الفجر.. حلم يكبر
ما كان يخطر في فكري، وأنا غارق في عالم المال والأعمال، ومواقع حقول النفط أن تنعطف بوصلتي انعطافة، كان من شأنها تغيير كل اتجاهات حياتي، وتضعني في وجه التحديات، انعطافة أوصلتني إلى بلاط صاحبة الجلالة قبل خمسين عاماً مضت.
كان حلماً، لكنه يكبر معي كل يوم، حتى أصبح يافعاً، شاباً، متمكناً، قوياً، جزءاً من شهيقي وزفيري، ووجداني، وذاكرتي، وطموحاتي، كان ميلاد (الفجر) قبل خمسة عقود من أجمل المناسبات وأغلاها على قلبي، حيث شكل صعود (الفجر) حالة إشراق مستمرة في حياتي، أنارت لي دروباً لم أكن أخبرها، ووضعتني في مرمى التحدي، حتى نجحنا مع فرق متمرسة في وضع اللبنات الأولى لهذا الصرح الإعلامي العريق ، والذي واصل مسيرة العطاء، والعمل الإعلامي الاحترافي، واستطاع أن يقف إلى جانب العمالقة في عالم الصحافة بكل اقتدار وجدارة، وأثبتت الفجر أنها مؤسسة وطنية إعلامية قادرة على ملازمة المسيرة التنموية في دولة الإمارات منذ التأسيس.
لقد أنارت صحيفة الفجر شمعتها الخمسين في مسيرتها الإعلامية الوطنية الملتزمة، لتبقى شاهدة على عصر المشروع الحضاري العملاق، ومشاركة في تشكيل وجدان الوطن والمواطن، ومواكبة لنهضة الدولة في جميع المجالات الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية، والحضارية.
كما خطت الفجر خطوتها الخمسين على مسار الصحافة المحلية الوطنية الملتزمة مجددة التزامها النهج الوطني في تعزيز مكانتها كمؤسسة إعلامية عربية رائدة، والانطلاق بثقل وتوازن أكبر نحو استثمار الطاقات المتجددة والمستدامة، والاستفادة من المخزون الإعلامي والتجارب الكبيرة التي عاصرت من خلالها أغلب الأحداث والمناسبات، ومراحل نمو الوطن، ونشوء مؤسساته، لتكون قادرة على مواكبة استحقاقات هذا الازدهار الكبير في ظل القيادة الرشيدة لدولتنا، وتفخر الفجر كونها رديفاً لقيم الدولة والمجتمع، ومسانداً للقضايا العربية والإنسانية العادلة، وما تزال الفجر وبكل إصرار ماضية قدماً في أداء رسالتها الإعلامية الرصينة والمنضبطة بضوابط الأخلاق والحيادية، والشفافية والمصداقية، والوطنية.
وإن ما يزيد ويعزز اعتزازنا بعيد الفجر الخمسين أن هذه المؤسسة المخضرمة العريقة ما تزال محافظة على زخمها، ومكانتها كرائدة من رائدات المؤسسات الإعلامية بالدولة، وفي الخليج العربي، مواصلة مسيرتها الناجحة بالرغم من التحديات الرقمية، وبروز عوالم إعلامية فضائية، واستشراء الإعلام الرقمي عبر شبكات عديدة، ومتنوعة، مصرة على مواكبة الفضاءات الرقمية، ومواقع ومنصات التواصل المجتمعية الحديثة.
لقد حرصنا من خلال رؤيتنا الإعلامية أن تواصل صحيفة الفجر نهجها المتوازن في تعاطيها مع مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فعملت على تحقيق سياسة الحياد الإيجابي والملتزم بالوطنية نهجاً وبالقومية هدفاً أكثر اتساعا، وبالإنسانية عنواناً من خلال تحريها الصدق تحقيقاً للمصداقية واتباعها البحث، وصولاً لليقين، وملاحقتها للحقيقة مجردة عن أي اعتبارات أخرى، لهذا احتفظت الفجر بخطها الذي نالت بموجبه ثقة القارىء والمصادر الخبرية.
ونفخر في عيد الفجر الخمسين أنها ما تزال تشكل مدرسة إعلامية انطلق منها العديد من الأسماء الإعلامية البارزة في الدولة وخارجها .. وكانت محطة مهمة نهلوا من خلالها الخبرة والعمل الصحافي في بيئة إعلامية زاخرة .
إننا إذ نعبر عن الامتنان والشكر الكبيرين اللذين أولتها دولتنا الرشيدة لكافة وسائل الإعلام الوطنية عبر مراحل معينة من مسيرتنا الإعلامية ، فإننا نؤكد من جديد التزامنا كمؤسسة إعلامية رائدة بقضايا الوطن والمواطن، وبمحاور المعرفة، والتثقيف، وبناء جسور التواصل مع المجتمع، والمضي قدما ، نكبر مع تعاظم شأن وطننا ، ونتمكن أكثر مع رسوخ أركان وطننا ، فكل عام والفجر صاعدة سلم المجد الإعلامي ومحققة رسالتها، وقيمها، وأهدافها، الوطنية، والإنسانية .
ومن نافلة الاعتراف بالفضل والعطاء، فإنني أرفع أصدق آيات الشكر للجيش الجرار من الإعلاميين وقادة الصحافة الذين توافدوا على صرحنا الإعلامي وعملوا فيه وساندوه منذ التأسيس في العام 1975 وحتى مرحلة المواصلة في العام 2025، فكل عام وفجرنا وقراؤنا بألف خير.