رئيس الدولة يقدم واجب العزاء في وفاة علي مصبح الشامسي في العين
العلاقات الجزائرية - الروسية.. هل تكون على حساب فرنسا؟
بناءً على دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، زيارة رسمية إلى روسيا دامت 3 أيام، هي الأولى من نوعها منذ تسلم تبون مقاليد الحكم في بلاده عام 2019، وتأتي الزيارة التي شهدت عدة تأجيلات حيث كانت منتظرة قبل نهاية العام الماضي، في خضم تعرض الدولة الإفريقية لعدة ضغوط غربية، جراء علاقات التحالف مع روسيا.
والزيارة التي كان شعارها البحث عن شركات جديدة مع الحليف التقليدي، والصديق التقليدي والتأكيد على متانة العلاقات الثنائية بين الجزائر وروسيا، تم في ختامها توقيع الرئيسين تبون وبوتين على إعلان الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين البلدين اللذين تجمعهما علاقات قوية منذ أكثر من 60 عاماً، إذ تعد الجزائر، شريكاً مهماً بالنسبة لروسيا في القارة الإفريقية.
وأثارت الزيارة العديد من الأسئلة حول إمكانية تحول الجزائر إلى حليف لروسيا ضد الغرب، فما هي دوافع الزيارة في هذا التوقيت، وهل تحمل رسائل سياسية ودبلوماسية بأن العلاقات الجزائرية الروسية ستكون على حساب العلاقات الجزائرية الفرنسية؟ خصوصاً بعد الأزمة المتجددة بين فرنسا والجزائر لأسباب متعددة؟ وهل ستأثر العقوبات الأمريكية ضد روسيا على الجزائر؟
ويقول الباحث في العلاقات الدولية الدكتور سعيد سلام لموقع “24”، بهذا الشأن، إن “المتابع لسياسات الجزائر في عهد تبون يرى أنها تستهدف بشكل رئيسي “تنويع التحالفات الخارجية” لبلاده، وتجاوز فكرة التبعية للمحور الغربي وخصوصاً فرنسا، وهو النهج الذي ساد خلال حقبة الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة”، مضيفاً أن “الجزائر سعت في هذا السياق إلى زيادة التقارب العسكري مع روسيا». ويرى الباحث أيضاً أنه “لا يمكن عزل التحركات الجزائرية في الملف الأوكراني عن معادلة العلاقات الجزائرية الغربية، إذ يبدو أن الجزائر تستخدم الملف الأوكراني وتداعياته، وكذلك العلاقات مع روسيا، من أجل إدارة العلاقات مع الدول الغربية، وخصوصاً مع التوترات التي شهدتها هذه العلاقات خلال السنوات الأخيرة. ولعل النموذج الأبرز على ذلك العلاقات الجزائرية الفرنسية». وبخصوص تصريحات تبون عن أن بلاده مؤهلة لتلعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا، قال الدكتور سلام: إن “تصريحات تبون أثارت التساؤل البعض حول الدوافع الجزائرية وراء السعي للقيام بالوساطة، فهو في الوقت نفسه، يأتي ضمن محاولة تحقيق “خطوة استراتيجية”، تخدم مصالح الجزائر، وتُفعِّل من النهج المرن الذي تتبعه في سياستها الخارجية”، مشيراً إلى أن الجزائر تجنبت أيضاً الانضمام إلى منظومة العقوبات الغربية على موسكو، وهو ما كشف عن رفض ممارسة العزلة الدولية على روسيا. ويذكر أن الجزائر تعد واحدة من الدول القليلة التي لم تندد بالهجوم الروسي لأوكرانيا واختارت الامتناع عن التصويت في كل الجلسات التي عقدتها الأمم المتحدة، مع تأكيدها بشكل رسمي أنها لا تنحاز لأيّ طرف في الحرب.
وكان الرئيس تبون صريحاً في كلمته أمام نظيره الروسي، حين قال إن “الضغوط الدولية لن تؤثر على علاقتنا مع روسيا”، وأعرب في تصريح مشترَك مع بوتين عن “ارتياحه لتوافق الرؤى تجاه الملفات التي تمَّ تناولها خلال المحادثات.
وأوضح تبون أن زيارته لروسيا “تندرج في إطار الجهود التي يبذلها بَلداننا لتوطيد علاقتهما الثنائية وتعزيز ديناميكية التعاون بيننا”، واصفًا المحادثات التي جمعته بنظيره الروسي بـ”المثمرة والصريحة والصادقة».
ومن جهة ثانية، أوضح الباحث أن “روسيا تعد ورقة مهمة بالنسبة للجزائر في علاقاتها مع الولايات المتحدة، وخصوصاً أن الجزائر تعتقد أن واشنطن اتخذت سياسات منحازة للمغرب خلال السنوات الأخيرة، كما تواجه الجزائر بين الحين والآخر انتقادات من قبل السياسيين الأمريكيين».
وبخصوص العقوبات الأمريكية على روسيا وهل ستأثر على الجزائر، يرى الدكتور سلام أن “توطيد العلاقات بين الجزائر وروسيا سوف يزيد الضغوط الأمريكية على الجزائر وقد يتم تفعيل للعقوبات الاقتصادية و السياسية الامريكية عليها، في حال قامت بنقل بعض الاسلحة السوفييتية الروسية إلى روسيا في إطار سعي روسيا إلى إعادة شراء الأسلحة التي قامت سابقاً بتصديرها إلى دول العالم من أجل تعويض النقص الحاد لديها في الذخيرة و المعدات العسكرية، أو في حال اتخذت مواقف قد تؤثر على امدادات الطاقة إلى السوق العالمية مما سيؤدي الى زعزعة الاستقرار في الأسعار».
أما بوتين الذي تتعرض بلاده لمحاولات عزل من قبل الغرب جراء الحرب في أوكرانيا، فقد قال إن “زيارة الرئيس تبون حملت الكثير من الدلالات، الجزائر شريك هام بالنسبة إلينا وسنعمل على تعزيز التعاون معها في جميع المجالات”، كما أن بوتين يعتبر الجزائر هي “الشريك المفتاح في العالم العربي وفي أفريقيا.
ويشار إلى أن الطرفان وقعا خلال هذه الزيارة على سلسلة من الاتفاقيات ومذكرات تفاهم، بهدف تعزيز تعاونهما على المستوى العسكري وفي مجال الطاقة، وبالإضافة إلى ذلك، أشاد الرئيس الجزائري بالدعم الروسي لبلاده للانضمام إلى مجموعة “بريكس”، حيث تطمح الجزائر إلى الالتحاق بهذا التكتل الاقتصادي الذي تعد روسيا أبرز أعضائه، ويضم أيضاً الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، والذي يعد هدفاً رئيسياً للجزائر لمستقبلها الاقتصادي.