اللعبة المزدوجة لخامنئي من النووي...موقف في العلن غيره في السرّ!
مع إبداء الرئيس المنتخب جو بايدن نيته إحياء الاتفاق النووي الإيراني، تتوجه الأنظار إلى طهران لمعرفة رأي قيادتها وخصوصاً رأي المرشد الأعلى علي خامنئي في الموضوع.
تريد إيران العودة إلى الاتفاق لقطف ثمار رفع أو تخفيف العقوبات عنها. بالمقابل، ثمة أصوات إيرانية كثيرة، ومن بينها صوت المرشد، تدعو إلى عدم التفاوض مع الأمريكيين. فما هو موقف إيران الحقيقيّ من هذه المسألة؟
أجاب محلل الشؤون الإيرانية مجيد رفيع زاده على هذا التساؤل في مقال نشرته صحيفة “ذي أراب نيوز” السعودية، مشيراً إلى أن للمرشد الأعلى الكلمة النهائية في القضايا الأساسية للسياسة الخارجية الإيرانية، ومن بينها الاتفاق النووي.
توقعَ رفيع زاده أن يلعب خامنئي لعبة مزدوجة في الأشهر القليلة المقبلة. في العلن، سيحذّر السلطات الإيرانية من عقد مفاوضات مع واشنطن لأنه لا يمكن الوثوق بها بحسب رأيه. سبق لخامنئي أن بدأ حملة انتقاد للرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، فقال الأسبوع الماضي: “لا أؤمن بالطريقة التي أنجِزت بها خطة العمل الشاملة المشتركة، الاسم الرسمي للاتفاق النووي، ولقد أوضحت ذلك للرئيس ووزير الخارجية في مناسبات عدة».
يصف رفيع زاده كلام المرشد بأنه تكتيك مكيافيلي كلاسيكي يهدف من خلاله إلى تفادي المحاسبة والمساءلة حين تفشل سياساته. فهو لا يريد إظهار الضعف والخسارة.
يزعم المرشد بدهاء أن دوره لا يتضمن “التدخل في الشؤون التنفيذية” طالما أن النظام غير معرض للخطر، كما يقول. لكن الحقيقة هي أن الرؤساء ووزراء الخارجية الإيرانية يتمتعون بمقدار محدود جداً من الصلاحيات في سياسات طهران الخارجية التي يجب أن تحظى بموافقة المرشد الأعلى، مباشرة أو غير مباشرة.
علاوة على ذلك، تابع رفيع زاده، يريد خامنئي من خلال إظهار معارضته للاتفاق النووي أو للتفاوض مع الأمريكيين، أن يؤسس إرثاً خاصاً به مناهضاً للولايات المتحدة. يسعى خامنئي إلى حشد تأييد قاعدته الصلبة ووكلائه وميليشياته في الخارج، وإلى إظهار أنه ثابت وشجاع في معارضة “الشيطان الأكبر».
رأى الكاتب نفسه أن الحقيقة تكمن في تفكير خامنئي لا في كلماته. هو لا يريد الانضمام إلى الاتفاق النووي وحسب بل هو يائس لفعل ذلك. في المجالس الخاصة، من شبه المؤكد أن يكون المرشد قد أصدر توجيهاته إلى روحاني وظريف من أجل التفاوض حول إحياء الاتفاق حين يستلم بايدن منصبه رسمياً في 20 يناير “كانون الثاني” المقبل. أضاف رفيع زاده أنه حين كان المسؤولون الإيرانيون يعقدون لقاءات مع الأمريكيين بين عامي 2013 و 2015 لإتمام الاتفاق النووي، استخدم خامنئي أسلوب العمل نفسه. حينها، أعلن أنه لم يكن يؤيد عقد الاتفاقات مع الأمريكيين. لكن لم يكن بإمكان روحاني وظريف التوصل إلى اتفاق دولي حساس دون موافقة المرشد الأعلى. يدرك خامنئي أن واحداً من متطلبات رفع العقوبات الأمريكية هو إحياء الاتفاق النووي. المرشد قلق للغاية حول مصير نظامه إذا استمر فرض العقوبات على بلاده.
لقد انتشرت تظاهرات كثيرة ضخمة ضد النظام خلال السنوات القليلة الماضية. للمرة الأولى، هتف المتظاهرون “الموت لخامنئي” وطالبوا بتنحيه. في دول أخرى تمارس إيران نفوذاً كبيراً داخلها مثل العراق ولبنان، اندلعت تظاهرات ضد تدخلات إيران في شؤونها. وتواصل شعبية إيران في دول الشرق الأوسط انخفاضها.
ذكر الكاتب أن المرشد الأعلى يلمس كيف قطعت العقوبات بشكل جوهري تدفق الأموال إلى الحرس الثوري والمجموعات الإرهابية المحسوبة عليه في المنطقة. ولهذا السبب قال: “إذا كان بإمكاننا رفع العقوبات، فيجب ألا نؤجّل ذلك ولو لساعة واحدة». ويعيد رفيع زاده في الختام التشديد على أن المرشد ينتقد الاتفاق النووي علناً، لكنه في السر، يريد ويحتاج إلى إحيائه مجدداً.