نائب مدير شرطة العاصمة بأبوظبي يروي مراحل انطلاقة فريق مواجهة كوفيد 19

العقيد الخوري: كنت عضواً في فريق مواجهة كوفيد19 وتحولت إلى نزيل في الحجر الصحي بعد إصابتي بالفيروس

العقيد الخوري: كنت عضواً في فريق مواجهة كوفيد19 وتحولت إلى نزيل في الحجر الصحي بعد إصابتي بالفيروس


تلقى العقيد محمد حسين الخوري، نائب مدير مديرية شرطة العاصمة بأبوظبي، دعوة في مطلع شهر فبراير 2020م من القيادة العامة لشرطة أبوظبي لتكليفه بمهمة عاجلة، كان لها الأثر الكبير على مسيرته المهنية، وما واجه من تحديات وصعوبات تمكن وزملاؤه من النجاح فيها إلى أكبر قدر ممكن.
كانت المهمة والتكليف من قبل سعادة اللواء مكتوم الشريفي، مدير عام شرطة أبوظبي، باختياره عضواً في فريق إدارة أزمة مواجهة جائحة كوفيد-19، بعد أن أخذ الوباء في اجتياح العالم.

تنقل العقيد الخوري خلال مسيرته المهنية الطويلة بين مختلف المهام والمسؤوليات في شرطة أبوظبي، نال خلالها 23 ميدالية، لكن المهمة الجديدة التي حملها على عاتقه تنطوي على الكثير من التحدي والتحلي بالإرادة والقدرة على مواجهة المصاعب، من خلال المشاركة في إعداد خطة استجابة سريعة في إمارة أبوظبي بهدف تعزيز عوامل وقاية وأمان المجتمع من الجائحة التي باتت تهدد القطاعات الصحية والاقتصادية على مستوى العالم، الأمر الذي استلزم استنفاراً غير مسبوق، بعد أن أدى انتشار الجائحة إلى شبه انهيار الأنظمة الصحية في دول عديدة حول العالم، ليكون ذلك من أكبر التحديات العالمية التي ما تزال قائمة حتى اليوم.

يقول العقيد الخوري عن اللحظات الأولى بعد المكالمة الهاتفية لتكليفه بمهمة عاجلة: " وصلت إلى مقر الشرطة عند الساعة الثامنة صباحاً، وكان سعادة المدير العام لشرطة أبوظبي قد استدعى أربعة ضباط آخرين كنت أنا خامسهم، حيث تلقينا تعليمات فورية لتشكيل فريق عمل للمهمة الطارئة، مع اعتبار عامل الزمن وسرعة الاستجابة، وغادرت المكتب في ذلك اليوم عند منتصف الليل، لأبدأ في العمل معظم ساعات اليوم من شهر فبراير وحتى شهر أغسطس حيث يبدأ عملنا من الساعة 7 صباحًا حتى 11 مساءً على مدار الأسبوع ".

وأكد العقيد الخوري أن أول التقارير كانت عن أول الإصابات والتي كانت لأثنين من متسابقي الدراجات الإيطاليين المشاركين آنذاك في سباق "طواف الإمارات" وقد تأكدت يومها إصابتهم بفيروس كوفيد19 في أبوظبي، ما فرض علينا في فريق العمل مضاعفة الجهود والإسراع في وضع خطة العمل بالتنسيق مع وحدات شرطية مختلفة مثل: مديرية المرور والدوريات وشركة أبوظبي للخدمات الصحية – صحة والموردين ومشغلي الخدمات الصحية والضيافة والبلديات وهيئات حكومية أخرى كشركاء استراتيجيين، وبدأت أول خطوات الخطة في التعاون مع الفنادق وتجهيزها كمراكز للحجر الصحي.

ونتيجة للأعداد المتزايدة التي تم رصدها أول أيام الأزمة أشار العقيد محمد حسين الخوري أنه تم زيادة أعداد الفنادق المشاركة ضمن الخطة وتجهيزها إلى أماكن حجر صحي بأعداد تستوعب الإصابات بالفيروس، وكانت الخطة التشغيلية تقضي بالعمل على إعادة المواطنين من خارج الدولة والعمل على تأمين أقصى سبل الحماية والوقاية لهم بالتعاون مع وزارة الخارجية وعبر سفارات الدولة في دول العالم حيث تتواجد تلك السفارات، وتأمين أماكن مناسبة لتحويلهم إلى الحجر الصحي فور وصولهم إلى المطار، وتم اتباع حالة طوارئ حول الإمارات، وتم خلال المرحلة الأولى تحويل كافة المصابين إلى الحجر الصحي في فنادق من فئة الخمس نجوم تحت إشراف لجنة إدارة الأزمة وبالتعاون مع الشركاء من مزودي الخدمات الصحية، وكانت خطة العمل التشغيلية تتصف بالمرونة بما يتماشى مع طبيعة تطور رصد الحالات وبالتعاون والتنسيق مع الهيئات الصحية لدى الدول الصديقة والشقيقة ومنظمة الصحة العالمية، واتباع أفضل الممارسات في هذا المجال.
ويتحول العقيد الخوري في استعراضه لعمله في لجنة إدارة أزمة الجائحة، وما رافقها من أيام مليئة بالضغوط وساعات العمل الطويلة بعيداً عن الأهل والعائلة، حتى بدأت نقطة التحول في مهمته عندما تم إدخاله مصاباً بفيروس كوفيد 19 في شهر مايو 2020م ليتحول هو نفسه إلى نزيل يتلقى العلاج في الحجر الصحي ليضيف إلى تجربته في إدارة الأزمة ، حيث كانت طبيعة عمله مسؤولاً عن العمليات والذي فرض عليه التواجد في مراكز الحجر الصحي من أجل الاطلاع على سير العمل ميدانياً.
وأضاف العقيد أنه وخلال وجوده في الحجر الصحي مصاباً بالفيروس لمدة 14 يوماً، أتيحت له فرصة الاطلاع على مراحل أداء عمل الكوادر الطبية والإدارية في مراكز الحجر الصحي، والتواصل مع النزلاء داخل مركز الحجر حيث كان نزيلاً، ويؤكد اعتزازه وفخره بتلقي العديد من الاتصالات من معالي اللواء ركن فارس خلف المزروعي، قائد عام شرطة أبوظبي، ومن سعادة مدير عام شرطة أبوظبي اللواء مكتوم الشريفي، وكبار ضباط الشرطة والمسؤولين في إمارة أبوظبي.
وعلى الجانب الإنساني كانت الفترة التي قضاها في الحجر الصحي لأربعة عشر يوماً هي الأصعب خلال تلك الفترة، حيث امتنع عن رؤية أولاده الخمسة، حيث اقتصر التواصل معهم على الاتصالات الهاتفية، رغم أن لقاءاته بعائلته ومنذ بداية عمله في فريق إدارة الأزمة كان لا يتعدى ساعات قليلة يومياً وفي معظمها كانت العودة إلى المنزل في ساعات متأخرة.

ونوه العقيد الخوري إلى مدى وعي والتزام سكان إمارة أبوظبي بكافة التعليمات والأوامر الصادرة والخاصة بمواجهة الأزمة والوقاية من انتقال الفيروس، والذي كان ترجمة لنصائح واهتمام القيادة الرشيدة في تسخير أقصى الإمكانيات والموارد من أجل حماية المجتمع المحلي، وكانت كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد "لا تشلون هم" أثناء مخاطبته للمجتمع المحلي الأثر الكبير في النفوس، حيث تحولت إلى برنامج عمل ساهمت فيه كافة القطاعات الحيوية في الإمارة وعلى مستوى الدولة.

وأشار العقيد الخوري إلى الانتقال إلى المرحلة التالية من البرنامج وهي مرحلة العمل عن بعد للدوائر والمؤسسات والمدارس بالإضافة إلى إغلاق مراكز التسوق مع الترخيص لمزودي الوجبات والدواء ومنح تصاريح الخروج للعاملين في القطاع الصحي ولحالات الضرورة وللعاملين في تقديم الخدمات المختلفة للمجتمع، وتجلى ذلك في حسن التزام الجميع الذي أكد على مستوى الوعي والتحلي بالمسؤولية من قبل كافة قطاعات المجتمع المحلي.  وفي ختام حديثه عبّر العقيد الخوري عن فخر واعتزازه الكبير لمكرمة رئيس الدولة في إنشاء "مكتب فخر الوطن" تقديراً للعاملين في الصفوف والمواقع الأمامية خلال مرحلة مواجهة الوباء، وذلك ما يحفز الجميع على بذل المزيد والتحلي بدرجة عالية من المسؤولية والعطاء وليكونوا مثالاً للالتزام في أي موقع كانوا.