الهند بين مطرقة واشنطن وسندان موسكو.. هل تشتري دفعة من صواريخ S-400 ؟

الهند بين مطرقة واشنطن وسندان موسكو.. هل تشتري دفعة من صواريخ S-400 ؟


تناول الباحثان راهول ميشرا، وهارشيت براجباتي، المتخصصان في شؤون الإندوباسيفيك والعلاقات الأمنية، معضلة الهند الاستراتيجية في ظل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنيودلهي، وما أثارته من احتمال شراء دفعة إضافية من منظومات الدفاع الجوي الروسية، S-400. 
ورأى الباحثان في تحليل بموقع «آسيا تايمز» أن الهند تواجه معادلة حساسة، تعزيز قدراتها الدفاعية في مواجهة الصين وباكستان، مقابل احتمال تعريض علاقاتها المتوترة أصلاً مع الولايات المتحدة لمزيد من الضغوط وربما العقوبات. وقال الباحثـــــان إن زيارة بوتين تأتي في وقت يتصاعد فيه الجدل الداخلي حول فعالية منظومة S-400  بعد أدائها البارز خلال عملية سندور ضد باكستان في مايو -أيار 2025. وأوضح الكاتب أن المنظومة أظهرت قدرة عالية على البقاء والمناورة، بما في ذلك خاصية «الكر والفر»، التي ساهمت في تحييد 5 طائرات – بينها طائرات F-16 – إضافة إلى منصة إنذار مبكر بعيدة المدى.
وأضاف الباحثان أن إحدى البطاريات الروسية نفذت ما وصفه ســــــلاح الجو الهندي بأطول عملية قتل جوي من سطح الأرض على عمق يتجاوز 300 كيلومتر داخل الأراضي الباكستانية، ما عزز اقتناع نيودلهي بضرورة توسيع أسطولها من هذه المنظومات.
وتابع الكاتبان أن الهند، رغم امتلاكها 3 أفواج تشغيل للمنظومة وخضوع فوجين آخرين للتسليم، لا تزال بعيدة عن العدد الكافي لتغطية حدودها الواسعة مع الصين، وباكستان، خاصةً في ظل خطر الهجمات الكثيفة التي قد تتعرض لها دفاعاتها.
مقارنة مع  باتريوت 
أوضح الباحثان أن سبب تفضيل المنظومة الروسية على نظيراتها الأمريكية، خاصة باتريوت PAC-3،  عدة عوامل، قدرة S-400 على تعقب 160 هدفاً، والتعامل مع 72 منها في الوقت نفسه، متفوقة على باتريوت. ومدى الاشتباك الذي يصل إلى 400  كلم، مقابل 180 كلم في باتريوت. وسرعة الانتشار التي لا تتجاوز خمس دقائق، مقابل أكثر من 25 دقيقة للمنظومة الأمريكية. 
وقدرات رادارية متقدمة في مقاومة التشويش، بينها توجيه الحزم بشكل مرن والقفز السريع بين الترددات. 
وقال الكاتبان إن هذه المزايا تجعل S-400 حجر الزاوية في بنية الدفاع الجوي الهندي، خاصة مع تأخر مشروع الدفاع المحلي «كوشا» الذي لن يصبح جاهزاً قبل ثلاثينيات القرن الحالي.

 العقوبات الأمريكية
وقال الكاتبان إن أي صفقة جديدة قد تحيي شبح العقوبات الأميركية، خاصة أن واشنطن عاقبت تركيا  في 2020 بسبب شراء S-400، والصين في 2018. وأضافا أن مسؤولين أمريكيين لوّحوا بإجراءات مشابهة ضد نيودلهي، رغم أن واشنطن امتنعت حتى الآن عن فرض أي عقوبات فعلية. وأكد الباحثان أن الهند تدرك أن تعزيز دفاعاتها الجوية أمر لا مفر منه، لكن عليها في الوقت نفسه حساب كلفة توتير علاقتها مع الولايات المتحدة، في وقت يشهد فيه التحالف الرباعي، فتوراً واضحاً.
وأوضح الكاتبان أن الهند ترى في S-400 خياراً لا بد منه لتعويض نقص المقاتلات لديها، عبر نقل جزء من مهام الاعتراض الجوي، إلى الأنظمة الأرضية. ومع غياب بديل محلي أو غربي يوازي المنظومة الروسية، تُعد موسكو المورد الوحيد القادر على تلبية الاحتياجات الفورية لنيودلهي. وتابع الباحثان بأن روسيا، رغم الحرب والعقوبات، لا تزال مصدراً ثابتاً للأسلحة إلى الهند، ما يجعل قرار شراء المزيد من S-400 محتملاً للغاية، حتى لو أدى إلى توتر إضافي مع واشنطن.
وأكد الكاتبان أن نيودلهي تواجه لحظة حاسمة ستحدد اتجاه سياستها الدفاعية في العقد المقبل. فالتوسع في منظومة S-400 سيمنحها قدرة ردع أكبر في مواجهة الصين وباكستان، لكنه سيضع علاقتها مع الولايات المتحدة على المحك. ورأى الكاتبان أن الخيار الهندي النهائي سيعكس أولوياتها الاستراتيجية، أمنها القومي أولاً، حتى لو جاء ذلك على حساب بعض الشراكات الدولية.