه الديمقراطيون من قبل لجنة الكونغرس المشتركة للضرائب، وتدخّل جو بايدن بنشر تغريدة تنص على أن “الأثرياء كانوا يستفيدون منذ فترة طويلة على حساب الطبقة الوسطى».
   من الأسهل خوض معركة سياسية عندما يسيطر الرأي العام على الموضوع، ولكن لكي يحدث ذلك، يجب أن تهتم وسائل الإعلام به، وهذا ما فهمته السكندريا أوكاسيو كورتيز.