نحو التوجهات المستقبلية في التقنيات ووظائف مهارات المستقبل

المجلس الرمضاني العلمي لندوة الثقافة والعلوم يناقش التعاون بين المراكز والمختبرات العلمية في الدولة

المجلس الرمضاني العلمي لندوة الثقافة والعلوم يناقش التعاون بين المراكز والمختبرات العلمية في الدولة


نظم نادي الإمارات العلمي في ندوة الثقافة والعلوم مجلساً رمضانياً بعنوان "التعاون بين المراكز والمختبرات العلمية في الدولة نحو التوجهات المستقبلية في التقنيات ووظائف مهارات المستقبل". بحضور بلال البدور رئيس مجلس الإدارة وعلي عبيد الهاملي نائب الرئيس ود. صلاح القاسم المدير الإداري ود. رفيعة غباش ود. سهام كلداري ونخبة من الأكاديميين والمتخصصين.

 شارك في المجلس الدكتور محمد إبراهيم المعلا وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون الأكاديمية، والمهندس فيصل الحمادي الوكيل المساعد لريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة في وزارة الاقتصاد، والدكتور منصور العور رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية، والدكتور عبداللطيف الشامسي مدير مجمع كليات التقنية العليا، والدكتور سعيد الظاهري مدير مركز الدراسات المستقبلية بجامعة دبي. أفتتح المجلس بمعرض لإبداعات ومختراعات المنتسبين لنادي الإمارات العلمي والتي حازت على عديد من الجوائز المحلية والدولية. أدار الجلسة الدكتور عيسى البستكي رئيس نادي الإمارات العلمي معرفاً بنادي الإمارات العلمي الذي أسس عام 1987 وأهدافه التي تأخذ على عاتقها توعية المجتمع تقنياً وعلمياً، وإقامة دورات تدريبية وورش علمية للناشئة، واكتشاف المواهب وصقلها، وإكساب الطلاب خبرات علمية من خلال المشاركة في المحافل العالمية والمهرجانات والملتقيات المتخصصة.

أكد الدكتور محمد إبراهيم المعلا أن هناك تحديات عدة تواجه المراكز البحثية والمختبرات أهمها عدم وجود خريطة لهذه المراكز لحصرها وتحديد أدوراها، سواء مراكز علمية تعنى بجميع الفئات العلمية، أو مراكز بحثية متخصصة في الجامعات أو المؤسسات. أما التحدي الثاني فهو تركز الإنتاج العلمي والبحثي في مؤسسات التعليم العالي أو الجامعات فخلال السنوات الثلاث الأخيرة أنتجت مؤسسات التعليم العالي 28.347 ورقة بحثية، في المقابل نجد الإنتاج البحثي لسوق العمل بشكل عام محدوداً ما يوضح وجود فجوة كبيرة في الجانب البحثي، بالإضافة إلى ضعف التعاون بين المراكز البحثية وهذه واحدة من التحديات الكبيرة، حتى أن التعاون بين المؤسسات الأكاديمية داخل الدولة أضعف مما هو عليه مع المؤسسات الأكاديمية الخارجية. ورأى أن هناك منافسة شريفة بين الجامعات إلا أنها لم تصل إلى مرحلة النضوج في التعاون في مجال البحث العلمي.

وأضاف المعلا أن مؤسسات التعليم العالي تفتقر تعدد وتنويع مصادر التمويل والذي هو ميزانية المؤسسة نفسها ما يشكل تحدي على مستوى البحث العلمي وإنتاج المعرفة، وتطوير المورد البشري الذي يتحدى المهارات المطلوبة مستقبلياً. وأكد أن الثورة الصناعية قد تؤثر في سوق العمل ولكنها لن تشكل معضلة أمام العقل البشري القادر على خلق واستحداث وظائف بديلة. وأشار أن دور مؤسسات التعليم العالي ليس تخريج موظفاً ولكنها تؤهل إنسان قادراً على إحداث التغيير ومواكبة المتغيرات. فسوق العمل في الإمارات خدمي للتسويق والبيع لا يوجد بحث أو تطوير، مما يتطلب إعادة النظر في سوق العمل وتطوير قطاع صناعي محلي.

وذكر أن وزارة التربية والتعليم لديها العديد من المبادرات والأدوات والاستبيانات الخاصة باحتياجات السوق وقد تم إجراء مسح حول الخريجين والوظائف التي التحقوا بها، كما تم إجراء استبيان حول المهارات المطلوبة في سوق العمل وكانت المهارات التقنية أساس مطلوب لدى جميع الخريجين ما يتطلب إعادة النظر من قبل الجامعات لإعادة تصميم برامجها لمواكبة التطورات، إضافة لمهارات الأعمال، والمهارات العامة والشخصية وهو دور مؤسسات التعليم العالي لإكساب الخريجين مهارات العامة تؤهله للعمل المستقبلي. وأشار الدكتور عبداللطيف الشامسي إلى أثر الثورة الصناعية الرابعة في تحديد المهارات المطلوبة في سوق العمل المستقبلي، وخصوصاً في ظل المتغيرات المتسارعة، فهناك هدف متغير في كل قطاع ومهنة ووظيفة، ولم يعد الهدف التعليمي والمعرفي وحده كافياً ولكن أصبح التركيز على الجانب المهاري بنسبة أكثر من 85% لأن الجانب المعرفي يكتسب بسهولة ولكن المهارة تتطلب تركيز ودأب. وأكد الشامسي أن المهارات تتعلق بالبحث والتدريب العملي، ونجد أنه في فترة "كوفيد" والتعلم عن بعد اكتسب الطلبة مهارات تعلم لم تكن موجودة في سبق وتسهم في تطويرهم بشكل مستمر، إلا أن التعليم لابد أن يواكب التطورات وخصوصاً في مجال العمل وترجمة احتياجات السوق في شكل مناهج ودورات تدريبية، علماً بأن المستجدات المتلاحقة لها دور في إعادة توجيه المناهج والعملية التعليمية.

وأضاف أن الخريج المستقبلي لابد أن يمتلك مهارة رقمية ومهارة في التخصص إلى جانب ريادة الأعمال أي يفكر خارج الصندوق للخروج بأفكار وحلول متعددة وهذه تكتسب سواء من المناهج أو الدورات التي تؤهل الطلبة وتكون جزء من المنهج الدراسي وأن يحصل على شهادة أكاديمية وشهادة مهنية احترافية تؤهله لسوق العمل. وأكد أن 85% من خريجي كليات التقنية حاصلين على شهادات أكاديمية واحترافية في مختلف المجالات.

وهذا كلها يتطلب توفر أكاديميين مؤهلين ومختبرات مجهزة وتدريب عملي حقيقي يؤهل الطالب للمتغيرات. وأشار الشامسي إلى الحاجة لإعادة هيكلة مؤسسات التعليم بشكل جذري ليواكب متطلبات الأجيال المتطورة، بحاجة إلى إعادة فكر منظومة التعليم، وقد تم تجريب التعليم عن بعد ونجحت، ثم تم استحداث التعليم الهجين الذي يجمع بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد، وفي السنوات القادمة سنحتاج إلى تعليم (هايبر هجين) ما يطرح تساؤل هل نحتاج إلى 70% من فصولنا الدراسية مستقبلاً؟

فالتعلم عن بعد بشكل افتراضي وفعال الهدف منه خلق بيئة جاذبة للطالب بتحويل الجامعات إلى منصات مفتوحة تجمع بين الفصل الدراسي والمكان المفتوح. نحتاج إلى الاستفادة من مؤسسات أخرى لخلق تكامل بين مؤسسات التعليم والقطاعات المختلفة لإكساب الطالب مهارات متنوعة. وذكر الدكتور منصور العور أن الصورة العامة أن الاقتصاد هو الحصان وما بعد ذلك هو العربة، ورأى أن التعليم هو الحصان وكل الأمور الأخرى هي العربة، وأكد أن الذي ينقص التعليم في الخمسين عاماً المقبلة هو المهارات التخصصية التي تمثل واسطة العقد إذا أردنا التقدم للأمام، والمهارات التخصصية ليست فقط الطب والهندسة، فمؤسسات التعليم العالي تحتاج لمزيد من التركيز على المهارات التخصصية في العلوم الإنسانية والاجتماعية، ولذلك فقدان المهارات التخصصية يضع مؤسسات التعليم أمام سيناريوهات ثلاثة: عزوف القطاع الخاص عن التوظيف، الخريج الذي لا يملك زمام المهارة التخصصية يكون فاقد الثقة في نفسه، الاصطفاف في طوابير انتظار الوظيفة الحكومية.

وأضاف أن هناك تحديات تواجه العديد من الجامعات والدول أولها ما يتعلق بالمخرج التعليمي ونجد تفاوت بين الجانب المعرفي والمهاري، ونواجه مشكلة كيفية قياس المخرجات المهارية، إضافة إلى أن بعض أعضاء الهيئة التدريسية أنفسهم لا يمتلكون الجانب المهاري. والتحدي الآخر مدى دراية القطاع الخاص بالمهارات المطلوبة وظيفياً، لذلك لابد أن يكون هناك نوع من التكامل بين مؤسسات التعليم الأكاديمي وأن يكون هناك نموذجاً موحداً لجدولة المهارات المطلوبة. وأشار العور إلى أهمية تعظيم الموارد المالية للبحث العلمي، لذلك لابد من تبني سياسات لإعطاء عقود لشركات تمتلك مراكز بحثية كما هو معمول به في الخارج، فالسياسات الحكومية أجبرت القطاع الخاص على ضرورة وجود مراكز بحثية.

إضافة إلى ضرورة ربط المساعدات الخارجية باحتياجات مؤسسات التعليم العالي المحلية. وتساءل الدكتور سعيد الظاهري نعرف جميعاً التحديات، ولكن كيف يمكن حلها وما المفروض عمله، فالباب مفتوح لدى القيادة وعلينا أن نصوغ هذه التحديات وإيجاد آلية لرفع هذه التحديات والمقترحات للقيادة. وأكد الظاهري دور المراكز في البحث العلمي والدراسات المستقبلية مهم وضروري إلا أنه غير واضح أو فعال فمعظمها يفتقر للهيكلة ولا توجد قاعدة بيانات تجمعها، إلى جانب عدم وجود سياسات تشجع التعاون بين المراكز البحثية فمعظم المؤسسات تلجأ للشركات الخارجية ولا تستعين بالمراكز الأكاديمية الوطنية، رغم أن سياسة الدولة تشجع على التعاون بين المؤسسات الحكومية والأكاديمية إلا أن هناك ضعف في التنسيق بينها.

وأشار إلى أنه في عام 2018 مجلس العلماء أنشأ منصة المختبرات المفتوحة والقصد استغلال أجهزة المختبرات من قبل الجامعات والباحثين وحتى الآن لم يستفد أحد من تلك المنصة وكم عدد الباحثين الذين استفادوا منها.
وأكد أنه لابد أن تكون هناك منصة تربط المراكز البحثية وتربطها بالقطاع الصناعي والحكومي والقطاع الأكاديمي. وأكد أنه لابد من التركيز على مهارات الاقتصاد الأخضر وهي تطبيق المعارف والإمكانات في جميع الخدمات سواء الحكومية أو الخاصة، وهذا الاقتصاد خلق 24 مليون وظيفة في منظمة العمل الدولية، والوظائف الخضراء توجد في مختلف المجالات بحيث تكون الاستدامة أساس في التعاملات في هذا الاقتصاد. وتطرق المهندس فيصل الحمادي إلى القطاعات الواعدة المستقبلية، مؤكداً وجود توجهات عالمية تؤثر على قطاعات ومهارات ووظائف المستقبل، أولها الاقتصاد الدائري وتوجد سياسات تدعم هذا التوجه وقد أثر هذا التوجه على مختلف القطاعات وسوق الأعمال وهناك استثمار في أكثر من 70 دولة على مستوى العالم في الاقتصاد الدائري.

والتوجه الآخر الاقتصاد الأخضر الذي يعتمد على الوصول للالتزام الصفري في انبعاث الكربون، والتوجه الثالث الاقتصاد الأزرق المتعلق ببيئة المياه والمحيطات والتوجه الرابع الاعتماد على سياسة توريد محلية وهذا ما أكدته جائحة كورونا، والتوجه الأخير الاقتصاد الرقمي يتطور بشكل متسارع وهذه التوجهات تمثل قطاعات واعدة مستقبلياً.

وأكد الحمادي أن هذه التغيرات أو التوجهات ستؤثر على الوظائف لأنها تتطلب معرفة ومهارة أكبر ومتابعة مستمرة لمستجدات السوق، وهذه المجالات ستحفز المراكز والمختبرات مما يتطلب تطويراً سريعاً في هذه المراكز لدعم الابتكار وخلق بيئة داعمة للباحثين ولتكون جسر للتواصل بين مختلف المؤسسات.
وتساءل الحمادي ماذا عن المستقبل؟ فأكد أن ريادة الأعمال حاجة أساسية لابد من تعزيزها في المدارس أو الجامعات والمجتمع ككل. وتطرق إلى تجربة كليات التقنية وما تكسبه لطلابها من مهارات، وريادة أعمال.

وتساءلت د. رفيعة غباش لماذا أغلقت أقسام بعض الكليات النظرية كتخصص الفلسفة، وأكدت إن ما تطبقه الشركات العالمية من معايير قد لا ينطبق على مجتمع الخليج. وإن مشكلة المؤسسات الأكاديمية هي الحاجة الحقيقية لتحليل والوقوف على الوضع الحالي من خلال استعراض مسيرة التعليم والمحصلة.
 
وخرج المجلس بتوصيات عدة منها:
- ضرورة وجود خريطة لحصر مراكز الأبحاث وتحديد أدوراها، سواء مراكز علمية تعنى بجميع الفئات العلمية، أو مراكز بحثية متخصصة في الجامعات أو المؤسسات.
- أهمية التعاون بين المراكز البحثية في المؤسسات الأكاديمية، وضرورة التكامل بين مؤسسات التعليم الأكاديمي.
- ضرورة إيجاد سبل لتنويع مصادر الدخل لتطوير البحث العلمي.
- أهمية إعادة النظر في سوق العمل وتطويره من تسويقي إلى قطاع صناعي وإنتاجي محلي.
- تركيز المؤسسات الأكاديمية على امتلاك الخريج مهارة رقمية ومهارة تخصصية مهارات اتصالية وريادة أعمال.
- توفير أكاديميين مؤهلين ومختبرات مجهزة وتدريب عملي حقيقي يؤهل الطالب للمتغيرات.
- توفير منصة ملموسة ومنصة رقمية تربط المراكز البحثية وتربطها بالقطاع الصناعي والقطاع الأكاديمي.
- ضرورة استخدام التكنولوجيا كوسيلة أو أداة تساعد وتحبب الطالب على التعلم وألا تكون غاية…
- يجب إيجاد قنوات لخريجي النوادي والمراكز العلمية لاحتضان ابتكاراتهم وتحويلها إلى منتج يُباع عالميا…