الهروب الكبير.. هل كتبت ماتشادو سقوط مادورو من أوسلو؟

الهروب الكبير.. هل كتبت ماتشادو سقوط مادورو من أوسلو؟


استطاعت زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، الإفلات من رقابة نظام الرئيس نيكولاس مادورو والوصول إلى أوسلو لتسلُّم جائزة نوبل للسلام، في خطوة أعادت ترتيب مشهد الشرعية السياسية داخل فنزويلا ووضعت النظام أمام اختبار لا يريد  الاعتراف به.
فرحلة ماتشادو، التي تُشبه مشاهد الأفلام، بدأت من إحدى ضواحي كاراكاس متنكرة بباروكة وملابس لا تُلفت الانتباه، لتنجح في التسلل عبر نحو 10 حواجز عسكرية استطاعت تجنبها واحدًا تلو الآخر، قبل أن تصل إلى الساحل حيث كان ينتظرها قارب صيد بسيط، ومن ثم توجهت عبر طائرة خاصة إلى النرويج.
وبحسب «وول ستريت جورنال»، فإن ماتشادو أبحرت على امتداد البحر الكاريبي، وواجهت أمواجًا عاتية ورياحًا قوية على متن زورق لا يكاد يمنحها الحد الأدنى من الأمان، في وقت كان فيه القلق من استهداف القوارب من قبل القوات الأمريكية حاضرًا في كل لحظة.
وذكر مصدر مطّلع أن الخطر لم يكن من القوات الفنزويلية وحدها؛ فقد تواصل الفريق المساعد لماتشادو بشكل مسبق مع الجانب الأمريكي لتفادي أي خطأ قاتل في البحر، خصوصًا بعد حوادث استهداف طائرات أمريكية لعشرات القوارب خلال الأشهر الأخيرة، وبالتزامن مع عبورها، رُصدت طائرات أمريكية من طراز «إف-18» تحوم قرب المسار المؤدي إلى «كوراساو»؛ ما أضفى على الرحلة بعدًا جيوسياسيًّا إضافيًّا لم يكن بعيدًا عن المشهد.
وما أن وصلت ماتشادو إلى «كوراساو» بعد ساعات طويلة في البحر، حتى بدأت المرحلة الثانية من العملية: رحلة بطائرة خاصة نحو أوسلو، بعيدًا عن أعين أجهزة مادورو، التي ظلت حتى لحظة بدء مراسم جائزة نوبل تجهل مكان وجودها.
ويرى الخبراء أن وصولها المفاجئ إلى فندق مُخصص عادة لاحتفال الفائزين في وسط العاصمة النرويجية، أعاد تشكيل القصة بأكملها أمام العالم: زعيمة معارضة مطاردة، تصل من الظل إلى منصة تُمنح فيها أعلى جائزة للسلام، بينما نظامها يتخبط في توضيح غيابها.
وبينما كان رد فعل النظام هجوميًّا كالعادة، فإن نائبة الرئيس ديلسي رودريغيز اتهمت ماتشادو والمعارضة بـ»خدمة الإمبريالية»، واعتبرت أن عدم حضور ماتشادو للحفل دليل على «فشل المسرحية»، لكنها تجاهلت أن العملية بأكملها تمّت دون أن يكتشفها الأمن الفنزويلي؛ ما يُعد بحد ذاته ضربة معنوية قاسية، كما يتجاهل النظام أن خروج ماتشادو، رغم مخاطر منعها من العودة، يمنح المعارضة نافذة تأثير دولية أوسع؛ إذ ستكون قادرة على حشد دعم خارجي يضغط على مادورو من مواقع لم تكن متاحة لها من داخل فنزويلا.
ويعتقد مراقبون أن مشهد استقبالها في أوسلو، وظهور قصتها في الأوساط الدولية، يضع مادورو أمام معادلة صعبة؛ فالهروب الذي كان يأمل أن يقدّمها كـ»فارّة من العدالة» تحوّل إلى منصة دولية تُحرجه أمام الرأي العام العالمي، فيما تتعامل المعارضة مع العملية باعتبارها نقطة انعطاف قد تعيد ترتيب موازين القوى، ولو على مستوى الشرعية الرمزية.