إحباط شديد ينتاب قادة المنظمة

الصحة العالمية تواجه أزمة كبيرة في ذروة الحاجة إليها

الصحة العالمية  تواجه أزمة كبيرة في ذروة الحاجة إليها


يدأب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبريسوس، على إعلان آخر تطورات انتشار فيروس كورونا حول العالم. ويعرف الرجل، وفق ستيفن بوراني، كاتب متخصص في العلوم والبيئة، بحضوره الهادئ، ويعمل حالياً على تعزيز الأمل بشأن إمكانية التغلب على الوباء.
وفي ظل هذا المشهد المطمئن، يفترض تصوّر عالم تحترم فيه كل الدول سلطات منظمة الصحة، وتسمح لها بتنسيق تدفق المعلومات والموارد وإيصال الأجهزة الطبية إلى أكثر المناطق حاجة لها.

عالم مختلف
لكن وفق بوراني، نعيش في عالم مختلف. وهو ما عبر عنه في تغريدة على تويتر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 7 أبريل(نيسان)، حينما قال: “قضت منظم الصحة على التعاون بين الدول. ورغم تلقيها معظم تمويلها من الولايات المتحدة، يتمحور عملها حول الصين”، ملخصاً الانتقادات العديدة التي تواجهها المنظمة حالياً . ولم يقتصر الأمر على ترامب، بل يرى البعض في الحكومة الأمريكية ومن الأكاديميين ومنظمات غير حكومية أنه منذ بداية أزمة فيروس كورونا، دعمت المنظمة زعماء قوميين، وامتدحت إجراءات حجر قاسية، وفشلت في حماية النظام الليبرالي العالمي، الذي تشكل حجر الزاوية فيه. وبالفعل قال ديفيد فيدلر، الباحث في الصحة العالمية لدى مجلس العلاقات الخارجية، ومستشار منتظم للمنظمة: “يبدو كأن المنظمة لا تريد ممارسة سلطاتها».
وفي الوقت نفسه، تبذل المنظمة قصارى جهدها لإقناع جميع الدول الأعضاء، 194 دولة، لاتباع إرشاداتها. ولذا قال جون ماكينزي، عالم الفيروسات ومستشار في لجنة الطوارئ لدى منظمة الصحة العالمية: “ينتاب قادة المنظمة إحباط شديد. فقد وجهوا تحذيرات واضحة، ولكن بعض الدول تجاهلتها، وعلى الأخص الولايات المتحدة وبريطانيا».
تقاعس
وفي اليوم الذي أعلن فيه تيدروس عن وباء فيروس كورونا، في 11 مارس(آذار)، تحدث بغموض “عن مستويات مقلقة من التقاعس”.
 وعندما ألح عليه الصحفيون تسمية تلك الدول، قال مايك ريان، طبيب الصدمة الإيرلندي الذي يرأس فريق الاستجابة لكوفيد- 19 لدى منظمة الصحة: “تعلمون من نقصد، لا نريد انتقاد بلداننا الأعضاء على الملأ».
وحسب كاتب المقال، لهذه الحالة سبب بسيط يعود لضعف سلطة المنظمة، رغم كل المسؤوليات الممنوحة لها. وخلافاً لهيئات دولية كمنظمة التجارة العالمية، ليس لدى منظمة الصحة العالمية، وهي هيئة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، قدرة على فرض إجراءات أو عقوبات على دولها الأعضاء. وهي تبدو أقل من جنرال أو زعيم منتخب بتفويض قوي، وأشبه بمدرب رياضي بأجر زهيد يخشى فقدان وظيفته، ويعمل على كسب رضا ومحبة اللاعبين ويتوسل إليهم أحياناً تنفيذ تعليماته.

استنزاف
وفي هذا السياق، قال ريتشارد هورتون، محرر مجلة “لانسيت” الطبية المؤثرة: “استنزفت منظمة الصحة سلطاتها ومواردها، وتراجعت سلطتها التنسيقية وقدراتها. وفقدت بالتالي قدرتها على توجيه رد عالمي ضد وباء يهدد البشر».
ووفق رأي الكاتب، بدأ النظام الدولي الذي تعتمد عليه المنظمة في التراجع، في ظل تطبيع للقومية العدوانية في جميع أنحاء العالم.
وقال لورنس غوستين، مدير مركز التعاون بشأن قانون الصحة الوطني والعالمي لدى المنظمة: “انهارت كل القواعد السابقة حول الأنماط الدولية والصحة العامة وإدراك ما هو متوقع من حيث تفشي المرض. ولا يدري أي منا إلى أين يقودنا هذا الوضع».
وكما يشير الكاتب، نشأت منظمة الصحة خلال لحظة تفاؤل دولي عقب فوضى الحرب العالمية الثانية. ولم تكن فكرة التعاون الدولي في محاربة الأمراض شيئاً حديثاً. فقد عقدت خلال القرن التاسع عشر مؤتمرات صحية دولية دورية، ووضعت دول العالم إجراءات حجر صحي موحدة للقضاء على الكوليرا والحمى الصفراء. لكن دستور منظمة الصحة الذي اعتمد في 1948، وضع تصوراً لمهمة عالمية أعظم بكثير، وليس أقل من”حصول جميع الناس على أعلى المستويات الصحية الممكنة».

دور تنظيمي
ووفق كاتب المقال، كان من بين أروع الإنجازات التي حققتها المنظمة، دورها في القضاء على الجدري، مرض كان ما يزال يفتك بالملايين في الخمسينات، رغم توفر لقاح ضده. ورغم مشاركة المنظمة في إجراء أبحاث التحصين، كان دورها الأكثر أهمية تنظيمياً وديبلوماسياً. فقد أقنعت، في 1959، الاتحاد السوفييتي بإنتاج 25 مليون جرعة تطعيم، لتوزيعها حول العالم. وكي لا تتخلف عن المتغيرات، تبرعت الولايات المتحدة بملايين الدولارات لبرامج التطعيم، سواء مباشرة للمنظمة الدولية أو من خلالها.
إلى ذلك، عندما وصل وباء سارس، في 2003، من الصين إلى هونغ كونغ وفيتنام ثم إلى كندا، أصدرت المنظمة لأول مرة في تاريخها إرشادات ضد السفر إلى مناطق متضررة. ورغم عدم تمتعها بصلاحيات رسمية لوقف رحلات الطيران، نجحت تلك الإجراءات.
لكن يقول جيان لوقا بورسي الذي شغل منصب المستشار القانوني للمنظمة حتى 2018: “ليست منظمة الصحة العالمية مثل حلف الناتو، ولا تحظى بسلطات مجلس الأمن».  إلى ذلك، واجهت المنظمة، منذ 2009 وما بعده، انتقادات من وسائل الإعلام والمجتمع الدولي بسبب تعاملها مع أزمات متلاحقة، جرت خلال عقد شهد انهيار النظام المالي والديبلوماسي الذي استندت إليه.

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot