رئيس الدولة ونائباه يعزون خادم الحرمين بوفاة نوف بنت سعود وهيفاء بنت تركي
بعد تفكك الاستقرار في النظام العالمي
الصراع في أوكرانيا، مرحلة أولى من حرب باردة جديدة
-- لقد دخلنا مرة أخرى في صراع عالمي من أجل السلطة والنظام العالمي
-- مهما كانت نتيجة الحرب، ستتميز الفترة القادمة بتزايد المنافسة بين الأمريكان وروسيا والصين
-- ترفض روسيا والصين في أن تصبحا طرفا في نظام غربي جديد
قبل وقت طويل من غزو الجيش الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير، كانت فكرة دخول العالم في “حرب باردة” جديدة منتشرة بين الخبراء في السياسة الدولية. وكانت المنافسة المطولة والخطيرة، في المنطقة الرمادية التي تفصل السلام عن الحرب، حقيقة أساسية في التاريخ منذ الحرب البيلوبونيسية التي شهدت انهيار الإمبراطورية الأثينية تحت ضربات سبارتا، بعد ثلاثين عامًا من المنافسات.
الحرب الباردة، “صراع الشفق ضد الاتحاد السوفياتي” كما أسماها جون كينيدي، كانت فترة تنافس عقائدي واقتصادي وتكنولوجي بين الغرب والشرق، استمرت ما يقرب من نصف قرن، وانتهت بانتصار ساحق للقوى الغربية، وانتصار اقتصاد السوق على الاقتصاد المركزي، مما فتح للولايات المتحدة فترة طويلة من التأثير على العالم كله. لكن ثلاثين عامًا من الهدوء النسبي ستفضي في الأخير إلى فشل: على عكس الهدف الذي رسمته الولايات المتحدة، لم ترغب روسيا ولا الصين في أن تصبحا طرفا فاعلا في النظام الغربي الجديد. بل على العكس من ذلك، لم تنظر موسكو وبكين إلى السياسة الأمريكية كعامل استقرار وإنما كتهديد لأمنهما وسلطتهما.
الدروس المستفادة
من الأزمة السابقة
تفكك إذن ذاك الاستقرار في النظام العالمي منذ عدد من السنوات قبل أن ينهار فجأة في 24 فبراير. ومهما كانت نتيجة الحرب في أوكرانيا، فمن المحتمل أن تتميز الفترة القادمة بمنافسة متزايدة بين الولايات المتحدة وروسيا، ولكن خصوصا مع الصين، التي ستصبح رغبتها في إعادة رسم خريطة العالم أكثر حدة.
لذلك فهي حرب باردة من نوع جديد يخشى ان تستقر لفترة طويلة وتهدد بشكل خطير ازدهار العالم الغربي واستقراره.
هل هناك أي دروس يمكن تعلّمها من الحرب الباردة السابقة لخوض حرب اليوم بشكل أكثر فعالية؟
هال براندز على قناعة راسخة. مؤرخ، متخصص في السياسة الخارجية الأمريكية، أستاذ في معهد جونز هوبكنز للشؤون الدولية، مؤلف العديد من الكتب، مستشار للإدارة ووكالات الاستخبارات، يقدم تحليلاً متعمقًا للحرب الباردة “الحقبة الأولى”، من أجل استخلاص دروس استراتيجية لصراع اليوم*.
«بالتأكيد، يعترف المؤلف أن التاريخ وحده لا يمكن أن يساعدنا في حلّ مشاكل اليوم الاستراتيجية. ويكتب: “الأحداث مثل رقاقات الثلج، لا أحد منها يشبه الاخرى تمامًا”. لكننا مع ذلك دخلنا مرة أخرى في صراع عالمي من أجل السلطة والنظام العالميين، صراع بين الأنظمة والقيم، ومنطقة رمادية متزايدة بين الحرب والسلام.
مراجعة الاستراتيجية الأمريكية
لخوض الصراع على قدم المساواة مع الصين وروسيا، يجب على العالم الغربي، وخاصة الولايات المتحدة، أن يتبنى “استراتيجية” مثل استراتيجية “الاحتواء” التي دعا إليها جورج كينان عام 1947 لوقف توسّع المنطقة السوفياتية، والتي كانت على الأرجح العصر الذهبي للسياسة الخارجية الأمريكية.
إن شن هذه الحرب الباردة الجديدة يجبر أمريكا على اتخاذ خيارات قوية فيما يتعلق بالاقتصاد والتأثير على المنظمات والتحالفات الدولية، إذا كانت تنوي مواجهة المعتدين والقتال من أجل قيمها ومنع أي قوة معادية من حشد الموارد الكافية لتهديدها.
وهذا يعني أن يقرر جو بايدن القطع مع السياسات التي نفذت في السنوات الأخيرة والتي نظمت انسحابًا منظمًا إلى حد ما للولايات المتحدة من شؤون العالم الخارجي.
يبدو أن قراراته بتقديم دعم كبير لأوكرانيا بالمال والسلاح تشير إلى أن مثل هذه المراجعة جارية. لكن يجب ألا ننسى درسًا أساسيًا آخر من الحرب الباردة: إنها قضية طويلة الأمد.
*كتاب “صراع الشفق: ماذا تعلمنا الحرب الباردة عن تنافس القوى العظمى اليوم” بقلم هال براندز، مطبعة جامعة ييل، مارس 2022.
-- مهما كانت نتيجة الحرب، ستتميز الفترة القادمة بتزايد المنافسة بين الأمريكان وروسيا والصين
-- ترفض روسيا والصين في أن تصبحا طرفا في نظام غربي جديد
قبل وقت طويل من غزو الجيش الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير، كانت فكرة دخول العالم في “حرب باردة” جديدة منتشرة بين الخبراء في السياسة الدولية. وكانت المنافسة المطولة والخطيرة، في المنطقة الرمادية التي تفصل السلام عن الحرب، حقيقة أساسية في التاريخ منذ الحرب البيلوبونيسية التي شهدت انهيار الإمبراطورية الأثينية تحت ضربات سبارتا، بعد ثلاثين عامًا من المنافسات.
الحرب الباردة، “صراع الشفق ضد الاتحاد السوفياتي” كما أسماها جون كينيدي، كانت فترة تنافس عقائدي واقتصادي وتكنولوجي بين الغرب والشرق، استمرت ما يقرب من نصف قرن، وانتهت بانتصار ساحق للقوى الغربية، وانتصار اقتصاد السوق على الاقتصاد المركزي، مما فتح للولايات المتحدة فترة طويلة من التأثير على العالم كله. لكن ثلاثين عامًا من الهدوء النسبي ستفضي في الأخير إلى فشل: على عكس الهدف الذي رسمته الولايات المتحدة، لم ترغب روسيا ولا الصين في أن تصبحا طرفا فاعلا في النظام الغربي الجديد. بل على العكس من ذلك، لم تنظر موسكو وبكين إلى السياسة الأمريكية كعامل استقرار وإنما كتهديد لأمنهما وسلطتهما.
الدروس المستفادة
من الأزمة السابقة
تفكك إذن ذاك الاستقرار في النظام العالمي منذ عدد من السنوات قبل أن ينهار فجأة في 24 فبراير. ومهما كانت نتيجة الحرب في أوكرانيا، فمن المحتمل أن تتميز الفترة القادمة بمنافسة متزايدة بين الولايات المتحدة وروسيا، ولكن خصوصا مع الصين، التي ستصبح رغبتها في إعادة رسم خريطة العالم أكثر حدة.
لذلك فهي حرب باردة من نوع جديد يخشى ان تستقر لفترة طويلة وتهدد بشكل خطير ازدهار العالم الغربي واستقراره.
هل هناك أي دروس يمكن تعلّمها من الحرب الباردة السابقة لخوض حرب اليوم بشكل أكثر فعالية؟
هال براندز على قناعة راسخة. مؤرخ، متخصص في السياسة الخارجية الأمريكية، أستاذ في معهد جونز هوبكنز للشؤون الدولية، مؤلف العديد من الكتب، مستشار للإدارة ووكالات الاستخبارات، يقدم تحليلاً متعمقًا للحرب الباردة “الحقبة الأولى”، من أجل استخلاص دروس استراتيجية لصراع اليوم*.
«بالتأكيد، يعترف المؤلف أن التاريخ وحده لا يمكن أن يساعدنا في حلّ مشاكل اليوم الاستراتيجية. ويكتب: “الأحداث مثل رقاقات الثلج، لا أحد منها يشبه الاخرى تمامًا”. لكننا مع ذلك دخلنا مرة أخرى في صراع عالمي من أجل السلطة والنظام العالميين، صراع بين الأنظمة والقيم، ومنطقة رمادية متزايدة بين الحرب والسلام.
مراجعة الاستراتيجية الأمريكية
لخوض الصراع على قدم المساواة مع الصين وروسيا، يجب على العالم الغربي، وخاصة الولايات المتحدة، أن يتبنى “استراتيجية” مثل استراتيجية “الاحتواء” التي دعا إليها جورج كينان عام 1947 لوقف توسّع المنطقة السوفياتية، والتي كانت على الأرجح العصر الذهبي للسياسة الخارجية الأمريكية.
إن شن هذه الحرب الباردة الجديدة يجبر أمريكا على اتخاذ خيارات قوية فيما يتعلق بالاقتصاد والتأثير على المنظمات والتحالفات الدولية، إذا كانت تنوي مواجهة المعتدين والقتال من أجل قيمها ومنع أي قوة معادية من حشد الموارد الكافية لتهديدها.
وهذا يعني أن يقرر جو بايدن القطع مع السياسات التي نفذت في السنوات الأخيرة والتي نظمت انسحابًا منظمًا إلى حد ما للولايات المتحدة من شؤون العالم الخارجي.
يبدو أن قراراته بتقديم دعم كبير لأوكرانيا بالمال والسلاح تشير إلى أن مثل هذه المراجعة جارية. لكن يجب ألا ننسى درسًا أساسيًا آخر من الحرب الباردة: إنها قضية طويلة الأمد.
*كتاب “صراع الشفق: ماذا تعلمنا الحرب الباردة عن تنافس القوى العظمى اليوم” بقلم هال براندز، مطبعة جامعة ييل، مارس 2022.