اليسار الأمريكي مصرّ على دعم إيران... أسئلة يعجز عن الإجابة عليها
اِنتقد نائب رئيس دراسات السياسة الدفاعية والخارجية في مؤسسة هيريتدج الأمريكية جايمس كارافانو إصرار اليسار الأمريكي على العودة إلى مقاربة باراك أوباما إزاء إيران والقائمة على إبراز كل الود تجاهها على الرغم من كل الكراهية التي تبديها تجاه الأمريكيين وحلفائهم.
حض الكاتب واشنطن على الاستمرار في بناء أمن جماعي وإطار اقتصادي يربط المنطقة ببعضها ويساهم في الاستقرار ويجعلها أكثر مرونة في مواجهة العدوان الإيراني والتطرف الإسلامي والتدخل الصيني في شبكة “فوكس نيوز”، تطرق كارافانو بدايةً إلى عمليات الاغتيال التي طالت كبير العلماء النوويين الإيرانيين محسن فخري زاده وثاني قيادي في تنظيم القاعدة عبدالله أحمد عبدالله داخل الأراضي الإيرانية.
لا يرتبط كل
شيء بواشنطن
رأى كارافانو أنّ اتهام إسرائيل بهذه العمليات أمر مفهوم. فبين 2010 و 2012 تم اغتيال أربعة علماء نوويين إيرانيين ونُسبت الاغتيالات حينها إلى الإسرائيليين أيضاً. واعترفت إسرائيل مؤخراً بشن هجمات ضد مواقع إيرانية في سوريا. يضيف أنه من غير الواضح كيف يمكن ربط جميع هذه النقاط، خصوصاً في العلن.
يعتقد كثر بأن هذه الأعمال قد تكون جهداً لإفساد آفاق إعادة الانخراط السياسي بين واشنطن وطهران في ظل إدارة بايدن. مع ذلك، ليس كل ما يحدث في الشرق الأوسط مرتبط بالولايات المتحدة. ففي نهاية المطاف، تعهدت طهران مسح إسرائيل عن الخريطة، لذلك ليس لدى الأخيرة خيار سوى رؤية إيران كخطر وجودي بحسب كارافانو.
سفر عبر الزمن
في الأساس، إن آفاق عودة واشنطن إلى الأيام السعيدة مع النظام الإيراني كانت أصلاً ضئيلة. من السهل خوض حملة انتخابية بناء على وعود بالسفر عبر الزمن إلى الماضي نحو الاتفاق النووي مع إيران. لكن الأمر أصعب بكثير على مستوى التطبيق. في البداية، يعتقد الكاتب أنه ينبغي تذكّر كيف أن وزير الخارجية السابق ومهندس الاتفاق النووي جون كيري فهم كل تطورات المنطقة بطريقة خطأ.
توقعات خائبة بالجملة
زعم كيري أن النظام الإيراني سيتصرف بمسؤولية أكبر بعد الاتفاق النووي. لم يفعل ذلك. غذّت إيران حركات التمرد والحروب والإرهاب في سوريا واليمن وإسرائيل والعراق. يبقى النظام أخطر راعٍ للإرهاب في العالم وهـــــــو متّهَـــــم بالتخطيط لما لا يقل عن أربعـــــــة اعتداءات كبيرة ضد أوروبـــــا في السنوات الأخيرة.
وادعى كيري بأن الإيرانيين سيتوقفون عن السعي لامتلاك أسلحة نووية. لم يفعلوا ذلك. كشفت الاستخبارات الإسرائيلية وثائق سرية إيرانية تفصّل استمرار الأبحاث حول الأسلحة النووية. وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران خرقت الاتفاق النووي فخصبت اليورانيوم بنسبة أعلى باثني عشر ضعفاً من الحد المسموح به. وهي بنت بذلك بنية تحتية أساسية لبرنامج الأسلحة.
توقع كيري ألا يصار إلى توقيع معاهدات تطبيع مع إسرائيل دون اتفاق إسرائيلي-فلسطيني. لكن في الأشهر الماضية، أقامت ثلاث عواصم عربية علاقات مع الإسرائيليين، من دون أن يكون هنالك أفق لاتفاق فلسطيني-إسرائيلي.
أسئلة دون
إجابات من اليسار
أضاف كارافانو أنّ جميع سياسات اليسار كانت خطأ خلال سنوات أوباما، ولا تزال تلك الفئة عاجزة عن تقديم أجوبة جيدة على المشاكل التي تواجه الولايات المتحدة اليوم. وطرح الباحث مجموعة من هذه الأسئلة: كيف بإمكان واشنطن العودة إلى الانضمام للاتفاق النووي بشكل صريح من دون المطالبة بحساب عن خداع النظام؟
هل ستقوم واشنطن حقاً بإلغاء العقوبات عن نقل الأسلحة؟ ماذا عن سجل إيران المروع في مجال حقوق الإنسان؟ ماذا عن برنامجها للصواريخ البالستية؟ يجيب الباحث بأنه يستحيل معالجة أي من هذه المسائل الخطيرة عبر الانضمام مجدداً إلى اتفاق يحتضر.
مجموعة أخرى
على واشنطن دراسة كيف ستنظر المنطقة إلى الولايات المتحدة وهي تسمح للمال والموارد بالتدفق إلى نظام طهران. تحالفت الدول العربية مع إسرائيل لمواجهة الاعتداء الإيراني. ألن ترى هذه الدول استدارة واشنطن بيعاً لها؟
يضيف كارافانو أن ما ستطلبه إيران في مقابل العودة إلى الاتفاق ليس واضحاً.
هل يريد الإيرانيون اعتذاراً وتعويضاً عن قتل قاسم سليماني الذي كــان يخطط لهجمات إرهابية ضد القوات الأمريكية في العراق؟ هل سيقبل أي رئيس أمريكي بجميع أنواع الذل التي قد تطلبها طهران، فقط من أجل العودة إلى اتفاق لا يفيد سوى إيران ولا يحل أي مشكلة من مشاكل المنطقة؟
على مسؤوليتها
حض الكاتب واشنطن على الاستمرار في بناء أمن جماعي وإطار اقتصادي يربط المنطقة ببعضها ويساهم في الاستقرار ويجعلها أكثر مرونة في مواجهة العدوان الإيراني والتطرف الإسلامي والتدخل الصيني. ويؤكد أن حملة الضغط الأقصى الحالية على إيران يجب أن تدعم جميع هذه الأهداف. إن تخلي الولايات المتحدة عن هذه الحملة سيدفعها وحدها إلى تحمل المسؤولية.