-- سار بعض الوزراء على خطى هوس رئيسهم بالمنصة الكاليفورنية
-- استراتيجية رقمية مدروسة بعناية تتوزع بين الرسائل السياسية والفكاهة
-- يسمح فيسبوك لأوربان بإلقاء شبكة واسعة قبل عام من الانتخابات التشريعية
-- يعشق الملفوف المحشي، وفيلم حدث ذات مرة في الغرب، ويحتفظ بربطات عنق من برلسكوني

«مرحبا رواد الفيسبوك”... في 23 فبراير 2021، وبلهجة رقيقة، وجهازه بين يديه، دعا فيكتور أوربان مشتركيه إلى إكمال استشارة وطنية عبر الإنترنت حول إدارة الأزمة الصحية. فشبكة زوكربيرغ الاجتماعية، تجسد الواجهة المفضلة للزعيم المجري. فسواء كان يأخذ مخللات منزلية الصنع إلى المكتب، أو يجري مقابلة صباح يوم الجمعة على الإذاعة العامة، أو يتخلص من بروكسل، أو يضيء شموع القدوم، أو يحصل على اللقاح الصيني، فإن فيكتور أوربان ينزّل الصور ومقاطع الفيديو لمليون محب، أي 10 بالمائة من الشعب المجري.

في بداية الوباء، أظهرته صفحة أوربان وهو يستقبل، بدون حماية، أقنعة وأجهزة تنفس من الصين في مطار فرانز ليزت الدولي، ويراكم الاجتماعات والمواعيد، كل ذلك تصحبه موسيقى تصويرية فائقة التستوستيرون جديرة بإنتاج مايكل باي. اما حين يجتمع بمجلس الحرب المقاوم لكوفيد، فتكون الموسيقى ملحمية على طريقة السوبر مجريين ضد الفيروس. اليوم، تضرب الموجة الثالثة المجر بقوة، الا ان أوربان لا يزال يقدم عرضه على فيسبوك، حيث نراه يوقّع المراسيم، ويتلقى 450 ألف جرعة من لقاح سينوفارم، ويسخر من خصم في البرلمان.

استراتيجية
 قلّدها وزراؤه
تقوم بعض الشخصيات الحكومية بتقليد انخراط رئيسهم في المنصة الكاليفورنية، رغم انهم متهمون بالتحيز والرقابة. تسلط وزيرة الأسرة، كاتالين نوفاك، الضوء على الإجراءات الإنجابية للسلطة التنفيذية خلال أسبوع، وتكشف عن المعجّنات التي تصنعها في عطلات نهاية الأسبوع. من جهتها، تكرس وزيرة العدل، جوديت فارغا، جزءً كبيرًا من شريطها لمشاكسة اليسار والليبراليين والمفوضية الأوروبية.
 ويشارك وزير الاقتصاد، ميهالي فارغا، افتتاح المصانع، والمناقشات مع صناع القرار، والاستثمارات، وبرامج الدعم للشركات التي تواجه صعوبات.
بينما يوثق وزير الخارجية، بيتر سيجارتو، رحلاته الدبلوماسية بمساعدة فريق من المتخصصين. “بالإضافة إلى الموظفين السبعة عشر العاملين في الدائرة الصحفية للوزارة، يعمل في خدمته طاقم من عشرة أشخاص منهم على وجه الخصوص كاميرمان اثنان ومحرر واثنين من المصورين.
وربما يفسر هذا سبب كون سيجارتو هو الوزير الأكثر شعبية على وسائل التواصل الاجتماعي. ففي حين كان 80 ألف شخص فقط يتابعوه في ربيع عام 2020، قفز الرقم الى 200 الفا في غضون بضعة أشهر”، كما كتبت مجلة HVG الأسبوعية في منتصف شهر يناير.
وإذا كان نوفاك وفارجا وأعمدة أخرى من أغلبية فيدس قد انتقلوا إلى تويتر، فإن أوربان يفر من قناة التصريف المفضلة لدونالد ترامب، الذي كان يأمل فوزه في نوفمبر.

ومع ذلك، بالإضافة إلى أسطول وسائل الإعلام الورقية والإذاعية والويب الخاضعة للنظام، يسمح فيسبوك للخطيب المجري بالتوسع قبل عام واحد من الانتخابات التشريعية التي تعد بأن تكون أصعب من سابقاتها في مواجهــــــة معارضـــة موحدة أمامه.
ويكمل حسابه على انستغرام (101000 متابع) وموقعه الإلكتروني الرسمي الجديد باللغة الإنجليزية، استراتيجية رقمية مدروسة بعناية تتوزع بين الرسائل السياسية والفكاهة التي يتم معايرتها للإنترنت.

ملفوف محشي وربطة
 عنق من برلسكوني
ومن خلال تصفح قسم الحقائق الممتعة في بوابة رئيس الوزراء المجري، يعلم الزائر بشكل خاص أن فيكتور أوربان يتقن فن “قتل الخنازير”، ويعشق الملفوف المحشو، ويعبد فيلم “حدث ذات مرة في الغرب”، ويحتفظ بربطات عنق هدية من برلسكوني، وانه ترك بعض أسنانه في أول مباراة للهوكي. وفي زاوية الحياة الشخصية، أوربان هو في نفس الوقت “أب” (خمسة أطفال)، و”رجل مؤمن” (كالفيني)، و”مثقف” يلتقي بالمفكرين والفنانين، و”ابن الريف” من قرية فيلكسيت (1600 نسمة) ، و”رياضـــــي” (فــــي هــــــذه الحالـــــة، لاعـــــب كرة قـــــدم سـابق ومغـــــرم بكـــرة القدم).
في فئة رجل السلطة، يصافح القادة البارزين للمجرة القومية الشعبوية: البولندي كاتشينسكي، السلوفيني يانشا، الصيني شي جين بينغ، الصربي فوتشيتش، مجموعة فيسيغراد (المجر / سلوفاكيا / التشيك / بولندا)، نتنياهو الإسرائيلي، الذي استمد منه حملاته المناهضة لسوروس، البريطاني جونسون، ورفيقه الروسي بوتين الذي يعد أفضل حليف له في الاتحاد الأوروبي، وحليفه الكبير الآخر التركي رجب طيب أردوغان الذي فرش له السجادة الحمراء، والبرازيلي جاير بولسونارو.

ونزّل ماكرون وميركل إلى الأسفل على اليمين تحت اسم “المحور الفرنسي الألماني».
«منذ تأسيس حركة مناهضة للشيوعية في المجر تحت احتلال السوفياتي، وصولا الى ولايته الأربع كرئيس للوزراء، حارب فيكتور أوربان من أجل الوحدة الوطنية واستقلال المجر منذ بداية حياته السياسية”، تشير الصفحة الرئيسية للموقع ذات اللون البرتقالي لحزبه فيدس، والذي تم إطلاقه في نهاية مارس 1988. “إنه محافظ اجتماعي، مؤيد للتجديد المسيحي الديمقراطي في أوروبا، مناضل من أجل الحرية بالإضافة إلى معارض شرس للهجرة الجماعية”، تضيف البوابة الهجيوجرافيك بخصوص موضوع الرجل القوي في بودابست.
في فترة عيد الميلاد، تصدّر فيكتور أوربان عناوين الصحف من خلال التسجيل على هوندوب، وهي نسخة تآمرية شاحبة من فيسبوك معتمدة “هنغارية”، “وبدون رقابة”، وتدعو الى حرية تعبير غير محدودة تقريبًا. في ذلك الوقت، اتهم النائب المستقل أكوس هزازي “الأموال القذرة لعشيرة أوربان” بتغذية شبكة نظرية المؤامرة على طريقة كيو انون الامريكية. وانسحب المتبرعون للموقع من الخارج، وأدت محادثات خاصة تحتوي على عشرات الصور الإباحية للأطفال -والتي أصبحت متاحة لجميع مستخدمي هوندوب بسبب خلل أمني -إلى تحقيق الشرطة.

البحث عن اللايكات
قبل السيطرة على عالم فيسبوك المجري، واستعادة السيطرة، في أبريل 2010، على المجر، التي سبق ان حكمها بين 1998 و2002، شرع فيكتور أوربان في غزو اليوتيوب.
 وفي مقاطع فيديو، كتب في شكل سيناريو أحد أيامه وكأنه من حلقات على مدار الساعة، كانت جولة عبر ترانسيلفانيا برفقة زوجته أنيكو ليفاي، وهو يلعب البلياردو على هامش زيارة سياسية إلى ديبريسين، ويداعب الكرة مع نادي فيلكسوت، ويحضر مؤتمرًا لـ “حزب الشعب الأوروبي” (الذي غادره فيدس مؤخرا) في وارسو، أو يقطع لحم الخنزير بدقة.

على فيسبوك، يرتدي ملك المؤثرين السياسيين المجريين، زي قائد الأمة والجد السعيد بحفيده الخامس الذي حل ركبه في أكتوبر.
 ويدرك خصومه الرئيسيون تأثير الشبكات، لذلك يقدمون شخصياتهم كرجل طيب كوردون بلو (رئيس الوزراء السابق فيرينك جيوركساني)، “الصبي المجاور” الألفي (أندراس فيكيتي-غيور من الحزب الليبرالي مومنتوم)، وابن العوام (بيتر جاكاب من يوبيك)، ولطيف ولكن جدي (جيرجيلي كاراكسوني عمدة بودابست من الخضر).
وظهرت مؤخرًا قناة “بستي تي في” يمولها اباطرة موالون للسلطة والجماعة المحافظة ميغافون، لمواجهة الكتلة المناهضة لأوربان على الشبكات ولاستعادة جيل فيسبوك. ويشير موقع 24 إلى أن “تكثيف استراتيجية فيدس على مواقع التواصل الاجتماعي ليس فقط نتيجة الانتكاسة في الانتخابات البلدية لخريف 2019، بل أيضًا انعكاس للرغبة في إغواء الشباب الذين يجـــد الحزب صعوبة لإغرائهم”.
ومع ذلك، لست متأكدًا من أن بحث فيدس عن اللايكات، في منافسة لصيقة مع المعارضة الموحدة في استطلاعات الرأي، يكفي للحفاظ على مقاليد البلاد عام 2022.