رفض العراقيين لسيطرة نظام الملالي

العراق يقاوم ضغوطاً إيرانية لفتح الحدود

العراق يقاوم ضغوطاً إيرانية لفتح الحدود


دفع انتشار وباء كورونا في إيران، التي باتت واحدة من أكثر الدول المتضررة في المنطقة، بالعراق إلى مقاومة ضغوط طهران لإعادة فتح الحدود المغلقة منذ خمسة أسابيع للحد من انتشار الفيروس.
وتحدث المراسلان أليسا روبين وفالح حسن في صحيفة “نيويورك تايمز” عن صراع بين العراق وإيران حول موعد فتح الحدود بين البلدين؛ إذ تحتاج طهران، التي تضررت بشدة من كورونا، إلى فتح الحدود على الفور أمام التجارة مع العراق للمساعدة في استقرار اقتصادها، ولكن بغداد تقاوم هذه الضغوط لتفادي العدوى من أكبر بؤرة في المنطقة.

النفوذ الإيراني في العراق
ويتزامن هذا النزاع مع تصاعد الضغط في العراق للحد من النفوذ الإيراني المتنامي بقوة في الشؤون العراقية منذ إطاحة الولايات المتحدة وحلفائها بحكومة الرئيس العراقي صدام حسين عام 2003.
وسجل العراق أول إصابة بفيروس كورونا لشخص قادم من إيران، ومن خلال جهود مضنية تمكن من إبقاء عدد حالات الإصابة منخفضاً نسبياً، مع تسجيل 82 وفاة بحسب تقديرات يوم الاثنين الماضي.
وتُعد إيران واحدة من أكبر بؤر انتشار كورونا في العالم؛ إذ تم الإبلاغ عن أكثر من 75 ألف حالة إصابة و5200 وفاة، وتسجل قرابة 1400 إصابة جديدة يومياً. ولذلك أغلق العراق حدوده مع إيران البالغ طولها 1000 ميل في الثامن من شهر مارس (آذار) الماضي. وبعد هذا التاريخ بأسبوع واحد، توقف العراق أيضاً عن السماح حتى للمواطنين العراقيين الذين يعيشون في إيران بالعودة إلى وطنهم.
وقبل ذلك الحين، كانت الحدود سهلة الاختراق إلى حد كبير، إلى درجة أن لدى بعض العراقيين عائلات في كلا البلدين، وكان زوار الأضرحة من الشيعة يتمتعون بحرية الحركة ذهاباً وإياباً.
والآن يسعى ملالي طهران اليائسون إلى إعادة إحياء الاقتصاد الإيراني المتدهور بسبب العقوبات الأمريكية وانخفاض أسعار النفط،، ومؤخراً رفعت الحكومة الإيرانية الإغلاق وأعادت فتح المدن في محاولة لإعادة الإيرانيين إلى العمل. ولكن من دون التجارة والحركة بين إيران والعراق، سيكون من الصعب على طهران إعادة تشغيل بعض صناعاتها غير النفطية بشكل كامل مرة أخرى.

إغلاق الحدود
 حتى إشعار آخر
وقبل إغلاق الحدود بسبب كورونا، كان العراق سوقاً رئيسياً للمنتجات الزراعية الإيرانية ومواد البناء ومنتجات الألبان والأسماك. وكانت إيران تهدف إلى زيادة التجارة مع العراق إلى سلع بقيمة 20 مليار دولار على مدى العامين المقبلين.
وعلى الرغم من أن العراق ليس أكبر شريك تجاري لإيران، مثل الصين، إلا أن العراق يوفر إمكانية الوصول إلى الدولارات التي تحتاج إليها إيران بشدة الآن.
وفي الوقت نفسه، تشكل إيران مورداً رئيسياً للغاز الطبيعي بالنسبة إلى العراق؛ ويعتمد عليه في تزويد محطات الكهرباء بالطاقة في جنوب ووسط البلاد خلال فترات الاستخدام الكثيف. ورغم إغلاق الحدود لم يتوقف توصيل الغاز الطبيعي، إلا أن المنتجات الإيرانية الأخرى لم تصل إلى الأسواق العراقية بكميات كبيرة منذ أكثر من شهر. وكان رضا رشيدان رئيس منظمة الحج والعمرة الإيراني، صرح الأسبوع الماضي بأن التخطيط قد بدأ لإعادة فتح الحدود بين العراق وإيران. ولكن المسؤولين العراقيين شعروا بالذعر وأسرعوا بإنكار ذلك.
وقال علاء الدين القيسي المتحدث باسم سلطة الحدود العراقية: “معابرنا الحدودية البرية مع إيران والكويت مغلقة بالكامل أمام حركة الركاب والتبادل التجاري، وسوف يستمر هذا الإغلاق حتى إشعار آخر».

ضغوط سياسية واقتصادية
وبحسب بدر الزيادي، عضو مجلس النواب عن مدينة البصرة الحدودية، فإن إيران تضغط من وراء الكواليس على وزارة الخارجية العراقية لفتح الحدود.
ويصف التقرير العلاقة بين البلدين بأنها مشحونة ومعقدة، خاصة مع تداخل الروابط العداوات منذ مئات السنين، حتى مع الأغلبية الشيعية في كلا البلدين، وإرسال إيران ميليشيات للمساعدة في محاربة تنظيم داعش الإرهابي. ولكن إيران، في الآونة الأخيرة، تمارس ضغوطاً سياسية واقتصادية على العراق ويعتقد الكثير من العراقيين أنها ليست في مصلحة البلاد، كما تدخلت إيران في اختيار رئيس الوزراء، ودفعت العراق إلى إخراج الجيش الأمريكي من البلاد.
ويلفت التقرير إلى أن المشاعر المعادية لإيران ظهرت في العراق خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة العراقية في الخريف الماضي، وزادت الدعوات لشراء المنتجات العراقية، واعتبر الكثيرون أنها مسألة وطنية، وبالفعل تزايد الطلب على بعض المنتجات العراقية.
ورغم أن المشاعر المعادية لإيران كانت قاصرة على مجموعة صغيرة نسبياً، إلا أن الأمر يختلف الآن عندما باتت صحة العراقيين على المحك بسبب فيروس كورونا، ولذلك تحظى دعوة إبعاد العراق عن إيران بشعبية واسعة. ولا يرى الناس في ذلك معاداة لإيران، وإنما حماية لصحتهم، خاصة أنهم لن يدعموا إيران على حساب صحتهم.

مقاطعة المنتجات الإيرانية
وفي جنوب العراق، أعاد بعض المدن، بما في ذلك النجف وكربلاء اللتان يعتمد اقتصادهما بشكل كبير على الحجاج الإيرانيين، الشاحنات المحملة بالبضائع الإيرانية ومعظمها من المواد الغذائية. وقال نائب محافظ كربلاء، جاسم آل علي، أن كربلاء تمنع دخول جميع منتجات الألبان والمواد الأخرى سواء من إيران أو من دول مجاورة أخرى، خشية من احتمال انتقال فيروس كورونا إلى هذه الأغذية، ولا يُسمح لأي زائر إيراني بالدخول.
وإلى ذلك، منعت دورية الحدود في البصرة عناصر الميليشيات المدعومة إيرانياً، يوم الاثنين الماضي، من نقل الشاحنات العراقية إلى إيران التي كانت ستعود على الأرجح محملة بالبضائع الإيرانية. ويؤكد التقرير أن عملية إغلاق الحدود تؤثر بشدة على الصادرات الإيرانية، وقامت بعض الشركات الإيرانية بتسريح العمال في إيران بسبب انخفاض الطلب العراقي على المنتجات ومحدودية المعابر الحدودية.
ويختتم التقرير بعرض وجهات نظر بعض المراقبين السياسيين التي مفادها أن مقاومة العراق لإعادة فتح الحدود تعكس رفض العراقيين لسيطرة نظام الملالي في طهران على بلادهم، حيث أن فيروس كورونا منح العراقيين مبرراً قوياً للتعبير عن مشاعرهم بشأن العلاقة بين العراق وإيران التي تنطوي على الكثير من الجوانب السلبية التي تضر بمصالح العراقيين.
    
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot