في يوبيلها الذهبي .. رحلة عمر في بلاط صاحبة الجلالة

الفجر تخطو نحو عقدها السادس أكثـر عطـاء وريـادة وتميزاً

تحتفل اليوم صحيفة (الفجر) بمرور خمسين عاما على انطلاقتها الأولى في 17 مارس من العام 1975، وهي تواصل نهجها الثابت في الولاء والانتماء لقرائها، ومتابعيها، ولمبادئها، وثوابتها الوطنية محافظة على هويتها التي منحتها التفرد طوال عقود من الزمان، ومواكبة كل تطور في عالم ‏الصحافة والطباعة، وتكنولوجيا الحاضر مع استشراف المستقبل لتعبر عن نبض القراء وتطلعاتهم.

حين أسس عبيد حميد المزروعي صحيفة (الفجر) أراد لها أن تكون أيقونة إعلامية لترسيخ مباديء وقيم دولة الاتحاد، تعبر عنه وعن تطلعات مواطنيه بالكلمة الصادقة والمعلومة الدقيقة فاختار لها اسم (الفجر) تيمناً ببزوغ فجر اتحاد دولة الامارات العربية المتحدة ‏كأبرز تجربة وحدوية في العالم العربي، ونموذج يحتذى على مستوى العالم .. وهذا ‏الاسم بكل ما يحمله من معانٍ ودلالات يشكل في حد ذاته رسالة وأمانة، تجعلان خدمة الوطن هدفاً وتوعية أبنائه غاية، وبذل الجهد في سبيل تقديم أفضل خدمة إخبارية مهمة مقدسة.

اليوم ومع إضاءة الشمعة الـ 51 تستذكر (الفجر) رواد الإعلام في العالم العربي الذين كتبت أقلامهم العديد من المقالات والتحقيقات والأخبار ونسجت قصصا نشأ عليها أطفال أصبحوا اليوم أعلاماً في مختلف المجالات، وكانت الصحيفة ومنذ نشأتها مدرسة تخرج منها وتعلم في محرابها مئات الصحفيين فنون العمل الإعلامي، ومنهم من رحل عن عالمنا وترك إرثا لا تمحوه السنون، ومنهم من يعمل الآن في صحف ومجلات أخرى، ومنهم من عاد إلى وطنه وارتقى إلى ‏مراتب أعلى في مؤسسات إعلامية داخل بلاده، ومازال يحمل في قلبه وعقله (الفجر).

فى هذا العام أكون قد أتممت 38 عاماً من عملى بالصحافة، أى أكثر من أشغال شاقة في بلاط صاحبة الجلالة، 38 عاما في (الفجر) أجريت خلالها مع قادة عرب وأوروبيين لقاءات حصرية تركت بصمة مؤثرة، مع شخصيات سياسية واقتصادية بارزة، ساهمت وتساهم في رسم معالم المشهد السياسي والاقتصادي وأحياناً الثقافي في العالم.. مسافة زمنية طويلة أكلت فيها المهنة سنين ‏العمر، تعلمت فيها توثيق ‏المعلومة واحترام أسرار المصدر، التزمت فيها بالمهنية قدر المستطاع، ابتعدت تماماً عن مخالفة ضميري المهني بتضليل القارئ، وتسطيح عقله بالمنشيتات الصارخة، ‏والقصص المفبركة، سعيت في كل الظروف أن أكسب نفسي والقراء معاً، كنت دائماً حريصاً على احترام عقلية القاريء، والتمسك بالمصداقية سبيلاً لذلك، مؤمنا أن الكاتب هو بالضرورة قاريء لغيره، وأن الصحفي المحترم يقابله ألف قاريء أكثر احتراماً، عندما يتعلق الأمر بالبحث عن الحقيقة يبقى الكاتب والقاريء وجهين لعملة واحدة، فلا يمكن أن يعيش الكاتب بلا قاريء ولا يمكن للقاريء أن يعيش دون كاتب، هذه صلة لا تنفصل أبداً.. العديد والعديد من مباديء النجاح الصحفي تعلمتها من أساتذتي في المجا ل وهم كثر فقد قابلت في بداية مشواري الصحفي شخصيات مؤثرة لا يمكن أن تسقط من ذاكرتي، وعلى رأسهم الكاتب والصحفي والأديب الشاعر عبيد حميد المزروعي مؤسس الصحيفة، والفنان المبدع ورسام الكاريكاتير الشهير محمد العكش، والصحفي والناقد الفني الكبير عبد الفتاح الفيشاوي رحمه الله، والصحفي المميز المتوهج بقلمه وفكره، هندي غيث، والصحفي أسامة عجاج وغيرهم .. كنت محظوظاً بالعمل معهم فقد كانوا قدوة في الالتزام المهني والتفاني في العمل، بفضلهم وجدت مقالاتي، وتحقيقاتي، ومقابلاتي الصحفية طريقها للنشر ‏في جريدة الفجر قبل 38 عاماً.

وفي فترة لاحقة التقيت أيضا عدداً من أصحاب البصمات الواضحة في عالم الصحافة ومنهم الصحفي البارع محسن راشد، ومراسل الجريدة في مصر الصحفي الرائع محمد جمال رحمه الله، والصحفي التونسي الكبير عبد المجيد رحمه الله، وزوجته الصحفية المخضرمة خيرة الشيباني التي عاصرت بدايات (الفجر).
هذا التاريخ العريق لـ (الفجر) لم يكن ليتحقق ويستمر لولا الرؤية التحريرية الواضحة بقيادة نخبة من كبار الصحافيين والكتاب والمفكرين والمختصين ذوي الكفاءة والمهنية من مختلف أنحاء المنطقة، وستبقى الفجر تفخر بجميع أبنائها وتقدر جهودهم في مسيرتها الطويلة.

اليوم مرت خمسون عاماً سال فيها الكثير من الحبر، والورق، وقبلهما العرق، ومع بداية العقد السادس من عمرها يحق لنا أن نفتخر بما حققناه، ونقف وقفة تأمل في كل خطوة خطوناها، وننظر للقادم، فالمشهد الإعلامي سريع التغير، ويتطلب منا البناء على إرث الماضي، لكن بأدوات عصرية تحاكي الجيل القادم من المبدعين وصناع القرار، لأن دور الإعلام اليوم لا يقتصر على نقل الأخبار، بل هو مرآة تعكس الواقع بأدواته الحديثة.

ومن هذا المنطلق كانت الصحيفة من السباقين في فتح نافذة فضائية إلكترونية من خلال الرابط (www. alfajrnews.ae)، تطل من خلالها على قرائها ومتابعيها، ومن هنا أطلقت (الفجر) البوابة الإلكترونية للصحيفة والتي يقوم فريق فني إعلامي متخصص على إصدارها، وتجديدها باستمرار ، وعلى مدار الساعة حتى أصبحت (الفجر) الإلكترونية رديفاً أساسياً للصحيفة، وإضافة عصرية رقمية بقالب جميل وإبداعي نجح في شد آلاف القراء واستقطابهم، حيث عززت الفجر الإلكترونية حضورها، وانتشارها بشكل تصاعدي.

ومع تطور أدوات الإعلام الحديثة أدركت (الفجر) أن إمكانيات وسائل الإعلام التقليدية أصبحت في حاجة الى إضافة أدوات حديثة تضيف بعداً جديداً للتفاعل مع قرائها عن طريق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) فبادرت باستخدام هذه الوسيلة الجديدة التي تلعب دوراً حيوياً في تعزيز حضور الجريدة، وزيادة تأثيرها وانتشارها والوصول إلى جمهور أوسع، والتفاعل الفوري مع القراء، ومشاركتهم الأخبار العاجلة ، بالإضافة إلى قدرة هذه المنصات على توفير أدوات تحليلية تتيح للجريدة فهم اهتمامات القراء وتفضيلاتهم، مما يساعد في تحسين المحتوى المقدم إليهم، وهو ما حرصت عليه (الفجر) وتواصلت مع قرائها عبر العديد من وسائل التواصل الحديثة ومن بينها منصات (انستغرام، فيسبوك، إكس).

في الوقت ذاته استطاعت (الفجر) استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وتوظيفها في مجال النشر مع إدراكها التام لضرورة الاستفادة من برامج الذكاء الاصطناعي، ولكن بدون الاعتماد عليها فقط.
عهدنا معكم قراءنا، ومتابعينا الأعزاء أن تظل (الفجر) متمسكة بمبادئها، وأخلاقياتها، ‏وبقضايا الوطن، والأمتين العربية، والإسلامية، والإنسانية جمعاء، ستواكب مستجدات العصر والفضاءات المفتوحة، والعالم الرقمي وستكون دائماً للوطن ذاكرة، وللأمة بوصلة، ‏وللأمانة في نقل الخبر دليلاً ..كل عام وفجرنا متقدمة .. كل عام وإماراتنا في المقدمة.