القرن الإيراني الجديد: أكثر فقراً ...وأقل أملاً في المستقبل

القرن الإيراني الجديد: أكثر فقراً ...وأقل أملاً في المستقبل


رأى الكاتب السياسي في موقع “إيران واير” علي رانجيبور أن ايران دخلت العام 1400، وفقاً للتقويم الفارسي الأحد 21 مارس (آذار)، وهي تُعاني مزيداً من الفقر بينما فقد شعبها الأمل في مستقبل أفضل.
وكتب رانجيبور أن القرن الفارسي الجديد يُصادف مرور 15 عاماً على استراتيجية المرشد الأعلى علي خامنئي التي تمتد 20 عاماً، لتجعل إيران نموذجاً يُحتذى به في المنطقة والعالم. لكن الحقائق لا تُمثّل الواقع.

فقبل عشرين عاماً، لم يكن الإيرانيون يتصورون أن حالة البلاد ستكون حرجة إلى هذا الحد. كان الإيرانيون يأملون في مستقبل مستقر ومستدام، يتغلّب فيه المجتمع تدريجياً على العقبات السياسية. ولكن أزمات إيران زادت حدة. وظهرت علامات الاضطراب في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بتعيين الرئيس محمود أحمدي نجاد، فاتجهت السياسة الخارجية والداخلية للبلاد على غير رغبة المرشد، مغامرة وبلطجة، وإغلاق جميع نوافذ الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية على الشعب.

فزرع خامنئي بذور سقوط بلاده بيده. وقد نصت رؤية خامنئي، التي أعلنها أول مرة في 3 نوفمبر (تشرين الثاني)، على أنه “في غضون عشرين عاماً، ستكون إيران دولة متقدّمة تحتل المركز الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي الرائد في المنطقة، وذات هوية إسلامية وثورية، وستكون مصدر إلهام للعالم الإسلامي، مع تفاعل بناء وفعال في العلاقات الدولية». وأضافت الرؤية أن “المجتمع الإيراني سيكون مجتمعاً متطوراً قائماً على المبادئ والقيم الإسلامية والوطنية، والثورية، مع التركيز على الديمقراطية الدينية، والاجتماعية، والحريات المشروعة، والحفاظ على كرامة الإنسان، وحقوقه والتمتع بالأمن الاجتماعي والقضائي، والتمتّع بالصحة والرفاهية والأمن الغذائي، والضمان الاجتماعي، وتكافؤ الفرص، والتوزيع العادل للدخل والمؤسسات الأسرية القوية، والاكتفاء المادي، وبيئة مواتية، نشطة ومسؤولة ومخلصة، وتحقيق المركز الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي الرائد في منطقة جنوب غرب آسيا، ونمو اقتصادي سريع ومستمر، وزيادة نسبية في دخل الفرد وتوفير العمل». لكن العكس هو الذي يسود، أصبح المجتمع الإيراني على وشك الانهيار الكامل. ووصل معدل الفقر إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، حيث تُشير الأرقام الرسمية إلى أن أكثر من 70% من السكان، عرضة لخطر الفقر الشديد وسوء التغذية.

وفُرضت أثقل وأطول فترة ركود اقتصادي على البلاد، بينما انخفض دخل الفرد الإيراني بمقدار الخمس في 10 سنوات. في العام الماضي وحده، غادر أكثر من 1.5 مليون شخص سوق العمل بسبب الركود، وفيروس كورونا. وتُعتبر إيران واحدة من بين دولتين أو ثلاث دول في العالم، تُعاني من أسوأ معدلات الركود والتضخّم في الوقت نفسه .
وتُعاني العملة الوطنية من انخفاض قيمتها بشكل كبير، كما انخفضت القوة الشرائية للإيرانيين بشكل ملحوظ مقارنةً مع شعوب الدول الأخرى.

وفي الوقت نفسه، لم يسبق أن انخفضت القيمة الحقيقية للأجور حتى مقارنة مع فترة ما بعد الثورة مباشرة، والحرب الإيرانية العراقية.
كما انخفضت مستويات معيشة موظفي الحكومة، وتنتشر بشكل دوري أنباء احتجاج المتقاعدين على الأحوال المعيشية، في وكالات الأنباء الرسمية.
يوماً بعد يوم، أصبحت أزمة التوظيف في إيران أكثر خطورة. وفي رؤية خامنئي، كان من المفترض أن تُحقق إيران “التوظيف الكامل” بحلول أوائل القرن الخامس عشر، بالتقويم الفارسي.

لكن إيران لم تقترب حتى من ذلك، بل في الواقع زاد الوضع سوءاً. فارتفعت أسعار العقارات لدرجة أن متوسط فترة الانتظار لشراء منزل أصبح الآن أكثر من قرن. وأصبح من المستحيل على الطبقات المتوسطة استئجار منزل في وسط المدينة، أو حتى في الأحياء ذات الدخل المنخفض. وأدى هذا الوضع إلى تصاعد التهميش في إيران ما كان له عواقب اجتماعية وخيمة. في مخيلة المرشد الأعلى، كان من المفترض أن يتمتع الإيرانيون بـ “العدالة الاجتماعية، والحريات المشروعة، والحفاظ على كرامة الإنسان وحقوقه، والأمن الاجتماعي والقضائي” ، وهو ما لا يتمتعون به. وبدل ذلك، يسعى الجهاز القضائي والأمني إلى قمع الحريات الشخصية، والاجتماعية المشروعة، بينما يفتقر الشعب للأمن والاستقرار. وتُظهر الإحصاءات الرسمية زيادة العنف، إذ تتزايد جرائم القتل، والانتحار، والوفيات المشبوهة، والسرقة، والإدمان.

ووفقاً للرؤية يجب أن تكون حالة الصحة والرفاهية مستدامة الآن. لكن إيران ابتُليت بشدة بجائحة كورونا، وأصبحت واحدة من البلدان التي تعرف أعلى معدلات الإصابة والوفيات في العالم، منذ اكتشاف أول الإصابات، التي لم يبلغ عنها، في يناير (كانون الثاني) 2020. وتستمرّ الدولة في الحديث عن نظريات المؤامرة حول الوباء، بينما لم تبدأ بعد محاولة جادة لتطعيم السكان.
وختم رانجيبور قائلاً إن “المسافة بين الواقع وما تحدد في رؤية العشرين عاماً كبيرة جداً. ففي السنوات الخمس المتبقية، سيكون من المستحيل اجتياز هذه المسافة بين عالمين متعارضين، أحدهما على أرض الواقع، والآخر وهم. فالواقع الإيراني، هو مجتمع محاصر في الثقب الأسود للجمهورية الإسلامية وأوهام قادته».