الفجر.. رفيقة درب
قبل خمسين سنة، كنا وقتذاك أطفالاً، لا نعرف ما معنى أن تكون مؤتمناً على الكلمة، حارساً للفكر، والعقل، والقيم والمبادىء من خلال إصدار إعلامي يُسمى صحيفة، كانت دولتنا ما تزال في مهدها، لم يمض على ولادة دولة الاتحاد سوى أربع سنوات، لم يتشكل وجداننا الوطني بعد بشكله النهائي، وكان الوالد عبيد حميد المزروعي سابقاً لعصره، في فكره، ومنهجيته، واستراتيجيته، ورؤيته، عندما فاجأنا جميعاً بمشروعه الفكري والإعلامي، وأراد أن يحقق حلمه ليكون واحداً من رواد الصحافة والإعلام، في دولة الإمارات العربية المتحدة، فكانت ولادته الإعلامية مع انطلاقة صحيفة الفجر في العام 1975 .
لقد رافقنا الفجر، طفلة ، فشابة يافعة، جميلة، وشهدناها تكبر يوماً بعد يوم، حتى أصبحت رفيقة دربنا، ومؤرخة لأحداث حياتنا، ومعياراً لكل خطواتنا ، وواجهتنا الاجتماعية ، وحصننا الثقافي، والإعلامي الذي نعتز به ونفخر ، واليوم إذ نحتفل باليوبيل الذهبي لجريدة الفجر، فإننا نحتفل بأمانة الكلمة التي نشرناها، وصدق الحدث الذي نقلناه، وجسور التواصل التي بنيناها مع الدولة، والمجتمع، نحتفل بإرث إعلامي يرفع هاماتنا فخراً أننا كنا من رواد التنوير الفكري، والثقافي، وأصحاب رسالة إعلامية استطعنا بإيماننا أن نحافظ عليها بالرغم من التحديات، وأن نواصل العطاء الإعلامي حتى يومنا هذا، وهو احتفاء بكل الكوادر التي أضاءت شمعة في أروقة الفجر ، ونشرت فكراً خلاقاً مبدعاً، وهو احتفال بصرح إعلامي مازال مصراً على الحياة والبناء والعطاء، يكافح من أجل مواصلة الرسالة والقيم والأهداف.
إن صحيفة الفجر وهي تضيء شمعتها الخمسين تؤمن بالدور الكبير والمؤثر الذي تلعبه ضمن منظومة العمل الإعلامي الوطني في نشر المعرفة التي تسهم في إيجاد المناخ والبيئة المحفزة على الإبداع الذي يدعم التنمية ويزيل العقبات من أمام مسيرتها، وكذلك فعلت الفجر طوال سنوات عطائها المتواصلة وأسهمت في فتح آفاق جديدة، ورفعت من منسوب الحرية في الوصول إلى المعرفة وخلق بيئة إبداعية وتنموية.
كما إن الفجر كمؤسسة إعلامية آمنت منذ انطلاقتها الأولى بأهمية بناء جسور الشراكة مع المجتمع والمؤسسات المشابهة لتدعيم رسالتها وتحقيق أهدافها الأمر الذي أتاح انفتاح الصحيفة على كافة الهيئات والمؤسسات العام والخاصة على حد سواء بشكل إيجابي وفعال.
لقد أعطت الفجر لمحور النقد البناء فسحة من التحرك مما رفع من مستوى الحريات والتعاطي المتزن مع الأحداث المحلية، والإقليمية والعالمية.. وإن المتابعات الإعلامية التي قدمتها الفجر تجاه مختلف القضايا تنم عن وعي كبير بأهمية الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي وبأهمية أن تحتل القضايا الملحة جزءاً كبيراً من المساحة الإعلامية على صفحات الفجر، ولم تكن هذه السياسة أو التوجه مرتبطأً بموسم أوبحدث وإنما كانت ومازالت الفجر محافظة على نهجها المتوازن والوقوف على مسافة متساوية واحدة من جميع الأطراف.
إن احتفالنا وفخرنا بصحيفة الفجر وذكرى ميلادها الخمسين مناسبة غالية نجدد من خلالها ولاءنا لقيم الدولة ومبادئها .. والوفاء لميثاق العمل الإعلامي الوطني، ومنظومة القيم في رسالتها ورؤيتها وأهدافها، فكل عام والفجر مشرقة في فضاءات الإعلام والكلمة الشفافة والصادقة .